إلى أحمد شامي : لا خِلصَتْ حكاوينا ولا لقينا البِداوينا !

إلى أحمد شامي : لا خِلصَتْ حكاوينا ولا لقينا البِداوينا !


03-12-2018, 10:35 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520847349&rn=2


Post: #1
Title: إلى أحمد شامي : لا خِلصَتْ حكاوينا ولا لقينا البِداوينا !
Author: عبدالله الشقليني
Date: 03-12-2018, 10:35 AM
Parent: #0

10:35 AM March, 12 2018

سودانيز اون لاين
عبدالله الشقليني-
مكتبتى
رابط مختصر




إلى أحمد شامي : لا خِلصَتْ حكاوينا ولا لقينا البِداوينا !


هكذا كتب الشاعر : التجاني حاج موسى منذ ذلك الزمان ..
ذكرتك اليوم .. يا سيد الرفقة الحانية . قلت لنفسي :

ـ لقد كان رحيلك يا ( أحمد شامي ) لهباً وجمراً لا ينطفئ ،
يا سيد الراحلين إلى الملكوت العالي ، يا بهي السُطوع .
اثنان وعشرون عاماً مضت على سماعي الأغنية المُفضلة لديك ( عِز الليل ) .
لن تنتهي سيرتك الراحلة معي حيثما حللت ،
ولا استطاب المجلس بدونك صديقاً بطَعم العُمر الجميل ،
إلا و ينكسِر الفرح في رغوة تألقه ونفتقدك .
لن تُنسيني السنوات.. ولا عقدين والثالث في الطريق
أنني وحيد بدونك . مُنكسر السيف أنا ،
و الحرب لا تعرِف نُبل الفوارِس.
*
على مقوّد السيارة مساء ذات يوم كنتُ وحدي .
بيدي دفعت شريط الكاسيت على مجراهُ المُخصص ،
وبدأت آلة التسجيل في الغناء و بعثرة الذكريات
والطريق رفيقٌ يتلوى :
ساعة النسمة تَرتاح ..على هَدب الدغش وتنوم
أنا مساهر ..
لو نـزعت كل ألقاب الدُنيا عن الشاعر التجاني حاج موسى ،
وأقلته من منصبه الرفيع في إدارة الضرائب
أو لجان النصوص أو برامج التلفزة ، فلن تنـزع تلك المَلَكة الكونية
التي مَكنته أن يُسرج خيله ويُسابق عواصف وجداننا ،
بحوافر شتتت الشرر وألهبت الذاكرة الدفينة منذ قرون سحيقة .
منذ اثنين وعشرين عاماً .. كنتُ على يمينك في سيارة صالون رُصاصية اللون.
ذات شريط التسجيل وصوت الرائع ( النور الجيلاني ) يصدح ويتغنى بقصيدة :
( عزّ الليل ).
*
اليوم وحدي بدونك ، أيها الحاضر في جسدي روحاً .
الصوت الغنائي يرتقي بصليله عتبات الوجدان البهي .
تآلفت الكلمة الصادقة الدافئة ، مع صبر النحَّات على التكوين :
أنا والليل .. ومُرّ جَفاك مُساهرين نَحكي للأفلاكْ ..
لا خلصت حكاوينا .. ولا لقينا البِداوينا
اغرورقت البلورتين التي بهما أنظُر . بدأ الطريق متكسراً
من أمام بلور الأعيُن الدامعة . اهتز الجسد مما به ،
تكثف العُمر في خاطرة . سألت نفسي :

ـ من يا تُرى رتب هذه البُرهة في مَجرى زماني التَعِس ؟
من يا تُرى أعاد الأغنية من صَدفة تاريخها القديم
لتحبس أنفاسي في الطريق المُمهد الذي أسيره من مدينة لأخرى
تبعد عن بعضها أكثر من مائتي فرسخاً ، وبلا رفيق ؟.
اختلطت الأوراق . هجرت الدُنيا بزخمها فصعدتْ إليَّ روحك الحُلوة يا أحمد .
شمسُك بين الأضلع دافئة كأن غيبتك الكُبرى قولَ خُرافة .
الساكس يُلاعِب الجيتار ويحاوره . يأتلفان ثم يصطرعان ،
يفترقان ويلتقيان ، وأنا المُعذب أعتصر الفؤاد الذي يدمي .
نعم :
سنين مرَّت .. بَرَاكْ عارف وبَي أدرى ..
وجُرحَك يا غرام الروح لا طاب لا بِدُور يبرى !
*
تأكدت هزيمتي ، وخُسارتي الفادِحة عند كل منعطف
على أطراف الهِضاب العالية . لا الدمع يُشتت الذكرى ،
ولا الأطياف الحالِمة تتبعني كلما توسدت سيرتك ،
ولا هي قادرة على نـزع فرو البشرة التي شهدت نُمونا الفكري
صفحة إِثر أخرى . كتبنا معاً ألواح الجسارة المُنضَدَة كنحتٍ في رُخام ،
ليس منه فكاك . وجهك المُشِع ،
ونظرتك الحانية من خلف النظارة الطبية السميكة ،
تقول إن العُمر المُذهب بالعافية والنضار يُبشِر بالفواجِع والرحيل ! .

وتصفحت العُمر ورقة إِثر أخرى .. بأغنية تكاد تُزهق الروح:

ولو حاولتَ تتذكر ..
تعيد الماضي من أول .
تَلقَى الزمن غير مَلامِحنَا
ونِحنَ بِقينَا ما نِحنَ
*
عزيزنا ..أحمد ..
يا أيها الصديق في البَهو السرمدي :
ألف سلام عليك .
لقد رفَّعك العُلو الماكِر إلى السماوات الباسِقة
ذات يوم وحرمنا رؤيتك مرة أخرى .
سحابة لا لون لها ولا رائحة ، أخذتك عنَّا عُنوَة .

لو إنتَ الزمن نَسَّاكْ ..
أنا مَا بَنسَى ..

عبد الله الشقليني
20/01/2006 م

*

Post: #2
Title: Re: إلى أحمد شامي : لا خِلصَتْ حكاوينا ولا لقي�
Author: عبدالله الشقليني
Date: 03-19-2018, 12:39 PM
Parent: #1





سنين مرَّت .. بَرَاكْ عارف وبَي أدرى ..
وجُرحَك يا غرام الروح لا طاب لا بِدُور يبرى !