|
أستضيء باللانهائي
|
مدخل إلى بهو الصومعة : للشاعر الإيطالي المعروف ( أونفرتي ) ديوان شعر بإسم ( حياة الإنسان ) ، و من ضمن القصائد التي بالديوان توجد قصيدة مكونة من كلمتين فقط ،،،... هما : أستضيء باللانهائي .
أغْضَبَها ما إعتبرته هي جفوة منه .. أو تناسٍ .. فوقفتْ بعيدا كمن يخاصم القمر و لكنه يستضيء بنوره .. أو كمن يعطي ظهره للزهرة .. و لكنه يتنسم عبقها و يستحضر رونق ألوانها و ملمسها الحرير .. يعرف في قرارة نفسه أنها تحبه و تبادله شعورا ينساب رقراقا عبر كيانه .. فكتب إليها :
وأنا أحاول أن أزيح سؤ الفهم الذي أصابك من كلماتي الجزِعة و التي إنطلقت بلهفة الخائف على قبس النور الذي أضاء عتمة روحه .. و أنا أحاول أن أجرف كتل الجليد المتراكم جراء كلماتي التي عجَّلَتْ بالشتاء و أنا الذي لم أصدق بأن دفء حضورك قد سرى في أوصالي... أحاول مستميتا أن أعيد الإمساك بما يخصني من ذاك السحر المقيم ... حتى وإن ابيتِ و نفضتِ جناحيك من قطراتي المتهالكة و قررتِ التحليق بعيدا... ( أيطاوعك قلبك ؟ ) .. أحاول أن أرتمي على مؤخرة عربة هذا الذي يخصني بحميمية لم أعهدها من قبل .. أنزلق معها على طريقك .. أمرمغ فيه وجهي بل كل جسدي .. ترتطم رأسي بكل صخوره و نتوءاته .. لا يهم .. فالمهم أن أصل ..
وإن كنتُ أجد لكِ عذرا في أنك أسأتِ فهمي تماما .. فإنني لا أجد لك العذر في عدم المحاولة .. واكتفائك بالانزواء بعيدا .. و كأنني خيال تراءى ثم توارى ..
أنا لا أترك أشيائي بهذه السهولة و هذا الإستسلام .. عفوا ...هي ليست بأشياء ... لكنها حزمة من قناعاتي وأحاسيسي ويقيني بما أصابني منكِ من فرح أؤمن تماما بأنه لي .. مِلْكي .. و ليس بشئ عابر فقط ... فرح أملكه تماما حتى تغلغل في خلايا دمي فأكَْْسَده و أخرج مني كل سموم الحزن القديم ..
كنت أعلمه من أولى اللحظات التي كنتُ أتابعك فيها خفية و خلسة ... كنت أعلم أن وراء الأكمة ما وراءها .. لكني لم أكن أثق في أنني أستحقه .. ( فقد كان الفرح أكبر من أن يستوعبه قلبٌ أدمن الحزن النبيل ) .. لم أحسبني أستطيع إحتماله ( فقد تقطعتْ بقلبي سبل الإحتمال و الجَلَد ) .. كنت أخاف أن أمسك به بقوة ( فأنا أوهن من أستنجد بقوتي و عزمي ) .. كنت أخاف أن تتملكني هداوة البال وأعود و لا شئ معي غير ضجيج الكيان و خواء الروح ... ( و ما أشد قسوة صفير الريح في روح تقف خاوية بعد إمتلاءها بوهج نور كان يملأ الأركان ألقا ... و يزلزل جنباتها السكون بعد دندنة كانت تحدد ملامح الكون و تعطي الطيف ألوانه ) .. قبلِك .. لم يكن هناك فرق .. ( فقد تساوت عندي ظلمات خيبات الأمل و بروق الرجاء التي تومض من حين لآخر ) .. أما بعدك .. بعد أن تجعلينني أتلمسك هكذا ؟ .. فستكون نهايتي حتما .... ( أحقا تريدين ذلك ؟ لا أصدق ) .. وأنا عقدتي تكمن في إثنتين .... الخوف .. و الألم ... الخوف من إحباط مَرَدٌه إحساس خائب .. و ألم يعتصر الفؤاد من مشاعر تنطلق من أعمق أعماق الروح فتعود كرجع الصدى و لكن بصوت مختلف .. صوت ليس فيه مقامات الصوت الآتي .. يرجع نشازا لا حياة فيه .. لكنني ما زلت أمسك بك هنا و بقوة .. و رغما عني لا أستطيع الفكاك .. فنسيج العشق أعْقَدُ من أن أجلس محاولا فك إرتباط خيوطه المتشابكة كدروب المتاهة .. بالرغم من أنني حاولت أن أخبرك بكل ما ينتابني من خوف غير مبرر ومن لحظات توتر لا سبب لها و قلق ينتابني من نسمة فرح عابر .. ولحظات يصيبني العمى فيها و تتوق بصيرتي إلى عتمة الألوان التي أدمنتها طويلا... كل هذا ... عايشتيه و عرفتِ معناه .. و ألِفْتيه واقعا معاشا و قدرا آتٍ لا محالة و تولدتْ لديك قناعة بأن ( تكشيرة