الإصلاح الديني ودلالاته عند مارتن لوثر

02:01 PM January, 07 2018

سودانيز اون لاين
طلعت الطيب-Guelph, Ontario
مكتبتى
رابط مختصر

السلام عليكم
الحديث هنا عن مارتن لوثر الذي قاد حركه الإصلاح الديني في أروربا في القرن السادس عشر
والمتوفي في فبراير من العام ١٥٤٦م
وليس مارتن لوثر كنج الذي قاد حركه الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الامريكية في النصف الثاني
من القرن الماضي فقد كان اسم الرجل مايكل لوثر قبل ان يغير اسمه الي مارتن لوثر
وذلك تيمنا بقائد حركه الإصلاح الديني الذي نحن بصدد الحديث عنه
لان اهم ما كان يميزه هو القدره علي استخدام المقاومة السلميه في نشر
أفكاره رغم معارضه المؤسسه الكنسيه الرهيبة وعلي رأسها البابا

اعترف بأنني لم أكن افهم معني الإصلاح الديني وعصر النهضه حينما
درسته في المدرسة الثانوية في نهاية سبعينات القرن الماضي..
كانت تلك الفترة المهمه في تاريخ الانسان الاوروبي
والإنسان في كل العالم الانهزتاثر بمنجزات العلم والتكنولوجيا
كل ما فهمناه ضمنا هو انتصار التحديث علي التقليد
السائد في العصور الوسطي
اراهن ان أستاذ التاريخ الذي درسنا
عصر النهضة الاوروبيه لم تكن تكتمل لديه
فكره تتعلق بالاجابة علي التساؤل الأساسي:
ما الإصلاح الديني وما التنوير؟
لانني كنت مستمع جيد ..
كان الاطمئنان سائدا ساعتها الي حد ما
صحيح ان الحركه الاسلامويه بدأت تنتشر
في السودان خاصه اثناء وبعد انتفاضة
(شعبان الميمونة ) كما كانوا يرددون
ولكن ظلت الحركه بعيدا عن الحكم حتي
قررت المؤسسه العسكرية السودانية برئاسة
الدكتاتور السابق نميري ، إشراك التيار الاسلاموي
في الحكم ( وتمكينهم ) ماليا وتنظيميا باعفاء بنوكهم
من الضرايب وهو حق من لا يملك لمن لا يستحق..
ولذلك وحينما كنّا نتابع موضوع النهضه والتنوير
كان الاعتقاد السائد هو الاطمئنان بان ممارسات
البابا ومؤسسات الكنيسه الكاثوليكية شيء يتعلق
بمشكلات في المسيحية وحدها
كم كنّا اغرار وسذج ☺️

لم أكن افهم لعنه البترول في السعودية والخليج
علي الوعي العام في المنطقة
كان بالنسبة لي نعمه لان قريبي الذين أقام في السعودية
(علي عصر الاغتراب الذهبي ) كان يرسل لي بعض المساعدات
المالية كانت تمكنني من الترفيه خاصه وأننا كنّا نصرف الاعانه
الشهرية او البيرسري من الجامعة أضافه الي السكن والطعام المجاني

ليس فقط كنا "أغرار وسذّج" بل كنا نعتقد أن هذا الدين يختلف ونتطلع لعودة دولة الخلافة التي سوف تملأ الأرض عدلاً.
ما زال الكثيرون حتى من قبيلة اليسار وبعد تجربة الانقاذ البشعة، يحلمون في نسخة دينية مثالية تخطاها الترابي في تطبيقه السالب، لكنها موجودة في مكانٍ ما.

