دارفور وضع النقاط على الحروف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 02:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2004, 11:47 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارفور وضع النقاط على الحروف

    دارفور وضع النقاط على الحروف
    - فصل من كتاب تحت الإعداد بقلم الأستاذ/ سليمان حامد الحاج-
    تقديم
    يشرفنا في هيئة تحرير الميدان أن نقدم للقراء الأعزاء هذا الجهد، وهو فصل من كتاب تحت الاعداد بعنوان (دارفور... وضع النقاط على الحروف) بقلم الاستاذ/ سليمان حامد الحاج، عضو سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني.
    الكتاب والفصل الذي بين أيدينا محاولة صادقة، ومساهمة جادة تنبه للمخاطر التي يتعرض لها هذا الجزء العزيز من الوطن. ويجيئ في وقت وصلت فيه أزمة دار فور أعلى مراحلها حتى تصدرت نشرات الاخبار العالمية، وفي ذات الوقت، لا تزال السلطة واجهزة امنها مستمرة في محاولاتها لفرض مزيد من التكتم على حقيقة الاوضاع في دارفور.
    في الكتاب الذي بين أيدينا، لايكتفي - الكاتب- بوصف الأزمة وتسجيلها فقط، وإنما يقدم مقترحات عملية للحل ولتجاوز الأزمة على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وينظر الكاتب بعين نافذة الى حقيقة الصراع ومآلاته في هذا الجزء العزيز من الوطن ولا سيما أن أزمة دارفور ظلت تشكل أحد المحاور الاساسية في الميدان خبراً وتعليقاً وتحليلاً وكشفاً للفظائع التي إرتكبها – ويرتكبها- نظام الانقاذ وعصابات (الجنجويد) التي رباها – النظام – في أحضان أجهزة استخباراته وأمنه، ودفع لها بسخاء من أموال الشعب، وخيرات دارفور والوطن بأكمله.
    إننا إذ نقدم هذا الجهد، في إطار الاحتفال بالعيد الخمسين للميدان (2سبتمبر 1954-2004)، يحدونا الأمل في أن نسهم مع بقية أبناء شعبنا في حل أزمة دارفور، ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقدم أجزل الشكر لقراء الميدان الذين ما بخلوا عليها بتزويدها ومدها بعشرات الوثائق عن حقيقة ما يدور في دارفور، واستمر تواصلهم وتجاوبهم (مع الميدان) ثقةً في أنها لن تخذل الشعب، ولا القراء في نشر الحقائق المجردة، مؤكدين أنه لولا جهد قراء (الميدان) الذين كانوا خير معين في أداء رسالتها الصحفية، لما رأى هذا الكتاب النور.
    والشكر للكاتب الذي استجاب لرغبة هيئة التحرير في أن يصدر هذا الكتاب في العيد الخمسين لتأسيس الميدان وبذل جهداً مقدراً في أن يصلنا هذا الفصل في الوقت المناسب. والشكر موصول لكل الذين أسهموا – ويسهمون – في كل مراحل هذا الكتاب طباعةً وتوزيعاً، رغم ظروف السرية.

    هيئة تحرير الميدان
    سبتمبر 2004
    دارفور وضع النقاط على الحروف
    - فصل من كتاب تحت الإعداد بقلم الأستاذ/ سليمان حامد الحاج -
    الجبهة القومية الإسلامية هي التي تتحمل مسؤولية كل المآسي الإنسانية الراهنة في دارفور
    مقدمة
    يركز هذا الفصل على :
    (1) الوثائق التي تكشف مخططات الحركة الإسلامية ودورها في مشروع الحزام الأمني العربي الإسلامي؛
    (2) يدحض مزاعم السلطة ونفيها وتنصلها من أية صلة لها بمليشيات الجنجويد ودورهما المشترك في مأساة دارفور؛
    (3) إبراز مطالب حركتي تحرير دارفور وأهالي دارفور المعبر عنها في مؤتمراتهم المختلفة،ومؤتمرات وبرامج الحركة المسلحة؛
    (4) الحلول العاجلة للمأساة؛
    (5) الحلول المستدامة (آفاقها وكيفية تنفيذها)؛
    قال الرئيس عمر البشير وهو يخاطب احتفالات الاتحاد العام لنقابات عمال السودان بعيدهم الوطني الرابع عشر بقاعة الصداقة في 5 أغسطس2004، إن البلاد تتعرض لحملة ضارية ومعادية ومضلله لتحجب الحقيقة وتقدم المبررات لقوى الاستكبار المتغطرسة لتدنيس تراب البلاد. وان مشكلة دارفور انطلقت لقتل فرحة الشعب باتفاق السلام. ووصف القضية في حقيقتها وجوهرها بأنها نزاع تقليدي على الموارد ألبست ثوب التهميش.(!) (راجع الصحافة الجمعة 6 أغسطس 2004)
    وذكر وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل الذي كان يتحدث للصحفيين عقب اجتماع مجلس الوزراء في أول أغسطس 2004، إن مجلس الوزراء رأى أن قرار مجلس الأمن اغفل السبب الرئيس وراء هذه الأحداث، وهو أن حركة التمرد هي التي بادرت ورفعت السلاح وبالتالي تتحمل المأساة الإنسانية والأمنية التي حدثت في دارفور .(!)".
    غير أن هذا تنصل واضح من الحقيقة ومحاولة بائسة لإخفاء من يقفون وراء المأساة في دارفور وفوق هذا كله فإنه تزييف مكشوف للحقائق لا يستطيع أن يصمد أمام منطقها الواضح القاطع. فالواقع يقول أن الجبهة الإسلامية القومية هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن المآسي الإنسانية الراهنة في دارفور منذ أن أصدر الدكتور حسن الترابي عندما كان عراباً للجبهة ويمسك بمقود وكل مفاصل النظام،فتوى تبيح تمزيق دارفور الكبرى لقيام حزام امني عربي إسلامي هو في الواقع تأمين لدولة عربية إسلامية في السودان بما فيه كل الغرب.
    جاء في تلك الفتوى التي أصدرها د. حسن الترابي : "إن الإسلاميين من القبائل الزنجية صاروا يعادون الحركة الإسلامية وتهدف خطة الجبهة الإسلامية إلى تأييد القبائل العربية بإتباع الخطوات التالية: "التهجير القسري للفور من جبل مرة وحصرهم في وادي صالح ونزع سلاحهم كلياً،وإعادة توطين المهيريا والعطيفات والعريقات (قبائل عربية). وعدم إعادة السلاح للزغاوة وتهجيرهم من كتم إلى أم روابة (ولاية شمال كردفان) وتسليح القبائل العربية وتمويلها بحيث تكون نواة التجمع العربي الإسلامي". [راجع صحيفة السودان 20/9/1992م وكتاب السودان حروب الموارد والهوية –الدكتور محمد سليمان].
    هذه الفتوى تمثل الأساس الذي انبنت عليه الخطة ويجري تنفيذها حرفياً فيما يحدث الآن في دارفور حتى بعد انتزاع مقود السلطة من الترابي .لان محتواها الأيديولوجي والسياسي في جوهره وعمقه الطبقي يمثل مصالح الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة التي تتشابك فيها مصالح فئات من بعض القبائل العربية مع بعض من أبناء قبائل الزرقة، بدليل أن معظم القبائل العربية الكبيرة لم تشترك في هذا المخطط بل رفضته وقاومه بعضها عندما تم الشروع في تنفيذه. ولم تشارك من الزرقة إلا فئات محسوبة من الموالين للسلطة ومن التقت مصالحهم الطبقية معها.
    لقد اجتهد الرئيس عمر البشير لنفي تهمة مخطط دارفور ومأساتها عن الجبهة القومية الإسلامية أو أي دور لها فيه عندما قال في خطابه بمناسبة افتتاح منشآت مصنع سكر النيل الأبيض في 4/4/2004 : "إن المؤتمر الشعبي كاسم غير موجود،لكن هناك رجل واحد اسمه الترابي، يقول لهم اذهبوا شرقاً أو غرباً فيذهبوا" وهذه دماء مسلمين ونحن نبرأ لله من دماء المسلمين ومن كل ما يعمله الترابي "."كان في زول شيخنا وزعيمنا لكن لقيناه راجل كضاب ومنافق... هناك أناس هم أعداء للوطن وأعداء للشعب السوداني لا يريدون للحرب أن تتوقف أو للموت والدمار أن يتوقفا ..هم يريدون أن يمزقوا البلد ويحرضوا المسلمين لقتال بعضهم بعضا.. ما هو حكم من يحرض على قتل المسلم ويتسبب في سفك الدماء؟ الغريب أن هذا الرجل قضى كل عمره في غش الناس ينادي بالشريعة،واليوم قال لا أريد الشريعة.. والخمر كانت في مدينة الرسول .. هل سمعتم بمثل هذا الحديث؟ وهل سمعتم انه كانت هناك مريسة تباع في مسجد الرسول .. والبارات التي أغلقها نميري قالوا أنهم يريدون فتحها في الخرطوم .. لا اله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الترابيون .. ولو كره المنافقون". ومع ذلك يثبت البشير أن الترابي هو الذي وضع مخطط الابادة. [راجع الأيام 5 ابريل 2004].
    البشير يفرض علينا أن نثير ذات التساؤلات عندما قال له الترابي اذهب الى القصر رئيساً وسأذهب أنا إلى السجن .
    * ماذا كان رأي البشير في فتوى الترابي تلك وهو رئيس للدولة ؟
    * لماذا سكت البشير كل هذه المدة وهو يرى كيف يذبح المسلمون في دارفور ويقتلعون من ديارهم ؟
    * وهل انتهت تلك المآسي بذهاب الترابي ؟
    * وهل توقف تنفيذ المخطط منذ أن ابعد الترابي من السلطة؟
    * ولماذا يثير البشير هذا الحديث الآن بعد أن أصبحت دارفور مسلخاً بشرياً ضـجَ العالم كله من هول المجازر التي ترتكب فيها؟
    هذا ما سنحاول توضيحه في هذا الفصل، وعندما يثبت بالوثائق الدامغة أن الحركة الإسلامية واصلت ذات مخطط الترابي، يكون البشير قد وضع نفسه وحكومته وحزبه في مكان لا يحسدون عليه، خاصة بعد أن وصف شيخه(سابقاً) بكل تلك النعوت!
    إن الخطة التي وضعها الترابي هي التي تشق طريقها الآن في دارفور، وبتوسع وتطوير في الأساليب والسيناريوهات لتساير متغيرات الظروف .. مستعملة كل أدوات التدمير والقتل والسبي والاغتصاب والتخريب وكل الأساليب التي من شأنها أن تؤدي إلى اقتلاع قبائل الزرقة من قراهم ومزارعهم وتوطين بعض من بعض القبائل العربية المستقرة والمجلوبة من الخارج، التي سماها الترابي وتلك التي لم يذكرها .
    في واقع الأمر، فإن ما تمارسه الجبهة القومية الإسلامية في دارفور هو امتداد ومواصلة لمخطط قديم طويل المدى،يستهدف في نهاية المطاف إقامة حزام عربي امني يمتد من إقليم كردفان ويضم دارفور الكبرى ويصبح درعاً،كما تصور الترابي ...لاحقاً للدولة العربية الإسلامية الكبرى في كل السودان والتي كان يحلم أن يكون على رأسها، وتحمل دارفور اسماً غير الذي يشير إلى سيادة قبيلة الفور.
    بدأ تنفيذ هذا المخطط مجموعة تسمي نفسها (التجمع العربي) وكشف هذا التنظيم عن نفسه لاول مرة في عام 1987 في مذكرة رفعها للسيد الصادق المهدي عندما كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت ووقع على تلك المذكرة 23 من قيادات هذا التنظيم وهم:
    1. السيد عبد الله علي مسار 9. الناظر الهادي عيسى دبكة 17. الدكتور عمر عبد الجبار
    2. شارف علي حقر 10. الطيب ابو شمة 18. عبد الله يحي
    3. إبراهيم يعقوب 11. سندكة داؤود 19. حامد محمد خير الله
    4. حسين حسن الباشا 12. هارون علي السنوسي 20. عبد الرحمن علي عبد النبي
    5. حامد بيتو 13. سليمان جابر أبكر 21. محمد شحاته احمد
    6. تاج الدين احمد الحلو 14. الناظر محمد يعقوب العمدة 22. جابر احمد رابح
    7. أيوب بلولة 15. زكريا إبراهيم أبو الحبوب
    8. محمد خوف الفاضي 16. محمد زكريا دلدوم
    ولا نستطيع أن نجزم أن كان هذا النفر كله أو بعضه لازال يعمل في هذا التنظيم بأي صورة من الصور أبرز ما جاء في تلك المذكرة هو: أنهم ضمن القبائل العربية التي وفدت إلى السودان في القرن الخامس عشر الميلادي،وان تعددت قبائلهم إلا أنهم ينتمون إلى اصل واحد عربي وأنهم استقروا في إقليم دارفور ويمثلون 70% من مجموع سكانه،ويصل المتعلمون منهم إلى 40% من أبناء الإقليم وبينهم مئات من حملة الشهادة السودانية .ويسهمون بنصيب الأسد من فلذات أكبادهم في الجيش السوداني ويشاركون بـ15% في الدخل القومي و90% من دخل إقليم دارفور. وقدموا 14 نائباً للجمعية التأسيسية يمثلون حسب ما جاء في مذكرتهم العنصر العربي الإسلامي تمثيلاً حقيقياً. لهذه الأسباب مجتمعه فإنهم يطالبون بتمثيلهم بـ 50% كحد أدنى في المناصب الدستورية في حكومة الإقليم وممثلي الإقليم في الحكومة المركزية. وحذروا من الإهمال للعنصر العربي في المشاركة قبل أن يفلت الأمر من أيدي العقلاء ويحدث ما لا تحمد عقباه.
    وعندما تم تكوين حكومة الإقليم في العام 1988 ولم تنل رضاهم، أصدرت اللجنة التنفيذية للتجمع العربي بياناً (سري للغاية) لأعضائها الملتزمين جاء فيه أننا لن ننال مكانة في دارفور إلا بالكفاح والتصميم، واتخذت القرارات التالية وأدى أعضاؤها القسم على تنفيذها:
    * اثارة المتاعب في طريق الحكومة الإقليمية لإقلاقها واستخدام كل الوسائل المتاحة حتى لا تتمكن من تنفيذ سياستها وبرامجها الإصلاحية؛
    * العمل على شل مرافق الخدمات بمناطق الزرقة وزعزعة المواطن وجعله يشعر بضعف الحكومة وعجزها عن توفير ابسط مقومات الحياة؛
    * مضاعفة المتطوعين في كل مناطق الزرقة لأن الواجب يحتم علينا عدم استتباب الأمن ووقف الإنتاج بهذه المناطق وتصفية الزعماء؛
    * العمل على خلق منازعات بين قبائل الزرقة حتى لا يكونوا متحدين.
    على أعضاء التجمع الذين يشغلون وظائف قيادية الالتزام بالآتي:
    * تركيز الخدمات في مناطق نفوذ التجمع ما أمكن ذلك؛
    * عدم وضع أبناء الزرقة في مناطق ذات أهمية، والعمل على وضع العراقيل أمام الذين يتبوأون وظائف إدارية كلما سنحت الظروف؛
    * العمل بكل الوسائل والسبل لوقف استقرار المدارس في مناطق الزرقة.
    في الفترة 1987-1989م رغم ضيق فرص عمل التنظيم بصورة مكشوفة نتيجة للتحول الديمقراطي الذي شهدته البلاد بعد انتفاضة مارس / ابريل 1985م إلا أن عمل التنظيم بدأ في التصاعد وانتقل إلى العمل العسكري المنظم بصفة خاصة بعد الفتوى التي أصدرها الترابي في 1992م واتخذ أساليب عمل مختلفة وأصبحت له قوات نظامية ومليشيات مثل الجنجويد وصارت له قيادة عسكرية موحدة تحت إمرة لجنة التجمع العربي بإقليم دارفور. يعكس البيان الذي أصدرته (إدارة العمليات العسكرية) التابعة لهذا التنظيم في العام 1992 ضخامة حجم المخطط والأهداف التي قرر التنظيم تنفيذها. وقد وردت الأوامر حرفياً كما يلي:
    *حرق وإبادة الأرياف المشار إليهم، وعلى العمد والمشايخ أن يلزموا أفراد سلطاتهم بالقسم حتى يكون الأمر في ثقة تامة. والاستعانة بالمتطوعين من القبائل غير العربية مثل الزغاوة في الإجراءات الحربية والتدريب العسكري، بالإضافة إلى الدراسات الجغرافية حتى تبدو واضحة لمن يراد ابادتهم؛
    * اخذ جميع الماشية والدواب من قبيلة الفور بكل الوسائل.
    * قتل زعماء وممثلي ومثقفي الفور وحصر المتبقين منهم في المدن والسجون واغتيال من توجد وسيلة لاغتياله.
    *ايقاف كل وسائل الحركة المساعدة للبلاغات والإسعافات السريعة وقطع كل وسيلة للاتصال؛
    * وضع معسكرات المقاتلين من القبائل العربية فوق الجبال التي تبدو عالية وبعيداً عن متناول المهاجمين من الأعداء ولا يستطيعون الوصول إليها؛
    * نجدة الحركات العربية في المناطق التي عليها مقاومة الهجوم وإرسال أعداد كبيرة من المقاتلين إليها؛
    * توزيع الوافدين من العنصر العربي من تشاد على المناطق العربية من الإقليم مثل : وادي صالح، ومكجر، ووادي كجا؛
    * توزيع قوات الدفاع الشعبي من الوافدين من كردفان من بعض القبائل العربية على جبل مرة، وجنوب غرب كاس، ووادي باري.
    وذكر البيان أن هذا التوزيع للقوات حتمته ضرورة أن العدو يعتمد على الكفار والمشركين.(!!)
    ويلحظ القارئ هنا تداخل قوات التنظيم العربي مع قوات سلطة الإنقاذ ممثلة في الدفاع الشعبي، وحرية التنظيم في توزيعهم كما يشاء على المناطق التي يحتاج للدفاع عنها أو تلك التي يريد الهجوم عليها.
    تغيير في الاسم وليس الأهداف
    في العام 1998 أصدر التنظيم بياناً (سري للغاية) باسم آخر هو (قريش) ويبدو انه استملح الاسم لتأكيد الانتماء للقرشيين بهدف التأصيل وتقرباً من النبي (ص) إمعانا في خداع البسطاء، غير أن هذا التغيير في الاسم لم يغير في أهداف الحركة ومخططها، اذ يُذكِّر البيان في مقدمته جميع المنتمين إليه والذين اقسموا على المصحف تنفيذ مخططاته المتفق عليها في بيان اللجنة التنفيذيه للتجمع العربي وإدارة العمليات العسكرية.
    ويورد التقرير "أن الجعليين والدناقلة والشايقية حالوا بيننا وبين حكم السودان لمدة تناهز القرن، وهم مهما تدثروا بثياب العروبة فهم هجين أصبح عرقاً وثقافةً جزءاً لا يتجزأ من النسيج النوبي المتمصر، وستظل تلك الفئة تتشبث بحكم البلاد إلى الأبد . إذ بلغنا أن أطراف هذا الثلاثي قد اقسموا مؤخراً على أن تبقى السلطة تداولاً بينهم"!
    هذا الاستنتاج الممعن في السذاجة هو محاولة لاستغفال البسطاء من الناس. إذ كيف يتأتى للجعليين والشايقية والدناقلة المنتشرين في كل بقاع السودان بل والعالم ان يجتمعوا كقبائل ويتفقوا على – القسم - على حكم السودان إلى الأبد!.. وهل هناك أصلا ابد؟
    هذه المقولة أيضا لا علاقة لها بسلطة الحكم تاريخياً أو حالياً. فالغفلة السياسية ضمن عوامل أخرى هي التي وضعت السلطة الراهنة في يد بعض من أفراد هذه القبائل المنتسبين أو الملتزمين في تنظيم الجبهة القومية الإسلامية أو الذين استطاعت إغواءهم بالمنصب أو الثروة من الشرق والغرب والشمال والجنوب،وهم لا يمثلون قبائلهم، بل نفذوا الانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989م لمصلحة الجبهة الإسلامية ومشروعها الحضاري الذي هو غطاء لدولة الرأسمالية الطفيلية.
    ومع ذلك فإن هذا التنظيم قد وضع نفسه في خدمة برنامج هذه الفئة الطفيلية من الرأسمالية التي يسميها (الثالوث) بل أصبح شريكاً لها في كل ما قامت به في دارفور كما سيرد لاحقاً .. وذلك لان التجمع العربي المزعوم أو (قريش) يمثل في قمته امتداداً لمصالح طبقيه يربطها حبل من مسد مع رأسمالية الجبهة القومية الإسلامية مهما تقاطعت هذه المصالح واختلطت بالقبلية وتراكم فوقها غبار كثيف من التطهير العرقي وغيره من الأسباب الموضوعية وغير الموضوعية.
    وكان الترابي وهو يضع مخططه لتهجير قبائل الزرقة إلى خارج دارفور قسراً وتسليح القبائل العربية وتمويلها بحيث تكون نواة التجمع العربي الإسلامي كما جاء في فتواه التي اشرنا إليها سابقاً،على بينه ودراية بهذا التوجه الطبقي.
    ما هو خطير حقاً في هذا المخطط هو انه يهدف في حده الأدنى للاستيلاء على ولايات دارفور الثلاث ومن ثم ضم كل كردفان لتصبح جزءاً من الحزام الأمني العربي الإسلامي تمهيداً لقيام دولة الغرب الكبرى في موعد أقصاه عام 2020. وقد تعجل الأحداث الداخلية والعالمية بتبكير موعد قيامها وهذا ما ورد في ذات البيان المشار إليه.
    وهذا يفسر تصاعد وتيرة التهجير القسري بوحشية غير مسبوقة في هذه الفترة، والقتل الجماعي وحرق القرى والمزارع ونهب الماشية والأموال، وغيرها خلال السنتين الأخيرتين، والإصرار على السير في هذا التهجير رغم استنكار العالم اجمع وعلى رأسه هيئة الأمم المتحدة ‘ وهو يفسر أيضا تلكؤ السلطة في تنفيذ ما اتفقت عليه مع الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة كوفي آنان بحجة أن الفترة الزمنية غير كافية.
    الوسائل التي أوردها المخطط استعداداً لتنفيذ قيام هذه الدولة في البيان الذي صدر في 1998 تتمثل في:
    * الاهتمام الخاص بالتعليم أفقيا ورأسياً لإعداد كوادر عالية التأهيل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية والعسكرية. وإقامة مؤسسات اقتصادية والانخراط الواعي في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية .. مواصلين خطة التعاون مع السلطة القائمة والمحافظة على علاقات العمل القائمة مع الشخصيات المحورية من أبناء الثالوث (الجعليين – الدناقلة - الشايقية) في قيادة الدولة"!! والتنسيق مع أبناء العمومة في الوسط والشرق والتأكيد على أهمية قبائل التماس وحث الدولة على المزيد من دعمها وتسليحها وتدريبها – الدفاع الشعبي، والمجاهدين، وقوات السلام وحث جميع القادرين من الأهل للعمل في قوات السلام.
    ويركز البيان على عدد من القضايا التي يعتبرها محورية مثل:
    * عدم اثارة موضوع البترول حالياً؛
    * تامين المراعي الكافية للرعاة في السودان وتشاد وافريقيا الوسطى؛
    * محاربة الأعراف الخاصة بحيازة الأراضي (حواكير، ديار...الخ) بشتى الوسائل؛
    * إبراز دورنا القومي في التصدي للقبائل غير العربية في الغرب كامتداد طبيعي للتمرد؛
    * توسيع فجوة الثقة بين المركز وأبناء القبائل غير العربية بدفع القيادات المنتقاة من أبناء الزرقة إلى المزيد من التطرف في التعبير عن الظلم الواقع على الغرب ومجاراتهم في النعرات الجهوية والعنصرية؛
    * السعي للحصول على المزيد من المناصب الدستورية في المركز والولايات وتمكين القرشيين في دارفور؛
    * الاستعداد لأي انتخابات ولائية في ولايات غرب السودان الستة (في دارفور وكردفان) [لاحظ الربط المستمر بين دارفور وكردفان كما هو في الخطة]
    * الحرص على الانضباط والنأي عن السلوكيات الطائشة كالحديث عن دولة البقارة(!)
    اما بالنسبة لعملهم خارج السودان فالبيان يؤكد أهمية:
    * تقوية التنسيق والتشاور مع القرشيين في دول الجوار؛
    * تطوير التفاهم مع الجماهيرية على مدى ما اختطه البقلاني أصيل والشيخ بن عمر؛
    * تطوير سباق الهجن والاستفادة منه في توثيق الروابط مع الأشقاء في الخليج؛
    هذا العمل الخارجي يعكس الارتباط العميق والممتد مع قوى أجنبية عربية وغير عربية ودورها في تنفيذ المخطط وهو في ذات الوقت يدحض الادعاءات التي تتهم الآخرين بتدويل مشكلة دارفور. وهو يكشف أيضا التنسيق التام بين التنظيم وسلطة الإنقاذ.

