|
دار فور ما بين مطرقة الأطماع و سندان الإهمال
|
مقال نقلا عن سودانايل--------- جدير بالقرأة
بسم الله الرحمن الرحيم
دار فور ما بين مطرقة الأطماع و سندان الإهمال
لوجود قبائل دار فور المعروفة أصول تاريخية معروفة و حدود و أراضي كل قبيلة منها أيضا معروفة ، و إن ناور البعض بأن من هم من أصول عربية أتوا مهاجرين من بلاد و اتجاهات معروفة ، فالقبائل الغير عربية بنطبق عليها نفس الشيء أتوا من اتجاهات معروفة و بطرق معروفة ، وذلك من كتاباتهم أنفسهم عن أصولهم و جذورهم . حتى الفور الذين سمي الإقليم باسمهم لم تكن حدود أراضيهم تمتد علي طول الإقليم بل كانت كل القبائل موجودة في مواقعها و حدودها الحالية في ظل سلطنة الفور حتى عهد آخر سلاطينها علي دينار . وكان أهلنا الرعاة في رحلة رعيهم يقولون ( سار العرب أو مدوا إلي دار فور ) أي ذهبوا بماشيتهم تجاه جبل مرة و ما حوله من أراضي عرفت و ما زالت أراضي فور.و كان الناس إما راعي و هم أغلبية القبائل العربية أو مزارع و هم أغلبية القبائل الغير عربية ، لكن هنالك قبائل رعوية غير العرب مثل القرعان و البديات و أهلنا الميدوب.و لم يكن أهلنا يزرعون ، ويحكي لي عمي آدم أنه كان عندما يأتي جدي بالغلة (الدخن ) و يسميه أهلنا العيش ، كان يسأله و قد كانت بالمنزل شجرة سيال كبيرة ما زالت باقية تقاوم الزمن يسأله (يا أبي هل شجر العيش قدر هذه الشجرة ) أي هل هي في حجم هذه السيالة ، و علي فكرة لم يكن ذلك من زمن يعيد فعمي ادوم ما يزال شابا في بداية الخمسينات من عمره .
علي مر السنين الطوال نظمت القبائل نفسها في أعراف تقاليد كانت تفوق قوة القانون ، و يمكن دار فور هي الإقليم الوحيد الذي يحتكم الناس فيه و تحل قضاياهم خاصة الحدية منها أهليا .و القبيلة في دار فور تختلف عنها في أي مكان و كذلك النظام القبلي .فكل من يأتي بفعل ينسب إلى قبيلته ، حتى في شجار الأطفال إن نتج عنه شج أو كسر أو إصابة لسن أو عين ..الخ فلكل حالة حكمها المتفق عليه . كانت الراكوبة هي النظام و الحكم ، أي يأتي أهل المعتدي و أهل المعتدي عليه يجلسون و يقررون في رضا و تسامح أن يتم العفو علي أن : ( علي أن تفرش راكوبة) أي أنه و لو بعد مائة عام اعتدي أحد من أبناء قبيلة المعتدي عليه علي أحد أبناء قبيلة المعتدي سيطبق نفس الحكم الأول العفو أو الغرامة و أسعار الماشية هي القياس . حتى في حالات القتل العمد أو الخطأ كان أهل القاتل يحضرون و يتقبلون العزاء مع أهل القتيل و يتحملون مصاريف العزاء و بعدها يجلس الأهل بقلوب صافية خالية من الأحقاد و العقد و الإسقاطات النفسية و يتفقون بأن فقدنا ابنا ولا يجب أن نفقد آخر . و كثيرا ما كانت حوادث القتل بداية تعارف و علاقات ما زالت عراها تمتد حتى الآن . لهذا كان بالضرورة انتماء أي فرد إلى قبيلة ما و يكون معروفا بأنه من مسؤولية العمدة فلان أو الشيخ فلان فلا وجود لهامل بين القبائل ، حتى في حال وجود أقلية ضمن أراضي قبيلة أخرى يجب أن يكون له ضامن من أفراد تلك القبيلة . هكذا كانت الحياة تسير آمنة مطمئن و جميلة و منظمة .
إذن مالذي حدث ، وكيف يمكن أن نصدق بأن تحدث إبادات جماعية بين من كانت هذه حياتهم بل و اغتصاب للنساء ، كيف و عرفنا يعيب أن يرفع الرجل يده علي المرأة ، فكيف يعتدي عليها . لذا قلنا أن هؤلاء المتمردين يجهلون تاريخ دار فور العظيم ومن الطبيعي أن يضربوا بكل القيم عرض الحائط .
