الإنقاذيون: حذاريكم من قفزة 30 يونيو المصرية . . . في الظلام بقلم عبد الله علي إبراهيم

الإنقاذيون: حذاريكم من قفزة 30 يونيو المصرية . . . في الظلام بقلم عبد الله علي إبراهيم


06-29-2020, 02:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1593435982&rn=0


Post: #1
Title: الإنقاذيون: حذاريكم من قفزة 30 يونيو المصرية . . . في الظلام بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 06-29-2020, 02:06 PM

02:06 PM June, 29 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




إغراء أن تقول للإنقاذيين في شغبهم بوجه الثورة العبارة الشهيرة إنكم لم تنسوا شيئاً ولم تتعلموا شيئاً عظيم. ولكن عبارة عن الملك لويس الثالث عشر، ملك فرنسا، ربما صورت حالة الوحشة السياسية التي يأنفون التصالح معها بنفس لوامة. فأراد رجل من الحاشية إيقاظه ظناً منه أنه نائم. فقال له الملك في عزلته: "أتوقظني؟ هل أنام أنا أصلاً؟ لم أعد أنام. أحلم أحياناً. هذا كل ما في الأمر."

أغشى واتسابات للإنقاذيين. ولا أعرف متى تغمض عينهم. ولكني أعرف أنهم على خلاف لويس الثالث عشر لا يكفون عن الحلم بالإفاقة من كابوس الثورة وقد استردوا ملكهم القديم.

لقد وجد الإسلاميون أنفسهم للمرة الثانية في الجانب الخطأ من التاريخ. كانت الأولى في 1985 وقد تعاقدوا منذ 1977 مع طاغية استذلهم، ومرغ أنفهم "الصحابية" الحداثية بالبيعة له في رابعة القرن العشرين. بل هم من اخترع لفظة "مليونية" مواكباً تهدر تحرق البخور لطيش "الإمام" الديني. ووجدتهم ثورة 2018 أيضاً في مكانهم المفضل وهو الجانب الخطأ من التاريخ. وبدا لي أنهم يعلقون الأمل على استرداد نفسهم من "الفلولية" إلى الميدان السياسي كما فعلوا حين خرجوا من السدانة إلى الجاه السياسي بعد ثورة 1985. وتطيش حساباتهم هنا. فثورة 2018 كانت عليهم بالذات بعد 30 عاماً من الحكم الجائر لا كما كانت 1985. فسمعوا لأول مرة: "الكيزان أعداء الدين" بغزارة لم تحصل حتى لخصومهم الشيوعيين بقدر ما مكروا. والخروج من "السدانة" ليس مثل الخروج من "الفلول". فالسادن ديدبان الظالم. والفلول نفايات الظالم تذروها رياح الثورة.


لا يعرف المرء ما يريد الفلول من شغبهم بوجه الثورة. فتروج بينهم دعوة ليستولي الجيش على مقاليد الحكم من حكومة قحت الفاشلة حسب زعمهم. ونقول عرضاً: أي الجيوش يدعون لتولى الأمر وقد أكثروا في عهدهم من هذه الكيانات المسلحة براً وجوا وبحراً . . . وخلاء حتى لم تعد هي نفسها تعرف ما تفعل بأنفسها. فالحكم المدني الآن، والحال هذه، ليس مطلباً لمدنيين حاقنين على الثكنات. خلافاً لذلك فهو شفاء للثكنات من كورونا التعاطي مع السياسية منذ 1958 التي لا أرضاً قطعوا فيها ولا ظهراً أبقوا. فتكاثرت هذه الجيوش وبندقيتها مصوبة نحو الشعب، ونحو بعضها البعض، فانفرطت الزمالة، والوطن منقوص من أطرافه كما هو مشاهد.

وبدا أيضاً، ونحن قبايل 30 يونيو، أن الفلول بصدد ارتكاب خطأ خصومهم الليبراليين واليساريين المميت في مصر. فمساعي الفلول لتسيير مظاهرات في 30 يونيو بمثابة استغاثة ودعوة للقوات المسلحة (ياتها؟) لتنزع الحكم عن الحكومة الانتقالية صدي بغيض من "ثورة" 30 يونيو 2013 المصرية. وهي الثورة التي أهان فيها الليبراليون واليساريون ديمقراطية مصر المستردة بثورة يناير 2010 بهرجهم على حكومة للإخوان المسلمين المنتخبة. وكانت قفزة منهم في الظلام وفي حضن السيسي إلى يوم المسلمين هذا.فوراهم، كما ورى الإخوان إياه في برنامج واحد. وترك الليبراليين واليساريين يمضغون الحسرات. إن فرص نجاح سيناريو 30 يونيو المصري مستبعدة هنا لأن الجيش، بل الجيشان، في الحكم لا كما كان الحال في مصر. ومتى حدث الانقلاب المنتظر من الفلول على كل حال سيمضغون بعده مراً كثيراً أيضاً.

قلت لبعض كتاب الإسلاميين أتركوا الشغب وأبدوا الحياة. فلستم مطلبين بتأييد الحكومة الانتقالية. فأنا نفسي لا اشعر بأني ملزم بذلك. فهي حكومة مهما قلنا عنها والحكومة خطّأة. ولكن ما نحسبه لصالحها أن خطأها على مرأى منا نطاله بالنقد متى أردنا. وزدت قائلاً لهم بأن جريرتكم في أنفتكم التصالح مع التغيير الذي جاءت به الثورة والحكومة الانتقالية طرف منه. وأقل ما يقال إنه تغيير أخرج أفاضلكم من حرج السنين من "ملولات" محن نظام كان عشمكم أن يكون فيه خلاص الوطن فتهتك أمام ناظريكم واتسخ.

ولم أطلب من أفاضل الإنقاذيين ما لم يسبقني إليه المرحوم الطيب زين العابدين والثورة مولعة والنظام في السكرات في حين لم يفتح الله على الإسلاميين من فتحه في الغيرة على الوطن الناهض. فنصح الطيب أخوته الإسلاميين في المؤتمر الشعبي أن يتداركوا موقفهم، ويعتزلوا النظام وهو في الحشرجة. فقال لهم إن "ارفعوا عن هذا النظام آخر ما يستر عوراته من غطاء جماهيري توفرونه له في تحدي اﻷمة بأسرها". فالتغيير، في قوله، "قادم بمشاركتكم أو بدونها. وهو تغيير نحو الأفضل وتحول من دولة الظلم والاستبداد الي دولة القانون". وجابها من الآخرة بقوله: "لكم مطلق الحرية في أن تصدقوا أن هذه حركة تغيير يقودها كفرة وأعداء للإسلام ومهووسون يودون اعدام كل الإسلاميين. كما أن لكم مطلق الحرية في أن تعترفوا بالأسباب الواقعية والموضوعية لما يجري الان، وما سيعقبه، وما سيؤول اليه الأمر بعد زمن ليس طويل وليس في صالحكم. اختاروا الخيار الأفضل لكم وللشعب السوداني قاطبة".

لم يسمعوا منه رحمه الله. وظلوا سهارى في ليل سخطهم. لا حاجة لهم بمن يوقظهم لأن عيونهم لا تكتحل بالنوم. ويحلمون بالخروج من الفلولية كما خرجوا من السدانة. وتلك أحلام اليقظة.

الصورة لمعركة الصالة المعروفة. أعجبني من سماها "معركة ذات العكاكيز"