العزيز ابو بكر عباس
شكرًا جزيلا لتسجيل حضور
ومشاركه
أرجو ان تستمر حتي تعم الفايده ..
لمارتن لوثر اثر إيجابي وآخر سلبي
علي الأحداث في القرن العشرين
فمن ناحية كانت سيرته في النضال المدني
السلمي من اجل انتزاع الحقوق ملهمه للقس
الامريكي الأسود مارتن لوثر كينج سينيور
الذي غير اسمه تيمنا به كما اسلفت
وهي المباديء التي سار علي هديها ابنه
قايد حركه الحقوق المدنية فيما بعد ..
هذا من ناحيه ولكن من الناحية الآخري
فقد كانت دعوته المتزمتة تجاه اليهود
بمثابة وقود الكراهيه الذي استخدمته النازيه
في تبريرها اباده اليهود واضطهادهم
ولكن تبقي تلك هي النقطه المظلمه الوحيده
في حياه رجل الإصلاح الديني البروتستاني
مارتن لوثر وفِي تقديري ان عاملين ساهما
في هذا التطرّف والغلواء من جانبه تجاه الجاليات اليهوديه
العامل الاول يتعلق بان فكره التسامح لم تكن
قيمه أساسيه كما هو عليه الخال الْيَوْمَ في الديمقراطيات
العريقه
اما السبب الثاني في دعوته التي ظهرت في أعماله الاخيره والخاصة
بإخراج اليهود وحرق معابدهم ، فهي ربما كانت بسبب الاحباط والحالة النفسيه
والكابهر وهي نوبات كانت تأتي مارتن وتبقيه في عزله عن العالم
لايام عديده فريسه للحزن والعزلهر
كما تضاعف حزنه بوفاه ابنته ماجدولينا ذات الثلاثه عشره ربيعا..
يمكن ان نضيف هنا أيضا ان كنج كان قد كتب في العام ١٥٢٣ يدعو
الي فكره التسامح مع اليهود باعتبار إنّ سيدنا عيسي قد ولد يهوديا..
ربما كان يعتقد اعتقادا (ساذجا) في أمكانيه تحول
اليهود الي الممسيحيه نتيجه دعوته تلك في عام ١٥٢٣
وهو امر لم يحدث بالطبع لان الاعتقاد في أمكانيه رجوع
اليهود الي الإيمان بفكره المسيح بعد ١٥٠٠ سنه
هو مجرد تفكير رغبوي لا يمت الي الواقع بصله

طرحت تساؤلات وقدمت بعض اجابات خاصه
بالموقف الغير متسامح لمارتن لوثر تجاه
المعتقدات الآخري
وقد تعرضت الي تعامله مع اليهود كمثال
ولكن قبل ان نغرق في مثل هذه التفاصيل
لابد من إعطاء فكره عن حياه مارتن لوثر
والظروف السياسية والاجتماعيه والاقتصاديه
التي عاش فيها حتي نفهم أفكاره
قبل كل ذلك أودّ ان اطرح التساؤل المهم التالي:
واجه مارتن لوثر المؤسسه الكنسيه الكاثوليكية والبابا والإمبراطور شارلز الخامس
كيف استطاع الرجل ان يفعل ذلك وان ينجح فيه؟

صكوك الغفران sale of Indulgences
في العام ١٥١٧م أرسل البابا ليو العاشر جوهان تيزل البائع
الماهر الي مدينة فيتينيرج Vittenburg في ألمانيا حيث كان مارتن لوثر
يدرس في جامعتها الجديده
ارسله ليبيع اكبر عدد من الصكوك لمقابله احتياجات إكمال
كاتدرائية سينت بيتر الشهيرة في الفاتيكان ..
صكوك الغفران حسب الادعاء تجعل من الكنيسه
وسيطا بين الانسان والله في غفر بعض الذنوب
وكان جوهان يصيح بأعلي صوته (ان ارواح موتاكم تتعذب عليكم تخليصها
بدفع مبلغ زهيد مقابل شراء الصكوك )
وقد نجح البابا في بيع عدد كبير جدا من الصكوك
الامر الذي اغضب القس وأستاذ الاهوت مارتن لوثر
كتب مارتن وثيقة دعوه للحوار حول موضوع الصكوك
في حوالي ٩٥ موضوعا متعلقا بها
ثم وضعها علي باب الكنيسه ولكن لم يحفل بها احد من الناس

كان احتجاج مارتن لوثر ينصب علي حقيقه
ان الفقر والمرض يطحن الشعب الألماني
الذي أهلكته الجبايات
وان للبابا كنوز كان عليه ان يستخدمها في الإنفاق
علي إكمال بناء الكاتدرائية بدلا عن تحميل الفقراء
هذه النفقات
رغم ان وثيقته التي كان قد وضعها علي باب الكنيسه
قد اهملت الا ان الحظ ابتسم له حينما قرر جوتبيرج استخدام
الطابعه لأول مره وكان يحتاج موضوع يثير به اهتمام الجمهور
فوقعت يده بالصدفة علي وثيقه مارتن لوثر وقام بطباعه
عدد كبير من النسخ فانتشرت الوثيقه المناهضه لصكوك الغفران
انتشار النار في الهشيم بسبب هذا الاختراع الجديد الذي
نقل البشرية الي آفاق جديده في المعرفة
ويقال ان وثيقه مارتن لوثر قد وصلت حتي اسبانيا في عشره ايّام

