|
استــراق النــبض
|
أحيانا استغفل رقابة عقلي الصارمة و الصارمة جداً... أتملص من مقص رقابته الذي يصلح ليعمل تحت أقدام نظام إسلامونازي عربي... قادر بإبداع على قص جميع المشاعر العاطفية الساخنة... قادر بإبداع على بتر كل الكلمات التي يراها مهدداً للأمن القومي لدولة {أنا}... لتخرج حياتي من بين ممحاته و مقصه و هي تحمل مساحات بيضاء خالية من اللون... مساحات تذكرك بالصحف الجزائرية أيام الاحتلال الفرنسي... تذكرك بالمقالات التي لم تخرج يوما من درج الرقيب.... مثلها تماماً مشاعري التي لم تخرج يوما من أدراج الذاكرة التي لم تحدث... من بين الممحاة و المقص خرجتُ ولستُ سوى مشهد في فيلم بوليسي منخفض الميزانية... مشهد ملئ بالأصوات و الصرخات و الضربات و الركلات و الطلقات و كل مظاهر القوة التي و صلت إليها مخيلة المخرج... رغم ذلك مشهد خالي من أي عمق... معنى... جوهر... إحساس... اذكر يوماً انه كان هناك بعض من جوهر و لكنني بقيت احمله لأرمم به صورة القوة التي أردتهم أن يعرفوها عني.... حتى لم يبقى مني سوى تمثال أجوف من جليد... يخشى حتى الدفء...
رغم ذلك لازلت قادرة على استغفاله في بعض أحيان... قادرة على التسلل من الباب الخلف لعالمه العقلاني... لانسحب إلى دنيا أخرى... قبل أن ادخلها اغسل ذاتي من كل سياسات النجاسة و من كل نجاسات السياسة و حتى عبارات الكياسة فهناك تخرج الكلمات دون أن تقاس أبعادها و تأثيراتها و مرادفاتها و بداياتها و نهاياتها و و و...
هناك عالمي...
ادخله دون طرق الأبواب... ادخله باستراق النبض... ببعث شيء من دماء في تلك الشرايين العتيقة... التي تناستها حمرة الحياة... مغبرة قليلاً ... بعض طرقاتها أغلقت... و بعضها السير فيه اقرب بالرقص على شظايا الزجاج... لكنها على الأقل لا زالت تحتمل دورة من حياة...
و تنطلق قطارات الدم... تنطلق لتزور كل محطات الذاكرة المهجورة... تلك المحطات التي لم يمل ركابها الانتظار... ربما تلاشى بعضهم و ربما تناثر آخرون و لكنهم بقوا و حتى آخر لحظة وجود، ينتظرون قطارات الدم لتحملهم نحو قلبي... هنا تنتظر دمعة رفضتُ حملها يوما حتى لا اهدم زيف القوة الذي طالما ادعيته... هنا شوق تناسيته فملكة الجليد الباردة لا تشتاق... هيا اصعدوا اليوم جميعا فالقطار ينتظر و هذه رحلة تذكرتها الدفء... سأحملكم جميعا إلى قلبي... سابكي و اشتاق و اضعف و اضعف و اضعف... و ليذهب زيف القوة إلى أعمق أودية الجحيم...
هنا و على إطراف أناملي اليمنى... هنا كان بعض دفء من يوم صافحتك... هنا بعض دفء ما أطلقت قطارات دمي إلا لتحمله إليّ... هنا وقفت قطاراتي و لم تجد راكبا يرافقها الطريق إلى قلبي... هنا انتظرت طويلا و لم يأتي الراكب الـ[ـدفء]...
يبدو أن بعض المشاعر لها مدة صلاحية أقصر مما نتوقع... يبدو انه ليست لجميع المشاعر القدرة على انتظارنا حتى نستفيق من غيبوبة المنطق... يبدو انه ليست لجميع المشاعر القدرة على انتظارنا حتى ندخل في غيبوبة اللامنطق...
