ثورة الفحول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 05:57 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-09-2004, 09:38 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثورة الفحول

    الي جميع الفحول في كل اركان الوطن الحبيب. ارجو قراءه كل النصوص قبل الرد:

    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان

    Quote: بين الجنجويد وحركة تحرير السودان
    عبد المنعم سليمان
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 916 - 2004 / 8 / 5


    لم يتصور احد أن تنحرف المسالة في دارفور إلى هذا المنحى . ولم أتصور أن الأمر قد يتطور في دارفور إلى هذه المرحلة الخطيرة في سيرها في الطريق المعاكس.

    المنحى أن تنحرف المسالة من ثورة حقوق عامة إلى تناحرات قبلية محدودة الأهداف والأثر. واعني بالمرحلة تلك التي يظهر فيها وزراء حكوميين وولاة بالسودان علانية، وفي التلفزيون الحكومي بالخرطوم ليتحدثوا عن خفايا وأسرار الصراع الدائر بدارفور. لكن من زوايا عرقية. وبإحساس عنصري . و يعلن مسئول وقيادي في حركة- طالما صرخت نافرة الأحادية والجهوية- في فضائية عربية نواياه وإحساسه تجاه العناصر المعادية له.

    الانحراف يشرحه المعادلة المتباينة بين مليشيا الجانجويد ومليشيا حركة تحرير السودان . والمرحلة يتحدث فيها السيد عبد الله مسار (الأمين العام لكيان التجمع العربي). و السيد محجوب حسين من (دولة الزغاوة الكبرى)‘أو تجمع الزرقة

    كما يعلن كل منهما عن الأخر. وتتحدى كل جهة الأخرى.

    لم يجهل احد أن جزء من طبيعة الصراع في قضية دارفور ذا بعد عرقي . وتلك امتداد لنزاع بين بعض القبائل في المنطقة . وصراع بعضها حول الموارد. للخلفيات الاثنية المتباينة بين المجمعات القبلية عامل معتبر. وهي سمة غالبة ليس دارفور بدعا عن كل المجتمعات المتباينة وقتما يقدر الله لها بالعيش سويا . لكن الحل كان في القانون العرفي . وخضوع الجميع لسيادة القانون. لكن الإسلام الحنيف كان العامل الأكبر في العيش بأمن وسلام .والدين قاسم مشترك للوحدة واحترام الآخر بشرا ادميا. ومكرمة الإنسان من كل إنسان . وحب الخير للناس عامة صفة اختصت بها شعب دارفور قرن لقرن تتاليا. وذالك ما مكنت العناصر جميعها من العيش في اتصال وتفاهم ودام عبر الزمن.

    وان التهميش والظلم والاستقصاء والاستغلال الذي مارستها أنظمة حكم الشمال كانت حالة عامة واقعة على الناس كافة في دارفور عربيهم وغير عربي كما هو الحال في كل السودان من غير الشمال.

    حكومة الخرطوم اليوم خاصة . والأنظمة الشمالية ذات التوجهات العروبية من لدن حلفاءهما الانكليز عامة. هي التي سعت لخلق الفتن بين كل عناصر الوطن المتباينة عرقا وثقافة ودينا. واجتهدت في إحياء عصبيات في غني عنها ويمكن الحياة بدونها . ولازمت في إزكاءها لتجني من ذلك العمل الخبيث الولاء لها و التأييد. و إطالة عمر- لا أمد الله لها فيه- . نموذج حكومة البشير ذات العقد ونصف عام واضح للعالمين .

    وكان يمكن كما ولا يزال حتى ألان أن تصل تلك العناصر المتناحرة والمتقاتلة –غفلة ظلما- إلى حلول لتلك الجوانب من القضية. وتسوية لما (انخرم) من الوحدة . ضمانا لتكاملها في ثورة قومية إقليمية ذات توجهات عدلية ورؤى مستقبلية . تعذر الماضي وتعمل للمستقبل.

    لكن ذلك الجانب من الحل هو الذي يمقته نظام الخرطوم . ويتحاشاه ما عاشت. ولذالك ما تزال تمخر بأياديها المتسخة في الصراع . لتبقيه فتنة قبلية جاهلية نتنة . لا يعنيها في ذالك ولو مات الناس جميعا أو نزحوا عن أوطانهم إلى الأبد.

    الجانجويد الجناح العسكري لكيان التجمع العربي.

    فقد تبنت حكومة الخرطوم بفهمها وانتمائها اللاسوداني أفكار بعض تلك المجموعات العربية أو ذات الأصول العربية في دارفور . بما تحمل تلك العناصر من إستراتيجيات عنصرية كالحة. و(مواهيم) مضمنة في برنامج (كيان التجمع العربي العنصري ) والذي يسعى إلى حلم استعراب الواقع الدار فوري خاصة والسوداني عامة . وأجندتها استئصال العناصر الإفريقية أو ذات الأصول الإفريقية وعلى رأسها (الراطنين) من القبائل اللهجة مثل (الفور والزغاوة والمساليت وما يلهم .

    وليست ثمة حدود دولية لذالك الكيان . وإنها رسالة مقدسة للقومية العربية في التماس. وقد بدا ذلك المخطط منذ السبعينيات من القرن الماضي وبدعم سخي من الدول العربية . وكانت الشمالية ذات التوجهات العروبية على دراية و مباركة وتأيد . ومشاركة، ولكن وفق برامج وأفكار كل منها. تتباين الأمة عن الاتحادي وتختلف اليسار عن اليمن وصلا إلى قرن الجبهة الإسلامية القومية. يتفق في ذالك مدنيين إلى عسكر .

    (الجنجويد) هو الجناح العسكري لكيان التجمع العربي . ليضعون الخطط الإستراتيجية على ارض الواقع . ولا يخفى على احد دعم النظام الحالي وعناصره لتلك العناصر المتعطشة للدماء. وتمكينهم وزراء وولاة ومسؤوليين كبار في الحكومة والدولة. وممارسة هواية التحريض والتجنيد. وتنظيف العناصر الأخرى عن مؤسسات الدولة بطردهم أو سجنهم أو إرسالهم إلى الآخرة.