    تصاعد تنفيذ المخطط
    يصل المخطط مراحل بعيدة في التنفيذ عندما تتحرك لجان تنسيق التنظيم جهاراً نهاراً وعلى مسمع ومرأى من الدولة وتعقد الاجتماعات العامة وتقوم بطوافات على كافة مناطق الإقليم تبشر بدعوتها هذه. والأمثلة لا تحصى ... ولكن نستعرض هنا على سبيل المثال البيان الذي أصدرته اللجنة السياسية للتنظيم – لجنة التنسيق- في 15 نوفمبر 2003م عن زيارتها لمناطق محليات : تلس، وبرام، ورهيد البردي، وعد الفرسان في الفترة 10-15 نوفمبر 2003 والتقت في هذا الطواف بزعماء الإدارة الأهلية والقيادات- السياسية والتنفيذية وبعد شرح أهداف الطواف توصل الجميع في تلك المحليات إلى عدد من القرارات واقسموا اليمين على تنفيذها وكان أبرزها هو:
    * أن يسير المخطط بقوة نافذة حتى يخرج للعمل متكاملاً وسليماً؛
    * الاستعانة القصوى بالعلماء وأهل الرأي والفكر والاقتصاد؛
    * العمل على رأب الصدع بين القبائل العربية وبسرعة؛
    *تناول القضية في إطار الدين والشرع وسماحة الإسلام؛
    *تعميم الفكرة على مستوى السودان؛
    *تغيير اسم الولاية إلى اسم آخر مناسب؛
    *تامين العلاقة مع الحكومة المركزية ومركز التنظيم؛
    *وضع خطة دفاعية مشتركة بين البطون؛
    *وضع دستور أو نظام سياسي واضح لنداء العمل؛
    *السرية التامة؛
    *ضرورة جمع الزعامات العربية في مكان واحد لتأمين الفكرة والسعي لتحقيقها وترجمتها في الواقع؛
    *الاستيلاء الكامل على السلطة في جنوب دارفور بناءً على الأغلبية الميكانيكية؛
    *مراجعة مسألة الإعفاءات من الخدمة في كل المجالات مع الخرطوم؛
    *تشجيع أبناء البطون على الدخول في الكليات العسكرية والجيش والسلطة؛
    *مواصلة تنظيم الجنجويد؛
    *الطاعة المطلقة للقيادات العربية وخاصة مجلس التنسيق؛
    *الانتباه لحركة التجارة الخارجية وخاصة تجارة الحدود؛
    *العمل بكل الوسائل لاستيعاب الخريجين في المصالح الحكومية والمؤسسات؛
    *التعاون التام للمعتمدين مع أمانات المؤتمر.
    لا أظنني في حاجة للتعليق على عمق وترابط العلاقة بين السلطة سواء في المركز أو ولايات دارفور الثلاث في تنفيذ المخطط. فما سبق ذكره يتحدث بنفسه عن هذا الترابط وهو يدمغ سلطة الإنقاذ ويؤكد مواصلتها لذات ما جاء في فتوى الترابي، كما يؤكد مسؤوليتها المشتركة عن المآسي الإنسانية الراهنة في دارفور . وسنواصل تأكيد ذلك بالوثائق الدامغة.
    في الأشهر الماضية صدرت وثيقة بعنوان (الحركة الإسلامية وقبيلة دارفور) (سري للغاية). ورغم أنها غير ممهورة باسم فرد أو تنظيم، إلا أن عباراتها عن (البيعة الكبرى) و(المشروع الحضاري) و(المسيرة المليونية) و(التمكين) و(انشقاق بولاد) وغيرها من المصطلحات المكررة التي حفظها الناس عن ظهر قلب تفضح الجهة التي أصدرتها. والوثيقة دليل دامغ على إصرار الجبهة القومية الإسلامية على السير في المخطط رغم الإخفاقات التي واجهتها في دارفور.
    وبما أننا كما اشرنا في مقدمة هذه الصفحات أن هذا الفصل يركز على التوثيق ليدعم تورط الحركة الإسلامية فيما حدث في دارفور، فإننا نستميح القارئ العذر ان أسهبنا في هذه الوثيقة الهامة.

    جاء في الوثيقة ص(2):
    يرجع عدم انفعال قبيلة الفور بمشروعات الطرح الإسلامي لعدة أسباب،هي:
    1. عدم الثقة بين الحركة الإسلامية والفور، خاصة بعد الانشقاقات المتتالية للفور في الحركة، مثل الرشيد الطاهر بكر وفاروق محمد آدم وعبد الجبار آدم وداوؤد يحيى بولاد. فقد نظروا إلى أن الحركة الإسلامية تقف دائماً إلى جانب أعدائهم. فهي كانت وراء الحملة الإعلامية التي وقفت ضد احمد إبراهيم دريج في أواخر الثمانينات، إضافة إلى وقوفها مع القبائل العربية في وقت كانت تخوض فيه القبيلة صراعاً صفوياً غير متكافئ. وحقيقة فقد وقفت الحركة الإسلامية ضد السماح بالمسيرة المليونية السلمية للفور تنديداً بالنهب المسلح وخروج قوات الفيلق الإسلامي من دارفور؛
    2. انقطاع الوسيط القيادي بين الحركة الإسلامية والفور بخروج كل من بولاد وعبد الجبار وفاروق. ولم يستطع بقية أبناء دارفور المنضمين للحركة الإسلامية من ملء الفراغ الذي تركوه؛
    3. انشقاق بولاد العسكري أصاب الحركة الإسلامية في مقتل حيث أنها فقدت أكثر أبناء دافور تنظيماً وكسباً وابتلاءً، وفقدت القبيلة كادراً وسيطاً كان يمكن أن يسهم في تقريب الشقة بين الطرفين؛
    4. الحسابات الخاطئة لزعماء وقادة مثقفي القبيلة تجاه ثورة الإنقاذ حيث أنهم راهنوا على قصر عمرها، مما أقعدهم عن أي عمل ايجابي . وحين جاءت حركة البيعة الكبرى جاءت باهتة بلا اثر سوى المظهر الخارجي؛
    5. فشل الحركة الإسلامية في تفهم نفسية الفور وقد تعاملت معهم بتعالٍ وبدفع من جهات ذات مصلحة في هذا. ولم تقدر الحركة الإسلامية حجم الخسارة التي ستجنيها من عدم انفعال قبيلة بهذا الارث الحضاري والديني بمشاريع التوجه الحضاري.
    إن الحركة الإسلامية قد أخفقت منذ أن بدأت تهاجم دريج واستمرارها في سياساتها السلبية تجاه الفور وقضاياهم كالنهب المسلح والحروب القبلية. إن الحركة الإسلامية لم تستفد من الخطأ التاريخي لعبد الله التعايشي (تورشين) عندما أراد أن يمهود (أي يجعلها مهدية) قبيلة الفور وزج بقياداتها في السجون. وحينما تقدمت جيوش الاستعمار وألحقت به الهزائم أراد أن يلجأ لدارفور ولكن علي دينار أوصد في وجهه كل أبواب الغرب.
    6. المحن المتتالية التي مرت بها القبيلة من مجاعات وحروب أهلية ونهب مسلح وصراعات إقليمية داخل دارفور والصعوبات المعيشية الهائلة التي نتجت من جراء هذا جعلت أبناء القبيلة في شغلٍ بهمومهم الخاصة عن المشاركة العامة.
    7. الاتجاه العروبي للحركة الإسلامية السودانية والذي جعلها تنظر لكثير من قضايا دارفور نظرة عروبية.
    كل من يقرأ هذا النقد لذات الحركة الإسلامية يتوقع أن تستفيد من أخطائها والدروس التي خرجت بها وتأخذ العبرة من الفخ الذي وقع فيه (تورشين) على حد قولهم وتصحح مسيرتها مع الفور وغير الفور من القبائل غير العربية، وتعدل الحركة الإسلامية من أحاديتها العروبية الإسلامية.
    ولكن وبما أن القضية ترتبط بمصالح طبقية ولا علاقة لها بالإسلام ولا يجمعها جامع مع كادحي الغرب ومسحوقيه ومن بينهم معظم الفور، وتستبطن مصالح الجبهة القومية الإسلامية لتكريس السلطة في يدها والاستمرار فيها بإخضاع القبائل واحدة تلو الأخرى لتلك المصالح الطبقية – مع شراكة الفئات الثرية من هذه القبائل في شرائحها القائدة- وردعها ان خرجت عن الطاعة والولاء التام والبيعة. لكل ذلك فإننا لم نكن نتوقع ان تتراجع الحركة الإسلامية عن اخطائها تلك او تعترف بها، ولم يكن مدهشاً ان تفكر في المزيد من الأساليب والحيل والمبررات التي تستطيع ان تخضع بها قبيلة الفور، بل وصل التفكير حد ابادتها أن أصرت على عدم الخضوع للجبهة القومية الإسلامية، أو أن تظل حجر عثرة أمام مصالحها كما جاء في فتوى الترابي.
    ولذلك لم يكن مستغرباً ما جاء في ذات الوثيقة: "إن ضعف مشاركة القبيلة في مشاريع الثورة المطروحة، قد اضَر بها كثيراً، بل أنها صُنِِفتْ ضمن القوى المعارضة للتوجه الحالي".
    صحيح انه تمت محاولة لوضع بعض المعالجات مثل البيعة والمشاركة في الحركة السياسية العامة، ولكن الصحيح كذلك أن الثورة لا تقنعها هذه الشكليات فالثورة تؤمن بكم ساهمت القبيلة من المجاهدين؟ وبكم تجريدة ساهمت؟ وكم معسكراً للتدريب فتحت؟ وهذا ما لم تجده في القبيلة؟
    ان ما توصلت اليه الثورة هو تجاوز هذه القبيلة التي تحتل موقعاً استراتيجياً لنشر مفاهيم الحركة الإسلامية الى غرب افريقيا ووسطها اضافة الى احتلالها لموقع يمكن اعتباره خطاً دفاعياً للحركة الإسلامية اذا دارت عليها الدوائر.
    هذا ما كان يفكر فيه الترابي عندما كان يحلم ويخطط لدولته الكبرى التي ستهزم أمريكا ودول الاستكبار الأخرى، ووضع جوهر أركانها الأساسية قبل اثني عشر عاماً، وهاهي تنفذ الآن أمام أعيننا- بدون مشاركته- وتطبق أفكاره وقع الحافر على الحافر.
    إن الحركة الإسلامية هي التي عملت على خلخلة النسيج الاجتماعي لإقليم دارفور، وأججت صراعاته القبلية، وبالتالي مهدت بكل سياساتها الفاشلة الى قيام التنظيمات المسلحة التي شرعت تناضل ضد الظلم والغبن الاجتماعي الذي يتجرعه المسحوقون في دارفور.
    ويصل الإصرار على هذه السياسات الفاشلة عندما تصبح العبارات المرعبة مثل ابادة القبيلة وسحقها ....الخ مصطلحاً عادي التداول مثل تحية الإسلام.. وكما يقتل سفاح مئات البشر دون أن يرف له جفن.
    جاء في ذات الوثيقة: "لهذه الأسباب تجاوزت الحركة الإسلامية هذه القبيلة وعملت على تقوية قبائل أخرى في روح الفرقة بين العناصر المكونة لسلطنة دارفور (الفور والتنجر وغيرهما). وان الحركة الإسلامية لن تطمئن ما لم تحجم هذه القبيلة أو تلاشيها حتى تبقى جبهة الغرب مؤمنة".
    هذا ما يحدث أمامنا حرفياً الآن في دارفور: حرب ابادة تامة للقبيلة، لا تفرق بين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ أو المعوقين، بل تتم ملاحقة الموجودين في المعسكرات داخل دارفور وتلك التي في تشاد لقتلهم، ومهاجمة المرضى في المستشفيات للإجهاز عليهم. وحرق الديار وما عليها وبمن في داخلها، ومحو القرى والأسواق والمزارع من الوجود وجعلها قاعاً صفصفاً من أي مواطن دارفوري، بل وإبعادهم إلى خارج دارفور كما قال الترابي (الى كردفان) الآن يبعدون إلى الخرطوم وعندما لم يحتملهم معتمد الخرطوم وسلطات ولايته،هجروا قسرا إلى القضارف وابعد آخرون إلى مدن البلاد في الأقاليم الجنوبية والوسطى بل والشرقية بل واجبر مئات الآلاف على الهجرة إلى تشاد وبعض البلدان المجاورة عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد المنظم.
    ليس ذلك (التلاشي) قاصراً على القبيلة وحسب، بل يتخطاها إلى اسم دارفور نفسها. بتغييره ومحوه من الخريطة السودانية،كما أشار إلى ذلك المخطط من قبل.
    ندلل على ذلك بالوثيقة الآتية والتي هي مثال فقط من بين عشرات الوثائق التي تؤكد ما ذهبنا إليه:
    صورة طبق الاصل
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الإقليم الأوسط
    رئاسة مديرية النيل الأزرق-الدمازين
    مكتب المحافظ
    مذكرةMEMO 18/10/1990
    الأخ بدري
    تحياتي وأشواقي لكم وأملي أن تكونوا بخير وصحة تامة
    عزيزي،،
    واصل إليكم الأخ احمد دقرشم من منظمة الدعوة الإسلامية يحمل اقتراحاً هاماً بتغيير اسم دارفور إلى الولاية أو الإقليم الغربي، وللحقيقة أن هذا الاسم كان جزءاً من عملية التعبئة التي صاحبت مشاكل الإقليم إضافة إلى انه لا يتناسق مع التسميات التي تحمل اسم قبائل رغم وجودها. بجانب أن الفور ليسوا أغلبية سكان الإقليم ولا أول من عمل سلطنة فيه.
    فالاقتراح وجيه رغم انه وجد معارضة
    مع تحياتي وحتى نلتقى
    اخوك /حامد قوريت.
    هذه الرسالة رغم طابعها الشخصي فإنها تحمل الطابع الرسمي لرئاسة الإقليم الأوسط وتشير إلى ضلوع شخصيات من منظمة الدعوة الإسلامية، في هذا المخطط الإجرامي.
    وهي تعبر عن استباحة الإسلاميين لمكاتب وأجهزة الدولة المختلفة لتنفيذ أهدافهم. كل هذا يصب في دور الجبهة القومية الإسلامية وسلطة الإنقاذ ومسؤولياتها عن ما يحدث في دارفور. تأكيداً لذلك نورد هنا بعض ما جاء في محضر الاجتماع المشرك بين لجنة امن ولاية جنوب دارفور ووفد من قبيلة الفور الذي عقد في مدينة نيالا في 13 أغسطس2003 وحضره والي الولاية الفريق الركن آدم حامد موسى. بعد مناقشات مستفيضة أمن الاجتماع على:
    1) هناك استهداف واضح من قبل بعض المجموعات العربية المسلحة التي تعتدي على الفور في قراهم ومزارعهم وتنهب مواشيهم وممتلكاتهم وتقتل الأنفس بغرض تهجيرهم والاستيلاء على مناطقهم.
    2) هناك قبائل تشادية دخلت السودان تحت ضغط الظروف الطبيعية والحروب، وهي امتداد لقبائل سودانية وقد استقرت هذه القبائل في دارفور والدولة لا تستطيع إعادتهم لأنهم حصلوا على الجنسية السودانية التي يحميها الدستور.
    3) عدم تنفيذ معظم قرارات مؤتمرات الصلح التي تم الاتفاق عليها وخاصة جانب الديات مما حرم أهل الدم من الاستفادة منها وقد شكل ذلك عدم قناعة لعدم وقوف الدولة معهم لرفع الضرر عنهم.
    4) مراجعة سجلات الدفاع الشعبي للتأكد من عدم صرف الأسلحة للقبائل واستردادها.
    رغم أن المحضر حاول أن يلتف على جوهر القضية إلا انه لم يستطع إلا الإقرار باستهداف الفور، وتأكيد أن الحكومة منحت القبائل العربية المجلوبة من الخارج الجنسية السودانية وهؤلاء يمثلون شقاً كبيراً من مليشيات الجنجويد، والإقرار باحتمال تسرب سلاح الدفاع الشعبي إلى أيدي غيرهم. كل هذا تأكيدٌ لمسؤولية السلطة. يؤكد هذه المسؤولية أيضا التي تصل حد التواطؤ الواضح مع المعتدين ما جاء في تقرير لجنة التحقيق في أحداث دارفور الموجه إلى رئيس الجمهورية في يوليو 2002: ورد في إفادات الضابط الإداري علي منصور ماينس الضي، محافظ محافظة كبكابية امام اللجنة (زغاوي): "في الأحداث الأخيرة عند سماعي الضرب بالذخيرة تحركت نحو القوات المسلحة والاحتياطي بالمدينة للوقوف على الأحوال بمنطقة قرى شوبا لاحتواء الموقف وتحرك العمدة ابكورة أيضا مابين القوات ورئاسة المحافظة . لكن للأسف لم تتحرك القوات المسلحة حتى التاسعة صباحاً،علماً بان الضرب بدأ منذ الساعة الرابعة والنصف صباحاً. وبالرجوع لقائد القوة علمت بتحرك القوة لموقع الحدث لكن مواطني شوبا رفضوا دخول القوة لأنها وصلت بعد فوات الأوان . وفعلاً فإن القوات المسلحة أبطأت في التحرك ولم تحسم الأمر رغم وجود الجناة قرب موقع الأحداث" [تقرير اللجنة ص7].
    وجاء في تقرير ذا ت اللجنة عن ولاية غرب دارفور: "رغم تكرار الأحداث والقتل والحرق والنهب إلا ان قوات الشرطة لا تتعامل بجديه لحسم الأمر ومتابعة الجناه . والواقع أيضا يؤكد رغبة العرب في اجلاء قرى الفور للاستيلاء على أراضيهم وان أصابع الاتهام تشير إلى أيادي كل من موسى هلال رئيس إدارة قبيلة المحاميد المقيم بمستريحة ومحمد يعقوب ناظر الترجم المقيم بنيالا".
    ولم نسمع رغم تقرير اللجنة هذا الذي تلي ونوقش واتخذت قرارات بشأنه في حضور الوالي أن أي إجراء قد اتخذ أو تحقيق قد تم أو مساءلة قد حدثت مع أي من المذكورين أو قيادة الشرطة.
    ما يجدر ذكره ان موسى هلال هذا هو نفسه الذي أشارت إليه وثيقة الأمن التي نشرتها صحيفة الميدان عدد يوليو 2004 ص4 وجاء فيها: (المزيد من الإبراز لموسى هلال وآرائه بل والإبراز لقادة القبائل العربية الآخرين للدفاع عن ما يلصق بهم زوراً وكيداً). دون إشارة لمثل هذا الابراز والدفاع عن شخصيات من القبائل الأخرى من الزرقة. موسى هلال هذا هو الذي اعترف في لقائه بصحيفة الصحافة في 8 يوليو 2004 بأنه مشترك في المخطط والجريمة باستنفار قبيلتة للقتال فقط !! قال: "هناك حقيقة لابد من إيضاحها، وهي أنني استنفر الناس ولست مقاتلاً ميدانيا.ً القتال يجري بأمر القوات المسلحة وتعليماتها وخططها العسكرية على مستوى الدولة .. نحن فقط نشارك في الاستنفار .. والمتحركات تضم تشكيلة من القبائل ونحن جزء منها". وهو اعتراف طالما عملت السلطة وإعلامها على إنكاره، وهو أن الجنجويد يعملون ضمن بعض القبائل العربية وفقاً لما تخططه القوات المسلحة وتصدره من تعليمات. في متحركات مشتركة. فهل الاستنفار للقتال ليس مشاركة فيه، قانونياً حتى ولو بجنحة التحريض عليه؟!
    في قضية بحجم مأساة دارفور لن نمل إيراد اكبر قدر من الأدلة والبراهين التي تؤكد دور السلطة وتحاول أجهزة إعلامها إغراقها في بحر من التهريج الأجوف ويعمل مسئولوها على تزييف الحقائق المحيطة بها في خداع واضح للرأي العام العالمي في المحافل الدولية.
    جاء في حديث الفريق الركن ادم موسى حامد والي ولاية جنوب دارفور أمام لجنة التحقيق المشار إليها: "المراحيل والدفاع الشعبي كان يسمح لهم بامتلاك الأسلحة. وأدى ذلك إلى تسليح المواطنين، وبدأت المواجهات باستخدام السلاح الناري. وقد سبب دخول السلاح مشاكل كبيرة. وعند قيام حملة الوالي الأسبق [يقصد الطيب إبراهيم محمد خير- سيخة] بجمع السلاح .. تم جمعه من المستقرين فقط دون الرحل". والرحل هم العرب الابالة في معظم الأحيان. وهذا يؤكد انحياز السلطة لأطراف بعينها في الصراع وتمنع جمعه من الآخرين.
    وهذا في ذات الوقت يضع السلطة في تناقض لا تحسد عليه عندما تصر اليوم على جمع السلاح من الجميع وليس من الجنجويد فقط الذين يمثلون الذراع الأيمن للسلطة في تنفيذ مخططها . فنزع السلاح منهم يصيب مخططها في مقتل.
    في سبيل تنفيذ هذا المخطط فإن الجبهة القومية لا تفرق بين الكافر والمسلم، رغم أن الأغلبية الساحقة من أهل دارفور جميعهم مسلمون، ولا تحترم قبيلة إلا بمقدار موالاتها للسلطة وطاعتها العمياء لها، وعدد مراكز التدريب التي فتحتها وكم عدد الذين قدمتهم (للجهاد) من أبنائها. من ابرز الأمثلة والشواهد على ذلك ما جاء في تقرير اللجنة المشار اليه: "هناك أحداث وقعت بين المعاليا والرزيقات [قبيلتان عربيتان مسلمتان] في قرية تبت في محافظتي الضعين وعديلة في ولاية جنوب دارفور. بلغت الخسائر فيها،حرق 70% من منازل المواطنين ومقتل 54 من المعاليا، كما أن عدداً كبيراً من الحيوانات من الأبقار والضان والماعز نفقت بسبب الحريق. كان ضمن المهاجمين قوات الدفاع الشعبي الذين يحرسون قطارات الجنوب من بابنوسة الى واو".
    ما يؤكد أيضا أن المخطط لا يقتصر على دارفور الكبرى وحدها، بل يمتد إلى ولايات كردفان أيضا ما قام به الأب فيليب عباس غبوش والرابطة العالمية لأبناء جبال النوبة مؤخراً بتقديمهم شكوى إلى هيئة الأمم المتحدة ضد تجاوزات السلطة ومليشيات الجنجويد بحق أهليهم وطالبوا الحكومة السودانية بدفع تعويض قدره 50 بليون دولار (خمسين) عن جرائم الابادة العرقية التي مارستها في منطقة جبال النوبة.
    ففي اجتماع لهم بالمستر كارين براندر كاست مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية ومساعديه في مكتبه بنيويوك في 16/11/2003. ابلغوه عن المظالم التي تعرض لها النوبة بوجه عام وطالبوا بحق تقرير المصير،ثم اصدروا بياناً بعد تلك الزيارة نشره موقع سودانايل بتاريخ 17/11/2003 ،جاء فيه: "زود الوفد الأمم المتحدة بتقارير كاملة عن ما يسمى بتنظيم قريش العربي وبعض اعضائه النشطين في أروقة الحكومة الحالية والمنظمات والذين يعملون على ابادة المجموعات الأفريقية، أي ما يسمونهم بالزرقة واحتلال مواقعهم بحلول عام 2020 مستغلين إمكانيات الدولة والمنظمات للتقوية وتأجيج الصراعات في المنطقة. وقد اعتبر الوفد تلك المجموعة محدودة ويجب ان يتم حسمها بعد التحري حولها وتقديم مجرميها للعدالة العالمية".
    هذا يدل على مصداقية المعلومات التي أوردناها في صدر هذا الفصل من الكتاب، كما يؤكد أيضا الدور الذي تقوم به السلطة في المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب في دارفور وغيرها ولا ينضب معيننا من الأدلة وشهود الإثبات. ومتحدثنا هذه المرة هو الفريق الركن إبراهيم سليمان رئيس آلية حفظ الأمن وبسط هيبة الدولة في دارفور وهو يدلي بتقرير أمام جلسة للمجلس الوطني في مايو 2003 . قال: "غالباً ما يقع حادث من المليشيات التي تتبع للفور تجاه العرب بصورة بسيطة، فيكون رد فعل الجنجويد عنيفاً ومبالغاً فيه على الأهالي، ويتمثل في حرق القرى وقتل أعداد كبيرة من الأهالي ونهب أموالهم في حين تختفي المليشيات وتعتصم بالجبال. ويكون رد الفعل من القوات الحكومية في المتابعة والملاحقة ضعيفاً".
    يصدر هذا من مسئول الآلية المناط بها حفظ الأمن وبسط هيبة الدولة وحماية المواطنين. ما يجدر ذكره أن هذه الآلية التي أُنشئت وفقاً للقرار الجمهوري رقم 138، في 11/5/2002م والقرار الجمهوري 283 في 13/8/2002 الذي عدل في تسميته عضوية الآلية، صُرفت في الفترة 21/5-13/8/2003 م اي حوالي عشرة اشهر مبلغاً قدره 4,750,000,000 (أربعة مليار وسبعمائة وخمسين مليون جنيه سوداني) على الأمن.
    ولا نشكك هنا في ذمة احد ولكننا نريد أن نؤكد أن حفظ الأمن واستعادة هيبة الدولة - التي فقدت إلى الأبد، لا تتم بالصرف مهما كان بذخياً، بل باحترام الشعب لهذه الدولة وثقته فيها، وعندما تبتعد عن الظلم وقهر مواطنيها وتقيم الديمقراطية وتحترم الرأي الآخر وتؤمن بالتداول الديمقراطي للسلطة وتحترم التعدد وحق القبائل المختلفة في العيش في ظل حق المواطنة صرف النظر عن الدين أو اللغة أو الجنس أو اللون أو الجهة، انه احترام طوعي لا يحتاج لآليات ثقيلة أو خفيفة تحفظ هيبتها، وتصرف أموالا طائلة كان الأولى بها المسحوقين من أهل دارفور والعاملين الذين لم يصرفوا رواتبهم لسنوات.
    ولهذا فشلت الآلية في حفظ الأمن وما كان بمقدورها أن ترد للدولة هيبتها التي ضاعت وسط قضايا كادحي دارفور. ولهذا تم حل الآلية بقرار جمهوري رغم انها كونت بقرارين جمهوريين. وهكذا هو حال القرارات التي لا تصدر من الشعب، بل تأتي عاجلة كالبرق، ومعزولة عن خصوصية الواقع وما يعانية أهله.
    وفي أعقاب حل الآلية تحول الأمر والنهي إلى القوات المسلحة السودانية. أنه نتيجة للقرار الذي أصدره رئيس الجمهورية عند زيارته لمدينة الفاشر وفي معيته الرئيس التشادي إدريس دبي في 12 ابريل 2003، أعلن إيقاف الحوار مع (المتمردين) وحسم المشكلة عسكرياً (لا حوار ولا تفاوض مع الخارجين) منذها تم نقل أمر المواجهة إلى القيادة العامة للجيش السوداني وتولت القيادة العامة إدارة العمل العسكري للمشكلة الأمنية في دارفور بالكامل وشكلت قيادة لإدارة العمليات برتبة فريق.
    وبهذا يدخل الصراع مرحلة الحسم في تنفيذ المخطط . إذ تصاعدت العمليات العسكرية البرية والجوية في تناسق تام مع مليشيات الجنجويد لاقتحام القرى والمدن والأسواق وفتح طاقة على جهنم لأهلها .
    كل هذا يتم تحت ستار مطاردة (المتمردين) من قوات المعارضة التي تحمل السلاح، او انها تختبئ في هذه القرى التي يتم قصفها، أو أن خطأ قد حدث في القصف كان يستهدف مراكز وقواعد حاملي السلاح.
    في هذا الجو الذي عملت السلطة عمداً على توتيره وإشعال نيران الفتنة فيه ليسهل تمرير المخطط ارتفع صوت الحق والعقل . وقف أهل دارفور جميعهم المساليت والفور والرزيقات والتعايشة والزغاوة والبرتي والهبانية البني هلبة، والتنجر والداجو، والمسيرية والمعاليا، والغمزالتاما، وبني حسين، الزيادية، الفلاته، البرنو، الميدوب، المحاميد،الماهرية، البرنو، الدونقا الفروقي، بني جرار العريقات، العطيفات، الجوامعة، الميمة، المهارية، الشطية، اولاد راشد، الكارا، الشاة، الكدوبات، الهوارة...الخ.
    مَثُّل هذه البانوراما ما لا يقل عن 300 مندوباً من معظم هذه القبائل توافدوا على العاصمة الخرطوم وعقدوا مؤتمراً في 15 فبراير 2004م كان هدفه الأساسي وقف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل القضية سلمياً ووضع الأساس للحل المستدام لمشكلة دارفور. كان مؤتمراً للتسامح والتعايش السلمي بين القبائل المختلفة في دارفور مفعماً بالعقلانية والموضوعية وحب الوطن كله.
    جاء في مبادرتهم التي وافق عليها هذا المؤتمر: "كل هذا العدد الكبير من القبائل الذين ذكروا أو لم يرد ذكرهم من القبائل،عاشت وتداخلت مع بعضها البعض وتصاهرت وأوجدت إنسان دارفور الحالي بكل خصائصة وثقافته .. وظلت العلاقات بين هذه القبائل تزداد قوة ومتانة عبر الزمان وأصبحت في حد ذاتها مؤسسات اجتماعية راسخة ومتعايشة لم تكن تعرف الحروب القبلية إلا في حدود ضيقة جداً وتقوم في الغالب بين أبناء الأعمام أو القبائل ذات العرق الواحد. لذلك لم تعرف دارفور اية مهددات امنية بسبب النزاعات العرقية".
    جاءت مبادرة أهالي دارفور حصيلة لأكثر من اثني عشر مبادرة توصل إليها عدد كبير من أهالي دارفور في مؤتمرهم المشار إليه ولهذا كانت جهداً جماعياً معبراً عن رأيهم في المأساة، وصادقة في تشخيصها لبعض جوانب المشكلة وجريئة وشجاعة في نقدها لممارسات السلطة الخاطئة.
    ورد في المبادرة عن فرض سلطة الجبهة لتوجهاتها السياسية ما يلي :
    "أصبحت القبيلة عنصراً أساسيا في مكونات الشراكة في السلطة والحكم ودخلت الموازنات القبلية عبر التأييد السياسي والمبايعات في توزيع المناصب الدستورية والتنفيذية محلياً وولائياً ومركزياً. وأصبح الطامحون في العمل السياسي بكل مناطق التخلف – وبدارفور على وجه الخصوص، اكثر تشبثاً بقبائلهم وأعراقهم حتى يتمكنوا من الوصول إلى المناصب ولعل من الملاحظ أن أفراد القبائل التي تستقطب في العاصمة الاتحادية أو حواضر الولايات لأداء البيعة أو تأكيد الولاءات السياسية للحكومة بإسم القبيلة، قد أصبحت الى حد كبير ظاهرة دارفورية، وبذلك تقلص دور المنظمات وبينها منظمات المجتمع المدني المتجاوزة للقبليات والجهويات".
    هكذا تتحمل سلطة الجبهة الإسلامية فوق ما تحمل من أوزار، الأضرار المركبة الناتجة عن ضمور الإحساس بالمواطنة والولاء للوطن والبعد عن تشكل الهوية السودانية، بتعميقها للجهوية والقبلية، وهو يمثل احد دعائم مشروعها (الحضاري) الذي يستبطن إعادة تشكيل المجتمع السوداني والإنسان السوداني – بإبقائه في بطن قبيلته وفي احد أركانها القصية المظلمة المنسية من التنمية والتطور وروح العصر، ليسهل عليها خداعه ويمكن لها من الانفراد بالسلطة، ولو فوق جحافل الجهل والتخلف، وهذا قمة ما يهدف اليه مشروعها، وهذا ما عملت سلطة الجبهة القومية لترسيخه طوال سنوات حكمها وتجسد بصورته الراهنة الكالحة الظلام في دارفور.
    كان مؤتمر أهل دارفور واضحاً في توجهه عندما اجمعوا بأن لهم قضية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية تتمثل في الإهمال والتخلف الاقتصادي والبشري والتهميش السياسي وعبروا عن ذلك منذ مطلع الستينيات عندما اندلعت ثورة أكتوبر المجيدة التي هزت ساكن الحياة في دارفور فكونوا تنظيماتهم الخاصة تعبيراً عن سخطهم على الأحزاب التقليدية وتطلعاتهم إلى التطور والتنمية والمشاركة الفعلية في السلطة السياسية وبتوفير العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، كي لا يظل الإقليم يعيش في القرون الوسطى ويعاني أهله الفاقة والجهل والحرمان .
    لقد عبر تجمع أهالي دارفور في مبادرته بصدق عن أن أهل دارفور ظلوا على الدوام يرفضون مبدأ تبني العمل المسلح في معالجة ظلاماتهم ويفضلون دائماً العمل عبر المنظمات المدنية والسياسية في ظل الديمقراطية والحريات الأساسية والسعي لتوحيد رؤية أبناء دارفور من اجل تحقيق مطالبهم.
    لكن غياب الديمقراطية وحجب الحريات الأساسية وفي ظل تسييس القبائل والعشائر والإدارة الأهلية، كل ذلك وفر ظرفاً ملائماً للعمل المسلح. وكما جاء في مبادرة أهل دارفور، هناك حركة سياسية متمردة تحمل السلاح في وجه الحكومة وتجد تأييداً كبيراً من مواطنين لا يحملون السلاح. وعبروا في المبادرة وهم يلخصون اللقاء الذي تم مع قيادتها واطلعوا على برنامجها بأن المتمردين ذكروا : "أنهم لم يحملوا السلاح رغبة في الحرب إنما لان حكومة الإنقاذ لم تترك لهم خياراً آخر، خاصة وأنها أعلنت على لسان رئيسها أنها لن تتفاوض إلا مع من يحملون السلاح".
    وبهذا فتح البشير طاقة لنظامه على جهنم وربما تفتح الأيام القادمات طاقات أكثر اتساعاً في العديد من المناطق المهمشة، اذا أصر نظامه على السير في ذات النهج الفاشل.
    وتؤكد وثيقة مبادرة أهل دارفور حقيقة المخطط الذي اشرنا إليه ومدى تورط السلطة فيه عندما تورد: "أن بعضاً من القيادات والعناصر العربية ظلوا منذ زمن يجندون المليشيات العربية الجوالة (الجنجويد) ويحرضونهم على حرق وتدمير قرى ومزارع وديار الزرقة ونهب ممتلكاتهم واستنزافهم اقتصادياً وقتلهم وتشريدهم من ديارهم وتصفيتهم عرقياً واحتلال تلك الديار والاستيطان فيها".
    وتواصل مبادرة أهل دارفور حصارها لسلطة الإنقاذ التي تحاول أن تتنصل من مسؤوليتها عن تدريب وتسليح وتخطيط العمليات وتنفيذها بالاشتراك مع الجنجويد لارتكاب تلك الفظائع.. عندما تذكر: "حينما قررت الحكومة حسم التمرد عسكرياً وجدت في بعض قيادات مليشيا القبائل العربية (الجنجويد) التي كانت متوجسة أصلا من حركة التمرد المسلح، خير معين لها، فوظفتهم لهذا الغرض إلى جانب القوات المسلحة لدحر التمرد".
    وتخلص المبادرة من كل ذلك إلى تحميل ما يحدث في دارفور لحكومة الإنقاذ عندما تقول: "إن سياسة هذه الحكومة في التعامل مع قضية دارفور بكل أبعادها الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية لم تكن سياسة حكيمة، خاصة تلك المتمثلة في استقطابها وتحالفها مع عناصر من قبائل محلية لمحاربة حركة التمرد التي قامت في ظل صراع عرقي حاد. فقد أدى ذلك التحالف إلى تجاوزات خطيرة كانت السبب الأساسي في تدمير النسيج الاجتماعي لأهل دارفور – احراق الارض وقتل البشر وقمع سلطوي لم يفرق بين المواطنين والمتمردين مما أدى إلى الغبن والاحتقانات والإحساس بالظلم مما ساعد في تغذية العمل المسلح بمزيد من العنصر البشري. وهكذا تصاعدت الأزمة في الإقليم وأصبح إنسان دارفور هو الضحية".
    بقي أن تعلم أن من يقف على رأس هذا الجمع من أهالي دارفور بمختلف قبائلهم وتنظيماتهم وشخصياتهم المدنية والعسكرية، واشرف على جمع مبادراتهم التي فاقت ألاثني عشر، وساعد في جمعها في مبادرة واحدة وتوصلت إلى هذه الرؤى، هو الفريق إبراهيم يوسف سليمان الذي كان والياً سابقاً لدارفور وأخر رئيس لآلية حفظ الأمن وبسط هيبة الدولة في دارفور.. وهذا يحمل الكثير من الدلالات والمؤشرات .. وجميعها تضع سلطة الإنقاذ في زاوية حادة يصبح الخروج منها أشبه بالنهوض من خازوق التركي للجلوس فوق خازوق آخر.. وتصبح محاولة خداع اهل دارفور وتزييف الحقائق لهم لا مكان لها .... فقد فقدت الإنقاذ دارفور بسياساتها المغامرة.
    رغم ذلك فان الإنقاذ مصرة على تنفيذ مخططها في دارفور. وهي عندما تعقد مؤتمرات الصلح وترسل وفود القبائل المختلفة لمناقشة حاملي السلاح وتملأ الأرض مراوغة وكذباً في المؤتمرات الدولية والإقليمية فإنها تفعل ذلك لتظهر كمن يدعو للسلام فعلاً ويعمل لحل الأزمة ... غير ان ذلك لا يعدو القول فقط بغرض التسويف وكسب الوقت فقط، بينما تعمل في عالمها السفلي على قدم وساق استمراراً ومواصلة لأهدافها تحت مظلة واسعة من التمويه. يكشف تقرير لجنة الزغاوة المنبثقة عن المؤتمر التشاوري لقيادات دارفور المنعقد في الفاشر في 24-25 فبراير بدعوة من رئيس آلية حفظ الأمن وبسط هيبة الدولة، المكلفة بالحوار مع حركة تحرير السودان،عن ما يلي : "جاء في رد حاملي السلاح، أنهم كانوا في البدء يواجهون اعتداءات من بعض القيادات من بعض القبائل العربية، ولكنهم اكتشفوا انهم في الواقع يواجهون الحكومة .. فقرروا مواجهتها مباشرة.. وذكروا أن الحكومة غير جادة في مساعي الصلح واستدلوا علي ذلك بفشل المساعي في المرات السابقة بسبب تعنت الحكومة، وأيضا لاستمرار العدائيات من جانب الحكومة، رغم قيام ملتقى الحوار وصدور التوصيات القاضية بضرورة حل المشكلة سلمياً". وضربوا مثلاً للعدائيات بحوادث جبل (روكرو). وقالوا أيضا: "أنهم مطلعون على كل الإشارات التي تصدرها الحكومة،وضربوا امثلة لذلك بـ:
    1) قبل اقل من نصف ساعة من الاجتماع المنعقد بيننا الان، صدر امر بتحريك مدفع 107 من الجنينة الى الجبل .
    2) صدر امر بتحريك 320 عسكري من نيالا الى الجبل.
    وجاء في تقييم اللجنة: "إن إغلاق الطرق التجارية المؤدية إلى دار زغاوة بحجة قطع الإمدادات عن المسلحين، سلاح ذو حدين، - صحيح ربما يتأثر المسلحون بإغلاق الطرق ولكن الضرر الأكبر يقع على المواطنين في دار زغاوة. وقد يكون لهذا الإجراء مردود سلبي .. وهو يحمل الناس على الانضمام إلى المسلحين بحجة ان الموت بالسلاح اشرف من الموت جوعاً كما قال بعض الشباب. أضف إلى هذا أن الطريق آمن ولم يبدر من المسلحين أي اعتداء بعد 11/3/2004".
    هذه الشهادة التي ترد من لجنة رسمية وفي تقرير رسمي مرفوع إلى رئيس آلية حفظ الامن وبسط هيبة الدولة، يدحض الادعاءات الحكومية القائلة بأن الحركة المسلحة هي سبب المأساة في دارفور. اكثر من ذلك تؤكد اللجنة في تقريرها لرئيس الآلية في البند (ج) من تقريرها : "يلاحظ ان كل الطلبات التي تقدموا بها لا تخرج عن توصيات الملتقى التشاوري في الفاشر وبالتالي يمكن معالجة الامر على هذا الأساس".

