مفهوم الزواج في القرآن بقلم عادل عبد العاطي

مفهوم الزواج في القرآن بقلم عادل عبد العاطي


02-08-2016, 00:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1454886590&rn=0


Post: #1
Title: مفهوم الزواج في القرآن بقلم عادل عبد العاطي
Author: عادل عبد العاطي
Date: 02-08-2016, 00:09 AM

11:09 PM Feb, 08 2016

سودانيز اون لاين
عادل عبد العاطي-
مكتبتى
رابط مختصر



في كتابه مدارات صوفية وفي الفصل بعنوان ” مشروع حب زوجي“ يكتب الكاتب الماركسي الصوفي الراحل هادي العلوي ان تعريف الزواج في القرآن هو أدق وأفضل تعريف للزواج ورد في أي نص أدبي أو قانوني. وهو يذكر الآية ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )) الروم - 21
والحقيقة ان تعريف الزواج الوارد في هذه الآية ؛ والبعيد كل البعد عن تخريجات الفقهاء المتخلفة ؛ التي تركز على الجنس بصورة بهيمية ؛ انما هو تعريف ممعن في الجمال والانسانية بل والرومانسية . فالزوج (أو الزوجة) هنا ليسا كائنان منفصلان عن بعضهما؛ وانما هما مخلوقان من نفس واحدة. هما مكملان لبعضهما؛ وهما خارجان من تلك النفس؛ وراجعان اليها . ومعنى كلمة زوج هنا لا تعني فقط الرفيق او الشريك؛ وانما تعني الانسان المكمل لنا؛ نصفنا الآخر. والزوج في اللغة هو أيضا القرينُ والنظيرُ والمثيلُ.
ويأتي هدف الزواج في القرآن للسكون الى الزوج؛ اي الاطمئنان به وله واللواذ به وحصول السكينة بينهما - وأداته أنه يجعل بينهم المودة والرحمة. ربما تأتي المودة والرحمة بفعل هذه السكينة وربما تأتي السكينة من المودة والرحمة. مَنْ دريه . والمودة احساس في الحب لطيف؛ والرحمة تكون في الاشفاق على الزوج/ة والسعي لراحته/ا . وفي هذا لي طرفة فقد حكيت لصديقي المبدع محسن خالد ؛ اني كنت اعاني من الارق ولا انوم الليل؛ فلما تزوجت حبيبتي كنت القي برأسي على السرير قرب رأسها او بين ذراعيها فأخلد للنوم في ثوان ؛ وأنها كانت لا تصدقني حين أقول لها اني كنت أعاني من الأرق. فقال لي : تلك هي السكينة!.
ولا يأت مفهوم القرآن عن خلق الازواج من نفس واحدة مفردا في هذه الآية ؛ وانما هو مبثوث في كل القرآن؛ مما يوضح أنه حقيقة أزلية؛ متجاوزة لمختلف التشريعات الظرفية والأوضاع الإجتماعية التي تعامل معها القرآن وأجاز بعضها وحجّم بعضها الآخر. فنجد القرآن يقول في سورة النساء الاية الأولى (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا ) وتجده يقول في سورة الاعراف الآية 189 ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما اثقلت دعوا الله ربهما لئن اتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين) وكذلك في سورة الزمر الآية السادسة ( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ) .
الشاهد ان مفهوم القرآن لعلاقة الزوجين البشريين يأتي من مبدأ كوني ؛ أن كل الاشياء تخلق زوجين. فنجده يقول في سورة الرعد الآية الثالثة ( هو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) وفي سورة الحج الآية الخامسة (وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج) وفي سورة الشعراء الآية الثالثة ( اولم يروا الى الارض كم انبتنا فيها من كل زوج كريم) وفي سورة الذاريات الآية 49 ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) وكذلك في سورة ق والرحمن الخ. ليس غروا من بعد أن يكون خلق أو جعل الزوجين من البشر ذكرا وانثى كما جاء في في سورة النجم الاية 45 ( وانه خلق الزوجين الذكر والانثى) وفي سورة القيامة الآية 39 ( فجعل منه الزوجين الذكر والانثى).
هذا ما يدحض بشكل قاطع فرية قبول القرآن لتعدد الزوجات. فلكل ذكر في الدنيا او انثى زوجته او زوجها الواحد. يسكنان الى بعضهما البعض وبينهما المودة والرحمة. وشتان ان تجتمع الرحمة والمودة مع جحيم التعدد. والتعدد نفسه لم يسمح به الا للمطلقات والارامل من امهات اليتامى . والآيات في سورة النساء واضحة في ذلك وأن التعدد جواب شرط للخوف من عدم القسط في اليتامى . وقد التزم الرسول الكريم بموجهات القرآن حيث تزوج زوجته الوحيدة المنفردة بكرا (عائشة) بينما كانت زوجاته الباقيات مطلقات وارامل. ولا غرو فقد قيل ان الرسول كان يتخلق بإخلاق القرآن وهو أعرف الناس به وبمراميه. وعموما سنكتب عن هذا فيما قريب.
نرجع الى هادي العلوي والأية التي اوردناها في بداية كتابنا هذا ؛ حيث يقول فيما إعدنا ترتيبه : (( هذه الأية هي آية الزواج والحب الزوجي ؛ المتماهي بالسكينة والمودة والرحمة. فالزواج ليس مجرد علاقة جسدية مشبوبة بالحب المتوقد بل هو علاقة روحية : علاقة سكينة ولياذ : يتآلف فيه رجل وأمراة يلوذ بها وتلوذ به من مصاعب ومتاعب الحياة ويكون كلاهما عونا على الغير من ناس وأشياء. على أنها لا تتجاهل الحاجة الجسدية لكليهما وقد جعلها العرب من شروط بقاء العاطفة الزوجية واستمرارها داخل العائلة)) *
أما صديقي محسن خالد ؛ فهو يقول في هرطقاته الجميلة العبقرية ان كل شخص له زوجه زوجها له الله عند الأزل ؛ ويعتمد في ذلك على الآية ( واذا النفوس زوجت) ؛ وأن توثيق ذلك الزواج مسطر في كتاب الرحمن . وانه كان هناك زمان يعرف فيه الناس زوجاتهم الحقيقيات عن طريق القلم؛ وكانت هناك شبكة او موقع ( كان أيام يحيى (بن زكريا) مزودا ببرامج تقود الناس وترشدهم لكيفية العثور على أزواجهم الحقيقيين) **- ويعزو فشل الزيجات في وقتنا هذا ان الناس لا تتزوج ازواجها الحقيقية التي زوجت لها منذ الأزل؛ فيدخلون في الحيرة والمشاكل ولا يجدون السكينة. اعجبني طرح محسن الذي لا يخلو من طرافة - وهرطقة - ولكنه يظل اقرب لمفهوم القرآن عن الزواج من مفاهيم الفقهاء المتخلفين.