    الزغاوة في جيش التحرير

    وبالمقابل فان الكتلة السوداء ( تجمع الزرقة العنصري أيضا ) وهو التجمع المناظر للتجمع العربي والذي يقوده الزغاوة والقبائل الراطنة. فقد نُظم استراتيجيا أو جاء ردة فعل للعروبيين .قوة مساوي لهم في المقدار ومضاد في الاتجاه وفق المعادلة الفيزيائي.

    ولا اعتقد أن العناصر التي تسمى أو تسمي نفسها بالزرقة أو (الراطنين) أو (النواب ) بفهم العروبيين - من غير الزغاوة كانت على علم واشتراك في التخطيط لما يدور في دارفور .

    وكما يقول (وثائق قريش ) الصادر عن التجمع العربي أن كتلة أبناء الزغاوة قد بدا من أول السبعين من القرن الماضي في تخطيط منظم ومدروس. تستهدف في الأصل القبائل ذات الأصول العربية . كقسمي الرزيقات في الشمال والجنوب والبني هلبة وغيرهم (أبناء قريش ). وتستهدف أيضا القبائل الإفريقية غير اللاهجة أو المتحدثة بالعربية كالبرتي و القمر والبرقد وغيرهم . وهو مخطط يبدأ بتمكنها من دولة تشاد -وقد وصلت إليها- وتمكينها من أسباب الثروة – ود جنتها من النهب وسلب. ثم تنتشر لتحرر دارفور وجزء من إفريقيا الوسطى.ثم تعلن (إسرائيل جديدة ) في إفريقيا وهو ( كيان دولة الزغاوة الكبرى). ولا يتم ذلك إلا بالاستيلاء على أراضي العناصر العربية وغير العربية . أو استئصالها ما أمكنها من الوجود وفق سياسية الصهاينة في فلسطين. وكانت لتلك المخططات مراحل . وقد انتهت حتى اليوم الجزء الأكبر منها.

    وحركة تحرير دارفور ولاحقا حركة/جيش تحرير السودان هو الجناح العسكري لكيان دولة الزغاوة الكبرى ويمكن أن نطلق عليها (حركة تحرير الزغاوة ) . ولا يخفى على احد يد دولة تشاد -التي يحكمها الزغاوة - ورئيسها شخصيا في خلق كيان جيش التحرير ذات الأبعاد العنصرية في دارفور . ولا تزال ومنذ تأسيسها ومدها بكل ما تحتاج إليها من مقاتلين وارض ودعم مالي ولوجستي وسعي للاعتراف بها كمعارضة رسمية عن أهل دارفور لا تزال دولة تشاد راعية لهذا الجسم وان بدا سرا فقد علم العدو والصديق ، ورآه الأعمى

    وحتى وإن ضمت إليها عناصر أخرى (راطنة) من العرقيات كالفور والمساليت أو ساندتها . وحتى ولو روجت لفكرة التجمع العربي المضاد لها وسط (الزرقة كما يسمون أو النواب العبيد كما يطلقه التجمع العربي ) .وحتى لو اعترفت بها قوى معرضة معتبرة . لا يجعل ذالك كله من حركة تحرير السودان غير أنها الطرف المناظر للجانجويد (المتبربريين كما يسمهم التحرير ) جيش التجمع العربي . وبالصورة التي ظهرت بها . وبأدلة موثقة .

    كل منهما أي التجمع العربي وحركة التحرير وفق تلك النظرات والتحليل يصبح جسم غير مؤهل للاستمرار و غير صالح للبقاء.

    مصادر تلك المعلومات باستثناء المنظور منها يروجها الطرفان العنصريان عن بعضهما البعض سرا وعلانية. في دلالة واضحة إلى تقسيم مسبق لدارفور بين تلك العناصر (الزغاوة) و(عرب قريش) وما تغافل بينهما تابعا .

    فكر همجي وهم الأصل

    ما زالت المحاولات مستمرة لنشر لتعميم الفكرة والمساندة في كافة السودان. واستدعاء عصبية الوطن العربي واستدرار شفقة القارة الافريقيا للاشتراك كل لما يليه.

    ويمكن لكل عاقل أن يتصور الفكرة ويرسم النتائج. لا يمكن أن يتصور عاقل صاحيا كيف يمكن تنفيذ تلك المشاريع الهمجية من جماعات همجية. تشبعهم روح العنصرية والكراهية تجاه بعضهما البعض. وتتحكم فيهم الجهل والتخلف وعدم ادرك جيد لواقع الحياة . وانعزال تام عن طبيعة التطور في عالم اليوم.

    ولا اعتقد أن المثقفين والمتعلمين من أبناء تلك العناصر ،وبما أوعطوا من حكمة وعقل . قد يتفق لدى احدهم-أو لمجرد تفكير في مثل تلك المشاريع الواهمة الحالمة. واني على يقين بأن العقلاء منهم ليسوا طرفا في الأمر. فقط أؤلئك الرعاع ذوا الثقافة والتعليم والأفق المحدود . والأموال السايبة.ومنهم على سبيل المثال لا حصر:قادة التحرير، وأشياخ الجانجويد . ومن استن بسنتهم واتبع ضلالتهم و سار على دربهم إلى يوم الدين. وليس الكل وهذا ما يجعلني اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    ولا أظن أن العناصر الأخرى بدارفور البالغ تعدادها 120 عرقية أو قبيلة . أو 36 مجموعة عرقية ، مثقفيها والمتعلمين منها . والمهتمين بالشأن. على اتفاق بما يحصل في دارفور . أو وفاق لهذا المنحى والانحراف. أو سكوت صما عما يدور .أو تنظيم أنفسهم في (حركة مكتوفي الأيدي ومكممي الأفواه). والساكت عن الحق شيطان اخرس .

    ولا يعتقد إنسان -غيور وطني يرفض الظلم- أن تصل القضية في دارفور على النحو الذي سلف . أو يتصور أن بتلك الطريقة يمكن تداوي جرح الوطن أو أن يصل الليل إلى نهار.