    وتوصي اللجنة بـ:
    1) ان تستمر الحكومة في مسعاها في الوصول الى الحل السلمي عبر المفاوضات لان الطرف الاخر مستعد لذلك.
    2) توصي بشدة بفتح الطرق التجارية عاجلاً.
    وفي التقرير الذي قدمته لجنة الفور التي كلفها ذات المؤتمر التشاوري في الفاشر لحوار حاملي السلاح أوردت ما قاله حاملو السلاح في الآتي : "استغلت الحكومة بعض القبائل واستقطبت بعضها وهو وافد من خارج السودان وقامت بتسليحهم ودعمهم للقيام بأعمال الحرق والقتل والسبي والنهب والتهجير واغتصاب النساء، واحتلال الأراضي مستهدفة قبائل بعينها مما قاد إلى فوضى شاملة في دارفور. شاركت القوات المسلحة بالتمهيد لتلك الأعمال المذكورة وقيامها بالتمشيط للقرى وتجريد المواطنين من وسائل الدفاع عن أنفسهم لينقض عليهم الجنجويد بعد ذلك، بمشاركة مباشرة من القوات النظامية".
    كذلك استخدمت الحكومة عتاة المجرمين كأدوات للفتك والقتل وتدريبهم وتسليحهم باحدث الاسلحة وتمليكهم وسائل الحركة الحديثة، ومن بين أولئك المجرمين المجموعة التي نهبت بنك السودان- نيالا، والمعروفة بمجموعة سعيد ومجموعة (ابو عشرين).
    وتشير اللجنة مصداقاً لخرق العدائيات من جانب الحكومة إلى توقف أعمالها، وتوقعت اللجنة وقف العدائيات لتواصل اعمالها ولكن ذلك لم يحدث. عكس ذلك تسارعت وتيرتها وألقت بظلالها على عمل اللجنة التي رصدت الخروقات كما يلي:
    1) اشتعلت أحداث باردة وارامبا (كبكابية) يومي 26/27 فبراير 2003 حيث عطلت توجه اللجنة اليها، كذلك ارتفع إيجار المركبات بفعل ذلك.
    2) أحداث ارتالا يوم 26/2/2003
    3) أحداث قولو وطره في 13/14 مارس 2003
    4) أحداث بندسي في 15/3/2003
    5) أحداث شطايا في 15/3/2003
    6) أحداث أخرى كثيرة متفرقة
    ما يجدر ذكره هنا انه وأثناء تواجد اللجنة في نيرتيتي وبالتحديد في اليوم الثاني للاجتماع التالي مع المسلحين، ظلت القوات المسلحة تطلق نيرانها في اتجاه الجبل وقد وقعت إحدى الدانات بالقرب من منطقة تعطلت فيها سيارة الوفد واشتعلت من جرائها حرائق قضت على الأحراش المجاورة. هذه شهادة إثبات وادانة لا يرقى إليها الشك ضد سلطة الإنقاذ وجرائمها في دارفور.

