*والبياض هنا هو السمك الذي يحمل هذا الاسم.. *أما السواد فهو صفة للواقع الغذائي الذي نعيشه هذه الأيام.. *وهو قد يكون استمد لونه- وطعمه- من واقعنا (العام).. *ففضلاً عن فاكهة (المجاري) و(سرطنة) المعلبات ظهر سمك (الرصاص).. *والفاكهة هذه نعني بها المستوردة من مصر.. *والمعلبات نعني بها القديمة- منتهية الصلاحية- ذات الديباجات الجديدة.. *أما السمك فهو البياض المحتوي على مادة الرصاص.. *وأصل الحكاية يرويها لنا بمداد الأسى زميلنا النابه صديق رمضان.. *وهو الذي سبق أن أشدنا به في تحقيق حلايب.. *وهذه الشاكلة من التحقيقات (الواقعية) هو ما تحتاج إليه صحافتنا بشدة.. *حتى وإن كان واقعاً (أسود) مثل رصاص (البياض).. *وليست تحقيقات سياسية- ملها الناس- عن مخرجات وتفاهمات واختراقات.. *رغم إن واقعنا السياسي في مثل سواد ليل امرئ القيس.. *ثم مثله كذلك في (كأن نجومه بكل مغار الفتل شُدَّت) بجبال بلادنا كافة.. *وأصل الحكاية اتهامات متبادلة بين طرفين.. *فلما اختلف الطرفان ظهر المسروق من صحة المواطن، إن صدق التحليل.. *وهو تحليل معملي طالبت به إدارة الثروة السمكية.. *والجهة التي يتبع لها السمك الخاضع للتحليل هي الشركة الوطنية للأسماك.. *والتحليل- حسب الثروة السمكية- أظهر مادة الرصاص.. *ووفقاً لإفادة الشركة لم يظهر الرصاص إلا في عينة من بين ثلاث.. *وتقول إن هذا ما أوضحته في المحكمة المختصة.. *ولكنها تشكك في أي العينات هي التي تخصها وفقاً لاتهام الإدارة السمكية.. *وتتهم بدورها الثروة السمكية من زاوية الاستهداف.. *ويزداد الموقف (سواداً) ليتخبط المواطن المسكين في ظلام الغموض.. *ويسأل نفسه- وما من إجابة قاطعة- (يعني آكل أم لا ؟).. *وحتى إن أراد أن يأكل، فهل ما يأكله هو (الهامور) أم شيء آخر؟.. *ويتضح أنه شيء آخر وفقاً لإفادة الشركة نفسها.. *فهي تعترف بأنها (تركت) الهامور- لارتفاع تكلفته- واستجلبت البياض.. *ولكنها (تركت) أيضاً- فيما يبدو- ديباجة الهامور ذاتها.. *ولا ندري إن كانت (تركت) السعر- كذلك- أم استبدلته بالجديد.. *فالهامور- كما هو معروف - أعلى سعراً.. *وتبرير الشركة هو (والله نحن شعب تقليدي وتعودنا على الهامور).. *وما (تعودنا) عليه كثير في ظل واقع بلون (الرصاص).. *وتعودنا على أن كل ما ينتسب إلى (الوطن) يحتاج إلى (تحليل معملي).. *وتعودنا على كثرة اللون (الرمادي) في زماننا هذا.. *وتعودنا على عبارة جداتنا (السواد والرماد !!).