Post

بدعوة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، قام وفد الحزب الشيوعي السوداني برئاسة السكرتير السياسي محمد مختار الخطيب وعضوية علي سعيد وفتحي الفضل القياديين فيه، بزيارة الى العراق في الفترة من 23 شباط (فبراير) إلى 1 آذار (مارس).

وفي مجرى الزيارة عقدت ثلاثة اجتماعات بين قيادتي الحزبين، نوقش فيها العديد من المواضيع ذات الصلة بنضال الشعبين ودور الحزبين في مواجهة مخططات الامبريالية والرجعية وقوى الارهاب، وفي المقدمة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الارهابي، ومن أجل تحقيق مطامح وآمال شعبيهما في بناء نظام ديمقراطي حق على قاعدة العدالة الاجتماعية وإرتياد آفاق الإشتراكية. كما تباحث الطرفان في سبل تطويرالعمل المشترك والتعاون على المستويات العالمية والإقليمية ( الشرق الأوسط) والمنطقة العربية بما يخدم مصلحة الشعبين ويلبي تطلعات شعوب العالم المناضلة من اجل الديمقراطية والتحول الاجتماعي والسلم والإشتراكية وبناء نظام اقتصادي عالمي عادل.

واتيحت للوفد الزائر فرصة اللقاء مع رئيس الجمهورية، ومع رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي. كما التقى الوفد مع ممثلي التيار الديمقراطي العراقي ومجلس السلم والتضامن العراقي واتحاد نقابات عمال العراق. واطلع الوفد على عمل الحزب الشيوعي العراقي في المجالات كافة، وحلّ ضيفا على المنظمات المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، وفي الرصافة الأولى في بغداد.

وتوقف الحزبان إزاء ما يجري في العالم من تطورات، وأشًرا حقيقة أن نظام الرأسمالية المعولمة وازمته الاقتصادية ونهج اقتصاد السوق المنفلت، عمّق الفجوة والتفاوت في الثروات والمداخيل ومستويات المعيشة على الصعيد العالمي وفي داخل كل بلد، حيث تراكمت الثروة والسلطة في أيادي فئة قليلة مقابل انحدار فئات وشرائح تزداد اتساعا إلى مستويات دون خط الفقر، وانحسار مكانة وحجم الفئات الوسطى. وقد فاقم ذلك عناصر التوتر والصراع وساهم في اشعال النزاعات والحروب في العديد من بقاع العالم وهيأ تربة خصبة لانبثاق التيارات المتطرفة وتنامي تأثيرها ودورها المخرب واتساع الهجرات الدولية او التهجير الداخلي.

وأكد الجانبان دعمهما وإسنادهما لنضال الشعوب في سبيل نيل استقلالها الكامل، ولضمان حريتها في اختيار أنظمتها وفقا لإرادتها الحرة، وبناء أنظمة ديمقراطية تستجيب لآمال وتطلعات الشعوب وكادحيها، معربين عن القناعة انه، ومن خلال السير على هذا الطريق، يمكن إلحاق الهزائم بمشاريع الامبريالية ومخططاتها الشريرة سواء على الصعيد العالمي، أم على مستوى الشرق الأوسط.

وبيّن الجانبان ان لتلك المشاريع والمخططات واهدافها العدوانية حليفا مضمونا وبلا شروط هو إسرائيل وبقية القوى الرجعية في منطقة الشرق الاوسط، المناط بهم كبح جماح حركة الشعوب في المنطقة واغراقها في بحور من الدماء عبر نشر الارهاب وتعميق الخلافات الطائفية والمذهبية والاثنية، وافتعال الحروب الأهلية بقصد تفتيت الدول وفرض كيانات صغيرة يمكن السيطرة عليها، وحيث تلعب اسرائيل دور الدولة النووية الوحيدة والمسيطرة في المنطقة.

وفي معرض تناول الوضع المتأزم في البلدان العربية، اتفق الحزبان على حدة وشراسة الهجمة التي تتعرض لها الشعوب العربية بقصد السيطرة الكاملة عليها وعلى مواردها، ومصادرة حقوقها السياسية والاقتصادية. وفي هذا المخطط تلعب الأنظمة العربية الرجعية دورا تستند فيه إلى تحالفها مع النظام الرأسمالي العالمي للدفاع عن مصالحها وإدامة أنظمتها الاستبدادية.

واعتبر الحزبان النضال من أجل تدعيم المسيرة والعملية الديمقراطية وانتزاع الحقوق الأساسية في التنظيم والتعبير والحريات والحركة المستقلة، وسيلة مهمة في تعبئة الجماهير وبناء أوسع جبهة لتحالف القوى الوطنية والديمقراطية والأجتماعية، التي يمكن أن تشارك في دحر المخططات المناوئة لمصالح الشعوب وإقامة البديل الديمقراطي الذي يلبي تطلعات وآمال القاعدة الشعبية في العدالة الاجتماعية.