    وتذهب اللجنة ابعد من ذلك عندما تورد ملاحظاتها في تقريرها إلى رئيس الآلية:
    1. رأت اللجنة أن حرق المراعي والمزارع جعلت أعدادا كبيرة من الماشية تتحول نحو الجبل مما ينبئ بمزيد من الاحتكاكات.
    2. وردت معلومات عن تجمعات مسلحة في أماكن متفرقة من أم حراز وجلدو وغيرهما. ربما يكون ذلك تمهيداً للهجوم على المزيد من القرى .
    3. تسود حالة من الخوف والهلع وسط المواطنين من جراء اقتحام المنازل والبساتين ونهب الممتلكات تقوم به القوات النظامية والجنجويد .
    4. إصابة أعداد كبيرة من الأطفال بالهلوسة والخلعة نتيجة للقصف الجوي بواسطة القوات النظامية والقوات التابعة لها.
    5. لاحظت اللجنة أن حاملي السلاح ينتمون إلى قبائل عدة في دارفور (عربية وغير عربية).
    وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه أن حركة تحرير دارفور ليست عنصرية، وليست انفصالية، بل كما جاء في برنامجها أنها تعمل على تلبية طموح شعب دارفور.
    ومن حق اللجنة علينا التي جهرت بقولة الحق في وجه سلطان جائر، لشجاعتها ومصداقيتها أن ننشر أسمائها وفي واقع الأمر فإن تقرير اللجنة هو شهادة أمام العالم اجمع وتوضيح للرأي العام السوداني للجرائم التي ارتكبتها الإنقاذ في دارفور.. مواصلة للمخطط الذي وضعه الترابي .
    وهم :
    1. أبو القاسم سيف الدين
    2. جعفر محمد آدم قرو
    3. إدريس يوسف احمد
    4. فريق ركن محمد عبد الشافع محمد
    5. محمد بركة محمد
    6. صلاح الدين محمد الفضل
    7. دكتور محمد احمد عبد الله
    8. أمين محمود محمد
    9. خليل ادم عبد الكريم
    10. الشرتاي عبد الله موسى
    11. يوسف بخيت إدريس
    12. إبراهيم يوسف اسحق
    13. فاطمة محمد الفضل
    14. العمدة محمود اسحق اتيم
    15. تاج الدين إبراهيم الطاهر
    16. عبد الحميد عباس عبد المحمود
    17. هاشم عباس زايد.
    ومن بين عشرات وثائق الاثبات التي بين أيدينا والتي تؤكد أن الإنقاذ والجنجويد وجهان لعملة واحدة وانهما مسؤولان مسؤولية كاملة عن ما يحدث من مآسي في دارفور نستعرض هنا تصريح د. فرانسيس دينق لصحيفة الايام عدد 4 أغسطس 2004 : "على الرغم من نفي الحكومة للتعاون مع الجنجويد فإن الأدلة التي يعتمد عليها تشير إلى أنهم لعبوا دوراً محورياً في التصدي لهجوم كاسح للمتمردين على القوات الحكومية. وهذا التحالف المبدئي وتعزيز القدرات العسكرية للجنجويد وعناصر مسلحة اخرى سوف يتطلب من الحكومة العمل بصورة وثيقة مع المجتمع الدولي في ايجاد إجراءات مناسبة لإزاحة الخطر".
    كذلك ورد في المذكرة الشجاعة التي رفعها المحامي الشيخ محمد احمد الشيخ للسلطة للافراج عن المعتقل علي حسين دوسه نائب الدائرة 38 نيالا، في 10 يوليو 2004 وكان قد تم القبض عليه في نيالا في 15 مارس 2004 : "إن انفلات أمثال هؤلاء الذين يحملون السلاح ويرتكبون التجاوزات بالقتل والبغي والترويع وإحراق القرى.. ولا تطالهم أو تطال قياداتهم القبلية يد الدولة بالقبض عليهم واعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة أمام القضاء، يثير المخاوف والظنون والريبة بأن لهم حصانة وميزة لا تخضعهم لمبدأ المساواة أمام القانون. وهو أمر لا يقره شرع أو قانون. وهو الأمر الذي جعل المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة يستعظم ما يحدث من مآسي في دارفور ويدعو إلى التدخل. في أسابيع او شهور – إن لم يتم التوصل لوقف الحرب ومعالجة جذور أسبابها".
    نواصل الكشف لمحاولات السلطة الهادفة إلى طمس معالم جرائمها التي ارتكبت منذ أيامها الأولى في دارفور. في 14مايو 2004 اصدر بعض المغتربين وهم :
    1/ عبد الحميد بشير مانيس
    2/ د.طيفور سليمان علي
    3/ السيد الصادق ابراهيم جار النبي
    4/ السيد محمد ابراهيم عبد الله ريا
    5/ المهندس هارون عثمان سام
    6/ الاستاذ حسن اركوي منادي
    7/ المهندس تاج الدين حسن تاج الدين
    8/ الدكتور عبد الله محمد حامد
    9/ الدكتور ابراهيم امام محمود
    10/مهندس ابراهيم دفع الله عبد البنات
    11/المهندس محمد ابراهيم عبد الله

    مذكرة شجاعة نستعرض بعض ماورد فيها :
    * في هذه الظروف انفجر في التسعينات تمرد مسلح بقيادة المهندس داؤود بولاد، وهو عضو في الجبهة القومية الإسلامية واحد قادتها ولكنه انفصل عنها عندما أيقن ان هناك استهداف لقبيلته وهي قبيلة الفور في مخطط الاستيلاء على الأراضي وحرب ابادة التطهير العرقي. وتبنت الحكومة استراتيجية ما يسمى بالحزام الأمني العربي وهو يهدف الى تسليح الحكومة لبعض القبائل العربية في دارفور لتقوم بإبادة وتطهير القبائل غير العربية تطهيراً عرقياً واجبارهم على النزوح من مناطقهم واحلال هذه القبائل العربية مكانها على امتداد الحزام الممتد على طول الحدود الغربية والغربية الجنوبية، لا لشئ إلا ليضمن النظام بقاءه .
    * عندما لمست الحكومة عدم تجاوب كبريات القبائل العربية مع هذا المخطط، لجأت للاستعانة ببعض الجيوب العربية المتواجده في دول افريقية عدة أتت بهم واعدة إياهم بمنحهم الجنسية السودانية وإحلالهم في مناطق القبائل العربية إن هم افلحوا في إجبارهم على التخلي عن هذه المناطق بشتى السبل .
    * حديث الرئيس البشير أمام حشد كبير في شرق السودان (اننا لن نستمع إلا لمن يحمل البندقية) أحدث أثرا فعالاً في تأزيم الوضع. وهكذا فعل بعض أهالي دارفور فحملوا السلاح دفاعاً عن أرضهم وعرضهم وممتلكاتهم وأرواحهم .
    * تلاحق مليشيات الجنجويد التابعة للحكومة النازحين في داخل تشاد كما حدث في مدينة الطينة التشادية ومعسكر فرخانة وفي المدن السودانية كما حدث في معسكر الانتفاضة في مدينة نيالا ومعسكر مايو في العاصمة الخرطوم.
    * استغلت الحكومة أيضا ما يسمى بقوات جيش الرب المسيحية التي تقاتل الحكومة اليوغندية وتتخذ من جنوب السودان قواعد لها، وقد اكتسبت هذه الجماعة الشريرة خبرة وحشية في ممارسة الابادة الجماعية.
    ركزنا في عرضنا السابق للوثائق على تلك الصادرة من السلطة أو الحركة الإسلامية أو اللجان والمؤتمرات التي عقدتها جهات رسمية سواء في المركز أو في عواصم ومدن ولايات دارفور الثلاث،الى جانب مذكرات وتصريحات عدد من المسئولين الرسميين والمواطنين داخل وخارج الوطن .. وفي تقديرنا، فإنها جميعاً تمثل إدانة صارخة للحركة الإسلامية سواء منذ ان كانت موحدة تحت قيادة الترابي أو في ظل شتاتها وانقساماتها الحالية، وتكشف تورطها التاريخي في مخطط دارفور.
    تفادينا فيما سبق أي استشهاد برأي أو وثيقة أو تقرير أو صحيفة أو منظمة أجنبية، على سعة ما كتبت ووثقت وكشفت من حقائق. وكان هدفنا هو محاكمة السلطة بأقوالها وأفعالها، ولتحري الدقة والمصداقية فيما تحت يدينا من وثائق من منظمات عالمية مختلفة بينها منظمات للإغاثة وأخرى لحقوق الإنسان وبعض من تنظيمات المجتمع المدني الاخرى في شتى بلدان العالم .
                  