    ما هي الميزة الحسنة التي تتمتع بها قبيلة أو مجموعة عرقية دون سواها من القبائل والمجموعات العرقية الأخرى؟ وما هي الخصلة التي خص لله بها مجموعة وحدها خالصة لنفسها من دون غيرها مما تجعل العرقيات الأخرى أو القبائل الأخرى تحسدها عليها وترى فيها عداوة ؟.

    إن الناس لأدم وادم من تراب.

    ولا تزال دارفور دون سواها لا أفضلية لقبيلة على غيرها في اللون و اللون والعرقية والانتماء والتاريخ والجغرافية . ولا فرق لعربي على غير عربي . وكذبت من ادعت غير ذالك.

    إن الناس ولدوا أحرارا

    في ايطار فهمي عن حرية الإنسان وحقه في الحياة إنني اقر أن من حق (الزغاوة) أن تحلم وتفكر كما يحل لها وكما يشاء لها القدر .كما لغيرها الحق مثل ذالك . ولها الحق في أن تسعى لتحقيق حلمها وفق خصوصيتها . لكن بشرط أن لا يضر ذالك بحلم الأخريين ويمس حق الغير. والأرض واسعة للأحلام كما وسعت للحياة .

    وفي ايطار فهمي للحرية منحة لكل إنسان وحق كل حي في الحياة الدنيا .إنني أؤمن بأنه لا يحق لأحد أي كان، أن يحرم احد من حقه في الحياة الدنيا في التفكير والاعتقاد والتنظيم وبعزة وكرامة .شريطة أن لا يحرم ذلك الأخريين من حقهم في التفكير و والاعتقاد والتنظيم لصالح حياتهم.

    وان كل ما أقوله منصف لكل إنسان إلا انه بديهي. ولا يضرني من رفض واستنكف عن الحرية والحق واستشاطة قولي . وهل كانت الزغاوة إلا قبيلة واحدة؟ . وهل كانت الرزيقات إلا قبيلة أو ثنتين ؟. ومتى كانت القبيلة الواحدة أو الكيان الواحد رأيا أو فكرة أن تفرض نفسها ورؤاها وأفكارها وتنظيماتها على الأخريين من أمثالها ؟ لعلى تلك حظوة مضت في القرون الوسطى؟

    وما كانت قيس بأفضل من وائل . ولا تبكي الأرض ولا السماء لقيس أو وائل أن بقيت أو غادرت. وما زلت اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    وهل عرفت الزغاوة لدى غيرها من العرقيات بصفة غير ما عرفت عنها في دارفور أو تشاد غير صفة النهب والسلب وقطع الطريق وإخافة الآمن . والعصبية والغدر. وهل عرفت (الابالة) أو (المستعربين) أو الأعراب) أو في (التجمع العربي).عنهم دون غيرهم من العالمين صفة أفضل من الانطوائية والخيانة والعنصرية وفظاظة القلب وحرق الأحياء.

    تلك صورة عامة بمخيلة الأخريين بدارفور ويعلمها غيرهم إن ظن (التجمع العربي أو كيان الزغاوة) أنهما في الحياة . لكني لا أزال اعتقد أن كل مجتمع يحوي صالحين وطالحين مما يجعلني أنصف أن الزغاوة وحدها لم تخلق لتمارس النهب والسلب وقطع الطريق الآمن . صفات مارسها كل مجرم من كل قبيلة .واجزم أن العنجهية والخيانة والغدر صفات تنتشر وسط كل المجتمعات التي تستضيف الإجرام على مد الأرض.

    هذا ما يجعلني اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    الثورات أفكار ومفاهيم

    إن الحركات أفكار ومفاهيم وأراء، تنتظم جماعة من البشر في ثورة ممتدة حول الفكرة أو المفهوم أو الرأي . ينساب إليها كل من اتفقت معه الفكرة أو المفهوم أو الرأي. بصرف النظر عن انتماء ه العرقي أو الجهوي أو الجنس أو اللون . وتلك سمة حركات التحرر والثورات الفاضلة تجمع كل الفاضلين أو بعضهم لتقود الناس عامة إلى مجتمع الصلاح والفضيلة. ومحاولات معبرة عن إرادة الشعوب ونادر جدا ما فشلت في تحيقي أهدافها.

    كل منا يميز بين العرقية والحركة، وعبر العصور ظلت القبيلة هو ذالك الكيان الاجتماعي الذي يشعر الفرد بالانتماء إليها. ويجتمع الأفراد تحت مظلتها بصلة الدم والرحم . حتى لو اختلفت آراءهم أو تباينت مفاهيمهم وأفكارهم السياسة وأحاسيسهم

    . وما كانت قبيلة بأفضل من أخرى.حتى تنصب من نفسها ملكة للآخرين ومسيرة لهم مهما كانت أصولها أو كثرت عددها. وما خلق الله بشرا أحسن وارقي وأنقى دما من بشر. مهما اختلفت ألوانهم وأحجامهم وأوزانهم وأطوالهم.

    إن الظلم والتهميش الذي يضرب بأراض دارفور والغرب السوداني عامة لم تخص قبيلة دون أخرى أو جماعة دون أخرى للونها أو لغتها أو لطول قامة أفرادها أو قصرهم .حتى تنفرد بعضها بالمطالبة دون غيرها أو باسم غيرها. وتلك حالة بدأت منذ قرن نتيجة للمواقف الوطنية لأهل غرب السودان من لدن كرري وأم دبيكرات ومعارك سيلي.

    أن العدو بيّن وواضح للجميع. وان القضية واضحة ومن حق الجميع أن ينتصر لحقه. ويستقيم الأمر بالمقومين.ولا يمكن أن يقوم اعوج يشكو اعوجاجا . والذي يسعى لتحرير السودان من حكم الشمال القبلي أولى به أن يكون قوميا لا قبليا.

