أثر فوز بوش علي السودان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Quote: واشنطن والخرطوم: المتغيرات السودانية أمام الثبات الأميركي محمد الحسن أحمد: الشرق الاوسط 7-11-04 جاءت نتيجة الانتخابات الاميركية الرئاسية مطابقة لتوقعات المحللين وغالب اجهزة الرصد، حيث كانت مشابهة لانتخابات عام 2000 وانها ربما تحسم بواسطة القضاء، اذا ثبت ان جملة الاصوات الغائبة هي الحاسمة. وعلى كل حال ما يهمنا في هذا المقال هو ماذا سيكون مردود السياسة الأميركية بالنسبة للسودان في الدورة الرئاسية الأميركية الجديدة؟ لا يبدو انه سيكون هناك تباين يذكر لأن السودان لسبب ما، كان حاضراً في المعركة الانتخابية! في البدء حاول بوش بشتى الطرق وضع حد لحرب الجنوب وجلب السلام حتى يحسب ذلك من بين انجازات ادارته ويكسب الى صفه أكبر شريحة من الناخبين السود، فضلاً عن ارضاء لوبي المسيحيين المتطرفين الذي هو يصنف ضمن تيارهم، وكانوا في الأصل الدافع الأساسي له لاختيار مبعوث خاص لسلام السودان منذ عام 2002 وهو القسيس دان فورث الذي اصبح الآن ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. ولما تعثر الوصول الى الاتفاق الشامل بسبب اندلاع حرب دارفور دخل كيري على الخط ووجد فيها فرصا لابراز انحيازه لأهل دارفور المتحدرين من اصول افريقية واتهم ادارة بوش بانها لم تفعل ما يكفي لرد ظلمهم! ومن ثم كان التصعيد من الجانبين ضد السودان السمة الغالبة في توظيف مأساة دارفور في سوق المزايدات الانتخابية على نحو ما هو معروف! اذن فإن كلا الحزبين في صورة أوضاع السودان ولا يبدو ان هناك فوارق تذكر في المواقف، سواء مما طفحت به الصحافة الاميركية أو من خلال الزيارات المباشرة لبؤر الازمات من الطرفين للسودان. وكان لافتا للانظار ان الرئيس بوش قبل يوم واحد من التصويت الرئاسي قد اصدر امراً بتمديد العمل بقانون العقوبات المفروضة على السودان لمدة عام معللاً التمديد: «بسبب اعمال وسياسة الحكومة السودانية المستمرة في تشكيل تهديد غير مألوف واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية». ومعلوم ان هذا القانون ساري المفعول منذ عام 1997 ـ أي في عهد الرئيس كلينتون ويفرض حظراً اقتصادياً شاملاً على السودان. وحتما هذا التمديد سيكون قائماً لو جاءت الرئاسة من حظوظ كيري لتطابق السياستين، ولأن القانون في الأصل طبق في زمن كانت الرئاسة فيه من نصيب الديمقراطيين! ومع ذلك يبدو من سياق التطورات ومجريات الاحداث ان هناك ما يرجح فرضية التجديد الرئاسي لبوش، واذا تحققت هذه الفرضية فإن اهتمامه بسلام السودان سيكون ضمن أولوياته اكثر من كيري للاعتبارات الدينية التي ذكرناها، ولكون ادارته قطعت شوطاً كبيراً باتجاه بلوغ هذه الغاية، فضلاً عن ان النظام السوداني قد وجد مسالك لمحاولة التطبيع معه بعكس الصد الكامل الذي كان يجده من عهد كلينتون وما استتبع ذلك من قصف مصنع الشفاء في الخرطوم مما دفعه ليردد على الدوام انه يفضل الادارة الجمهورية على الادارة الديمقراطية! ولعل ابرز ملامح انفتاح الادارة الجمهورية على النظام السوداني تجلت بعيد احداث سبتمبر مباشرة حيث ان الحكومة السودانية قدمت كل أو جل ما تعرف عن اسامة بن لادن وتنظيم القاعدة مما دفع الادارة الاميركية وعلى رأسها وزير الخارجية كولن باول للاشادة بتعاون السودان ووصفه غير مرة بأنه أكثر مما كان متصوراً! وبالرغم من ان العلاقات بين ادارة بوش وحكومة السودان تبدو هذه الأيام في حالة من التوتر المتزايد بسبب ما تصفه الادارة الأميركية بتلكؤ الحكومة في انجاز اتفاق السلام الذي كنا نتوقع ان تقدمه ضمن انجازاتها الانتخابية وبسبب احداث دارفور المأساوية فإن احتمالات الانفراج تبدو واردة اذا تمكنت الحكومة مع حركة قرنق من انجاز اتفاق السلام قبل نهاية هذا العام. علما بأن انعقاد مجلس الأمن في نيروبي في السابع عشر والثامن عشر من هذا الشهر القصد منه الضغط باتجاه اكمال بروتوكولات السلام، ومن ثم اعتبارها مدخلاً رئيسياً في معالجة حرب دارفور التي كانت تؤمل الحكومة ان تسبق معالجتها الوصول الى سلام الجنوب! ولعل اشد ما زاد العلاقات توتراً هو التشدد الذي مارسته الادارة الأميركية في مجلس الأمن ضد الحكومة فيما يتعلق بقضية دارفور من التلويح بفرض عقوبات على السودان والضغط باتجاه ارسال قوات افريقية للمساهمة في حفظ السلام في دارفور. وعوضاً عن ان تستوعب الحكومة وزن الدور الأميركي وأثره العالمي تصرفت وزارة الخارجية السودانية بانفعال ومناطحة زادت من الغضب الأميركي، وذلك عندما رد وزير الخارجية طلبا اميركيا بالاذن للطائرات الأميركية بنقل قوات الاتحاد الافريقي لدارفور بحجة انه لا يتعامل بشكل مباشر مع الولايات المتحدة، وانه يفضل التعامل عبر الاتحاد الافريقي مع عبارات تستخف بالدور الاميركي وتشجب موقفها في العراق وفلسطين. كذلك استبد الغضب بوزير خارجية السودان الى درجة التهديد باغلاق السفارة الاميركية في الخرطوم اذا لم تيسر الخارجية الاميركية لسفارة السودان في واشنطن امر فتح حساب مصرفي للسفارة السودانية هناك! ولا شك ان هذا الفوران من وزير الخارجية السوداني سيؤثر الى حد كبير في مجرى تطبيع العلاقات بين البلدين ما لم تحاول الحكومة تداركه على نحو ما خاصة ان اوضاع الحكومة هشة جداً ولا تقف على أرض ثابتة نتيجة للأوضاع في دارفور والاحتقان القابل للتفجير في أية لحظة في شرق السودان والتعثر الذي صاحب مفاوضاتها مع التجمع المعارض في القاهرة. وتلك كلها نقاط ضعف لا تدركها الولايات المتحدة فحسب وانما هي ليست بعيدة عن مجرياتها. ولا شك ان الحكومة ستخسر كثيراً اذا لم تتدبر الامور بشكل افضل وتحاول التعايش مع الواقع والتصالح مع كل القوى السودانية المؤثرة وتبدل من سلوك المتطلع للتعامل بندية مع القوة العظمى الوحيدة في العالم! في كل الاحوال لا يبدو ان الولايات المتحدة ستترك السودان وشأنه أو تترك الحكومة وشأنها لانها وترت معها العلاقات، لان السودان يشكل أهمية استراتيجية واقتصادية بالنسبة لاميركا.. فهل ستغير الحكومة سلوكها اجمالاً أم تتغير؟ هذا سؤال ستجيب عليه الأيام القادمة.