*نعم ، حياتنا كلها صارت عذاباً في عذاب.. *أو بالأحرى الغالبية منا في مقابل قلة لا تتعذب .. *فمنذ الصباح - وحتى المساء - يعيش الواحد منا في حالة عذاب.. *عذاب مع الأكل والماء و الكهرباء والنفايات والمدارس والعلاج.. *ثم الجبايات والاتاوات والمكوس والرسوم و(المساومات).. *ثم (النفسيات)- جراء الضوائق المعيشية - التي تتسبب في مشاكل أسرية.. *ثم الديون التي تحيط بالمرء - من كل جانب- بسبب تلاشي المرتب مع بداية الشهر.. *فقط بدايته وليس الأسبوع الأول أو الثاني .. *ثم المواصلات - وزحمتها - لمن لا يمتلك سيارة.. *وزحمة المرور - وإيصالاته - لمن منّ الله عليه بعربة.. *فإن كانت أوراقه كلها سليمة - صاحب العربة - فلا بد أن يتم توقيفه أيضاً.. *فمن لم يتوقف في (محطة عذاب) - طوال يومه - فهو من المحظوظين.. *أما العذاب الأكبر فهو الوقوف أمام نوافذ حكومية لاستخراج أوراقٍ ما.. *سواء كانت شهادات أو بطاقات أو أذونات أو تراخيص الأوراق هذه.. *وأصدق مثال على العذاب هذا هو(نوافذ) ترخيص المركبات.. *فهي نوافذ لا تكاد تحصي كثرتها (تزحف) بينها يومك كله.. *ثم قد تُواجه - في نهاية المطاف - بعبارة (معليش تعال بكرة).. *وكل العذاب هذا وأنت تدفع من (حر فقرك) للحكومة ما هو فوق حدود المعقول.. *تدفع عند كل باب ، وكل نافذة ، وكل فتحة ، وكل (طاقة) ، وكل (خرم).. *ورغم ذلك لا تُسهل لك اجراءات المعاملة.. *وكأنما هنالك نزوع (سادي) غريب نحو تعذيب الناس.. *يعني لا يكفي ما هم فيه من عذاب - أصلاً- ولا بد من المزيد.. *وفي الحديث (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه).. *ونحن هنا لا نعني العذاب المتمثل في ضيق العيش وضعف الأجور وارتفاع الأسعار وكثرة الجبايات.. *وإنما نعني ما هو دون ذلك بكثير مما بمقدور الحكومة فعله.. *نعني التعذيب لدى المنافذ الرسمية رغم إن الناس يدفعون (دم قلوبهم) أيضاً.. *لماذا لا تُوحد المنافذ هذه ، ويُختصر الوقت ، وتُسهل الإجراءات؟.. *ففي مطار الخرطوم- داخل صالتي الوصول والمغادرة - عذاب.. *وفي مكاتب ترخيص المركبات - ذات النوافذ العديدة - عذاب.. *وفي جهاز المغتربين - حيث الدفع والصفوف والاستنزاف - عذاب.. *وفي مواقف المواصلات - إن لم تكن صاحب سيارة - عذاب.. *فإن وُفقت ففي انتظارك (عوضية عذاب !!!). من أرشيف الكاتب assayha