ظهور الطباعه ساهم في نقل الكلمة المكتوبة وانتشارها بسرعة كبيره
وقبلها كانت الكتب تنسخ باليد وربما يستغرق إعداد نسخه واحده من كتاب
وسنوات ، ولذلك اصبح مارتن لوثر مشهورا في كل أوروبا
وليس في ألمانيا وحدها
وصار له عدد كبير من المساندين خاصه ان وثيقه اخري قد طبعت له
وقد كانت بعنوان ( الي الامه الألمانية ونبلها المسيحي )
اشتملت الوثيقه علي تصورات مارتن لوثر في إصلاح الكنيسه
والتي تستند علي مبدأ مهم وهو انه
لا سلطه للبابا ورجال الدين علي الانسان
وانه لا البابا ولا القساوسة أو الرهبان والراهبات
بافضل من الناس العاديين
وانه - وهذا هو المهم - المكتب المقدسة وحدها تعد مصدر الحقيقة
Sculptures

استشهد مارتن لوثر بنص في العهد الحديد
من احد النسخ الرومانيه يقول النص ( ان الانسان الصالح يعيش بالايمان وحده)
وان ( صلاح الانسان يعتبر منحه من الرب للإنسان المسيحي لانه أمن بالمسيح المخلص )
الإيمان Faith عند لوثر وحسب استشهاده بنصوص مقدسه
هو الأساس ويعني الإيمان بالمسيح عليه السلام
ولذلك لا يشترط الله علي المسيحي الخلاص والخلود في النعيم بالتدقيق
في محاسبته علي اعماله في الدنيا
الرب محب اذن ويكفي المسيحي ان يعمل خيرا
وان يحب جاره ويساعد مجتمعه
مادام إيمانه بالمسيح المخلص عميق وصحيح

قام البابا بإرسال فرمان لمارتن لوثر
المطلوب فيه ان يتنازل عن أفكاره
ولكن لوثر واتباعه رفضوا الانصياع لاوامر البابا
وتظاهروا في ساحه المدينة وقام لوثر بحرق الفرمان البابوي
امام الجميع وكان قبلها قد أرسل البابا الكاردينال كاتايان
للتحقيق مع مارتن لوثر ومحاوله كسر عزيمته
ولكن لوثر رفض ان يتراجع عن أفكاره
وأخيرا تم استدعائه لمحاكمته في مدينة فيرمز Worms
بحضور الإمبراطور شاركز الخامس في العام ١٥٢١م
ولكن لوثر لم يتراجع عن أفكاره
ولان شعبيته كانت كبيره حكم شارلز عليه بالإعدام حرقا علي الخازوق
ولكن مع وقف التنفيذ
اذ كان يري ان إعدام رجل بهذه الشعبيه مخاطره سياسيه غير محموده العواقب
كانت المحكمة بالنسبه الي مارتن لوثر امتحان لمدي التزامه
بأفكاره واستعداده العالي للتضحيه بحياته في سبيلها ..
رغم انه كان يعلم تماما ان المؤسسه الدينية والإمبراطور لم يترددوا
طوال تاريخهم في القتل والترويع حفاظا علي النظام الاجتماعي
بتخويف الناس وزرع الرعب في قلوبهم تماما مثلما فعلت
الإنقاذ في بيوت الأشباح وفِي دارفور وبورتسودان وكجبار وقبلها
الجنوب وشهداء سبتمبر الخ
ففي الانظمه القهرية يتم المحافظة علي النظام الاجتماعي
بالقمع والقهر والتخويف بينما يتم المحافظة علي النظام
في المجتمعات التي تطبق التعددية بحزمه من الإجراءات أهمها تنفيذ القانون
والحوار والتواصل من اجل الوصول الي مفاهيم مشتركه بشأن اداره الدولة والمجتمع

بعد محاكمته وإدانته بتهمه الهرطقة مع اعطائه مهله
حتي يفكر ويتراجع عن أفكاره ،
قرر لوثر الرجوع الي مدينته فيتينبيرج
ولكن تم اختطافه في الطريق بواسطة حكيم سكسونيا فريدريك
في قلعه فاربورغ Warburg Castleوهناك
في منفاه قام مارتن لوثر بعمل مهم يتعلق بترجمه العهد الجديد من اللاتينية
الي اللغة ألالمانيه وقد ساهم ذلك في رفع الوعي العام
بقضيه الإصلاح الديني
أنجز مارتن لوثر ذلك العمل في احدي عشره أسبوع

كانت الأوضاع الاقتصاديه في ألمانيا في غايه السوء
وقد كان معدل الوفيات وسط الاطفال حوالي خمسين بالمائة
وكان الفقر منتشر حيث لا توجد شبكه ضمان اجتماعي
كما هو الحال الْيَوْمَ في الدول الغربيه
وهو وضع شبيه بسودان اليوم
كان يعيش معظم الشعب علي دخول ضعيفه
وعلي احسان الأغنياء عليهم
وكان والد مارتن متيسرا بحكم عمله في اداره مناجم النحاس
وقد أرسل ابنه للتعليم في داخليات بحكم
انه كان قادرًا علي ذلك
وكان الابن مجتهدا فقد حصل علي الماجستير
وهو علي في بدايه العشرينات وأرسله بعد ذلك
لدراسته القانون ولكن مارتن سرعان ما ترك دراسته القانون
مما اغضب والده الذي كان يتمني
ان يكون لديه محامي في الأسره في الأسره
حتي يساعده علي اداء أعماله واداره الخلافات
التي تحدث مع العمال في المناجم

عاد مارتن لوثر وأخبر والده بقراره الخاص
بترك دراسته للقانون ولكن عند عودته
راجلا وأثناء عبوره لغابه صغيره بالليل
أمطرت السماء وسقطت صاقعه علي أمتار
منه مما اصابه بالرعب الشديد
لان العلوم الطبيعية لم تكن تحيط بأسباب
الرعود والصواعق كان الاعتقاد السائد
هو انها من فعل الرب
تملك مارتن لوثر الرعب لاعتقاده بان الله يتوعده
ولذلك قطع عهدا لنفسه امام الله ان يسلك طريق الرب
وان يكون راهبا منقطعا للعباده
وذهب الي دير وأصبح راهبا
وبعد عامين من العمل الشاق تأهل مارتن لوثر وأصبح قِس
ثم اكمل بعد ذلك الدكتوراه في اللاهوت

لم يكن قرار مارتن لوثر أو العهد الذي قطعه علي نفسه وعلي الله بان يكون راهبا في خدمه الدين
كافيا كي تنزل الطمأنينة والسكينة علي فؤاده
فقد كان يحرم نفسه من كل شيء منقطعا للعباده
حينما بدا حياه الرهبنة في الدير
وكان يصوم لايام عديده وينام في البرد والعراء أزلال لنفسه
بل كان يجلد نفسه بقسوه ارضاء للرب
وتخفيفا لضمير مثقل
كان الاعتراف الكنسي احد الوسائل المتبعة في الدير للتخفيف من الشعور بالذنب
وكان الاعتراف الذي يستغرق دقايق عند الغالبيه
يمتد لساعات في حاله مارتن لوثر وذلك لحرصه الشديد
علي تسجيل كل شارده أو وارده في اعترافاته
خشيه منه او اعتقدا بان نسيان شيء صغير قد يكون
كافيا لهلاكه في الاخره
لكن يبدو ان كل هذا التقشف والزهد لم يكن كافيا حتي تسكن الطمأنينة قلبه
و ان المشكلة تتعلق بالتصورات الموروثة الخاصة بماهية الإيمان
ولذلك لا يمكن فصل إصلاحات مارتن لوثر عن تجربته الشخصية مع التدين ..
الأساس الذي يرتكز عليه الإصلاح الديني البروتستاني
يمكن تبسيطه بالقول ان الإيمان بحياه المسيح ومجاهداته وصلبه ( حسب الاعتقاد للمسيحي)
والذي افتدي به كل البشر كافيا لكي يكون التسليم به
بمثابه حصانه من النار
وبذلك لا يكون الانسان منشغلا بمصيرها عند مارتن لوثر
بل بمحبه الآخرين ورعايتهم
هنا تصبح التجربه الدينية خاليه من التوجس
والخوف وثقل الضمير
وأقرب الي التحرر من الخوف ومحبه الآخرين

بعد اتهامه بالذندقه والكفر heretics
واختطافه في القلعة بواسطة حاكم سكسونيا
حتي ظن الألمان ان لوثر قد قتل بواسطة السلطات
اضطر الرجل كسر عزلته ومنفاه
بعد ان اندلعت مظاهرات عنيفه في مدينته فيتينبيرج
هاجم المتظاهرون الكنائس وكل المؤسسات
والمظاهر الدينية في تحد واضح للسلطات الكاثوليكية
التي فقدت هيبتها بسبب دورها في القمع والتخويف
وولوغها في الفساد
ولكن لوثر عمل علي تهدئه الجمهور الغاضب
وتحدث حول ضروره تبني المقاومة السلميه ونبذ العنف
والبعد عن اُسلوب الغلظة والتحلي بالممارسات المتحضرة civility
ويبدو ان مارتن لوثر بفعلته تلك يكون فعلا قد وضع الأساس
للحراك المدني والمقاومه السلميه
أضافه الي حقيقه انه كان اول من استخدم الوسائط الاعلاميه
في نشر أفكاره (الطباعه ودورها في نشر الكلمة المكتوبة )
الشيء الذي مكنه من بناء شعبيه
استطاعت ان تشكل له حمايه في وجه الطغيان
الديني والدنيوي ممثلا في السلطات المطلقه لتحالف الكنيسه
الكاثوليكية والإمبراطور

تزوج مارتن بعد ان بلغ عمره ٤١ سنه
وقد استلم يوما رساله سريه من تسع راهبات
استنجدن به ولَم يتردد لوثر من تهريبهن الي حيث الحرية
وأشرف علي تزويجهن واستقرارهن
عدا واحده تدعي كاترينا رفضت كل عروض الزواج
التي قدمت لها ولكنها لم تمانع في الزواج من مارتن لوثر
وقد كانت خير سند له وأنجبت له سته أطفال
وقد ساعدته حياه الأسره علي تطوير قدراته
في الصبر والحماية وحينما هاجم الطاعون مدينته وفتك بالناس
كان مارتن لوثر وزوجته كاترينا من القلائل الذين بقوا فيها
لمساعده المرضي ومواساتهم
وكانت زوجته كاترينا حبليوفي ذلك الوقت العصيب
ووضعت طفله ولكن الطفلة لم تعش طويلا

من ضمن الأشياء التي ياخذها النقاد علي المصلح الديني البروتستاني مارتن لوثر
انه كان فظّا incivil في مخاطباته لخصومه من رموز الكنيسة
والنظام السياسي الذي كان متحالفا معها ..
ويتأسس النقد هنا علي ضروره ان يتحلي
مؤسس الحراك المدني السلمي علي لغه متحضره ومتسامحة
بقدر الامكان مع خصومه السياسيين
يعني مثلا كان الرجل يخاطب البابا والكنيسة الكاثوليكية
بالفاظ مثل (أيها الشياطين أبناء العاهرات الخ )
او ان يوجه كلامه لخصم له في مناظره
بقاعه احدي البلديات بالقول
( احيانا يتحدث الرب من خلال فكي الحمار )
يعني انت حمار ساكت وهكذا
وهي عبارات ساخره ومحقره للإنسان
وقد يري البعض انها ساهمت في ازدياد شعبيته
نظرا لانها عبرت عما يجيش بخواطر الجماهير
التي ظلت تتعرض للظلم والقهر من رجال الدين
والمنظومة الكنسيه الكاثوليكية التي أوغلت في الفساد
وهو احساس يتميز بالغبن شبيه بالمشاعر التي
يكنها الناس فر السودان لاهل الانقاذ
وذلك لانه يصطدم بقيمهم التي توارثوها كبشر
اذ من الواضح ان احتقار الناس اللسؤلين يزداد
خاصه حينما يدعي المسوول المفسد حمايه القيم والاخلاق.
علي العموم فان الألفاظ النابيه في مخاطبه الخصم
لا تنسجم مع داعيه ديني باي حال من الأحوال .
بيد ان فهمنا للسياق الذي تم في هذا المسلك القبيح
المتعلق بانعدام أدب الخطاب مهم ، لانه يساعدنا علي
إيجاد الطاقه الإنسانيه في التسامح ازاء
اصحاب الخطاب الفظ والجارح ...
فقد يكون خروج المجتمع الألماني في ذلك الزمان (القرن السادس عشر)
من تعاليم ومفاهيم العصور الوسطي
كان ما يزال هو المتشز وقد ساد الاعتقاد
وسط الناس بان الخطاب المهذب
دلاله علي الضعف والخوف
وهو شيء شبيه بالعقل البدوي عندنا
الذي يكره ان يري الضعف خاصه وسط مناصري حقوقه
وهي عقليه الريف التي تحترم العنف وتعتبره قوه
وقد غاذل البشير تلك العقليه يوما حينما قال موجها حديثه
للمعارضه في خطاب حاشد (نحن شلنا السلطه
بالبندقية دي والدايرها يجي يقلعها مننا)