10-01-2004, 11:56 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    دارفور ،، الحقيقة الغائبة..!!
    مقدمة
    ولما دخلت أوراق فضيحة دار فور وصورها المحزنة مراكز الرصد الغربي والأوربي أصبحت مادة مرغوبة على القنوات الفضائية والصحافة الحرة، وراحت الاقلام تكتب وتدبج المقالات من غير هدى ولا كتاب منير، ومع تزايد الطلب على تناول القضية عالميا ضاعت الحقيقة وسط الزحام الاعلامي، حتي تجاوز الاعلام الحقيقة بتناوله لأبعاد القضية الانسانية في دارفور، وصارت في نظر العرب والكثير من المسلمين قضية استعمار أمريكي يريد ان يبسط سيطرته على الاوضاع في السودان.
    هذا الكتيب يفند إدعاءات وأكاذيب النظام في السودان لأسباب نشوب الحرب في منطقة دارفور السودانية الذي وصفه بأنه (صراع حول المرعى) والحقيقة أن اسبابا معنوية وسياسية كثيرة تسببت فيها الحكومة السودانية هي التي خلقت هذة الحرب بسبب تعسفها تارة وتجاهلها تارة أخرى، وفي هذا الكتيب اتعرض بالمعلومات المثبتة تاريخيًا،حيث تربطني بدارفور علاقة قوية ومتينة وقد عملت في صحيفة (دارفور الجديدة 1993-1996م) و كنت رئيسا لقسم الاخبار فيها ومن خلالها وثقت العديد من المناسبات التاريخية الهامة بالنسبة لولاية دافور الكبرى، من خلال عملي في منطقة دارفور توثقت علاقتي بالكثير من قادة المنطقة العسكريين والسياسيين والفنانيين والاعلاميين والقانونيين، علما انني انتمي الي منطقة نهر النيل بشمال السودان من قبيلة الجعليين، واهتمامي بقضية دارفور ينبع من ارتباطي بالحقيقة المجردة كوني صحافيا ولا أجامل في قول الحق وهكذا نشأت وترعرعت والكثير من الذين يعرفونني يشهدون بذلك، ولا يهمني بعد ذلك رد الفعل من الاخرين ما دمت اقول الحق، وقد ظل ابناء دارفور من العام 1995م يرفعون مظالمهم لولاة الأمر، حتي تفاقمت الامور في 1997م، وكانت الحكومة تتجاهل القضية برغم الانذارات التي يطلقها مقربون من سدة الحكم ، وفي 1998م تزايدت المشكلة ولا من مجيب، وفي 1999م رفع ابناء دارفور مذكرتهم الشهيرة متضمنة كل القضايا، وكانت الحكومة تتجاهل عن عمد، واليوم بعد اشتعال فتيل الازمة وتزايد ضغوط المجتمع الدولي، تطلب الحكومة مهلة من الزمن وهي التي تجاهلت نداءات أهل دارفور العقلاء لأكثر من 7 أعوام، مضيعة الفرصة ونحن شهود على ذلك، واليوم تتباكى على اللبن المسكوب.
    أرجو ان تكون مادة هذا الكتيب قد اضاءت الكثير من المخفي في قضية السودان المطروحة للمجتمع الدولي، وقد تعمدت ان يكون الكتيب بهذا الشكل غير المنضبط بحثيا لأن مادته هي عبارة عن معلومات أخبارية نشرت بالصحف وتناولتها وكالات الانباء العالمية.

    تعريف بدارفور
    دار فور بولاياتها الثلاث تغطي الجزء الغربي من السودان وتمثل مساحتها (خمس) 1/5 مساحة السودان حيث تبلغ مساحاتها الكلية 549 ألف كيلو متر مربع وتعادل مساحتها مساحة فرنسا ، أرض بكرة صالحة للزراعة، أما تعداد سكانها حسب آخر إحصائية سنة 1999 قد بلغ أكثر من أربعة مليون.
    * تقع ولايات دار فور في أقاصي غرب السودان بين خطوط طول 22 و27 شرقا وخطوط العرض 10 و16 شمالا، ولايات دار فور تشارك الحدود الجغرافية كل من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي.
    وتقول بعض الكتابات التاريخية أن (دار فور) كانت دولة مستقلة ذات سيادة خلال الفترة من 1650م وحتى 1917م وكانت تسمي نفسها (سلطنة دار فور) ومنذ العام 1917م وحتى ما بعد استقلال السودان عن بريطانيا لم تشهد دار فور سوى محاولات ضئيلة لتنميتها اقتصاديا ولقد ساهمت الحكومات السودانية المتعاقبة في الربط الدائم للمنطقة بالنزاعات والجفاف والمجاعات والجهل والأمية المتفشية بين الناس ولم يكن التخلف الاقتصادي وحده الذي لعب الدور في ما آلت إليه الأمور وإنما على المستوي السياسي والثقافي بسبب تجاهل الحكومات المركزية السودانية للمنطقة أهلها حتى تم عزل دار فور عن باقي مناطق السودان، وقد تأثرت هذه المنطقة بالتقلبات السياسية السودانية والتي بدورها ساهمت في هذه العزلة علاوة على تطبيق سياسات خاطئة غير مدروسة من قبل الحكام الذين حكموا السودان، وفي الفترة الأولي للحكم الوطني ما بعد الاستقلال ظلت المنطقة تشهد التجاهل التام من قبل القائمين على أمر البلاد ،إذ كان الصراع السياسي على السلطة هو السمة البارزة للحكومات السودانية بمعنى أن الحكومات كانت تقبع في الخرطوم العاصمة وتتصارع وتصل أحيانا ألي حالات عصيبة فيما بينها، وكما يقول المراقبون للأحداث في السودان انه كلما زادت حدة الصراع السياسي كان مدعاة للعسكريين ان يطيحوا بالنظام .. وبسبب الصراع بين الأحزاب الكبيرة في البلاد لم تتغير الأحوال في مناطق السودان المختلفة ومن بينها دار فور رغم أن المنطقة معروفة بتربتها الزراعية والتي أصبحت يوما ما من اكبر مناطق تصدير سلعة (الصمغ العربي) لأسواق العالم قاطبة، كما هي أكبر مورد للماشية في السودان .
    في عهد الرئيس جعفر محمد نميري وفي العام 1982م ُطبق نظام الحكومات الإقليمية على مناطق السودان والذي أدى إلي تكريس تخلف التنمية الاقتصادية في المنطقة وجعل العزلة السياسية والثقافية النسبية في السودان واقعا ملموسا، و منذ زوال نظام الرئيس جعفر نميري وحتى انقلاب (الانقاذ) بقيادة عمر البشير في يونيو 1989م شهدت المنطقة الدار فورية قمة الفوضى السياسية والأمنية ولعبت فيها الأحزاب السياسية السودانية الدور الكبير في إراقة الدماء بين أبناء المنطقة من خلال ما تملكه من أدوات الصراع السياسي والاستفادة من المنطقة في تكبير(الكوم) حتى تتمكن من السيطرة على مقاليد الأمور في السودان وهذه الفترة كذلك أكثر الفترات التي شهدت تدخلات من خارج الحدود السودانية للمجموعات المسلحة في دول الجوار التي استغلت الغياب الامني والعسكري لتتخذ من دار فور ميدان لصراعاتها المسلحة التي تلعب فيها التوجهات القبلية المشتركة بين البلدين العامل المهم.

    شواهد
    أصبح كل ما ينشر داخل السودان من إنجازات تبقي الصور الحقيقية للاوضاع غائبة عن التناول ومن اجل ذلك يحدث ما يحدث من إراقة للدماء في أماكن عديدة من السودان الواسع الانتشار، ومنطقة (دار فور) دون مناطق السودان الاخري ظلت على الدوام تقدم الشكاوى والتحذيرات للحكومة الاتحادية في الخرطوم حتى تصل النجدة لإيقاف نزف الدماء ولإنهاء التجاوزات الحكومية سؤاء في المال العام او في استخدام القوة لغير ما خصصت له، ومنذ بداية العام 2000م أصبحت الخرطوم تعج بخلافات الحاكمين التي أصبحت غير خافية على احد.
    وفي هذا الوقت اجتهد أبناء دار فور المتواجدين في العواصم الولائية وولاية الخرطوم بشكل خاص بعقد الاجتماعات في الهواء الطلق حتى يبينوا لأهلهم ما يجري في مناطقهم وكانوا من فترة لاخري يقابلون المسئولين الاتحاديين ليشرحوا قضيتهم ، ولا يجدوا إلا الوعود الكاذبة وأحيانا الزيارات عديمة الجدوى والتي تزيد الطين بله، وشخصي كصحافي أشهد على العديد من المبادرات التي قام بها أبناء دارفور قبل اندلاع الازمة بسنوات، حيث تربطني علاقات حميمة مع أخواني مثقفي ولايات دارفور، وكنت من خلالهم أعرف كل ما يدور في ساحاتهم من مشاكل، وكيف انهم كانوا يسعون لمقابلة رئيس الجمهورية، ويفشلوا في ذلك، او يمنعوا من ايصال رسالتهم الي الرئيس عمر البشير.

    لماذا دار فور ..؟؟!!
    دار فور تلك البقعة العظيمة من السودان والتي يوما ما كانت تصنع كسوة الكعبة المشرفة وترسلها من أقاصي غربي السودان إلي مكة المكرمة بيت الله الحرام وهي مزينة بأجمل واغلي أنواع القماش السوداني الأصيل وأروع ما صنعته أيادي السودانيين في ذلك التاريخ ،، هذه المنطقة -دار فور- عانت كثيرا في عهد (الإنقاذ الوطني) كون النظام الذي جاء مبشرا بالمشروع الحضاري (الإسلامي) وقد دفع في سبيل تصدير هذا المفهوم المليارات من مال الشعب السوداني وعشرات الآلاف من النفوس الزكية ،، ولكن للأسف كانت أكثر الأنظمة التي زادت الحال سوءًا لولايات دار فور وللمناطق الاخري التي تشبه دار فور في الحلم والتاريخ حيث صنعت (الإنقاذ) من العنصرية والقبلية نيران تستعر لتحرق أهل السودان الذين اشتهروا بإفشاء السلام بينهم.
    الدولة قد بذلت الجهد الأكبر في إعادة القبلية وتعطيل المؤسسات المدنية بجانب إعطاء المشروعية والمسؤولية للقبيلة بدار فور وأوكلت إليها المهام الإدارية والأمنية وباركت تحت إشرافها تسابق القبائل في تجميع شتاتها استعدادا للمناطحة في الحق على الأرض والمكتسبات السياسية وحماية ذاتها من أخطار الأخريات. وقد انتظمت هذه القبائل في مؤسسات عرقية بتشجيع السلطة وإشرافها، فأسست أماناتها المتخصصة وهيآتها الاستشارية وتنظيماتها التي أوجدت لها التمويل واستقطبت لها الاشتراكات وإلى جوارها مضت الدولة في تقليص دور المؤسسات المدنية وتشريد كفاءاتها.
    وقامت بإعادة تقسيم وترسيم الأرض حواكيرا للقبائل ولم تراع في ذلك خصوصيات الإدارة (الأهلية) بدار فور بما يتطلب مراعاة الحدود القبلية والإدارية للعشائر والمتعارف عليها منذ استقلال السودان، ولم يكن غريبا أن يشاهد الناس فيما عرف ببيعة أهل القبائل لرئيس الجمهورية حيث كانت تحتشد بين الأسبوع والأخر في (القصر الرئاسي) أو (قاعة الصداقة) حشود القبائل لإعطاء رئيس الجمهورية البيعة وهي بيعة للولاء كما يعرف عنها ويحضرها كل المسئولين في الدولة وكانت تصور وتبث عبر الفضائية السودانية وتصرف عليها الدولة المال الكثير يفوق ال 100 مليون جنية سوداني (حوالي 2،5 مليون دولار أمريكي) على اقل تقدير وهو مبلغ متواضع للغاية بالنسبة لجمع الحشود في زيارات رئيس الجمهورية للولايات وهذا الاهتمام بالقبلية وتكريس هذا المفهوم لدي الناس نتج عنه بشكل مباشر وسريع صراع القبلي بمنطقة الجنينة (غرب دار فور) (بين قبيلة المساليت وبعض القبائل العربية) حيث قتل فيه العشرات من الناس، والعديد من النزاعات الدموية التي جاءت نتيجة لهذه السياسات، وشردت كذلك العشرات من الأسر،، ويبقي الاهتمام بالقبلية و العنصرية من اكبر العوامل الذي فجرت الأوضاع في دار فور وفي كل أنحاء السودان، كل الجهود التي بذلتها الحكومة في أرساء قيم القبلية والعنصرية لم يقابلها 1% من أرساء قيم الوحدة الوطنية ونبذ العنصرية والقبلية، وتشهد بذلك اراشيف الصحف من مخاطبات وزيارات.