المحبوب بسمة ) .. و حكيت لك عن هذه الكوامن كثيرا ... وقلت لك بأن خوفي عظيم من أن لا يحتملني أحد في لحظة يغلب عليها سوء الفهم .. فذلك يرقد غصة في حلقي و أرقا و سهادا يلازمان ليلي .. أنا الآن بعد أن شفيت قليلا من ضعف أصابني من قسوتك و جفوتك ... أملك حقيقتين .... أولاهما أن ظلمك لي لا بد أن يكشفه الله لك يوما ما ... ( و سأنتظر ذاك اليوم و إن طال الأمد ... ) .. والثاني هو أمر خاص بي ... لا أدرك تماما كنهه .. و لكنني أثق به في دواخلي شيئا يثبت أركاني كاليقين .. أتحدى بهاتين الحقيقتين كل ضعفي وأقاوم بهما حزني ... و أطاول بهما إرهاصات إحباطٍ يتربص بي من كل جانب .. و أكابر بهما إحساس بضعضعة في بنيان كان قد إرتفع سامقا و شاهقا .. كنت أود أن أكون هناك شيئا أصيلا و حقيقيا في حياتك .. بل كنت أطمح في ذلك.. نعم .. جاءت كلمات ( حاجتي ) السامية في ثوب سئ لا يشبهها .. فأنزعي ثوبها و تحققي من جسد حاجتي الطاهر ظاهرا و باطنا .. فطِيبُ المِسْكِ مسكنه لا يليق به فتغلَّب عبقه على محتواه..
كنت أطلب أن تصارحيني بما وجدتيه بعد أن ذهبتِ و أختليتِ بنفسك طويلا.. كنت أريد أن أتأكد بانك كنتِ حقيقة ولست وهما أو حلم يقظة ..
وانا حدثتك عن خوفي مني عليكِ.. وعن يقيني بك في خضم شكي بنفسي .. و كُفْري بمارد قد ينطلق من قمقمه فيدوس في إندفاعه براعم قد لا يراها في خضم إكتساحه هذا البستان اليانع بعد أن عاش منسيا في عتمور أجدب .. وقلت لي افعل ما شئتَ ... و خذني إليك كما تشاء و كيفما تشاء .. فلماذا عندما فعلت انا .. هربت انت ؟ ما زال لدي الكثير من الاشواك المغروزة في روحي ... كنت أود ان تنزعيها عني جميعا أو على الأقل تساعدينني على إنتزاعها ؟ افكر أحيانا أنه بقدر غضبك هذا كان لي قصر من بلور في جنتك .. تنزهت في مرمر مسالكه و ممراته .. و أطلَلْت على الدنيا من شرفاته .. و نصبتُ نفسي سلطانا على رعاياه و تهاديت بخيلاء بين ردهاته و قبابه ... أنا ما زلت أنتظر تأشيرة بالعودة إلى ما هو لي ... وفقط : لو تذكرين أو كما تعلمين ... أنا كائن يحترف الصدق ... و يمتهن العفوية ... و يمارس العفاف .. ولا يخطئ مكان عشقه ... و يصيبه بسهم نافذ .. سديد الرمية .. نافذ النصل .. أنتِ هنا الآن .. رغم بُعْد الشُقة .. هنا بقربي أكاد أحس بحرارة زفراتك .. وأنا أنتظر .. أستضيء باللانهائي ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-11-04, 09:57 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | سجيمان | 11-11-04, 10:06 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | malik_aljack | 11-11-04, 10:24 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-11-04, 03:11 PM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-11-04, 03:20 PM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-12-04, 04:25 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-13-04, 02:16 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | معتز تروتسكى | 11-13-04, 07:36 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-13-04, 01:56 PM |
Re: أستضيء باللانهائي | Raja | 11-13-04, 02:02 PM |
Re: أستضيء باللانهائي | Rawia | 11-13-04, 07:39 PM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-14-04, 03:08 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-14-04, 03:10 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ود الشيخ | 11-14-04, 03:18 AM |
Re: أستضيء باللانهائي | ابو جهينة | 11-14-04, 05:51 AM |
|
|
|