فالينظر القارئ إلي خطابهم هل في كل ما يكتبون أو يقولون من المنطق في شيء : ( العالم كله يعلم ، العالم كله يدرك ، الحكومة تقتل المواطنين تغتصب النساء .. الخ ) . أيعقل هذا في حرب الجنوب التي استمرت لعشرين عاما لم نسمع باغتصاب النساء كسلاح في الحرب فلماذا تستخدمه الآن ؟ هل أتت الحكومة بجند من خارج الديار لا تهمهم الأعراف و التقاليد . جند الحركة هم من يفعل كل ذلك لان غالبيتهم مرتزقة غير سودانيين لذلك لا تهمهم الأعراف و لا التقاليد و لا الأعراض .
في وجود مثل هذا النظام الأهلي القبلي السابق ذكره إن خلصت النوايا و صدقت الأهداف يسهل توحيد الرأي و الكلمة و المواقف و كان يمكن أن تكون دار فور كلها معارضة . لكن المتمردين اثروا الانفراد بذلك، وسعوا لاستقطاب القبائل الغير عربية ( لأنهم أولي القربى علي حد تعبيرهم ) مستقصيين كل القبائل العربية بل صار استهدافهم لها صريحا علنيا . فلماذا كان إقصاء العرب ؟ أليس لديهم رجالا يقاتلون ؟ و إن سلمنا بأن الحكومة ( ضحكت عليهم أو باعتهم ) لما لم تسبقها الحركة في ذلك لما لا تدفع لهم ليقاتلوا إلي جانبها . ثم ما الذي يدفع بالعرب ليقاتلوا المعارضة و هم جل اهتمامهم ماشيتهم و مرعاها ؟ أين أهل البادية من خبث السياسة و السياسيين ؟ متي و أين بداء قتال العرب للمتمردين ؟ قد تم زجهم عنوة ، ففي كل الحالات كانوا مدافعين صادين لهجوم المتمردين (توروبورو) عليهم.
فعندما تم الاعتداء علي الكومة الأسبوع المنصرم و هم ما زالوا حولها مصرين علي دخولها في تحد واضح و استفزاز صريح لأهلها حتى اللحظة ، دافع عنها أهلها و ما زالوا مرابطين علي ثغورها . لكن في غياب الحكومة و عدم جديتها في القضاء علي التمرد و تخليها عن مسؤولياتها تجاه مواطنيها استجمع المتمردين قواهم و أتاهم المدد تلو الآخر ليدخلوا أبو قو مرة أخرى و يتخذوها معسكرا لهم و الكومة أيضا هي الهدف فهؤلاء قوم أخذتهم العزة بالإثم ، لكن بعد الطالب و المطلوب.
السؤال هو أين الحكومة ؟ و أين 4ألف شرطي نشرتها في دار فور لحفظ الأمن و حماية المواطن و قوات التمرد يعيثون فيها فسادا : يقطعون الطريق ينهبون المواطن ولا يكتفون بسلب ماله بل يمارسون شتي أنواع الإهانات و الاستفزازات و من أخذته النخوة قتلوه كما الهوام ، يفرضون رسوما علي الشاحنات و إن أعجبتهم شحنة صادروها ربما و العربة التي تحملها ، يتحكمون في ناقلات الركاب : البص الفلاني مسموح له بالسفر غيره لا !
ليس للعرب مصلحة ولا علاقة لهم بالحكومة وهم لا يدافعون عنها بل تم زجهم عنوة بواسطة التمرد لإغراض صارت واضحة للجميع . أفراد الحركتين هم من لهم كل الصلة بالحكومة منذ وصولها إلى الحكم . فقادتهم ربتهم الإنقاذ و قد شاركوها في أخذ السلطة بأي وسيلة كانت ، و الآن بعد أن اختلفوا معها و هي التي ربيهم و رعتهم زمانا آلآن أدركوا أنها أخذت السلطة بالقوة . ءآلآن أدركوا أنها حكومة لا تفهم إلا لغة السلاح ! ءآلآن عرفوا أنها سلطة غير شرعية ؟!! حسن الترابي الأب الشرعي لحركة العدل و المساواة ! و خطيبها و مشرعها هو أيضا ابو الإنقاذ لكن من أم أخرى . و نحن ما بين مطرقة هذا و سندان ذاك ندفع الثمن للأسف شبابا و رجالا لا يقدرون بثمن و المطرقة من أبناء دار فور و السندان منهم أيضا و وا أسفاه علي ما يخرج من طحن.
سمية زريبة – جامعة نيالا
الأربعاء 1/12/2004
|
|
|
|
|
|
|
|
|