لا يهم... و إن اختفى الراكب الـ[ـدفء]... ستركض قطاراتي أسرع و ستصل إلى هناك... ستصل قبل أن افقد ما بقي من إحساس...
سأصل لأنثر الألوان ما بين الأسود و الأبيض اللذان ما بقي لي سواهما... سأصل قبل أن يستفيق عقلي ثانية... سأصل لأرفع عن مرآتي السواد... سأصل و أبدل محيطي البارد... حتى ملامح غرفتي ستتبدل... بدأً بخزانتي... سأستبدل البدلات الرسمية بأثواب تحمل لون الزهر... قصاصات الورق التي احتفظ بها من كتابات منيف و مستغانمي ستستبدل بزهور مجففة بين أوراق كتاب... و ماذا عن كتبي... قصائد مغضوب عليها لنزار... ربما ابحث لها عن بديل من قصائد أخرى لا هي مغضوب عليها و لا ضالين من نوع بعثرني حبك و لملمني عشقك و نثرني بطيخك... فلسفة هيجل... سأستبقيه فهو صُحُفي التي استقي منها الحياة حتى عند استراق النبض... سيرة حياة انجلز... فليذهب انجلز و ليأتي امممم... جوخ مثلا فبعض الموسيقى لا تضر... جذور السنديانة الحمراء...فلنجعلها وردة حمراء لتناسب الحالة... الاستبداد الديمقراطي... سأشري به مجلدات من روايات المراهقة الوردية... Cry the beloved country .... سأنفي البكاء و ابقي البلد المحبوب ...
و أقلامي تتحور باقات ورد.... أتصدقون أن غرفتي لا تحتوي وردة واحدة... و لكن ليس بعد الآن... من اليوم سأرتدي ثوبا من زهر و أتلفح بشال من ألوان قوس قزح... و أقف أمام مرآتي لأراني جميلة... و أتأمل عيناي.. لا لاراهما قرنية و قزحية... بل ماس و جواهر كما كنت تردد... أليست هذه كلماتك !! ... الست أنت الذي ادعيت انك ترى فيهما انهاراً من ليل و ليال من نهر...
اليوم سأكون طوع يديك... سأدعك تلفني بذراعيك... سنرقص... سنتمايل... ستتغزل في ملامحي و لأول مرة سأتركك تسترسل دون أن استوقفك لأصحح معلوماتك العلمية و أخطائك النحوية... استرسل ما شئت.... أليس الخطأ في محراب الحب عبادة... و إن لم يكن سنجعله منذ اليوم كذلك... و سنجعل اليوم عيد حب مجوسي نحن فيه اللهب و النار و الدفء و الضوء.... قصة حب مجوسية جديدة... فمادام منيف قد هجرنا سنكتب نحن إذاً قصتنا... و بين الحرف و الحرف تتفتح حكايتنا خلف الحكاية... بين الاسم و الاسم تختبئ أسماءنا خلف الأسماء... بين الفصل و الفصل فصول حكاية أخرى كتبت بلغة أخرى و قواعد أخرى... قواعد لا تمت لقواعدهم بصلة... أنت لي سيبويه و لك أن تفعل بلغتي ما تريد... فلترفعني مفعولا و لتجزمني خبرا فقط لا تجعلني فاعلا... كرهت مواقع القوة جميعا و اشتهيت الضعف... و لتهاجمني كل الاتحادات النسوية و الثورات الأنثوية و ليصب علي قاسم أمين أقوى اللعنات من قبره... اليوم... لا يهم... اليوم مستعدة أنا لأكون جاريتك و لأنصبك علي ملكا... اليوم لك أن تضيف على آخر اسمي ياء الملكية... و تنسبني إليك... و تنطق بي كما كنت دائما ارفض... فاليوم فقط سأرقص على نغمات ذاك الاسم... اليوم نويت أن افترش شعاراتي بساطا ينقلني من هنا و حتى مركز الضعف...الاستكانة... الكل يفترش الكل.... لم أبقى وحيدة أجالس أمنا العجوز؟!... فلأذهب مع من ذهبوا...