عادل عبد العاطي
3 فيراير 2016


اشارات مرجعية :
*هادي العلوي : مدارات صوفية - الطبعة الأولى - 1997- ص 54.
** محسن خالد : يحي بين زكريا هو المهدي المنتظر - جدول قيام الساعة- بوست بموقع سودانيز اونلاين.


--
Adil Abdel Aati
أحدث المقالات


  • مجزرة الخدمة الوطنية بقلم محمد الننقة
  • رحم الله الخال سمح الخصال عثمان الجعلي بقلم عصام علي دبلوك
  • قراءة بُردَة الإمام البُوصيري بين شرح العُلماء وأصحاب الحُكمٍ المُسبق!!! بقلم جمال أبريدة
  • التهدئة والمفاوضات في القاموس السياسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي اهداف وابعاد بقلم سميح خلف
  • الجمعية القطرية للسكري .. لمسة وفاء وتقدير ولبروف محمد نصير مرضى السكري بقلم عواطف عبداللطيف
  • رساائل مقاتلة , للتحرير الوطنى الديمقراطى , لآللقهر والفساد الثيوغرطى بقلم بدوى تاجو
  • ماذا يريدون عيال جون قرنق من جبال النوبة وانسانها بقلم بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين - لندن
  • مطار كنانة الدولى بقلم عمر الشريف
  • سدود الشمال.. من أين تؤكل الكتف؟ (4-5) بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • يعيش..ابو شاويش................!! بقلم توفيق الحاج
  • بُرْكانُ بِرْكان بقلم مصطفى منيغ
  • أعباء مركزية ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • ومن دخل دار أوباما..! بقلم عبد الباقى الظافر
  • أسرار !!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • رائع انت ايها الجهل بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • فتح الحدود والمكاسب المرتجاة بقلم الطيب مصطفى
  • وزير العدل و الأطباء بقلم نبيل أديب عبدالله
  • Re: وزير العدل و الأطباء بقلم نبيل أديب عبدال�
  • الطيب مصطفى والكارورى ومذمة المتنبئ بقلم ابوبكر بشير
  • قناة النيل الأزرق وذر الرماد !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • لو كان الحوار الوطنى كحوار سيدنا موسى مع الله لتداعينا وأتينا زرافاتا ووحدانا ! بقلم عثمان الطاهر ا
  • جيل الإنقاذ : فأر التجربة الإنقاذية بقلم محمد السيد حمد
  • عودٌ ثانٍ إلى نظرية تطور الإله عند محمود محمد طه! بقلم محمد وقيع الله
  • المفوضية الدولية للعدالة السودانية ومركز المساعدة القانونية بقلم محمد فضل علي..كندا
  • لكل يبحثون عن وطن..! بقلم الطيب الزين