Post: #1
Title: بوصلة الدقير الأخلاقية بقلم كمال الهِدي
Author: كمال الهدي
Date: 08-05-2019, 08:17 PM
08:17 PM August, 05 2019 سودانيز اون لاين كمال الهدي-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
تأمُلات
. كعادته مزج الباشمهندس عمر الدقير ما بين الشعر والنثر فأتحف حضور المؤتمر الصحفي بالدرر.
. ليس من عادتي أن أطلق العنان للمشاعر في الشئون العامة، وغالباً ما أصر على التحسب وأتجنب الكلام الإنشائي.
. لكن الدقير أجبرني على منح فسحة لهذه المشاعر لإعتبارات عديدة.
. أولها أن ما جرى في بلدنا في الأشهر الماضية من تفاصيل وآلام وأحزان، تقابلها في الجانب الآخر إبداعات ثورية وسلوكيات راقية لابد أنها حركت الحجر والشجر دع عنك نحن البشر.
. وثانيها أن الدقير لم يكن مجرد سياسي يطلق كلاماً عاطفياً ليثير حماستنا ويكسب تعاطفنا.
. بل قدم الرجل دروساً عملية طوال الفترة الماضية هو والكثير من شباب تجمع المهنيين وقوى الحرية.. قدموا دروساً في الوطنية والارتباط بالبلد وأهله.
. ليس سهلاً أن يقنعنا سياسي بما أستطاع أن يقنعنا به الدقير والعديد من رفاقه في الكيانيين.
. لهذا عندما تابعت مشهد بكائه بعد التوقيع بكيت معه لأننا فقدنا جميعاً شباباً زي الورد كنا نتوق لأن يشهدوا معنا ثمرة ما ناضلوا من أجله.
. بكيت مع الدقير لأنني ربما لأول مرة ألمس صدق مشاعر سياسي سوداني.
. فقد (خنقته العبرة) مع بداية كلمته، ولم يستطع السيطرة على مشاعره بعد الإنتهاء مهر الاتفاق.
. قارنت حالته بحالة بعض من أطلقوا الابتسامات أمام الكاميرات رغم أن مواقفهم بعد ذلك كانت ضد ما تم، فأدركت الفرق بين سياسي وآخر.
. المشهد كان مهيباً ومؤثراً جداً.
. وبالنسبة لي شخصياً لا يضاهي مثله في الأثر سوى مشهد دخول قطار عطبرة وهو يحمل أولئك الثوار الجسورين إلى مكان الاعتصام.
. يومها أيضاً لم أستطع مغالبة دموعي وأنا أشاهد ذلك المنظر المهيب وأستمع في ذات اللحظات لصوت العطبراوي المجلجل وكأن صاحبه يمشي بين الثوار في تلك الأثناء.
. رحم الله حسن خليفة العطبراوي وتقبل جميع شهدائنا في عليين بإذنه.
. أجمل ما قاله الدقير وأستوقفني في كلمته هو عبارة " البوصلة الأخلاقية غير المعطوبة" التي يفترض أن يتميز بها الخبراء ذوي الكفاءة الذين يفترض أن يقع عليهم الاختيار لقيادة البلد في المرحلة الانتقالية.
. كان رأيي دائماً أن المؤهل الأكاديمي لا يكفي من يعمل في مجالات مثل الإعلام.
. وكتبت مراراً أننا بحاجة لإعلاميين ذوي خلق قويم وتنشأة سليمة، وبغير ذلك لا يمكن أن يكونوا قادة رأي.
. فعندما يقود الرأي من يفتقدون البوصلة الأخلاقية التي تحدث عنها الدقير تكون النتيجة هو ما عايشتموه طوال الثلاثين سنة الماضية.
. وكثيراً ما رددت أيضاً أنه يستحيل لأي أمة أن تنهض في وجود إعلام غير نزيه يفتقر للصدق ولا هم له سوى الكسب.
. وقد رأيتم جميعاً ما فعله بعض أرزقية الإعلام بنا وبوطننا، حيث زينوا للمجرمين واللصوص والقتلة جرائمهم طوال سنوات حكم الكيزان.
. ولأن المرحلة القادمة بالغة الدقة والصعوبة فهي تتطلب أصحاب البوصلة الأخلاقية في كافة القطاعات حتى نتمكن من العبور بوطننا ونصل به للمكانة التي يستحقها.
. وأرجو ألا ننخدع ولو في شخص واحد ممن سيقع عليهم الاختيار.
. لا يكفي أن تكون دكتور أو بروف، فما أكثر الدكاترة و(البروفات) عديمي المواقف الذين تماهوا مع نظام الطاغية (الساقط) حتى وإن لم يكونوا من حزبه.
. ولهذا ننتظر ظهور شخصيات محترمة (مالية مراكزها).. شخصيات ذات مواقف مبدئية وتربية قويمة حتى نضمن معافاتها من العقد والإشكالات النفسية.
|
|