إلى جنات الخلد صديقي المناضل الحديدي يوسف حسين! بقلم الفاضل عباس محمد علي

إلى جنات الخلد صديقي المناضل الحديدي يوسف حسين! بقلم الفاضل عباس محمد علي


07-04-2019, 06:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1562261850&rn=0


Post: #1
Title: إلى جنات الخلد صديقي المناضل الحديدي يوسف حسين! بقلم الفاضل عباس محمد علي
Author: الفاضل عباس محمد علي
Date: 07-04-2019, 06:37 PM

06:37 PM July, 04 2019

سودانيز اون لاين
الفاضل عباس محمد علي-
مكتبتى
رابط مختصر




موت دنيا بأكملها!

جاءنا الباشمهندس يوسف في سنار محترفاً في مطلع 1969 قبل مايو المشؤومة ببضعة شهور، وعملت معه عن كثب لفترة طويلة، حتى استقلت من الحزب عام 1984، ولم أجد في حياتي مناضلاً مخلصاً ومستقيماً ومنضبطاً وصارماً وذكياً وجميلاً مثل هذا الرجل. وكان في ظروف الغختفاء يخصني بزيارات مختلسة نتآنس خلالها ونلعب الشطرنج، وحتى بعد استقالتي من الحزب عام 1984 تواصلت علاقتنا كما كانت منذ نيف وأربعين سنة كأن شيئاً لم يكن، ولم يعاملني كالآبق أو المرتد. وفي آخر زيارة للسودان قبيل رمضان ذهبت إلى دار الحزب بالخرطوم لأهدي ليوسف نسخة من كتابي الجديد (إرهاصات الثورة السودانية)، ولكني لم أجده لأنه يأتي مبكراً من حلة الدناقلة ويعود قبيل الظهر ليتفادى ازدحام الشوارع بحركة المرور، وتركت الكتاب مع الطود التنظيمي الآخر صديق يوسف. لقد جالد يوسف النضالات الساخنة كلها طوال عمره، بما شابها من مرض وعنت وسجون تخللها التعذيب البدني والجسماني، مع العيش على الكفاف كمتصوفة وزهاد الأزمان الغابرة، دون كلل أو ملل أو تبرم كمن يشيل فوق الدبر ما بميل. وقد كان قائداً تنظيمياً صبوراً دؤوباً كالملائكة، ومجاهداً شيوعياً متفانياً جوهراً ومظهرا، ولم تلن قناته مهما صعد المد الثوري أو هبط. وكان قد تخرج ضمن المبرزين في قسم الجيولوجيا بعلوم جامعة الخرطوم في الستينات، وركل الوظيفة التى تتحلب لها أشداق البرجوازيين الصغار وفضل التفرغ بالحزب براتب إسمي لا يقيم الأود. وإذا كنت محظوظاً وعملت مع يوسف فإن تأثيره يلازمك العمر كله، ولربما يسبغ عليك شيئاً من الصفات التى عرف بها – التجرد والوطنية والتواضع والhard work والاجتهاد في القراءة والتحضير للإجتماعات والمثابرة في توصيل رأيك وإقناع الآخرين به، والانحياز للخط الوطني والوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ ومنازلة الدكتاتورية وإلتزام جانب الشعب مدى الحياة. يالك ياصديقي يوسف من رجل سليم الطوية ورقيق الحاشية رغم الصرامة التى تبدو على وجهك! ويالك من فارس شيوعي مغوار وضع الأساس لما ننعم به اليوم من ثورة شعبية سلمية نادر مثلها في تاريخ البشرية بأسرها. رحمك الله رحمة بلا حدود وجعل البركة في أهلك ورفاقك بالحزب الشيوعي وأصدقائك ببحري والخرطوم وسنار وبلادنا كلها.
الفاضل عباس محمد علي (كان يوسف يناديني وكل السناريين بلقب "الكتكو").