|
في 6 أبريل نقول: أبدا... ماهنت ياسوداننا يوماً علينا
|
يا سبحان الله... من عجائب الأشياء أن تنسحب من مخيلة أهل السودان ذكري تلك الإنتفاضة العجيبة.. من عجائب الأشياء.. أن يتمكن الإسلامويون من تغييب أي شيء له علاقة بمكتسبات الجماهير .. بل ومن عجائب الأشياء أن ينسوا أنهم - الإسلامويون - بأنه لولا قدرة الله تعالي التي ألهمت الشعب السوداني بقيادة وتضحيات قادة النقابات والإتحادات الطلابية في الإسراع بإنجاح الإنتفاضة قبل عودة السفاح من رحلة أمريكا.. لكانت المشانق قد تم نصبها من جديد لأكبر خمسة من قيادات الإسلاميين. فلقد نصبها السفاح قبل ذلك لقادة كثر قبلهم دون أن يهتز له جفن .. بل حتي اللحظة يصرح للفضائيات التي تستضيفه بأنه غير نادم علي إزهاق تلك الأرواح مطلقاً .. محمود محمد طه .. عبدالخالق محجوب .. الشفيع أحمد الشيخ .. جوزيف قرنق المحامي.. بابكر النور .. فاروق عثمان حمد الله .. هاشم العطا ورفاقه .. حسن حسين ورفاقه .. محمد نور سعد ورفاقه .. الإمام الشهيد الهادي المهدي وكواكب الأنصار .. لو لا الإنتفاضة لكانت الحركة الإسلاموية في مهب الريح.. أو تكون فقط مجرد ذكريات في صفحات التاريخ السياسي السوداني.. رغم ذلك فإنهم - الإسلامويين - لا يطيقون حتي اللحظة سماع كلمة الإنتفاضة .. ذلك فقط لأنها تحدث هزة عنيفة في مخيلتهم .. هزة عنيفة ربما إن تكررت سوف تغلب كل موازين الإقتصادالإسلاموي والمكتسبات التجارية الخاصة التي حققها كادر الجبهة ألإسلامية في غياب خط العدالة وبيئة التعدد والحريات كاملة الدسم التي طال أمد غيابها... حتي ديوان المراجع العام ظل يصرح أكثر من مرة بأن كمية إختلاسات المال العام في ولايات السودان وفي المركز تتنامي بمعدلات عالية كل يوم .. كما ظلت الصحف في الهامش الحالي تكتب وتنتقد وتصرخ .. ولكن لا حياة لمن تنادي ..ذلك لأن شعارات القوي الأمين قد ذهبت مع الريح وولت الإدبار إلي غير رجعة بعد أن أخفقت معظم تلك الكوادر في إدارة مرافق الدولة المختلفة عبر تاريخ الإنقاذ كله .. فشعب السودان .. بل أجيال كاملة منه وهي في مرحلة الجامعةالآن لا تعرف شيئاً عن شيء يسمي إنتفاضة السادس من أبريل .. ماذا تعني تلك الكلمة ولم إنتفض الشعب .. كما أن ذكاء الإسلامويين قد كان متمركزا بعنف شديد منذ الوهلة للأولي للإنقبلاب في حل وحصار وتعذيب كل قادة نقابات السودان دون فرز . بل كانت السجون هي المقر الدائم لهم .. .. وكانت الهجرة هي الأمان القسري الذي لجأت إليه النخب والقيادات والمهنيون من شعب السودان .. كانت سياسة التغريب .. والتهجير القسري هي الخطة الجهنمية التي جاد بها خيال الترابي حتي يضمن عدم تجديد أدبيات الإنتفاضات مرة أخري .. لكن حكمة الله قد غلبت .. ورغم أنه هو الشيخ الذكي المجرب والسياسي اللامع .. لم يضع في حساباته بأن الله هو خير الماكرين .. ويا سبحان الله .. أن يدور الزمان دورة كاملة ويستشهد أبناء العمال والموظفين والمزارعين في أحراش الجنوب .. وأن يستشهد أيضاً أبناء الجنوب الغلابة في أحراش بلادهم .. وهم الذين يحتاجهم الجنوب للبناء القادم حتي يلحق الجنوب بركب الحضارة الإنسانية التي فاتتهم بكثير .. وفي ذات الوقت ينعم أبناء الأغنياء بنعيم الإنقاذ وبخيرات السوق مع سياسة الإنفتاح التي أقرها حمدي وكان هو ومجموعاته ألول المستفيدين منها .. ومبرك علي بنك الإستثمار المالي الخاص به صفقة شراء بنك الخرطوم العريق في أغرب عملية بيع في تاريخ الإقتصاد العالمي كله .. ذلك االبنك الغريب الذي يرأس إدارته تاج السر مصطفي الذي أوكل إليه الآن رئاسة مجلس بنك الخرطوم الخاص بشعب السودان والذي إختفي مثلما ما إختفي من قبل أيضا البنك التجاري العريق الذي تم بيعه لبنك المزارع بثمن بخس عام 1991م ..والله يجازيك يا حمدي . ..