*وعنواننا هذا مسروق من فيلم (المواطن مصري).. *تماماً كما بات الواحد منا يحس أنه مسروق من وطنه.. *أو أن وطنه هذا هو الذي سُرق منه.. *وسبب كلمتنا اليوم أن أغراباً سألوني عن شيءٍ بلغة غريبة.. *قد تكون هي السواحلية أو الأمهرية أو الفولانية.. *أو قد تكون العربية بلهجة سودانية غريبة علي مسامعي.. *أو ربما كنت أنا الغريب علي (بلدهم) كما شعرت من نظراتهم.. *ربما لم تعد بلادي هي (بلاد ناساً تكرم الضيف).. *ومما زاد من إحساسي بالغربة ولوجي محلاً للمأكولات.. *ومن بعده آخر يجاوره للحلويات.. *فالعاملون في كلا المحلين كانوا غرباء في نظري.. *وقد أكون أنا الغريب في نظرهم من واقع تعاملهم الجلف.. *ففي كليهما سمعت ما فحواه (خلِّصنا يا زول).. *ثم مع العبارات المستفزة هذه تكشيرة وكأني أتسول.. *وسبب ترددي في طلب ما أود شراءه (غرابة قائمة الأطعمة.. *فهي ليست سودانية مما ألِفنا أكله.. *أو ربما كانت مألوفة في السودان ولكنها بأسماء غريبة.. *أو قد نكون نحن أبناء السودان الذين صرنا غرباء في وطننا.. *وعند التقاطع هجم صبية على العربات غريبو السحنات.. *بمعنى أن سحناتهم لا توحي بأنهم سودانيون.. *ومع تزايد شعوري بالغربة قد أكون أنا الغريب في بلدهم.. *وفاقم من شعوري هذا جولةٌ لي في السوق العربي قبل فترة.. *فمن بين كل خمسة سودانيين هناك أجنبيان على الأقل.. *وتاهت مني ملامحٌ بشرية اعتدت عليها في ذاك المكان.. *وتساءلت إن كان لايزال عربياً سودانياً هو أم غدا أجنبياً.. *أو ربما كنت أنا الذي أتجول في سوق لا علاقة له بالسودان.. *بل ولا صلة له بالعرب - لغةً - كذلك.. *وتجولت بين قنواتنا- ليلاً- فسمعت من مذيعاتها نطقاً غريبا.. *ليس غريباً على مسامعي وإنما على ألسنتنا كسودانيين.. *فلما انتبهت إلى (بياض) الوجوه دققت في الشعارات.. *فوجدتها شعارات لقنوات سودانية وليست شامية.. *وزاد من شكوكي استنطاق إحداها لمراسلها (من السودان).. *وتسائلني نفسي وهي تكاد تجن: (أنا ، أنت ، نحن أين بالضبط؟).. *وأهمس لها بأنْ ليس المسؤول بأعلم من السائل.. *ومهاتفة من امرأة لا أفهم كلامها لغرابة اللهجة.. *كل الذي فهمته أنها تقصد رجلاً ذا اسم من أسماء دولة مجاورة.. *وصباحاً أصادف من يبتدر كلامه معي بكلمة (بدِّي).. *فأقاطعه قائلاً: (عفواً، المواطن سودان!!!). assayha