    وبعد :خطورة المرحلة

    إن مثل تلك المخططات والأجندة. والتي يتحدث عنه والي (الجيلي – أبو حمد) المدعو مسار عن طائفة (التجمع العربي ). سياسة تخدم بالمقام الأول الخطط الاستعمارية للنظام. مستخدمة فيها العناصر التي انحازت من دارفور إلى نظام الخرطوم خوفا أو طمعا أو جهلا أو غفلة بعلم ووعي أو دون علم ووعي - وما كانت قبائل بحالها-. ولان نظام لا يختار إلى جانبه من دارفور من كان ذا ضمير أو إرادة.

    وان مثل تلك الأجندة والمخططات التي حملتها حركة تحرير السودان عابرة بها الحدود.وتروجها في المحافل الدولية والاقلمية . لا يخدم في المقام الأول إلا نظام الخرطوم . وحركة تحرير السودان بأفكارها وأعمالها تقدم لنظام الخرطوم أكثر مما يستحق. و أفضل خدمة يقدمه عدو لعدوه وبالمجان .

    إذ ما دخل حكومة الخرطوم (أو عصابة حكم الشمال المستبد ) في حكاية بين الغرابة ( عرب أبناء التعايشى أو أحفاد على دينار وسليل المحارب سالم أبو حواء ؟ . وما دخل نظام الخرطوم حين يتعلق الأمر بأحفاد إدريس بكر أو أبناء بحر الدين أو المادبوا ؟

    إن كل ما يدور من خلافات واتهامات وسباب في دارفور تبقى بين (الغرابة ) أو أبناء الغرب فقط في نظر النظام ومن سلف ومن خلف.

    والغربة في تعريف الشمال هم اولاءك الهمج الذين لا يتفقون على شان. والنظام يسعى للتفريق بين أي تجمع عرقي حتى - أو سياسي أو اجتماعي تعرف الحق وتسعى لنيله. مستخدمة في ذالك كل ما تملك من مال. وضمير خرب. وكل ارث في الدناءة. ذالك شان الأنظمة الخبيثة . و ديدن حكم الالجاركية.

    وبعد :

    الذي أريد أن يعرف الجميع رد ثلاثة أسئلة مهم جدا.

    . هو ما سر تلك العلاقة الغريبة بين حركة تحرير السودان (صنع في تشاد) ومن (زغاوة) .وبين حركة العدالة والمساواة (صنع في جبل مرة) ومن(السودانيين المهمشين)؟ .

    . ما هو موقف العدالة والمساواة -وهي حركة تضم عناصرها من كل أبناء السودان المهمش وقبائل دارفور - مما يخططه النظام ويظهره في إعلامها . وما رسالتها إلي شعب دارفور المنتظر والمنهار والى الشعب السوداني عامة ؟ أم أنها عجزت أن تنتج خيرا بعد أطروحتها المقدسة ( الكتاب الأسود) ؟

    . وما موقف السادة المثقفين والمتعلمين- حتى بالشهادات- من أبناء دارفور الذين يؤمنون بميلاد دولة ديمقراطية تؤمن بالمساواة وحقوق الإنسان وحرية كل فرد في الحياة بكرامة دون المساس بحقوق الأخريين ؟

    ليس هناك من ينتظر ردا من النظام . ومن لم يجيب فسيستمر ندائي من مالطا.



    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان ايضا:
    Quote: الجزء الأول

    عبد المنعم سلمان

    [email protected]



    ثمة شرطان أساسيان يكبلان إنسان غرب السودان والدارفوري بصفة خاصة ، ويشعرانه بالذل والهوان ويقهرنه على تبعة الشمال ، ويحملانه على قبول التميز العنصري في حياته.

    الأول : دخول حملات الاستعمار الأجنبي من الشمال وما يحمل من أسبقية التعليم والمعرفة المتحضرة لإنسان.

    والثاني : ارتباط الشمال باللغة والثقافة العربيتين وارتباط الأخيرين بدورهما بالدين الإسلامي .



    مفهوم أسبقية التعليم لدى الشمال في الشرط الأول يعني وجود حالة من الجهل والفقر المعرفي لدى غير الشمال ولا سيما غرب السودان.هذا إذا قبلنا جدلا أن الاستعمار جالب للخير والمعرفة والحضارة أو الاستعمار يكون شر لا بد منه.

    وقوع الأراضي السودانية في الشمال المتاخمة للحدود العربية - بصرف النظر عن العناصر القاطنة - ساعدت في تبعية مجتمع شمال السودان للمجتمع العربي واكسبها صفات عروبية ، وغدا الشمال جزء من المشرق العربي ثقافة ولغة وانتماء ،ولكن ليس السودان كله. ولم تكن العلاقة بينهما على درجة من الندية والتساوي. فقد كان المشرق العربي مستقل و الشمال السوداني تابع ويتبع للمشرق ما يتبع للشمال.

    ارتباط الدين الإسلامي بالعروبة في الشرط الثاني ولد مودة وإلفه بين أهل أفريقيا والعرب عموما ، ولكن تلك ألإلفه الروحية في السودان أخذت منحى آخر وخاصة في علاقة الشمال النيل بأتباعهم في غرب السودان. فقد وظفتها العناصر الشمالية (و نسميهم الجلابة) طوقا للحماية ، واستطاع الشمالية أن تشكل من العربية والإسلام سور للمحافظة على ممارسة طبيعتها وفق الصفات الإنسانية الرزيلة التي جبلت عليها .وغدت العروبة والإسلام شيء واحد مع الشمالي في التعريف لدي السودانين من هذا الصنف ، وأي نقد للأخير يعني الخروج على الأول ومن الثاني.

    الشمال هش ومحدود

    مع أن الشمال السوداني المتفوق معرفة وسابق التعليم هش البنية ومحدود الثقافة بدليل أن أسبقيته لم يمكنه من خلق أسلوب علمي حضاري للقيادة والعبور بالسودان ذو الجهات المتعددة إلى مصافي التقدم والرقي الديمقراطي الذي يكتب عندها للدولة الاستقرار والسلام ، لكنه ظل سورا قويا أمام طموحات أهل الغرب ، مثل تشكيله زخما أمام طموح شعب السودان.

