بريطانيا جوة .. (Brin) بقلم عثمان ميرغني

بريطانيا جوة .. (Brin) بقلم عثمان ميرغني


02-09-2019, 06:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1549734782&rn=0


Post: #1
Title: بريطانيا جوة .. (Brin) بقلم عثمان ميرغني
Author: عثمان ميرغني
Date: 02-09-2019, 06:53 PM

05:53 PM February, 09 2019

سودانيز اون لاين
عثمان ميرغني-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



حديث المدينة





أكثرُ ما يميزُ الغربيين (الخواجات) إجادتهم صنع واستخدام الاختصارات.. غالباً يختصرون جملة طويلة بالأحرف الأولى لكلماتها.. وأحياناً يستخدمون كلمة مركبة بديلاً لجملة طويلة..

من أشهر المختصرات الحالية كلمة (Brexit) ولعلكم سمعتموها تتردد كثيراً في الأخبار والبرامج الإعلامية.. وهي اختصار لكلمتين British وتعني بريطاني وكلمة Exit وتعني خروج.. أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهو الموقف الذي أيده البريطانيون في الاستفتاء العام وأصبح لزاماً على الحكومة أن تنفذه.. بكل تعقيداته..

في السودان؛ وعلى مر السنوات الطويلة منذ الاستقلال، كلما دبَّ في البعض اليأس تأسفوا على سنوات الاستعمار البريطاني وتساءلوا في حسرةٍ ألمْ يكنْ ممكناً تأجيل الاستقلال بضع سنين، حتى يرشد الحكم الوطني ويتأهل لصناعة وطن قوي.. وكأني بهم يرفعون شعار Brin بنفس تركيبة الكلمة السابقة وتعني British In أي بقاء بريطانيا في السودان..

وطبعاً عهود الاستعمار ولت، وما عاد عالم اليوم يقبلُ إعادة الحقبة الاستعمارية بعد أن أصبح العالم يُدار بحزمة حقوق وواجبات دولية ترعاها الأمم المتحدة بصولجان الدول الكبرى، ذات العضوية المستديمة في مجلس الأمن..

لكن.. أليس من الحكمة تطوير مصطلح Brin ليمنح المدلول الإيجابي لبناء دولة حديثة قوية وقادرة على حجز مقعد متقدم في قائمة دول العالم؟ أرجوكم بلا توتر قراءة وجهة نظري في هذا المقام..

عالم اليوم لم يعدْ يعترفُ بالحدود السياسية ولا الخصوصيات القومية، فالقوانين الدولية صارتْ عابرة للقارات والأقطار.. والسيادة الوطنية ممهورة بتركيبة الجُوار الكوكبي (في كوكب الأرض).. ومع التقدم الهائل في تكنولوجيا التواصل الأثيري والنقل الجوي.. لم تعدْ للمسافات أو فروق الوقت حرمة وطنية..

ورغم تفاوت الدول في ثرواتها ومواردها الطبيعية إلاَّ أنَّ التجربة أكدتْ أنَّ المحك في (الإدارة) واستلهام الطرق الحصيفة لتطوير الذات .. فدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية لا تملك موارداً طبيعية، لكنَّها أحسنتْ إدارة مواردها البشرية، فأنجزتْ أقطاراً ناهدة الرفاهية.. عندما زرتُ مصانعَ ضخمة في كوريا أعجبتني لافتة كبيرة في صدر المدينة الصناعية، مكتوب عليها بخط عملاق (Limited resources, Unlimited creativity ) ومعناها (موارد محدودة، إبداع غير محدود).. وحتى في إقليمنا القريب فدولة مثل الأردن تعاني من شح الموارد في أرض صغيرة غالباً صخور جبلية، لكنها اعتمدتْ على ترفيع (قيمة الإنسان) فازدهرتْ بأصولها البشرية لا المادية..

حسناً، بدلاً من أن نفهم Brin بالمعنى الضيق المباشر، لماذا لا نمدِّدُ خيالنا لأفق يستلهم قيم الحضارة المعاصرة الآن، التي لا تعترف بالحدود، لنقفز بوطننا فوق السحاب..

تعوزنا الإدارة السديدة على مستويات عُدة، لكن الإدارة ليستْ مجرد علوم وشهاداتٍ، بل هي تراكم خبرة ومعرفة أنجبتْ خيالاً منتجاً.. فمثل ما نجلب الأبقار الفريزيان من هولندا ونهجنها مع أبقارنا لإنتاج سلالة متوافقة مع بيئتنا مسنودة بخصائص الأبقار الأوروبية غزيرة الإنتاج، فلماذا لا (نهجن) الإدارة الوطنية بـإدارة مُستجلبة من الخارج لتلقيح منهج التفكير الإداري والعقلية التي تديرُ مؤسسات بلادنا.. وحتى لا تصدم مثل هذه الكلمات شعوركم الوطني، فلنقلْ لفترة محدودة ومبرمجة وفق خطة واضحة..

مثلاً.. نستجلبُ أفضل خبرة إدارية أجنبية (مثلاً من أمريكا) للمؤسسات التعليمية الرفيعة، ليكون مديراً لجامعة الخرطوم.. لنقلْ لخمس سنوات.. ونعهد خلالها بعمادة الكليات لخبرات أجنبية أيضاً.. فتكون كليات الهندسة والطب والصيدلة والزراعة والبيطرة لعمداء من مختلف الدول الأوروبية وأمريكا وكندا.. فترة (التهجين) المحددة ستنجبُ سلالة جديدة من العقلية الوطنية المُهجَّنة بالفكر الإداري الغربي الذي نُقرُّ بأنه متقدم علينا بقرون..

نفس الأمر للمستشفيات المرجعية الكبيرة.. في العاصمة وبعض المدن.. بل قد نصل لمستوى مؤسسات التعليم العام من الروضة إلى الثانوي.. نستجلبُ لهم مديرين بخبراتٍ رفيعةٍ من مختلف دول العالم، لنهجن صناعة الأجيال القادمة..

ما رأيكم؟؟

التيار