    بدايات الازمة
    في يوم الجمعة 19 يناير من عام 1999م اندلعت اعمال العنف القبلي في ولاية غرب دارفور وصاحبها قتل ونهب ونزوح، و المنطقة التي شهدت الصراع مشهود لها بالهدوء والتسامح والسلم الاهلي عبر تاريخها، بل في ظل الحروب الاهلية والقبلية التي عرفتها دارفور خلال عقد سنوات الثمانينات وقسما من سنوات التسعينات، ظلت تلك المنطقة مثار اعجاب الكثيرين كنموذج للسلم الاهلي، ونتاج صحي للتلاقح العرقي والثقافي، وفي هذه الحادثة هاجم الرعاة المزارع قبل اكتمال الحصاد، وأوقدوا بذلك شرارة الصراع، واندلعت اعمال العنف، وتوالت، هذا هو السبب المباشر، لكن الخلفية التي تأسست عليها اعمال العنف فتعود بحسب عدد من ابناء المنطقة الى التغييرات الادارية والبنيوية التي احدثتها الاجراءات التي اتخذها محمد احمد الفضل الوالي السابق لولاية غرب دارفور، والتي انتقص بموجبها سلطات سلطان قبيلة المساليت الزنجية وأصحاب الأرض، ومنحها لعدد من بطون القبائل العربية الرحل الذين يعتبرون ضيوفا على سلطان المساليت المشهود له بالحكمة والتسامح، وعندما صارت تلك السلطات امرا واقعا طالب ابناء المساليت ضيوفهم بالبحث عن ارض اخرى خارج ديارهم ليمارسوا عليها السلطات التي منحها لهم الوالي السابق. وتوالت الاحداث التي نتج عنها سقوط 108 قتلى بحسب صحيفة (الانباء) الرسمية ( حتى نهاية الاسبوع الاخير من يناير1999م) وعدد لم يحص بعد، من الجرحى والمعاقين، وحرق (100) قرية، ونزوح الآلاف ونهب الثروات والأموال، وتخريب الديار والمزارع.
    وفسر المراقبون الازمة فضلا عن المتابعين للأحداث هناك بأنها تعود للسعي الى اقتسام موارد شحيحة وغير متجددة وليست مجالا للبحث والدراسة وغنيمة للأخذ دون عطاء، وهذا السعي أوجد خللا بالغا في حياة الناس، علاوة على اجتهادات الوالي التي لم تراع المعالم الاجتماعية للمنطقة ليس هذا فحسب، بل اكثر منه مأساوية ما يتمثل في اعادة بناء الهيكل البنيوي للادارة الاهلية، فاعادة البناء لم تراع ابسط شروطها، وهي المعرفة بتعقيدات المنطقة وظروفها وتاريخها اذ كيف تسلب سلطات سلطان ظل يحكم هذه المنطقة منذ مايزيد على الــ 120 عاما، منذ ان كانت منطقته دولة قائمة بذاتها الى ان ارتضى ان يكون جزءا من السودان طواعية ؟ يحدث ذلك دون وضع الاحتمالات المتوقعة والانفجارات المحتملة في الحسبان، الأمر الذي ساق الامور تلقائيا الي نشوب الحريق والهجوم على (الضيوف) وما أسفر عنه من تعقيدات، ثم انفجارات ساقت البلاد الي أزمة عالمية، وليس محلية كما كانت تعتقد الحكومة في محاولتها لإخفاء الحقائق عن الراي العام.
    وعندما بلغ الامر مبلغا عظيما، كلف رئيس الجمهورية الفريق أول محمد احمد الدابي مسؤولية الامن بالولاية، وصحب معه في زيارته الاولى للمنطقة اللواء طبيب الطيب ابراهيم محمد خير وزير التخطيط الاجتماعي، حاكم دارفور الكبرى السابق للاستفادة من علاقاته الواسعة التي اقامها مع القيادات القبلية والأهلية ابان ادارته لدارفور، لتسهم (علاقاته) في تخفيف حدة التوترات، والفريق متقاعد مهدي بابو نمر وزير الصحة ابن زعيم قبيلة المسيرية (كبرى القبائل العربية بغرب السودان) وأيضا لاستثماره في تخفيف منابع الحريق، وللأسف كما سنعرف لاحقا ان الفريق أول محمد احمد الدابي ممثل رئيس الجمهورية في دارفور لم يكن في مستوى المسئولية، بل زاد النار اشتعالا بتصريحاته غير المسئولة،( راجع مذكرة ابناء دارفور لرئيس الجمهورية).
    وهنا لا بد من ان نعيد قراءة تاريخ المنطقة التي نشبت فيها البدايات الاولى بشي من التلخيص غير المخل، هذه المنطقة ( غرب دارفور) حيث تاريخ سلطنة المساليت، السلطنة التي تشمل ولاية غرب دارفور الحالية كلها والتي كانت دولة قائمة بذاتها منذ العام 1870، وتقع بين خطي عرض 22ــ 23 شمالا، في اقصى غرب السودان على مساحة 70 الف كيلومتر، تحدها من الغرب جمهورية تشاد ومن الشرق والشمال سلطنة دارفور ومن الجنوب جمهورية افريقيا الوسطى، وأسسها الفكي (الفقير) اسماعيل. ويشكل المساليت (القبيلة الحاكمة) نحو 80% من ساكنيها اضافة الى القمز والتاما والارتقا وكلها قبائل زنجية، فضلا عن بعض البطون العربية، وكل سكانها مسلمون. وانضمت سلطنة المساليت الى دولة السودان طواعية، بعد ان قتل اشهر سلاطينها السلطان تاج الدين (قاهر الفرنسيين) الذي استشهد في معركة (دورتي) في العام 1910 وهي ذات المعركة التي قتل فيها الكولونيل مول قائد القوات الفرنسية في افريقيا الاستوائية، بعد ذلك بنحو 9 سنوات وفي 1919 انضمت سلطنة المساليت الى دولة السودان وفق اتفاقية (قلاني) التي وقعها السلطان بحر الدين (أندوكة) مع دولتي الاستعمار انجلترا وفرنسا ويحق لسلطان المساليت، وفق الاتفاقية ان ينضم الى دولة السودان، أو تقرير مصيره مع من يشاء. وخاض سلطان المساليت معارك ضارية كتبت صفحة ناصعة من تاريخ النضال الوطني السوداني ضد الاستعمار، وكان المغنون المساليت ينشدون الحماسة ابان معارك السلطان تاج الدين: (تاج الدين، سيفه سنين، يجاهد المشركين، لحدي ما المهدي يبين). ولسلطان مساليت قصر منيف بمدينة الجنينة شيده السلطان بحر الدين في العام 1949، وزاره فيه عدد من الملوك والرؤساء، في طليعتهم الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا، والملك حسين ملك الاردن الراحل، والامام عبدالرحمن المهدي مؤسس حزب الامة وأحد قادة الاستقلال، وعلي الميرغني زعيم الختمية والرؤساء ابراهيم عبود، وجعفر نميري، والصادق المهدي وعمر البشير، وكل هؤلاء تزين صورهم مع السلطان قصره الجميل بالجنينة. وقبل ايام عين السلطان عبدالرحمن بحر الدين الذي تجاوز عمره الــ 90 عاما ابنه سعد الذي جاء نتاجا لمصاهرة السلطان لأسرة الهاشماب الشهيرة بأم درمان، عينه سلطانا للمساليت، ليخلفه الحكمة والتسامح عله يعيد الى دار المساليت سمتها البارزة التعايش السلمي والأهلي.
    ومن خلال صحيفة (البيان الاماراتية) التي نشرت بدايات وتابعت ما يجري في المنطقة عبر مراسلها من الخرطوم الاستاذ الزميل محمد الأسباط الذي نادى في تغطيته الاخبارية الى تطبيب جراحات الحريق، و التوقف امام هذه الاحداث باعتبار انها علامة فارقة تؤشر الى احتمالات تفتت السودان وهشاشة بنيته، فبقدر ما يمكن للتنوع ان يكون عامل ثراء واغناء، يمكن ان يكون شرارة للحريق الكامل، ان هذه الاحداث تشكل انذارا مبكرا لاحتمالات التفتت، وتنبه ايضا الى ضرورة اغناء التنوع العرقي والثقافي والديني بالحوار والشفافية والعض عليه بالنواجز، وهنا لا بد من التذكير ان الصحافة الخليجية والعربية كانت ترصد وتتابع بدقة ما يجري في دارفور ومنذ البدايات الأولى، قبل ثلاث سنوات بل ظلت تحذر وتنادى وكتب العديد من كتاب الاعمدة في الصحافة الخليجية عن الازمة الدارفورية، كما سنرى لاحقا، ولكن، كان للحكومة رأى آخر..!!

    غياب الدولة..!!
    ما جرى في التاسع عشر من يناير 1999م في غرب دارفور من صراع دموي كانت له ردود فعل سياسية سودانية كبيرة، حيث طالب د. علي حسن تاج الدين عضو مجلس رأس الدولة المجلس الرئاسي) السابق بضرورة فرض هيبة الدولة، في الوقت الراهن باعتبار أنها فوق كل اعتبار سياسي أو قانوني لأن هذا وحده كفيل بوضع حد للمأساة. وأضاف في تصريح خاص بـ (البيان) الاماراتية(الجمعة 125 فبراير1999م) : ان هيبة الدولة محك، ولابد من ايقاف عمليات القتل والسلب والنهب والبحث عن بدائل لحل المشاكل الحالية، والحيلولة دون تفاقم الأحداث. واعتبر د. تاج الدين أن الدولة لا توجد الآن في غرب دارفور، وطالب موفد رئيس الجمهورية باعادة هيبة الدولة، والعمل على بحث جذور المشكلة توطئة لحلها، وختم بالقول: يجب على الدولة محاسبة كل المتسببين في الأحداث المؤسفة ووضع آلية ديناميكية للحيلولة دون بروز مثل هذه الأزمات التي تهدد بنسف السلم الأهلي.
    من جهته قال د. معتصم عبد الرحيم العضو القيادي في المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وأمينه العام بولاية الخرطوم" ان ما حدث في غرب دارفور شيء محزن وعميق ومؤسف، وأن سوء الفهم فيه لعب دوراً أكبر مما يعتبره البعض تخطيطا مسبقا" . وأضاف لـ البيان) : ان ما يطمئن ان الامر وجد اهتماما من أرفع مؤسسات الدولة: رئاسة الجمهورية، التي أوفدت الفريق الدابي لتصريف الأمور الأمنية بالولاية كما شمل التفاعل مع الآحداث نواب المجلس الوطني البرلمان) من دارفور، وزاد: ان سفر وفد وزاري رفيع الى دارفور يؤكد جدية الحكومة في معالجة تداعيات الأحداث، كما يؤكد أن حكومة الإنقاذ) لا تعالج قضايا الشعب السوداني من مكاتب الوزراء في الخرطوم، بل من يعملون من موقع الحدث. وكعادة مسئولي النظام في الخرطوم التلميح والاشارات الكاذبة التي ترمي عواقبها عليها وأشار د. المعتصم الى" ان الحكومة انتبهت الى ان بعض الجهات تسعى الى الاستفادة من الأحداث، في عمل يعارض الحكومة ويظهرها بمظهر العاجز، أو يفاقم من معاناة المواطنين، وكانت الأجهزة الأمنية حريصة مما يجعلها تضع أيديها على خيوط التحركات التي أراد مخططوها توجيه الأمن لأغراض توظف ضد الدولة والشعب السوداني لكنه لم يحدد الجهات المعنية بجديته".
    الاحزاب السياسية السودانية جميعها ودون استثناء اصدرت بيانات استنكرت فيها ما حدث من قتل ودمار وحريق وطالبت الحكومة بأخذ الاحتياطات اللازمة لمنع اي حوادث مستقبلا، وفي ذات الايام أصبحت الكثير من المنظمات الانسانية العالمية تتابع بدقة ما يحدث في دارفور والبعض منها طالب الحكومة اذا كانت تحتاج الي اعانات ومساعدات انسانية.

    الوالي الذي تسبب في اشعال الفتنة..!!
    عندما أصدرت رئاسة الجمهورية قرارها في عام 1994م القاضي باعادة توزيع الولايات ، وصارت من 9 ولايات الي 26 ولاية كان نصيب ولاية دارفور الكبرى ثلاث ولايات وهي شمال وجنوب وغرب دارفور، حيث كان د. الطيب ابراهيم محمد خير واليا على دافور الكبرى صدر الامر بتعيين البرفسيور التجاني حسن الأمين واليا لولاية شمال دافور وعاصمتها مدينة الفاشر، والعميد طبيب بابكر جابر كبلو واليا لولاية جنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا، والسيد محمد أحمد الفضل المشهور في دوائر الحركة الاسلامية بود الفضل واليا لولاية غرب دارفور وعاصمتها مدينة الجنينة، وبصفتي مسئول قسم الاخبار بصحيفة (دارفور الجديدة ) كنت أحد الصحافيين المرافقين للوفد الكبير الذي ضم الوزراء والولاة الجدد لولايات دافور وغاب عنهم ود الفضل والي غرب دارفور ، وتحركت بنا الطائرة يوم الجمعة 22 رمضان من عام 1994م وبرفقتنا فريق تلفزيوني بقيادة الشهيد المصور الهادي سيداحمد من تلفزيون السودان ، وفي مدينة الفاشر كان هناك استقبالا جماهيريًا كبيرًا من أجل تعريف أهل الولاية بحكومتهم الجديدة ، وكان والي دارفور الكبرى أعد مؤتمرا كبير للتسليم والتسلم من الولاية الكبرى الي الثلاث ولايات وللأمانة كان هناك جهدًا إداريًا كبيرً ا ، وكان سابقة هي الاولى من نوعها في السودان ان يتم تسليم وتسلم في شكل مؤتمر حضره الولاة والوزراء ، ونوقشت فيه اللوائح الادارية والمالية و أساليب العمل في الوزارات ، والكيفية التي تدار بها الامور لكل وزارة على حده.
    واتذكر ان د. الطيب ابراهيم محمد خير الذي كانت تربطني به علاقة قوية ، واحيانا كان يستضيفني في قصره بمدينة الفاشر ، قد أتصل لاسلكيا برئاسة مجلس الوزراء في الخرطوم ليعرف اسباب تخلف والي غرب دارفور ود الفضل عن اجتماعات التسليم والتسلم، واذكر تماما أني سألته عن فحوى اتصاله بودالفضل ، وفهمت منه ان السيد محمدأحمد الفضل استنكر تعيينه في منصب والي غرب دارفور ، بمعنى ان هذا المنصب لا يليق به..!!
    فلم يحضر ألبته الاجتماعات التي عقدت في مدينة الفاشر ، ولم يتسلم مهام منصبه الا بعد فترة غير قليلة، وحتى عندما استلم مهامه في مدينة الجنينة واليا على غرب دارفور كان أداؤه دون المستوى المطلوب منه ، كثير الصرف البزخي ، وهو الوالي الوحيد من ولاة دارفور الذي خصص ثلاث سيارات لأسرته في الخرطوم ومن بينها سيارة (لاند كروزر) لزوجته، وكانت صحيفة دارفور الجديدة قد ألمحت كثيرًا إلى هذا التصرف، كما اننا في الصحيفة وبحسب علاقتنا الوطيدة مع الطيب (سيخة) والكثير من المسئولين في الدولة لم نكن نخشى من ان نقول الحقيقة ، وقد كشفنا ذات مرة بالارقام و الوثائق كيف ان ولاة ووزراء ولايات دارفور كانوا ضيوفا على أرقى فنادق العاصمة الخرطوم وعلى حساب ولاياتهم ، كما كشفنا ايضا من خلال عملنا ضياع الاموال الكبيرة في مكوث عدد كبير من وزراء وولاة حكومات ولايات السودان بشكل دائم في العاصمة الخرطوم، وعلى نفقة ولاياتهم...!!!

    سبعة أخطاء للنظام فاقمت أحداث دارفور
    وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده السيد الصادق المهدي الزعيم السوداني المعارض، رئيس الوزراء السابق الذي دعا اليه الصحافة المحلية والأجنبية،حيث كرس انتقادات لسياسات الحكومة في الأحداث الدموية التي انفجرت في دارفور (غرب) وتناول المهدي قضية الصراع الدموية في دارفور موضحاً ان هناك مستجدات في دارفور لم تكن موجودة في السابق زادت من اشتعال الصراعات وعدد هذه المستجدات في نقاط سبع الأولى هي تظلم أهل الأقليم من الحكام الذين تم تعيينهم من خارجه في حين ان الاقليم كان في الديمقراطية يحكم بواسطة أهله مع تمثيل عادل له في المركز والثانية ان الحكم الفيدرالي تم تطبيقه خطأ واتضح ذلك في التكاليف التي تفتقر للتمويل والتي جعلت حكام الأقاليم يدورون حول العواصم لتمويل الادارة الاتحادية الفاشلة.
    وأضاف ان مؤتمر تقييم تجربة الحكم الفيدرالي الذي عقد مؤخراً دار حول القضايا ولم يحلها ولم يعترف بها مع الاعتراف الفردي بتعثر التجربة لدى المسئولين والمشاركين، وقال ان من بين هذه المستجدات التعامل غير المنهجي مع الادارة الأهلية واخضاعها للتكسب السياسي والاسترضاء مما أضعف الكثير من قدراتها على التحرك والفاعلية.
    وأبان المهدي نقطة أخرى مهمة تتعلق بما وصفه بنشاط مستحدث خاصة في منطقة جبل مرة يقوم على نمط هجوم بقوات معينة وعلى هيئة معينة وبعتاد معين في فترة معينة لاحراق القرى ووصف هذه الأحداث المستجدة بأنها هجمات نمطية تستهدف قرى بعينها لتحقيق مقاصدها علاوة على ان الميليشيات التي عملت في المواجهات العسكرية بمناطق التماس كانت لها ذاتية خاصة وأصبحت خاضعة لسيطرة الادارة الأهلية وأي جهة ادارية، وأصبحت تستمد سلطتها من بندقيتها وهؤلاء لعبوا دوراً في الأحداث الأخيرة.
    والمستمد من محاولات الانقاذ التي كانت ترمي الى تغيير طبيعة الاقليم السياسية ومحاولات استقطاب المواطنين على أساس سياسي لهدم الولاءات القديمة وما أدى اليه ذلك من تنازع على المناصب واسنادها لغير ذوي الخبرة، وقال المهدي ان مؤشرات الأحداث الأخيرة بدأت في 18 مايو الماضي2001م بداية الهجمات، وكانت هذه المعلومات والنذر معروفة ومشاعة ولم تقم الحكومة بأي اجراءات وقائية.
    في الفترة من فبراير 1999م وحتي مارس من نفس العام استمرت اعمال العنف والقتل في المنطقة برغم التحركات الحكومية والمناشدات السياسية، وشعر أهل دارفور عامة بشئ من عدم الاهتمام وتزايد المشاكل ولم تكن مشكلة غرب دارفور هي المشكلة الوحيدة التي تواجه الاقليم وكان منزل الدكتور الطيب ابراهيم محمد خير الوالي السابق لدارفور يشهد زيارات مكثفة لشيوخ وعمد وزعماء القبايل الدارفورية للبحث عن حلول جذرية لقضايا وهموم المنطقة التي تفاقمت، وأذكر ان اللواء الطيب ابراهيم محمد خير المشهور بالطيب (سيخة) في أحدى زياراته لمدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور قابلته الحكامة ( على ما اعتقد )خديجة أم رطوط التي كانت تربطها علاقة حميمة مع الوالي السابق فعبرت عن ما بداخلها من هموم وقالت في حديثها بلهجة دارفورية محببة وكانت وصية ورسالة لرأس الدولة عمر البشير عندما قالت:-
    الطيب أبو فليجة ** كلم أبو رقيبة ** خليهو يكلم أبو صليبة ** قول ليه الحالة بقت صعيبة

    وكانت تقصد بأبو رقيبة الفريق الزبير محمد صالح ، وتقصد بأبو صليبة الرئيس عمر البشير، كانت رسالة مسئولة وصادقة تعبر عن الحالة التي تمر بها دارفور من فقدان للأمن وغلاء في المعايش، مع بداية زحف المجاعة على المنطقة وكان ابناء الولاية يحاربون مع الحكومة في الدفاع الشعبي والفرسان ضد الحركة الشعبية في جنوب الوطن.
    وذات الحكامة خديجة أم رطوط كانت قد ساهمت بقوة في محاربة النهب المسلح من خلال رسالتها الشعرية العفوية والتي تجد انصاتا عجيبا من قبل المواطنين وقالت حينها عندما كان الطيب (سيخة) واليا على دارفور
    الطيب الوالي ** ضحيت برجالي** ادونا السلاح نجاهدو طوالي
    أيضا لعبت الدور الكبير مع آخريات في حملة محو الأمية (1993) التي نجحت نجاحا منقطع النظير أشادت به كل منظمات الامم المتحدة ذات العلاقة بالتعليم في المجتمعات المتخلفة، هذا ان دل انما يدل على أن الانسان الدارفوري أنسان طموح وذو نظرة بعيدة للامور، كما هو انسان مسالم ان وجد السلام وهو مقاتل شرس اذا هوجم واعتدي عليه وعلى أرضه وعرضه، وقد كشفت الاحداث المآساوية في دارفور عن حجم الكفاءات العالية لأبناء المنطقة التي تمثل خمس السودان، والدور المتعاظم الذي يمكن ان يلعبوه في نهضة البلاد اذا وجدت الديمقراطية طريقها الي أرض الواقع.

