أياً كانت الجهة التي تقصف المدنيين في مسارح العمليات بجنوب السودان، فإن هذا الأمر بعد موافقة الحكومة على المقترح الرابع من البنود التي وضعها دانفورث كلازمة أو تهيئة للمناخ في سبيل الوصول إلى الوقف النهائي لإطلاق النار- ومن قبل- تسوية المسببات الأصلية لاندلاع القتال الأهلي في السودان، قلنا أن الحماية عن طريق اتفاقية جنيف الدولية، أو عن طريق الضغط الأمريكي الأوروبي المشترك تفترض بالطبيعة النظر إلى ما بعدها فإذا كان المواطنون في الجنوب سينعمون بالحماية بعد طول معاناة وبعدما لقوه من أهوال بسبب القصف قبل الموافقة على حمايتهم منه، فإنهم سيتجهون فوراً للنظر في ما سيلي هذه الخطوة، وإذا كان د. غازي صلاح الدين، قد كتب مطالباً الجميع بشد الأحزمة استعداداً لانطلاق طائرة السلام الآن دون ريب "الرأي العام 11/3" فإن أول من يطالب بشد الحزام هو الحكومة لأسباب متعددة منها:
· أنها هي التي وأدت الإجماع الوطني الذي وفرته فترة الديمقراطية (85-1989م) بشكل لم يسبق له مثيل، وقد شذ عن هذا الإجماع حزب واحد هو الجبهة الإسلامية التي من رحمها ولدت حكومة الإنقاذ.
· ممارسات الحكومة في تعاملها مع مسألة الحرب والسلام هو الذي فاقم الحرب، ومددها، وعمق من الهوة التي بدأ ردمها فعلياً بموجب الإجماع الوطني آنف الذكر، والذي قوضته الحكومة بانتهاجها لسياسات إقصائية، ومغايرة تماماً للتوجه العام باتجاه السلام.
· استغلال الدين تحت شعار ولافتات لا يمكن للحكومة أن تنكرها وأن تخلت أو وعدت بالتخلي عنها لضرورات "فك أسر رومي" بحسب الرواية على لسان الحيوان التي استشهد بها مستشار السلام في مقاله المشار ذكره.
· دخول البترول كعنصر تأجيج لا يمكن إغفاله في ما دار وما يدور حوله من لغط، ولحين كشف الحقائق الكاملة عن هذا المشروع، وتقديم الأوجه الكاملة للحقيقة والتحقق من كافة الروايات المزعجة عنه فإن الحكومة مطالبة بشكل جدي في كشف أوجه إنفاق عائداته.
· الحكومة مطالبة أكثر من أي وقتٍ مضى بالاعتراف الكامل بفشلها في حل المعضلات الوطنية الشائكة وعلى رأسها تحقيق السلام العادل والشجاع، وما تحقق عن طريق التدخل الأمريكي المباشر في الأمر إلا عنواناً فرعياً لفشل أشمل في المجالات كافة مما يتطلب العودة للشرعية الشعبية، عبر تحمل كل القوى السياسية السودانية لمهمة "تأمين انطلاق طائرة السلام الموعود" والوسيلة لذلك تكوين حكومة انتقالية تمثل كل القوى السياسية والعسكرية المتحاربة الآن، والتفاوض بندية بين كل الفرقاء للوصول إلى حل سلمي ديمقراطي، أما أن توهمنا الحكومة بأنها قد "ابتليت" بالتفاوض مع "المردة" في أواخر رمضان، أو أنها عبادة أهل الخصوصية فهذا ضرب من التموية برعت فيها الحكومة حتى أصاب العطب طائرة انطلاق كل الوطن؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة