الخرطوم، 21 أغسطس 2017. يحتفل المجتمع الإنساني في السودان باليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يُعقد كل عام لتسليط الضوء على مساهمة العاملين في المجال الإنساني الذين يقدمون المساعدات ويعملون على حماية المحتاجين. ويُحيي هذا اليوم على وجه التحديد ذكرى عمال الإغاثة الذين تعرضوا للمخاطر وفقدوا أرواحهم في مجال الخدمات الإنسانية، ويُعبئ الناس للدعوة إلى العمل الإنساني.
إن عمال الإغاثة في السودان يعملون في أوضاع صعبة لضمان حصول المحتاجين على المساعدات المُنقذة للحياة. وحوالي 97٪ من الموظفين العاملين في منظمات المعونة الدولية (الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية) هم من السودانيين – مما يعني أن معظم من يقدمون المساعدات للمحتاجين في السودان هم من العاملين السودانيين في مجال الإغاثة.
وفي هذا اليوم العالمي للعمل الإنساني أُشيد بالآلاف من العاملين في المجال الإنساني في السودان الذين يعملون على مدار الساعة لتقديم المساعدات وإعادة التأهيل على المدى الطويل للمجتمعات المتأثرة بالكوارث وللمحتاجين بغض النظر عن العرق والدين والسياسة وهي جهود مستوحاة من الشعور المشترك بالتضامن والإنسانية. وتستند المساعدات الإنسانية إلى عدد من المبادئ الأساسية، بما في ذلك الإنسانية والنزاهة والحياد والإستقلال، ولا يزال إحترام هذه المبادئ أمراً جوهرياً في السودان كما هو الحال في أماكن أخرى. وتمشياً مع هذه المبادئ ينبغي على جميع الأطراف أن تواصل الدعم والتمكين للإستجابة الإنسانية، كما تجب حماية العاملين في مجال تقديم المساعدات الذين يتحملون المخاطر ويقدمون التضحيات لمساعدة الآخرين.
وفي عام 2016، قدمت وکالات الأمم المتحدة والمنظمات غیر الحکومیة الدولیة والوطنیة وشركاء آخرون الغذاء والمآوي وخدمات المياه والصحة والتعليم وغیرھا من المساعدات لحوالي 3.9 ملیون شخص من المحتاجين في أنحاء السودان. وقد تلقى في النصف الأول من عام 2017 نحو 2.5 مليون شخص مساعدات غذائية ومواد تغذية ومساعدات أخرى وكان ذلك ممكناً بفضل مزيد من الإنفتاح لإتاحة وصول المساعدات الإنسانية منذ بداية عام 2017، حيث تمكنت وكالات المعونة من الوصول إلى الأشخاص المحتاجين في مناطق كان يتعذر الوصول إليها خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما في أجزاء من منطقة جبل مرة. ونُثني على جهود حكومة السودان في هذا الصدد، ونأمل أن تستمر إتاحة وصول المساعدات الإنسانية في التحسن بما يسمح للمزيد من الأشخاص المحتاجين بالحصول على المساعدات في مناطق أخرى.
ومع أن النزوح الجديد في عام 2017 كان أقل بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة، فقد زاد عدد لاجئي دولة جنوب السودان الذين يلتمسون المأوى والمساعدات في السودان بحوالي 176,000 لاجئ في عام 2017 لوحده حتى الآن، ليصل العدد الإجمالي لهم منذ ديسمبر من عام 2013 إلى أكثر من 416,000 لاجئ. إن حكومة وشعب السودان لديهم تقاليد راسخة في الكرم تجاه المهاجرين وقد إستضافوا لاجئي دولة جنوب السودان وغیرھم من اللاجئین بسخاء. ونأمل أن يستمر هذا العُرف، وأن تستمر سياسة تقديم المساعدات للاجئين المقيمين خارج المعسكرات لضمان حصولهم على الخدمات الأساسية إلى جانب المجتمعات المضيفة.
ولا يزال مئات الآلاف من النازحين في دارفور يعيشون في معسكرات وهم في حاجة إلى المساعدات والدعم. ونحن نعمل مع المؤسسات القومية لإيجاد حلول لهذا الوضع كما ندعو جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حلول دائمة حتى يتمكن هؤلاء النازحون الذين يعيشون في المعسكرات من أن يأخذوا بزمام حياتهم كونهم مواطنين سودانيين.
كما كان الوضع الإنساني هذا العام معقداً بسبب تفشي الإسهال المائي الحاد في أنحاء البلاد. وقد تحركت حكومة السودان بحيوية للإستجابة لهذا الوضع، الذي يتطلب بذل جهود إستثنائية للسيطرة عليه. وتدعم الوكالات الإنسانية جهود الحكومة في هذا الصدد وستواصل القيام بذلك.
وقد ساهمت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة بوجهِ عام بنحو 11 مليار دولار أمريكي للعمل الإنساني في السودان منذ عام 2003، بما في ذلك نحو 570 مليون دولار في العام الماضي. وقد أُطلق في عام 2017 نداء خطة الإستجابة الإنسانية بمبلغ 804 مليون دولار أمريكي وقد جرى إستلام حوالي 182 مليون دولار منها حتى الآن. ونتطلع إلى إستمرار كرم المانحين لضمان معالجة الإحتياجات الحرجة في الوقت المناسب. كما جرى في عام 2017 إطلاق الإستراتيجية الإنسانية متعددة السنوات للسودان للتحرك نحو حلول أكثر دواماً والعمل على ضمان تعاون الشركاء الإنسانيين والإنمائيين معاً لتنفيذ نهج مستدام طويل الأجل لتلبية الإحتياجات الجديدة والمطولة.
وبالإضافة إلى المنظمات الوطنية والدولية أود أن أُسلط الضوء على مساهمة الشعب السوداني نفسه والمجتمعات المحلية، فضلاً عن مشاركة القطاع الخاص السوداني الذي يوفر المآوي والغذاء والحماية للآلاف من مواطنيهم من المحتاجين من الرجال والنساء. إن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو فرصة لتأكيد تصميمنا على المشاركة، وأغتنم هذه السانحة لأؤكد من جديد التزامنا في الأمم المتحدة والشركاء بتوحيد طاقاتنا للوفاء بالتزاماتنا الإنسانية والأخلاقية المشتركة. وأتقدم بالشكر لكم شركائنا في المجال الإنساني جميعاً: حكومة السودان ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمانحين والدول الأعضاء على إلتزامكم ومشاركتكم ودعمكم. ونشكر بصفة خاصة شعب السودان على تواضعه وإنسانيته التي تتجلى يومياً للعيان تجاه مواطنيهم وجيرانهم المحتاجين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة