*عبرت نظراته العينين المحدقتين فيه لتستقرا على عيني طالبة.. *إنه شيء أشبه بالسفر عبر العيون الذي يتحدث عنه شاعرنا عبد الله النجيب.. *أو ربما هو إلى نظرية هـ ج ويلز عن السفر عبر الزمن أقرب.. *فالعينان هما ذاتهما ولكن دون معينات جمال اصطناعي تضفي عليهما اتساعاً زائفاً.. *وتتوسل إليه النظرات بأن يفعل ما استعصم عنه بلا (برهان رب) يراه.. *نظرات طالبة بالمستوى الثالث من المرحلة الثانوية (العليا).. *ولم تكن النظرات وحدها التي تتوسل وإنما ارتعاشات أطراف كذلك.. *وما جعله يستعصم هو صداقة مع أخيها الذي في مثل عمره.. *فقد كان من العيب - آنذاك - محض النظر إلى الجارة أو شقيقة الصاحب.. *ولا يزكي نفسه - كذباً - ليقول إن السبب هو الوازع الديني.. *ولكنه يحمد الله - الآن - على مغالبة تأثير تلكم النظرات ذات (النداء).. *ولعلها تحمد ربها- كذلك - على عدم حدوث الذي تمنته.. *فلو إنه حدث لما كانت اليوم - ربما - المرأة التقية التي يفاخر بها زوجٌ محب.. *والتي ضحت بوظيفتها المرموقة جراء تحرش (الكبير) بها.. *والتي باتت تُلقب الآن - في محيطها الصغير - بـ(الشيخة).. *وانسحبت نظراته - عائدةً - لتنيخ رحلها على عيني الحاضر عوضاً عن الماضي.. *على عيني الزوجة بدلاً من عيني طالبة الثانوي العالي.. *على عينين (منكسرتين) لا عينين (ملتهبتين).. *وسبب الانكسار هو هذا الذي رمته الصُدَف في طريقها مصافحاً.. *أو بالأحرى زوجها هو الذي استوقفه ليصافحه.. *كانت تعلم أنه يعرفه ويذكره أمامها كثيراً من باب الإعجاب.. *ولكن أن يتواجها - وهي ثالثهما - فهو ما لم يخطر على بالها أبداً.. *ثم ما جعلها تضطرب - وترمش كثيراً - انتباه زوجها لنظرة أولى (طويلة) بينهما.. *ويسأل - بكل براءة الأطفال في عينيه - إن كان بينهما سابق معرفة.. *وتسقط حقيبة اليد الأنيقة فتنحني لالتقاطها وهي تجمجم .. *ثم حين تستقيم واقفة (تنفتح) العينان في وجهه مذكرةً إياه بعيني الطالبة.. *فقد شدها رده عن سؤال زوجها مادحاً أخلاق (جارة صغيرة) في زمن مضى.. *ويمضي في مدحه إلى أن يختم قائلاً (كم أنت محظوظ أيها الرجل).. *وكان ذلك آخر عهده به قبل أن يأتيه خبر موته المفاجئ.. *وإذ يختم قصته - ذات التفاصيل المعدلة عمداً هذه - تطفر دمعة من عينه.. *فقد ستره الله - في شيء- (كما ستر هو الشيخة!!). http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9636http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9636