*ولا نعني الشاعر الذي ينظم الكلم.. *وإنما أي شخص (شاعر) بشيء وإن لم يُحسن التعبير عنه.. *يعني حتى ولو عبر عنه بمثل الذي يقوله (قنقا) عند رؤيته شيئاً يسره.. *فـ(عوير) بلدتنا هذا حين يشاهد فتاة تعجبه مثلاً يصيح (والله لكن).. *وهي جملة ناقصة لا معنى لها إلا في جوف (الشاعر) الذي هو قنقا.. *وهو لم يكن يصيح بها إلا إزاء شيء يراه الناس كذلك حقاً.. *فكل ما يعجبه يعجب الآخرين- حتماً- وإن كان كلباً ذا (قدُّوم جميل).. *و(شعوره) بالجمال هذا يستحق إدراجه في مباحث فلسفة الجمال.. *فهي تطرح تساؤلاً ليس عنده إجابة قاطعة إلى يومنا هذا.. *تساؤل فحواه: هل الجمال ذاتي أم موضوعي؟.. *أي هل هو (داخلي) يخضع لتقديرات الراصد؟.. * أم (خارجي) نابع من المصدر ذاته؟.. *ولكن قنقا الذي كان يعجز عن التمييز بين الترابي والسنوسي يميز الجمال جيداً.. *فالجمال- في الحالة هذه- موضوعي لا صلة له بـ(كمال) عقل المتلقي.. *اللهم إلا أن يكون من نوع الذي عناه زميلٌ (متفلسف).. *فقد كانت لديه (فلسفة) خاصة بالجمال خلاصتها أنه ما من امرأة قبيحة.. *فكل أنثى- وإن بدت دميمة- لديها جمال خفي يُكتشف بحاسة (الشعور).. *يعني ليس بحاسة النظر المفعلة حتى عند قنقا (العبيط ).. *والآن مفردة (شاعر) هذه صارت تُلحق معها لفظة تنتقص من قوتها.. *لفظة عامية (مُجهجِهة) تأتي بعدها هي (زي) بمعنى مثل.. *فتجد أحدهم يقول لك مثلاً (والله شاعر زي اللي أنا بردان).. *فإما شاعر بالبرد أنت، أو غير بردان ولا معنى لـ(زي) هذه.. *ثم انتقلت البدعة من الشاعر بكذا من الشعور إلى الشاعر في مجال الشعر.. *وكمثال على ذلك عزمي حين يقول (شاعر رغم حبي إني زي الما حبيبك).. *فإما (الحبيب) أنت، وإما لست بـ(لبيب).. *وربما يكون تجاوزاً شاعرياً من جانبه لألم عبارة (شاعر إني مشوكش).. *ثم زحفت البدعة العجيبة هذه لتلج مجال السياسة.. *فالبارحة قال لي صديق معارض إنه (شاعر زي الانقاذ دي مش ح تفوت).. *فقلت له إن مجرد إقحام (زي) هذه في الشعور السياسي يعني شيئاً واحداً.. *يعني أن العمل المعارض (عدى فات زي كل غيمة).. *وأن من يخاطب ندواتها لا يجب وصفه بأنه (السياسي فلان).. *وإنما الصحيح أن يُقال (الشاعر زي، فلان الفلاني).. *وحين تتحدث المعارضة بمفردات الشعراء فاعلم أنها بلغت قمة العجز.. *وأنْ ليس فيها ما يستحق صيحة قنقا (والله لكن!!!). assayha