يكتنف الغموض المعارضة السودانية المدنية والمسلحة من كل جانب ، وهذا أمرٌ بديهي عرفه الشعب مبكراً ، و يدرك الشعب تماماً أن المطلوب هو التغيير الجذري الشامل، ورفض كل ما من شأنه ترقيع النظام أو غيره ممن تلوثت يده بالدم والفساد. لكن الامر الذي أُجبر الشعب علي عدم المواجهة هو تخاذل المعارضة التي أكتفت بالتنديد في أحسن الحالات. إن الأزمة اليوم خطيرة في الساحة السودانية وهذا سيكون علي حساب الشعب السوداني الذي فقد الامل في الحكومة والمصداقية في المعارضة . أن صناعة التغيير وبناء دولة القانون والعداله يحتاج إلى مفاتيح لمواجهة الأزمة لاسيما وأن الكيزان يحاولون فرض هيمنتهم على عملية المخاض الذي تعيشه البلاد في الطور الأول من الولادة. ما أكدته الحالة السودانية و ما سبق من أحداث تؤكد أن صعوبة التغيير تحتاج إلى وعي جماهيري ، وهو أيضاً انتقال من مرحلة احتضار حقبة القهر والانحطاط إلى ولادة حضارة شاملة ومستدامة لكن المطلوب سوف يتحقق وعلى الشعب أن يعي ذلك مع أننا لا ننكر وجود قوى تسعى للتغيير ولكن المشكلة أن هناك أصوات هدامة تتغافل عن مظهر احتضار النظام أمام سكوت الشعب في الوقت الذي يركّزون فيه على مشاهد أنهيار السودان وهم بطبيعة الحال لديهم من الاعتقاد ما يدفعهم للقول بأنه يمكن للمليشيات التي يمتلكها البشير أن تقهر كل من يريد تغيير هذا النظام الفاشي ، هم المتخاذلون في الداخل والخارج ، وقد مات ضمير هذه الأصوات وتعفن على امتداد المساحة السودانية ، لأن الأمر الذي يتحتم علي الشعب هو انهاء هذه المهزلة ورفض العودة إلى دائرة الذل والخنوع. الاستبداد يواجه بأرادة الشعب وهذه معادلة أزلية ومواجهة حتمية ، أن الإرادة الشعبية منتصرة لأنها قوة حق في مواجهة باطل و ان الاستبداد مهما تمادى فولادة حقبةٍ تاريخية تقتل الاستبداد بيده هي حقيقة لا تتبدل ، بالتالي ينتظر المستبدون والأنظمة الهشة أياماً حالكة السواد ، والتاريخ لا يعود إلى الوراء حقيقة ثابتة أيضاً، توازي بالمقام الثاني أن محاولة اغتيال الإرادة الشعبية عملٌ فاشل لأنها متجذرة في شبابه ومتجددة في عجائزه الرافض للقهر. أن مسيرة التغيير بدأت والقطار لا يمكنه التوقف مهما ارتفعت أصواتٌ ناشزه بأنه انحرف عن السكة، ولم تعد الحيل تنطلي على عاقلٍ آمن بحريته بل عايشها حقاً يقيناً، حتى وإن شابها بعض الشوائب إنه السودان بين حقبتي الانحطاط و التغيير وهذا هدفٌ قادم لا يشك فيه إلا جاهل .