فلقد تناولت صحف الخرطوم كل هذا الذي يجري علي عينيك يا تاجر .. فلم يحدث رد فعل من كل جهاز الدولة علي كتابات الصحف .. وأصبح حمدي يمد لسانه للصحف صباح مساء ولا يهمه ما يكتبه الحاسدون _ التعبير لأحد كبار الإسلامويين _ فكانت حكمة الله بأن تعود الحرية بحياء شديد وفي هوامش واضحة لشعب السودان وتختفي تلك الحرية بالكامل من شيخ حسن وصحبه .. وأن تأكل الثورة أبيها .. خلافاً للقاعدة التي تقول أن الثورات تأكل بنيها .. كل شيء مخالف في السودان الحديث .. لكنها في النهاية تكون عظات للناس .. كيف تكون إرادة المولي هي الغالبة ولو بعض حين .. فقد قال الله تعالي في الحديث القدسي .. وعزتي وجلالي لأنصرن المظلوم ولو بعد حين .. .. ومن غرائب الأشياء أيضاً .. أن تسيطر المخابرات الأجنبية علي كل مفاصل الحياة السياسية في السودان بعد أن كان قادة ومنشدو الإنقاذ يهتفون وينشدون لمدة عشرة سنوات بأن: لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان .. فإذا بالسلطةترحب بشدة بالتعاون الأجنبي الأمني والمخابراتي بعد ضربة الشفاء للأدوية .. وبعد تفجير أبراج التجارة العالمية مؤخراً ، بعكس ما كانت تعلنه الإنقاذ للجماهير من أدبيات ومن تعبئة يومية في كافة اللأجهزة فيما مضي من سنوات قاسية جداً لا يستاهلها شعبنا المسكين مطلقاً .. .. والغريب في الأمر أن المنشدين إياهم قد تحولوا الآن إلي أدب المدائح بعد أن تغير خط الأناشيد ضد قوي الإستكبار التي تبيع قادة الدول في لحظات معينة بعد أن يصبحوا كروتاً محروقة تماماً .. والأمثلة في العالم الثالث كثيرة ، وليست قصة شاه إيران ببعيدة عن الذاكرة.. لكن لا بأس فقد دخلها نميري ونظامه بكل هدوء وقناعة .. ولكن في نهاية الأمر تخلي عنه الأمريكان ايضاً بكل هدوء.. إذن لما لا يكررونها فيما بعد .. ما المانع أصلاً وهم هكذا ليس لديهم صديق إلي نهاية الشوط .. أليس من الأجدر والأسرع والأضمن بأن تسعي الإنقاذ لتشكيل حكومة الإنتقال القومية لتضع المخابراتىالأجنبية تحت ظل واقع جديد .. .. وأن تتحمل تبعات ذلك من حيث إعادة كل شيء إلي نصابه .. الإختلاسات تعود والبنوك المباعة تعود .. وفرص العمل والترقي في الأجهزة القايدة والأمنية والنظامية تعود مفتوحة لكافة تيارات المجتمع بدلا من قصرها علي الإسلامويين الذين عجزوا في إحداث أي طفرة معيشية وصحية في حياة الشعب .. وأن يأخذ المفصولون حقوقهم في العمل دون اللجوء للإسترحام لديوان المظالم .. فمن غرائب الأشياء أن تفصل الحكومة الآلاف من الكفاءات ثم تأتي بعد عشرة سنوات وتطلب منهم أن يتظلموا لديوان المظالم كي يفصل في أمر عودتهم إلي أعمالهم السابقة بعد أن بلغ معظمهم سن التقاعد .. أو مات بعضهم مهمومأ أو هاجرالآخرون إلي بلاد الله الواسعة الممتدة من كندا وحتي نيوزيلندا لذا .. نقول .. ألم يكن من الأحسن الصبر علي تعدديتناوديمقراطيتنا رغم إخفاقاتها الطفيفة التي من الممكن الصبر عليها ومعالجتها وتجديد شباب أحزابنا بفعل الزمن .. كان من الممكن الحفاظ علي مباديء إنتفاضة السادس من ابريل التي سعت بصدق للحصول علي السلام خلال سنوات قليلة وكان المؤتمر الدستوري يهرول نحونا علي بساط الريح في يوليو 1989م .. ووقتذاك لم تكن تدخل الحركة الشعبية لجنوب السودان في أجندتهاأدبيات مطالب تقرير المصير أو الكونفدرالية .. وكانت ستكون هناك دماء عزيزة لن تهدر في أحراش الجنوب من شباب السودان من الجانبين .. ماكان .. وماكان .. وماكان... كثيرة هي ماكان .. ولندعو الله رغم ذلك أن يحفظ بلادنا لما يخطط لها .. لأنه من الأفضل أن يحكم البلاد أهلها حسب نتائج صناديق الإنتخابات تحت مظلة ثقافة التعدد بدلاً من رهن الوطن وثرواته بالكامل للأمزجة الأجنبية غير الثابتة .. والمتقلبة نتيجة لأي تطورات عالمية أو شعببية تحدث عبر مسيرة التاريخ من وقت لآخر .. وستبقي أخيرا الإنتفاضة ذكري عزيزة في مخيلة الأجيال القادمة .. لكن .. سوف لن تتضح معالمها كاملة .. لأنها قد تم تغييبها عمداً ولكننا رغم ذلك أيضاً سنظل نردد من وقت لاخر أغنياتنا القديمة - أبدا ماهنت يا سوداننا يوما علينا
|
|
|
|
|
|
|
|
|