*لم يصبح السودان سلة غذاء العالم.. *ولكنه أصبح - عوضاً عن ذلك - سلة (كلام) العالم.. *فأكثر دول العالم (كلاماً) هي بلادنا ، ولا فخر.. *كل واحد يتكلم في كل شيء كل يوم والنتيجة كل فشل.. *ورغم أن العرب مشهورون بالكلام إلا إننا حالة خاصة.. *أو صرنا حالة خاصة بينهم في زماننا هذا.. *وأوباما من كثرة كلامه كدت أميل إلى تصديق أنه من أصول سودانية.. *فالغربيون - عموماً- معروفون بالعمل، لا الكلام.. *وخصوصاً الرؤساء منهم الذين يزنون حديثهم بميزان (الزمن الذهبي).. *لا شيء يُهدر عبثاً هناك، لا طعام لا (خصام) لا كلام.. *وسمير عطا الله سخر من ترقُّب العرب لـ(أفعال) أوباما عقب فوزه.. *فإذا بهم لم يجدوا منه سوى (الكلام) الذي يجيدونه.. *وقال إنه ما كان على أوباما أن يبيع الكلام في حارة (المتكلمين).. *فلو أراد أطناناً منه سيصدرونها إليه بكل الكرم العربي.. *ولكن الغريبة أن أوباما أهدى العرب (فعلاً) في خواتيم فترته الرئاسية.. *وتمثل في الامتناع عن (الكلام) في مجلس الأمن.. *فبعدم استخدام أمريكا حق النقض فاز مشروع القرار الخاص بالاستيطان.. *وقبل يومين هاتفني العقيد صلاح مهران لتقديم دعوة.. *قال إن الفريق هاشم يدعوني لحضور (شيء مهم) بنادي الشرطة.. *فطلبت منه تقبل اعتذاري بما أن هذا المهم هو (كلام).. *وفي الذاكرة أسوة دعوة (كلامية) لبيتها وكان بطلها نائب الرئيس وقتذاك.. *فطوال ساعة - وأكثر- لم أفهم من علي عثمان شيئاً.. *وعقب رجوعي الجريدة سألني أستاذنا إدريس حسن عن الخبر.. *فقلت: ما من خبر (مفهوم) كي أكتبه، مجرد كلام و(بس).. *وارتسمت على وجه رئيس التحرير ابتسامة من (فهم) الحاصل بخبرته.. *ورغم تأكيد العقيد بأن الدعوة ليست كلاماً تكاسلت.. *ثم فوجئت البارحة بإنجاز هو عين ما ظللت أدعو إليه كثيراً.. *أن تُسهل الإجراءات على المواطنين بإلغاء التعقيد.. *وأن تُوحد نافذة التعامل بدلاً من هذا التعدُّد الذي يبدد الزمن.. *وبصراحة، فإن الذي أُنجز أكبر مما كنت أحلم به.. *والأجمل من ذلك أنه تم بعيداً عن (آفة كلام الوعود) التي اُبتلينا بها.. *الكلام الوحيد الذي نود سماعه هو: لقد أنجزنا.. *و(فعلتها) الشرطة تحت إشراف مديرها العام من غير (سابق كلام).. *وأنشأت ثلاثة مجمعات خدمية شاملة لا (صفوف) فيها.. *وأندم لأول مرة على عدم تلبيتي دعوة في هذا العهد (الكلامي).. *فشكراً- نيابة عن كل مواطن- الفريق هاشم عثمان.