ماذا إن وصلت هناك فلا وجدتك تنتظرني و لا وجدت أنا أنا... ماذا إن وصلت هذه المرة مفرغة حتى من الجليد الذي طالما تدفأت به... فلسفاتي الحديثة منها و البالية هي الدروع التي طالما احتميت بها من كل ما حولي قد تكون حجرت علي رائحة الورد... و لكنها في الوقت ذاته منعت عني مرارة وخز الأشواك... أجرمها و أدينها.. أم انحني أمامها و ارفع القبعة حين مرورها...
هل كسبت أم خسرت حين تجرعت جرعات العقلانية و لفظت عني كل ما خلاها... ما بالي عدت أناقش و أجادل ثانية... الم اترك أمام الباب كل سيوف النزال... الم أتطهر أمام الباب من كل أيدلوجيا الجدال... يبدو أن الدرع ما فتأ يتلاشى حتى عاد يلملم نفسه ثانية... يبدو أن النائم قد تيقظ... هيا قلبي لملم دمائك و ليعد الركاب إلى محطاتهم المهجورة و لتكف أنت عن استراق النبض فالأبواب ستفتح بعد قليل و حذار حذار أن يروك هنا... أرجوك لا تفضح زيف القوة... لا تذيب عصور الجليد التي احتمي بها... فلا أنا مستعدة لمقابلة الشمس ولا هي ستقدر على احتضان برودي...
و أنت أيها المستلقي بين إبهامي و السبابة اصمت سريعا فقناع الثلج بات على بعد الم من وجهي... هيا اصمت و ضع نقطتك ـــــــــ
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 09-29-04, 05:19 AM |
Re: استــراق النــبض | Raja | 09-29-04, 05:42 AM |
Re: استــراق النــبض | طلال عفيفي | 09-29-04, 06:14 AM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 02:47 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 04:18 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 11:51 AM |
Re: استــراق النــبض | Adil Osman | 10-02-04, 07:33 AM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 12:00 PM |
Re: استــراق النــبض | Hisham Amin | 10-02-04, 12:06 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 12:06 PM |
Re: استــراق النــبض | توما | 10-02-04, 12:44 PM |
Re: استــراق النــبض | Safa Fagiri | 10-02-04, 11:06 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 12:32 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 12:15 PM |
Re: استــراق النــبض | Dia eldin khalil | 10-03-04, 04:38 AM |
Re: استــراق النــبض | Adil Isaac | 10-03-04, 05:39 AM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 01:43 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 01:13 PM |
Re: استــراق النــبض | مريم بنت الحسين | 10-03-04, 12:36 PM |
Re: استــراق النــبض | لؤى | 10-04-04, 11:57 AM |
Re: استــراق النــبض | Kostawi | 10-04-04, 01:45 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 02:25 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 01:57 PM |
Re: استــراق النــبض | Hisham Amin | 10-04-04, 02:30 PM |
Re: استــراق النــبض | maha abdella | 10-04-04, 02:44 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 04:26 PM |
Re: استــراق النــبض | jini | 10-04-04, 03:12 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-04-04, 04:49 PM |
Re: استــراق النــبض | Kostawi | 10-05-04, 09:32 AM |
Re: استــراق النــبض | Raja | 10-06-04, 01:21 PM |
Re: استــراق النــبض | نادر | 10-06-04, 10:59 PM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-07-04, 10:41 AM |
Re: استــراق النــبض | شرووم | 10-07-04, 00:44 AM |
Re: استــراق النــبض | مزن ابوعبيدة النيل | 10-07-04, 10:55 AM |
Re: استــراق النــبض | Adil Osman | 10-08-04, 03:06 PM |
Re: استــراق النــبض | Adil Osman | 10-08-04, 03:58 PM |
|
|
|