    وكانت فرصة لو أتحيت لغير قوم مشحونين بمفاهيم التفوق العرقي والعنصرية والكراهية لما تأخر بلد كالسودان خمس عقود، عاشها فقرا وجهلا ومرض.

    ودليل محدودية ثقافة الشمال أن جل الإنتاج الأدبي والفني وثيق الارتباط بالمشرق العربي مثلا ، لم يعبر حتى عن الشمال نفسه فضلا عن انه عجز استيعاب المكون الثقافي لشعب السودان في الأدب والفن ، كما هو في السياسة والاجتماع .

    ولعل الروائي الشمالي الطيب صالح غير من يصلح كدليل لمعالجة نقدنا لتوابع الشرط الأول ، لقد عبر الروائي الشمالي المهاجر في رواياته (موسم الهجرة إلى الشمال ، ومريود ) عن التكوين الطبيعي للإنسان الشمالي بشفافية ودقة: الشهوانية ، والسعي في اقتطاف المسرات الأرضية ، انعدم القيم الإنسانية و المبادئ السماوية ، العرى الأخلاقي. تعبير يوحي بان الشخصية لا تتغير ، صفاتها مرافقة له أنما يلج ميادين الحياة. لا يؤثر قولنا فنيا في موسم الهجرة الروية الأدبية التي حازت على مكانة بين مائية الكتب الخالدة منذ هيمورس.

    كان ثمرة تعاون الشمال النيلي – المتفوق تعليما - مع المستعمريين الانكليز قبل وبعد مجزرة كرري (1896 م) أن وجد أبناءهم طريقا إلى المدارس التي تؤامن التعليم الحديث ، في الوقت عينه كان (الغرابة ) يخالطون بين أولادهم وأولاد الماشية التي يهتمون بها حتى صار من العسير التفريق بين الماشيتين في الفهم والوعي .تمكنت الجلابة من حصاد ثمار عمالتها للإنكليز بان تسنموا مكانة في وظائف الدولة السودانية حصريا في عهد ما بعد عملية السودنة قبل وبعد يناير 1956 م ، وهو ما أهل الشمال لفرض سطوته على السودان . حاولت الثأر لقتالها على أيدي الغرابة ببدر ( سنوات التعيشي وتأديبه للمتمة وشندي ) فجاءت في أٌحد (تهميش الغرب ) وكربلاء (دارفور اليوم) . وواصل غرب السودان في ممارسة هوايته المفضلة في لعن ( النصارى) و( الترك) علانية وفي شتم (الجلابة) سرا الذين ساهموا في جلبهم ، وتعميم أفكار تحريم لمس كل ما يتصل بهما كالتعليم المدرسي مثلا . لكن لاعتقاد الغاربة سبب نوضحه لاحقا.

    مظاهر الاستشمال بالدين واللغة والثقافة

    ظلت العربية اللغة والثقافة وما ارتبط بالدين الإسلامي منه في التراث والتاريخ الواردة في الشرط الثاني يتضارب لعقود من الزمان في ذهن الأفارقة الراطنين وغير الراطنين من أهل السودان من لدن غربي النهر الأبيض إلى بحر المحيط حول : قدسية ايهما، و ايهما منزل من الله .

    و سلسلة ما للعروبة من علاقة ظل معبدنا الذي نقدسه في غرب السودان . و (الغرباوي) يظل يحلم بالوصول إلى درجة القمة المعرفية للحياة الدنيا والآخرة حيث مبلغ (الجلابي) . و يقتضي ذلك المرور عبر بوابة ايجادة اللغة العربية والتثقف التاريخي في أصول الشعوب العربية ، و يعتبر ذلك غاية التشيخ الديني والاجتماعي.

    و قد مكنه غباءه المشهود من صناعة وهم ودود ، فقد أشاع أن (الجلابي) كامل وهو ناقص ، يوهم (الغرباوي) نفسه ببلوغ درجة الكمال الروحي والمادي عن طريق ( الاستشمال أو الاستجلاب ).

    والاستشمال للتعريف : هو عملية تغير جوهري يعترى الفرد من أهل الغرب في تكوينه الثقافي والتقليدي واللغوي والتدييني والنسب - تلك المتأصلة في جغرافية وتاريخ بيئته المجتمعية- ومحاولة استبداله بمظاهر بديلة من اختصاص أهل الشمال ( الجلابة ) وتخلق نمطا في التدين والسياسة والحياة اليومية ، وتجري الاستجلاب للأفراد من الغرابة في كل الأحيان إجباريا بشكل لا إرادي وبعضها اختياري عن طواعية واختيار.



    اثر عمليات الاستشمال (الاستجلاب ) في الثقافة الدينية

    القائدة تقول : أن رجل الدين وخاصة والشيخ الصوفي أو (المتمصوف ) مثلا بالضرورة أن يكون من اصل عربي معروف ، ومن نسل قرشي واضح (كبني العباس ) لان الصلاح ودخول الجنة تكون بالوراثة . ومن لم يكن كذالك فانه في الدرجة الثانية ، ويقبل صلاحه أو يرفض فهو في محل شكك غير مضمون العاقبة. وبذالك فان أهل الدرجة الثانية سيظلون أتباع لأهل الدرجة الأولى في كل الشعائر الحياتية السياسة والدين والاجتماع .

    والحالة كأنما تريد أن تقول: ( أن الله تعالى خلق صنفين من البشر : عرب و أعاجم ، فرفع العرب درجة ورفع قريشا فيها أخرى وشرفها سلفا بان اختار من بينها نبي أرسله إلى العالمين . وانزل الأعاجم دركة وانزل الزنج فيهم أخرى و أزلهم عبيدا تابعين ) وفي تلك العقيدة اتهام صريح للعناية الإلهية بعدم العدالة بين خلقه ، وعدم السوية بين البشر ،واعتقاد بتساوي السماء بالأرض وهو مخالف لجوهر الإسلام.

    وفق ذلك الاعتقاد فمن لم يشرفه الله بميزة العروبية في العرق والنسل القرشية في انسب فهو مدون في دفتر الأشقياء ، والسعداء هم من عربهم الله وجعلهم من بني العباس بيت شريف في قريش.

