قانون توزيع الفساد في السودان

قانون توزيع الفساد في السودان


01-10-2022, 02:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1641820709&rn=0


Post: #1
Title: قانون توزيع الفساد في السودان
Author: أمل الكردفاني
Date: 01-10-2022, 02:18 PM

01:18 PM January, 10 2022

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




يعتقد ماركس بأن هناك صراع طبقي، وهذا محل نظر، لعدة اسباب، أولاً، نحن لا نستطيع أن نحدد التداخلات العميقة في المستويات الاقتصادية، وثانياً، لأن الصراع نفسه يفترض الرغبة في الخروج من طبقة معينة والوصول إلى طبقة معينة، اي يفترض أن هناك رغبة في الإبقاء على الطبقية وليس التخلص منها. إذا كانت حقيقة التنافسية لا مراء فيها بين البشر -إلى حد ما، عندما يتجاور التباين الإقتصادي- فإنه لا أحد سيرغب في تدمير طبقة، ولكنه سيحاول الاستيلاء على الطبقة. ولذلك فالمسألة لا تتعلق بصراع بين الطبقات، بل هو صراع إقتصادي محض. أما الطبقة فتمثل الهدف من ذلك الصراع فهو صراع نحو الطبقات وليس بينها.
يمثل الفساد أحد أدوات ذلك الصراع، فهو الأسهل في دولة تتسم: أولا: بعدم التجانس. ثانيا: بفوضى القانون. وثالثا: بالضآلة التاريخية، ورابعاً: بالنموذج القيمي السلبي الغالب.
وكل هذه العناصر متوفرة في دولة كالسودان وأغلب الدول الأفريقية. لذلك فإن كل إتفاق سياسي ليس أكثر من توزيع للفساد. وكل قبول لإتفاق سياسي، هو قبول لنصيب من الفساد. وكل صراع سياسي، هو في حقيقته صراع حول الفساد.
في مثل هذه الدول؛ تتنامى الصراعات وتتنامى معها القيم السلبية.
إن الاستعمار ساهم بقوة في رسم المستقبل (أي الواقع الراهن)، إذ عمد إلى عدم مديَنة العقل السوداني، بل لعب في الأحاسيس السالبة، وأخطر إحساس يعاني منه الإنسان السوداني هو الدونية في مواجهة العالم.
يهاجر السودانيون إلى دول العالم المختلفة، لكنهم لا يستطيعون الإندماج في تلك المجتمعات. بل يتكتلون ناقلين واقعهم ونموذجهم المعرفي المتدني معهم. إنهم يهاجرون دون أن يهاجروا في الواقع. يحاول السودانيون دائماً البحث عن صفات عارضة للآخر ليمتلكوا عبرها الفوقية، فعلى سبيل المثال، تمثل قضية اللهجة الإنجليزية أوضح دليل على ذلك. فالشعوب المستقرة مع ثقافتها لا تعاني من التشظي اللهجوي الذي يعانيه إنسان شمال السودان -على وجه الخصوص- لذلك سنجد أن السوداني هو الوحيد الذي يشعر بكارثة كبرى حين يلفظ لفظاً إنجليزياً بصورة تختلف عنها لدى الإنجليز. رغم أننا لن نجد هذه المشكلة لدى الهنود أو الصينيين أو المصريين أو باقي الشعوب. لأن تلك الشعوب تمتلك امتدادات حضارية راسخة، في حين أن السوداني لا يعرف حتى تاريخ الرقعة الأرضية التي يعيش فيها قبل ثلاثمائة سنة بوضوح إلا عبر مؤلفات الأجانب. إنه لا يملك أصولاً راسخة في الزمن. فهو ابن مزارع أو راعٍ أمي، أوجده حظه في منطقة لم تكن دولة حتى وقت قريب، بل مجموعات بشرية بدائية متكتلة، بيوتها من القش، وتتغوط في الخلاء.
أحدث ظهور المستعمر التركي والبريطاني صدمة لهذه المجتمعات البدائية، والتي شعرت فجأة بأنها خارج التاريخ الإنساني. ولم يدفعها ذلك إلى العمل على بناء تاريخ لها في المستقبل. هكذا جاء الاستقلال بأؤلئك البدائيين فمدنيهم ظاهرياً (كلية غردون، جيش، وزارات..الخ)، لكنه لم يمدينهم داخلياً، لقد كانوا دوما قشرة متقشفة بلا لب ولا زالوا. إن السوداني يجب أن يذكر دائماً كلمة انجليزية في كل ما يكتب، ولو كان يدون القرآن في لوحه. وأطلق أولئك البدائيون على أنفسهم مسمى النخب، لكي يقفزوا على ماضيهم بالزانة.
كانوا في الواقع يبدون كالأرجوزات بالنسبة للمراقب الخارجي. ولا زالوا.
إن الغراب حين يحاول المشي كالطاووس يفقد مشيته كغراب ولا يجيد مشية الطاووس. وهذه معضلة. وإذا كانت القشرة بلا لب، فإنها تفسح مجالاً للإضطراب في الأحكام وعدم النقاء القيمي. هكذا لن يستشري الحسد بل سيستشري الفساد لعلاج الشعور المزمن بالنقص في مواجهة العالم المتمدين.
وحين يتفاءل البعض، فإنهم يتفاءلون أيضاً من خلال شعورهم الداخلي بأنهم (لا شيء) ويريدون أن يصبحوا شيئاً. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
إنك حين تريد أن تتفاءل عليك أن تبني على الحقيقة، والحقيقة الأولى هي فهمك لنفسك. وقبل شيء فهمك لقبحك قبل مزاياك، لأن مزاياك وطوال سبعين سنة لم تستطع دفعك إلى الأمام، إذاً فهي غير مشتغلة، أو في الحقيقة هي مزايا (زائفة) مهما حاولت إقناع نفسك بغير ذلك.
يبدأ علاج الإنسان لنفسه من خلال فهم ذاته أولاً قبل بيئته. وهذا ما لا يحاول هؤلاء فعله. لأنهم يرفضون الإعتراف لكاهنهم الداخلي.
إن كل من كانوا في الساحة الفساد-سياسية، هم كائنات تبحث عن جوهرها الضائع؛ منذ مدعي النبوة (المهدي)، وحتى مدعي النضال من أجل الحرية. ولذا ترى جميعهم اليوم يحاول كل واحد منهم (غز عوده) في مرحاض الفساد، عبر اتفاقيات وصراعات وعمالات وخلافه. أما من يضيعون سدىً فهم المساكين الذين يقتلون من الشباب.
مات هؤلاء هدراً، ليتساوم الفاسدون حول دمائهم. ويتم استخدام الموتى ككروت ضغط في الصراع حول تقسيم الفساد.
إنه صراع أقوام لم تمتلك تراكمات حضارية، أقوام بدائيو الماضي قشريو الحاضر.. ولبهم ريح منتنة.

عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/09/2022



عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/09/2022



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/09/2022