وتوقف الطرفان عند مساعي البعض لتوظيف الدين لاهداف سياسية خاصة ضيقة، ومواقف بعض القوى الاسلامية المتعصبة طائفيا ومذهبيا ودورها في تأزيم اوضاع المنطقة وفي تدهورها، وايجاد بؤر للفتن والتمييز، ما يتطلب نضالا فكريا وسياسيا دؤوبا لكشف اهدافها ومراميها وما تضع من كوابح على طريق انطلاق شعوبنا وتقدمها على طريق التنوير وبناء مجتمعات حديثة متطورة.

واحتل تأييد الشعب الفلسطيني مكانة متقدمة في اعمال ونشاطات الحزبين حيث أكدا أهمية تصعيد التضامن مع هبة الشعب الفلسطيني ونضاله من اجل انهاء الاحتلال وانتزاع حقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس (الشرقية). وشدد الطرفان في هذا الشأن على اهمية وراهنية تحقيق وحدة القوى الفلسطينية، وما يسهم فيه ذلك من تعظيم امكانيات التصدي لمخططات اسرائيل التوسعية والاستيطانية واحباطها.

كما توقف الطرفان عند التطورات في اليمن وادانا الحرب الدائرة هناك وما يتعرض له شعب اليمن والتدمير المستمر لممتلكاته. وطالبا جميع الاطراف بوقف كافة الاعمال العسكرية والعنفية والجنوح الى حوار وطني شامل يحمي اليمن من الضياع والتفتيت، ويحقن الدماء ويعيد الاوضاع الى مساراتها الطبيعية.

وعبر الطرفان عن دعمهما لنضال الشعب السوري من أجل ايقاف الحرب والتدخل الارهابي والخارجي، ومن أجل إعادة الأمن والاستقرار الى البلد، وصيانة الوحدة الوطنية، وتحقيق السلام، وفتح طريق التغيير الديمقراطي فيه.

وحيا الحزبان نضالات عموم شعوب المنطقة وقواها الوطنية والديمقراطية، والاحزاب الشيوعية واليسارية، وجددا تضامنهما معها من اجل اقامة انظمة ديمقراطية، تؤمن الاستقرار والعدالة، وتلحق الهزيمة بالتطرف والارهاب.

وفي معرض تبادل وجهات النظر، شدد الطرفان على مواصلة المساعي لجعل المنابر العالمية والإقليمية والعربية للقاءات الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار، أكثر ديمقراطية وأكثر حيوية، وان تعكس نضالات الشعوب وقضاياها المتنوعة والأكثر إلحاحاً. وفي هذا الإطار، أكد الطرفان ضرورة مراعاة مباديء احترام استقلال الأحزاب في تحمل مسؤولياتها تجاه شعوبها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتطوير التضامن الأممي الى صيغ معاصرة وفعالة.

ورحب الحزب الشيوعي العراقي بالدور الذي يلعبه الحزب الشيوعي السوداني في توحيد قوى المعارضة في بلاده حول برنامج البديل الديمقراطي للتغيير عبر قوى الاجماع الوطني، والذي يؤكد اهمية ايقاف الحرب المشتعلة في مناطق عدة من البلاد، وما ينتج عنها من ضحايا ونزوح وتدمير. وطالب الحزب بالغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين ووقف الاعتداء على الصحف والصحفيين والكف عن منع الأحزاب من مخاطبة الجماهير. ورفض الطرفان زج السودان في المحاور والأحلاف السياسية والعسكرية، الهادف إلى تنفيذ مآرب ومشاريع لا ناقة للشعب السوداني فيها ولا جمل.

واعرب الحزب الشيوعي العراقي عن دعمه جهود القوى الوطنية السودانية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي، من اجل إقامة حكومة انتقالية تؤسس لدولة ديمقراطية مدنية على اساس المواطنة، تقوم بتنفيذ برنامج البديل الديمقراطي وتعقد المؤتمر الدستوري بمشاركة كل الاطراف المعنية لحل الأزمة السودانية وبقية المشاكل الملتهبة، وبما يقود إلى إجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

وعبر الحزب الشيوعي السوداني، عن التقدير للدور الذي يضطلع به الحزب الشيوعي العراقي، ولنضاله مع جميع القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية، في سبيل ارساء الحياة السياسية في العراق على اسس الديمقراطية الحقة، وانهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، والتصدي للفساد المستشري، والدفاع عن مصالح الشعب وكادحيه، والسير قدما نحو اقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، والعدالة الاجتماعية. وعبر الحزب الشيوعي السوداني ايضا، عن دعمه لنضال الشعب العراقي ضد قوى التطرف والارهاب وداعش، وتطلعه الى عودة الاستقرار والامان والحياة الطبيعية الى ربوع بلاده، وتمنى له دوام التقدم والازدهار.

وفي ختام الزيارة وقع الطرفان على مذكرة للتعاون الثنائي بين الحزبين. وعبر وفد الحزب الشيوعي السوداني عن شكره الجزيل لكرم الضيافة والجو الرفاقي الذي ساد أثناء الزيارة. واعرب كذلك عن تقديره لما شاهده ولمسه في عمل ونشاط الحزب الشيوعي العراقي وتجربته الغنية والثرة.

أحدث المقالات