*كل منّا لديه طاقة كامنة بداخله.. *وهي تتفاوت من شخص لآخر باختلاف العوامل ذات التأثير.. *ومنها عوامل الوراثة ، والبيئة ، و(الصفاء).. *ونعني بالصفاء عدم انشغال المحل العقلي بحركة المناسبة الحياتية.. *بمعنى ألا يكون هنالك مجال للطاقة الغيبية.. *ومن ثم يكون التوصيف لهذه الحالة عبارة (منع من ظهوره التعذر).. *أو ربما (الثقل) ، ثقل تعقيدات واقعنا المعيش الآن.. *فكلما (ارتقى) الإنسان سلم الحضارة (هبطت) قدراته الخفية.. *وأجدادنا الأُول كانوا أكثر منّا حظاً في هذا الجانب.. *كانوا أحدّ نظراً وسمعاً وشماً وذوقاً ولمساً و(حاسةً سادسة).. *ولكن هذه الحاسة لم تندثر تماماً في العقل الباطن.. *فهي تنشط بمقدار- نسبي- ضئيل عندما نستغرق في النوم.. *ثم يتجلى عملها في شكل رؤى منامية ذات دلالات.. *وبسببها يكون التوقع بحدوث مكروه ، أو وفاة عزيز، أو ترقب خير.. *وحاسة العقل الباطن هذه هي الذي (اشتغل) عليها فرويد.. *فهذا العقل (الخامل) لا تقتصر (سعته) على الماضي فقط حيث الذكريات.. *ولا سيما المؤلمة منها التي يلفظها العقل الواعي.. *وإنما تمتد إلى المستقبل أيضاً حيث التوقعات وفقاً للحاسة الخارقة.. *وجراء حدس منامي تنبأ فرويد بموته ، وحدث.. *وكاتب هذه السطور له قصة مع هذه الحاسة العجيبة أتته (يقظةً).. *فقد كان هنالك توقع بوصول امرأة من الخليج مساءً.. *وصحب ذلك التوقع استعداد كبير لشيء ما لا يحتمل التأجيل.. *فقلت لأهلها- دونما وعي- (الدكتورة لن تأتي اليوم).. *فصاحت الألسن جميعها بصوت واحد : يا أخي طائرتها أقلعت.. *فما زدت على (ولو) ، ثم لزمت الصمت.. *وقبل موعد وصول الطائرة بقليل اجتاحت الخرطوم فجأة عاصفة هوجاء.. *فاضُطرت الطائرة إلى العودة لانعدام الرؤية.. *ورغم مرور أعوام على الحادثة ما زال أهل المرأة يجترونها إلى اليوم.. *والبارحة يخبرني صديق بمنام غريب أثار دهشته.. *منام قال إنه عاوده - بتفاصيله - ثلاث مرات على مدى أسبوع.. *وهذا الصديق- للعلم - نقي السريرة إلى حد لا يصدق.. *وإن ذُكرت قضايا السياسة أمامه اكتفى بعبارة (الله يولي من يصلح).. *ولولا حذره الذي أعرفه هذا لذكرت اسمه.. *وخلاصة منامه أن لساناً من نار ينطلق نحو السماء من قلب العاصمة.. *فإذا بلغ غايته - ارتفاعاً - انقلب عائداً إلى الأرض.. *ولكنه لا يعود شواظاً- كما علا- وإنما رذاذ غيث ينعش النفوس.. *وسألني عن تفسير رؤياه المتكررة ، فوجمت.. *ثم غمغمت (اللهم أجعله خيراً !!!).