زاوية لرجل وحيد في بناية..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد الحميد البرنس(عبد الحميد البرنس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2005, 11:11 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
زاوية لرجل وحيد في بناية..



    أقطن في بناية ذات ثلاث طبقات تطل على شارع أبي بكر الصديق ب"مصر الجديدة". تجاورها بناية نحيلة مكونة من خمسة طوابق يطل مدخلها المعتم الكابي على شارع هارون الرشيد بينما تنتصب في باحتها الأمامية شجرة عتيقة أخذت تستحوذ على مركز تفكيري شيئا بعد شيء. وحتى الآن.. لا أدري ما الذي يشدني إليها على ذلك النحو الآسر!.

    كان بين البنايتين ممران جانبيان يفصل بينهما حائط قصير. ومع ذلك.. كانت محض شجرة.. لا تثير في دواخلي أدنى خلجة من تلك الأحاسيس.. عندما أراها كاملة أثناء سيري في شارع هارون.. قبل أن أنحرف يسارا نحو بنايتي.. حيث درجت منذ مدة على ممارسة حياتي العادية بين جدران غرفة السطح المؤجرة.. وقد أحاطت بي من كل ناحية هوائيات الإرسال التلفزيوني مثل شواهد مقبرة مسيحية قديمة.

    كنت في بعض الأحيان أتوقف في شارع "هارون". أطيل النظر إليها من فوق رصيف الشارع الأسمنتي الصلب كخبير نبات. أتمعن فيها بروية.. باحثا جهدي كله عن سر تلك الأحاسيس.. التي ظلت تجتاحني كلما أبصرت فروعها العالية العالية... "من هناك".

    كذلك.. وعلى الدوام.. بدا الأمر لي من هذه الزاوية:

    مجرد شجرة (عادية).. تكاد تحتل الجانب الأيمن من واجهة البناية المجاورة.. وهي تشرئب بساق ضخمة.. فيما أفرعها الأكثر علوا تتهادى في ثباتها غير بعيد من أبواب الغرف الجانبية المفضية إلى بلكونات الطابق الرابع المحاطة بشبكة حديدية صدئة. على أن الأمر يختلف حقا حين أرنو إليها من هناك.. فأي سحر.. أية فتنة.. بل أي جمال غامر أجدني سابحا داخله وقتها!.

    ربما لهذا كنت أحرص في أيام الخميس على العودة قبل حلول ساعة الأصيل من جولاتي الغامضة في وسط المدينة. وكان ذلك وقتا يسمح دائما بدخول الحمام على عجل.. إعداد كوب من الشاي.. ثم الجلوس بحواسي كلها أمام غرفة السطح المؤجرة انتظارا لظهور الشجرة.. المتعة.

    بعد ثوان قليلة أشبه بدهر من اليأس والرجاء.. أبدأ في التململ.. متنفسا بصعوبة وبطء.. مرتعشا كمراهق على أعتاب القبلة الأولى.. بينما تنصب عيناي على نافذة موصدة في ظهر البناية المجاورة تقبع وراءها امرأة.. نافذة لا تفتح إلا نحو الساعة من كل أسبوع.. وكان ذلك في شهوره الأولى يثير حيرتي إلى حد بعيد.. قبل أن أتحول عنه تماما إلى معشوقتي.. الشجرة.

    كذلك.. لم يكن بوسعي - ساعة أن تعرض جارتي.. في أيام الخميس.. عن فتح نافذة غرفتها.. ما بين السابعة والثامنة مساءا (إذا كان الوقت صيفا).. أو الرابعة والخامسة (إذا كان الوقت في الشتاء) - رؤية الشجرة في فروعها العالية العالية.

    وأخيرا أرخي أذني لصرير رتاج النافذة.. وهو يتناهى كمطلع سمفونية عبر الفراغ القصير القائم بين البنايتين.. ولا تمضي إلا ثانية واحدة.. حتي تلوح ذرى راحتيها.. ثم ذراعاها.. وهما يدفعان ضلفتي الشيش الأزرق الباهت نحو جانبي الحائط في جلبة.. ولا أروع!.

    على هذا النحو.. كان وجه جارتي يطل على العالم.. ناظرا خطفا إلى أسفل.. أو إلى أعلى.. أو متلفتا يمنة ويسرة.. قبل أن يختفي داخل الشقة لأمر ما. إذ ذاك فقط.. أستأنف رحلة النظر.. عبر النافذة المشرعة للتو.. إلى باب غرفتها الجانبي المفتوح على البلكونة و... "مشهد الفروع العالية".

    هكذا.. حين أشاهدها من أمام غرفة السطح المؤجرة.. وهي تخربش في دلال منغم وجه السماء.. ثم تنثني سعيدة بعودة الطيور الصغيرة المتعبة.. يجتاحني حب جارف تجاه الله والكون والجارة.

    وأظل في تحديقي هذا.. غافرا لأعدائي ما قد تقدم أوتأخر.. إلى أن تطل ثانية.. وتغلق النافذة. لينفتح.. في قلبي.. مثل جرح غائر.. باب السؤال: "يا ترى.. هل سأشاهد الفروع.. بيت الطيور الصغيرة المتعبة.. مرة أخرى".

    "لو لا وجه الجارة.. غلق النافذة.. وإختفاء باب غرفتها الجانبي لمدى ستة أيام متصلة.. لما صار كل هذا الرواء الجميل". كنت أدخل السكينة إلى نفسي. وأخاف.. إذا تغيبت في مرة قادمة لأي سبب.. كأن يأخذني النوم خلسة أو يرسل الله مطره الغزير.. أن يكمل الزمن دورتيه.. ولا أراها.. وهي تميل سعيدة بعودة الطيور الصغيرة المتعبة.. قبل مرور ثلاثة عشر يوما بالتمام.

    أذكر.. في هذه اللحظة.. أن النافذة.. ومنذ أسابيع خلت.. ظلت موصدة في مساءات الخميس.. رغم أني لم أنم.. ورغم أن الله لم يرسل مطره الغزير... هذا الشتاء.

    (عدل بواسطة عبد الحميد البرنس on 06-06-2005, 05:59 PM)
    (عدل بواسطة عبد الحميد البرنس on 06-06-2005, 06:04 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-05-05, 11:11 PM
  Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. THE RAIN06-05-05, 11:37 PM
    Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. ابو جهينة06-06-05, 03:57 AM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. Alia awadelkareem06-06-05, 06:26 AM
        Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-06-05, 06:41 PM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-06-05, 04:39 PM
    Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-06-05, 09:58 AM
  Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عادل ابراهيم عبدالله06-06-05, 07:51 AM
    Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. banadieha06-06-05, 09:02 AM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. معتز تروتسكى06-06-05, 02:00 PM
        Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-07-05, 08:41 AM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. Muna Khugali06-06-05, 02:07 PM
        Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-07-05, 11:24 AM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-06-05, 10:44 PM
    Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-06-05, 07:09 PM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. إيمان أحمد06-06-05, 08:15 PM
        Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-07-05, 11:32 AM
  Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. مشتاق06-06-05, 06:00 PM
    Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-07-05, 11:36 AM
      Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. elsharief06-08-05, 09:13 PM
        Re: زاوية لرجل وحيد في بناية.. عبد الحميد البرنس06-09-05, 09:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de