    كل الشيوخ من نسل شريف وكل العوائل المتمصوفة التي تشكل قدرا في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والدينية في السودان اتصلت بتلك المقولة.وكل أتباعهم من أصول زنجية.

    عمد بعض من أهل غرب السودان إلى إجراء عمليات تجميل في نسبه و إرثه العرقي حتى وان جاء تزيفا ، والى الساعة لا يزال السباق نحو استعراب الأعراق و تقريش الأنساب يجري وسط بعض الأعراق الغرباوية ، لتضمن لها مكانة في المجتمع الدنيوي وخلاصا في الآخرة. وهذه تعد من العمليات اختيارية.

    ظلت تلك الأفكار والمفاهيم تشكل نمطا تدينية ، وأنماط في السياسية ، ونمط اجتماعية ، والنمط الرئيسي في العلاقات الإنسانية بين الأفراد والجماعات والهيئات وعقيدة للحكام وسلوك ممارس في الكيانات الحزبية في السودان. إذ لا يصل السلطة أو المناصب المفصلية من غير الشماليين ، ويقربون إليهم من أجرى عملية استشمال ناجحة.

    وكان الشاعر الغرابي أبكر ادم إسماعيل أكثر الماقتين للاستجلاب وكان في مقدمة دعاة التأصيل الثقافي وقد عبر عن ذلك في ديوانه (قراءة عكس التاريخ ).

    غير أن اكبر المظاهر المعبرة عن تلك الحقيقة الحركة المستمرة للشيوخ و الأطفال والشباب الغرابة نحو

    (دار صباح) أو ( نحو البحر) ،بحثا عن الرزق والخلاص الروحي. ولكنهم كانوا ينفذون إرادة الشمال عبر عمليات الاستشمال الإجباري لإبقائهم سورا مطوقا لسلوكهم ونفوذهم في الثقافة والاجتماع.

    يأخذ أطفال الغرب إلى ورش الإصلاح الديني ب(دار صباح)الأواسط ، وذلك بغرض إجراء إصلاحات عامة في شكل الدين ومضمونه ، في ورش إصلاحية مثل ( شليخة ، أم ضو بان ، مبروكة ، الفكي هاشم ، معهد انسة ، ود البصير ) ، تلك تبدو ظاهرها خلاوى أو معاهد دينية تعمل من اجل الخلاص الروحي والصفاء إلى الله عبر تجويد العربية والقران الكريم ، لكنها في الحقيقة شركات تجارية تدر لمالكيها من (الجلابا) بالربح الوفير تضيف فر رصيد الراسالية للفكر الشمال المستعمر ، ( مالكيها يقومون بجولات تسول موسمية إلى الأراضي المقدسة لدعاية بإعلانات إعالة طلبة قرانيين و(أهل الله) من الأفارقة السود الذين اسلموا حديثا. فضلا عن أن هدف تلك المؤسسات الأساسية وهو مسخ حياة ادمي غرب السودان وإبقائهم في الدرجات الأخيرة.

    تكون تلك الورش معاهد تجهيل منظم تفرز سنويا ما يقارب 70 حامل لكتابة الله ونصف مجيد للعربية من اصل خمس ألف يمسخون ( شماسة و جنقوجورو ) ، يشكلون النسبة الكلية للبطالة والجهلاء والفقراء في الدولة السودانية خارج دائرة اهتمام الدولة . يجهل المساكين سبل عيشهم كما يجهلون ما فعلت آلة الجلابة بهم , وأجدر أن لا يكون خالصين في الحياة الآخرة.

    الظاهرة و سلاح اللغة

    اللغة جزء طبيعي في حياة الإنسان للتواصل وأداة ثقافي لتوصيل الحضارات و الأفكار و تلك سمة كونية في مباشرة سنن تمديد الأديان والأفكار ، لكن العربية في السودان تكّون طوقا محكم لحماية المخلوقات المدعية ملكيتها ( الجلابة) ،ويضحى من المحرمات -مثل كل الأصول الدينية في الإسلام- أن يجنح قوم إلى نقد استغلال استخدام اللغة بغرض حماية نفوذ استعماري عنصري.

    فقد تواضعت الحياة لأهل غرب السودان بلغة عربية ركيكة لكنها عذبة الإيقاع، ومفككة لكنها سلسة المسمع ليتواصلون عبرها . وهي اللهجة العربية التي نصطلح على تسميتها (بالعربية الإفريقية ) و المنتشرة في كل من حوض بحيرة تشاد وأفريقيا الوسطي وحوض النيجر الأعلى ونيجيريا.

    إلا أن هذا النوع من التواصل اللغوي أصبح مستهجن نقله- مع كثرة الناطقين بها- إلى دنيا السياسة والثقافة والاجتماع أسوة باللهجة العربية الجلابية في السودان . فقد صار الأخيرة خطاب الوسط الثقافي والاجتماعي والسياسي. الإعلام المتمثل في الإذاعة والتلفزيون تقرضنا في كل صباح و مساء عربية الجلابة تلك التي يصطلحون عليها (اللهجة السودانية الرسمية) في كل برامجها التفلة ذوقا وهضما.

    وجعل (الغرباوي) يزدري صفاته الحياتية لهجته التواصلية ، ولهجته الذاتية بقدر لا يقل عن استحقار (الجلابي) له وللهجته وتقاليده الأخرى.

    بعد عودة الغرابة من ( دار صباح ) ( شماسين) متطورين أو (جنقجورو) أو طلبة جامعة (مستجلببين) -إلا من رحمه الله و هذا إن عاد فعلا - إلى قريته إلى قراهم يحملون تلك اللغة ببغاوات يرددونها ، ويعتقد احدهم جازما انه بلغ مبلغ الحياة ( أولاد أم شليخ ) في النطق والتعبير، وفي الحق انه مسخ عن طبيعته بعد عملية استجلاب ناجحة أجريت له في اللغة والتدين والعادات والأخلاق .



    التطويق العروبي في الحياة السياسية

    الخرافة بالعقيدة المهدوية

    الحياة السياسية كان الميدان الأوسع الذي دارت فيها اللعبة بطلاقة وحرية ، وتعرت تلك الحقيقة المفروزة في الشرط الثاني للعيان ، فمع علم الناس– مثلا – بأن المهدي الإمام ينحدر من أصول نوبية في شمال السودان فقد عاش الوحي الذي افرزه في عقول أتباعه الغرابة و لم يزل ساريا من قرن لقرن حتى القرن الحالي في نفوسهم . فقد أشاع الرجل انه عربي من أصول قرشي وهو من صلب النبي الكريم . وانه موفد الرب إليهم . إنني لست هنا بصدد تكذيب دعوته أو تصديقها أو مغالطة ما حسمه التاريخ ،لكنني بصدد توضيح ماسي تلك الظواهر الدينية -كالظاهرة المهدوية - وأثرها في المعاملات السياسية في السودان التي وظفتها الكيانات السياسية الشمالية في البلاد بهدف الاستعمار والتطويق.

    فقد ظلت عائلة المهدي ذات القدر في السياسة السودانية توظف روحانيات جدها إلى اليوم ، وتستغل أتباع دعوته لأغراضها الذاتية . تترجم تلك الممارسات أشكالا حية من ظلم الإنسان لأخيه ، وصورا نابضة تعبر بوضوح الاستغلال البشع لكرامة الإنسان (الغرباوي) من (الجلابي) . وما عائلة الآسيوي المستوطن

    ( بالميرغني) في شرق السودان عنها ببعيد .

    في كل عام يخرج فيه الحجيج إلى بيت الله في مكة المكرمة يتزامن مع رحلة الحجيج (الغرابا) إلى قبة المهدي الإمام بامدرمان حامليين (زكوات) عامهم وصدقات أموالهم من قوتهم المسكين إلى ما يسمونهم آل البيت لقب عائلة المهدي بين الأتباع .

    فتوى حرمة التعليم المدرس الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم في غرب السودان وسط أتباع الملة المهدوية لم تكن وليدة بيئة الغرب لكنها كانت من بنات أفكار عبد الرحمن المهدي احد زعماء العائلة المهدوية في الخمسينيات من القرن العشرين . ففي وقت كان فيه حفيده المهدي الابن (الصادق) يتوسط الحسناوت الأوربيات ليتعلم في كلية فكتوريا ثم أدنبرة بانكترا كان أقرانه من أبناء غرب السودان المحرومين ملجمين بخرافة من جده الإمام عبد الرحمن وآباءهم مشغوفين إلى بيوت في ربط الجنان برفقة المهدي الإمام الأكبر.

    الخرافة تقول : ( من أراد رفقة الإمام المهدي في الجنة فلا يذهب بابنه إلى مدارس النصارى والترك) .كان المهدي الابن رئيس حزب الأمة زكيا جدا للحفاظ على ارث آباءه في تجهيل أتباعه باسم الخرافة الدينية ، وإفقارهم بسلب أموالهم بالخرافة ذاتها ،و يبقى آمنا بين جدران صنعتها الخرافة.

    قال عبد الرسول النور احد معتنقي الديانة المهدوية والمقربين إلى المهدي الابن ( نريد أتباعا أميين يجهلون والكتابة القراءة فقد كان النبي عليه السلام أمي وانتصر الإمام المهدي عليه السلام بالأميين من أجدادنا)

    و للإبقاء على السور المطوق (العروبة والتدين التقليدي) للنسل الجلابي في إطار العلاقة الشاذة بين عائلة (رحمانوف المهدوية) المشكلة لحزب الأمة و شعب غرب السودان ،أصدر المهدي الابن في عامي حكمه اليتيمة أواخر الثمانينيات إعلان يؤكد فيه عروبة السودان ومع اعترافه بشيء من غير العربية.

    العقلاء فقط هم الذين يدركون أن الديانة المهدوية التي تعتنقها حزب الأمة بأقسامه وطوال تاريخه باطل ، و الجهلاء هم الذين يعتقدون بصحتها. والأذكياء فقط هم الذين يدركون أبعاد أهداف العوائل المتمصوفة التي تعتنق ملل ونحل باطلة على شاكلة الملة المهدوية في الحياة السياسية السودانية ، والأغبياء ما يزالون يتقربون إليهم لطلب البركة ووساطة الغفران.



    أفكار استشمالية معاصرة بالحركة الإسلامية

    مع أن الإسلام دين عدل ورسالة سلام ، وهو دعوة في عمقه إلى المساوة بين أتباعه في الواجب .و دونما تمايز بين بني ادم في المعاملات والإنسانية كوحدانية دعوته إلى الإيمان بوحدة الخالق والرسول والقبلة والكتاب لكنه في ذهنية كل من (الغرابا) و(الجلابا) ليس مفهوم واحد .

    يعتقد (الغرابي) هنا مثل اعتقادي ذلك ، ويعتقد ( الجلابي) -وبما انه وكيل للعروبة في السودان- انه صاحب الحق و المصدر لتلك القيمة الروحية أما سواه هو تابع له ، لأنه يعتقد عميقا أن الدين الإسلامي ملك يمين عربي على غرار اليهودية ملك يمين لليهود . فهو دوما مأخوذ بالعزة في إثم اعتقاده ، والشعور بالاعتداد بالنفس لتلك الوكالة.

    ولم يكن البشير النذير الكاروري وصاحبه احمد على الإمام - رجلي دين من الجلابة ومقربين جدا من القصر الرئاسي في خرطوم الساعة - أول من عبرا عن تلك المذاهب الشاذة في الحركة الإسلامية السودانية بمسمياتها المختلفة . بقول الأول على منبر مسجد جامعة الخرطوم – كبرى مساجد الحركة الإسلامية - : (أن للعرب حق الفيتو في نشر وحمية الإسلام ) .وما يزال الثاني يشبه أنفسهم برسول الله المحاصر في شعاب أبي طالب ، لان الإمام يؤصل للاسلمة والتعريب ، فهو يعتقد أن المسلم هو من يكون شماليا والمسلمين من دون الشمال هامش إسلام على غرار أن السودان هو الشمال والسوداني هو من ينحدر من الشمال وما سوى ذلك هامش .

    ومكافأة له على تلك الأفكار النيرة في عهد حكم الحركة الإسلامية في السودان أن منح احمد الإمام درجة البروفسيرة - درجة علمية حديثة في الدين – ولعله اكتشف نظرية حديثة ، إمعانا لتأكيد تلك النظرية الحديثة في الفكر الإسلامي المعاصر فقد استحدثت المؤسسة الجلابية للبروفسير الديني منصبا خاص به بجوار رئيسهم في القصر الرئاسي في السودان وهو أن صار مستشار الرئيس للتأصيل الإسلامي. التأصيل هنا يعني استجلاب كل ما يمكن استجلابه من المسائل المعاصرة في الاجتماع والسياسية وذلك بترجيح القضايا نحو المصلحة الشمالية في كل فتوى.

    وظاهرة تحوير الإسلام الحركي في العمل السياسي الهادف لمصلحة (الجلابية) في السودان ، يعني نحو مزيدا من استجلاب غرب السودان . قد شاعت تلك الظاهرة في حقب الحركة الإسلامية السياسية السودانية قبل وبعد وصولها إلى السلطة في أوائل العقد الأخير من القرن العشرين ، فقد مثل ( الغرابة الأتباع ) فيها بصدق وسذاجة صحابتها المخلصين وجاء دور (الجلابة الأمراء ) طائفة ( سلولية ثم أموية ) تمتهن النفاق والدجل في الأولى ، وتسعي لتعزيز الاستجلاب والتشميل في الحياة اليومية لإنسان الغرب بإجحاف في الثانية.

    ففي الوقت الذي كان فيه ( الغرباوي) يؤمن بوحدانية المعاملة والسواسية مستندا على تعاليم الإسلام يطير مخاطبا بها و مفاوضا وسجين بسببها ، يكون فيه ( الجلابي) منهمكا في الإعداد لانقلاب جديد يعيد لقريش مجدها واصلها المفقود بعد تساوي ظاهري فرضتها النفوذ الترابي في الحركة الإسلامية امة معدودة .

    و بينما كان رجال ونساء وفتيان من غرب السودان يقاتلون فيما يعتقدون أنهم في سبيل الله من لدن المهدية حتى سنوات حرب جنوب السودان بصدق وشجاعة ، كانت (الجلابة) طوائف في الزمنين:

    في الأولى تضمر تعاونا مع الغزاة المستعمرين عمالة . وفي الثانية تجتهد للقتال في سبيل (دار جعل) ، والكثيرين قاعدين غير أولى ضرر مع النساء ، وطائفة مشغولة بتدوين تاريخ الحقب لصالح المؤسسة الشمالية بأقلام مزيفة . ولا تصيبهم خاشعة من الله في الأولى ، ولم يغشاهم ورع في الثانية إلى درجة إعلان هوسهم العرقي في الإعلام الرسمي ، وفي وقاحة تم فرض قصائدهم ( كالفارس الجحجاح ) ضمن الأناشيد الهادية للقتال في سبيل ما يؤمنون به، والمحفزة للشهادة .

    ظهر ذلك التوثيق مادة جيدة للتطويق وغدا الجلابة هم أسيادها الحاكمين ، والغرابة كبش محرقة لا يذكر في الصلوات.

    وفي الماضي رصيد إسلامي ثقافي و جهادي ودعوي ضخم مثلته دار فور في غرب السودان طول حقبه شكل مفخرة للغرابة عامة يثبته التاريخ ولا يغالطه إلا خاسر. لكن ذلك لم يكن معلوم للأحفاد من طرفي النقيض (الجلابة والغرابة ) على حد سواء ولم يعد يعني للحاضر غير تراث تقليدي تكاثر عليه الغبار . فإلى الماضي ذهب الجلابي وحده خفية ليصنع له بصمات فيها وهو ما لم يثبته التاريخ ، فعمد إلى تزوير التاريخ نفسه فاظهر فيها بطولة زائفة ، فأصبح ليس هو الذي كان القاتل غدر والهارب جبنا عن موطنه . و صار وطنيا مخلصا ليسهو العميل المتآمر على شعبه وأرضه . وفي سرعة دون تلك الترهات في المنهاج التعليمية يتلوه أبناء الغرابة -ممن كان شقيا- صباح مساء .

    أما (الغرباوي) والمستشملين منهم من الذي لا يزال يرى في أحفاد الهاربين من الجلابا صورا لكمال الإنسان السوداني ، فقد أثرت فيه الآلة (الجلابية) بعوامل التربية تلك في نفسه وعقله . فقد صار تاريخ ( نمر ) كما هو جزء من المنهج الدراسي ، يشكل نمطا من الثقافة العامة في مجتمع السودان و(للغرابي ) أيضا.

    ومع جهل (الغرباوي) بماضيه صار الأجدر بعد ذلك أن يأخذ طريقه إلى سلة المهملات ثم زبالة النسيان . وجدير به بالبقاء قبل وبعد ذلك ضمن سلك التبعية المواظبة للشمال.

    عبد المنعم سليمان

    Moniem762002@yahoo .com

    ملحوظة :

    جزء من المقال كانت ورقة مقدمة في حلقات نقاش مع شبيبة منظمة سوادنة للشباب السودانيين بشمال إفريقيا ، مقرها طرابلس في 2003م.


    نواصل
                  

العنوان الكاتب Date
ثورة الفحول Shao Dorsheed11-09-04, 09:38 AM
  Re: ثورة الفحول Shao Dorsheed11-09-04, 09:41 AM
  Re: ثورة الفحول Shao Dorsheed11-09-04, 09:43 AM
  Re: ثورة الفحول Shao Dorsheed11-09-04, 10:08 AM
    Re: ثورة الفحول شمهروش11-09-04, 11:04 AM
  Re: ثورة الفحول Shao Dorsheed11-09-04, 03:28 PM
    Re: ثورة الفحول شمهروش11-10-04, 08:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de