    دارفور تشكو ازماتها للبشير على رؤوس الاشهاد
    في يوم الخميس الموافق 18 مارس 1999م نشرت الصحف العربية ومن ضمنها (البيان) الاماراتية فحوى المذكرة التي رفعها ابناء دارفور المقيمين في الخرطوم نحو 1300 شخصية وقعوا عليها والتي رفعت الى رئيس الجمهورية بينهم دستوريون سابقون وطلاب ومهنيون واعيان ادارة اهلية ومثقفون، والمذكرة تلخص بكل وضوح وشفافية قضية أهل دارفور وهي كما يرى القاري شملت فأوعت، وقد اجتهد كاتبوها في تضمين همومهم ، ولم تكن المذكرة الأولى ولا الاخيرة التي يرفعها اهالي دارفور الي قادة الدولة، والامر الذي لا بد من الانتباه اليه ان تاريخ رفع المذكرة الاسبوع الاول من شهر مارس 1999م فهذا التاريخ سيقودنا الي تفنيد الكثير من ادعاءان النظام القائم في السودان عندما يرمي مسئولية الاحداث الي جهات اخرى والي ملابسات اخرى ليس لها اي صلة بالصراع في دارفور، وهذه المذكرة التي انشرها كاملة أشارت اليها صحيفة الخليج (الاماراتية) أما الصحافة السودانية ونسبة للحصار الأمني عليها لم تتمكن من نشر المذكرة كما نشرتها الصحافة الخليجية، ونشرتها وكالات الانباء ومن ضمنها وكالة أنباء الشرق الاوسط التي تابعت الاحداث أولا بأول.

    وجاء في المذكرة الآتي:-
    استشعارًا منا للمسئولية الوطنية للسودان الوطن الام الجامع وتجاه وطننا الصغير دارفور بمتطلبات واجبات المسؤولية الانسانية والتاريخية امام الأجيال اللاحقة باختلاف أصولنا العرقية وانتماءاتنا القبلية والسياسية وموروثاتنا المحلية المتعددة. رأينا نحن مواطنو دارفور الكبرى بالعاصمة الاتحادية (طلاب ومهنيون وبرلمانيون سابقون واعيان وزعماء ادارات اهلية) الموقعون على هذه المذكرة ان نرفع لسيادتكم ما فيها من مطالب بواجب الدين الحنيف في قوله تعالى (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله عليكم رقيبا). صدق الله العظيم
    السيد / رئيس الجمهورية:
    هذه المذكرة تحتوي على الموضوعات الآتية:
    أولا: المشكلات القبلية بدار فور من حيث: أ- تاريخ وأسباب هذه المشكلات ب- الصراع القبلي بمنطقة الجنينة بولاية غرب دار فور ج- جدوى التدابير الاستثنائية بدار فور ثانيا التنمية بدار فور من حيث: أ- تصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات بسوء تصريف المال العام وإساءة استخدام السلطة. ب- طريق الإنقاذ الغربي ج- النهب المسلح ثالثا: التعايش السلمي بدار فور المشكلات القبلية بدار فور أ- تاريخ وأسباب هذه المشكلات: في عام 1981 تطور قانون الحكم الشعبي المحلي بالسودان بخلاصة ماحدده دستور عام 1974م وفي اهم مبادئه هيكلة الحكم والإدارة على المستويات الثلاثة: 1- المستوى القومي 2- المستوى الإقليمي 3- المستوى المحلي وانه ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن ظل نظام الحكم الشعبي المحلي من المسلمات الدستورية في شرع الحكم وسماته الأساسية بالدعوة للتوسع في تطبيق مبدأ اللامركزية الإدارية وتدعيم مبدأ الديمقراطية الشعبية والمشاركة الجماهيرية.
    والمؤسف حقا أن قوانين الحكم المحلي بدار فور لم تجد التطبيق الفعلي أسوة بالمناطق الأخرى حيث كان ولا يزال المركز يضع العراقيل بما لا يتفق مع السمات العامة للقوانين السارية وكأن ذلك بمثابة تعطيل لتطبيقه بدار فور. ثم أن إهمال الحكومة للتنمية وسياستها هي التي أوجدت الخلل الأمني وكرست المشكلات القبلية، فهيأت الظروف السيئة بين القبائل وكانت نتائجها العنف والاقتتال القبلي والتمزق الاجتماعي فلم تسلم الموروثات المحلية التي ظلت لمئات السنين مفخرة جامعه لأهل دار فور ومتوافقة مع الدولة المدنية الحديثة ومواكبة للتطوير. والمؤسف أكثر أن الدولة قد بذلت الجهد الأكبر في إعادة القبلية وتعطيل المؤسسات المدنية بجانب إعطاء المشروعية والمسؤولية للقبيلة بدار فور وأوكلت إليها المهام الإدارية والأمنية وباركت تحت إشرافها تسابق القبائل في تجميع شتاتها استعدادا للمناطحة في الحق على الأرض والمكتسبات السياسية وحماية ذاتها من أخطار الأخريات. وقد انتظمت هذه القبائل في مؤسسات عرقية بتشجيع السلطة وإشرافها، فأسست أماناتها المتخصصة وهيآتها الاستشارية وتنظيماتها التي أوجدت لها التمويل واستقطبت لها الاشتراكات وإلى جوارها مضت الدولة في تقليص دور المؤسسات المدنية وتشريد كفاءاتها. وقامت بإعادة تقسيم وترسيم الأرض حواكيرا للقبائل ولم تراع في ذلك خصوصيات الإدارة الأهلية بدار فور بما يتطلب مراعاة الحدود القبلية والإدارية للعشائر والمتعارف عليها منذ استقلال السودان. فنظرت القبائل للأرض من حيث نطاق حقها التاريخي والمكتسب خاصة وان الدولة قد أظهرت القبيلة والعشيرة جسما سياسيا متماسكا فيها مصلحة مشتركة لأفرادها أقوى من روابط العقيدة وغيرها من العلاقات الإنسانية الأخرى حتى بدأ المواطن البسيط يعطي أعمال العنف والنهب المسلح والاعتداء القبلي صبغة من المشروعية طالما تم ذلك في إطار الغطاء والعطاء القبلي.
    ورغم ان الفيدرالية ظلت مطلب كل السودان إلا أن تطبيقها دون مراعاة لخصوصية دار فور وموروثاتها الإدارية والقبلية ونقل تجارب المناطق الأخرى مع الإصرار عليها رغم ما نتج عنها من سلبيات عمقت الشقة بين القبائل ومن خلالها نظرت القبائل بدارفور للتنظيمات التي تمت في اطار الحكم الفيدرالي من ولايات ومحافظات ومحليات من حيث سلطتها الإدارية وثقلها الاقتصادي والاجتماعي وتواجدها الكمي، فأذكى ذلك الثغرات الضيقة فباتت تنظر للسلطة ممثلة في شاغليها على أساس انهم يمثلون أصولهم العرقية في مواقع اتخاذ القرار السياسي حيث وضح ان روابطها أقوى بكثير من روابط العقيدة فهي على الأقل الشيء الوحيد الذي يستطيع فيه الجميع تناسي كل شيء والاحتراب من أجل اللاشيء بما يمكن أن يفضي لحروب قبلية طاحنة تطال الجميع وتقضي عليهم. ولعدم وجود أكثر من طرح سياسي يستوعب طموح وتطلعات السياسيين في ظل سلطة الانقاذ بخاصة في المناطق التي يتواجد فيها خليطا من القبائل بدارفور، كان العامل الأكبر في اذكاء نعرة القبائل بنظرتها لمعظم الدوائر الانتخابية التي جرت فيها الانتخابات للمرشح على انه يمثل مرشح القبيلة والقبائل المتحالفة معها. وكشفت الدائرة (90) أبو كارنكا ـ الضعين لعضوية المجلس الوطني 1996م فداحة ما خلفتها سياسة الانقاذ بدارفور حيث قام بعض المواطنين بالاعتداء على مراكز الفرز وأخذ صناديق الاقتراع عنوة واقتدارا، ولولا قدرة الله ولطفه لحدث مالا يحمد عقباه كل ذلك لم يجد التقييم السليم حيث تعاملت السلطة مع تلك الأحداث المؤسفة ببساطة متناهية بالغاء نتيجة الدائرة على أساس حدوث شغب على ان يعاد بها الاقتراع لاحقا. وذلك ما لم يحدث حتى الآن، فوقفت السلطة شاهدة على ذاتها بخطورة الظروف السيئة التي أوجدتها سياستها بين القبائل بدارفور. أما السكوت الجماعي فكان عملا اجراميا بحق مواطني الدوائر المسكوت فيها بدارفور إذ تضمن السكوت ترضيات وتوفيق لمصالح ضيقة واطماع عنصرية واسكاتا لأصوات في اطار توزيع الغنائم، حيث لم تكن الكفاءة والمزايا والصفات المطلوبة في النائب البرلماني من ضمنها بأي حال من الأحوال، وحيث لا نظم مؤسسية تضبط الترقي السياسي في الانقاذ وجد بعض المثقفين وحملة الشهادات من أبناء دارفور في هذا الفهم المغلوط واستجابة السلطة الآنية بمكافأة من يتصدرون المواقف وتعلوا أصواتهم بالمطالبة لمناطقهم المهمشة بالتنمية والثروة والسلطة بالمنصب الرفيع ما شجع الطامحين بدوافع ذاتية المكاسب فتولدت من المشكلات المصائب والويلات.
    ب/ الصراع القبلي بمنطقة الجنينة (بين قبيلة المساليت وبعض القبائل العربية) من سياسة اعادة ترسيم الأرض بين القبائل وانشاء الادارات الأهلية الجديدة (الأمراء) خرجت الفتنة بغرب دارفور من حيث لا يحتسب أحد وستفضي إذا لم تدرك لتشمل الجميع، ثم ان ما يجري الآن بالجنينة من تقتيل وتشريد هي مسؤولية السلطة الاتحادية أسبابا ونتائج حيث افرز نقل تجارب المناطق الأخرى (الأمراء) والتي جاء بها والي غرب دارفور الأسبق/ محمد أحمد الفضل في عام 1995م من كردفان لمنطقة الجنينة بالمسطرة الكارثة المشهودة الآن (شبيهة بالجرة التي وضعت بين جماعة من الصيادين ليتنافسوا على ما في داخلها من كنز فتقاتلوا فيها حتى ماتوا جميعًا إلا واحدا منهم وبقي حيا ليظفر بها ويدخل يداه داخل الجرة ليجد فيها حية سامة لدغته ومات في الحال) يا الجنينة بؤرة الفتنة والتمزق والقتل الجماعي في اللاشيئية الحقيقية وعظمة الأوهام.
    ثم جاءت القرارات الكثيرة والمتلاحقة دون الوقوف على خبايا وحقيقة الملابسات ودراستها وتقييمها بالعلم والمعرفة ثم علاجها فأخذت القرارات تخرج مجافية للمصلحة العامة وكان بعضها قرارات تخض على الفتنة بين أهل دارفور وتدفع بالحركات المعاكسة التي أخذت تطل برأسها. وكان لتكريس الجهل والأمية والتخلف والاحتراب القبلي بتسييس القبائل ونظرتها للادارات الأهلية في مظهرها الجديد بأن فيها مكاسب سياسية وسلطوية الدور الأكبر ما دفع تلك القبائل لتناسي تعاليم دينها الحنيف وقوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير) صدق الله العظيم. فلم تلتفت لتنظر لتسابق الأمم والشعوب نحو الرفاهية والازدهار بروابط العلاقات الفكرية والانسانية والتكتلات الاقتصادية. فاحرقت القرى والفرقان وازهقت الأرواح ودمرت الحياة البريئة ومزقت الوشائج وقطعت العهود، فتخلخل النسيج الاجتماعي المتماسك بما سيؤدي قطعا في المستقبل إذا لم يتم تدارك الأمر بايقاف اندماج عناصر دارفور العرقية المتباينة مما ينعكس بعد ذلك سلبا على وحدة السودان وقد تهيأ الجميع قوة وعتادًا.
    ج/ جدوى التدابير الاستثنائية بدارفور: ومنذ مجيء الانقاذ للسلطة في 1989م وحتى الآن لم ترفع حالة الطوارئ من دارفور حيث يد السلطة طليقة في دخول الأماكن العامة والخاصة والتفتيش دون إذن أو أمر، وتحديد اقامة وحركة تجوال المواطن، والاستيلاء على الأموال والممتلكات الخاصة بحجة اغراض الطوارئ وملاحقة جناة عصابات النهب المسلح، حيث تم استخدام سلطة الطوارئ بأبشع صور الاستخدام ووجدت السلطة عندما تحتاج لمزيد من القمع وبأشرس الوسائل دون ضابط أو حسب ضآلتها في ذلك (الطوارئ)، فكان اعلان الطوارئ مع تعيين العقيد/ الطيب ابراهيم محمد خير حاكما على دارفور الكبرى في أوائل التسعينات، فاستبيح حرمة الأماكن الخاصة وتم انتهاك حقوق المواطنين وملاحقة الأفراد بواسطة أصحاب الأغراض المريضة بحجة الاشراف والمحافظة على شؤون العقيدة الإسلامية، ونورد من تلك التجاوزات المتعددة مقتطفات من أمثلة متنوعة:
    1 ــ تم تسور منزل مواطن بالفاشر يعمل في خدمة العدالة والقانون ودعا من قاموا بذلك لمسيرة كبرى باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاطبها الحاكم بالقول بعد التعريض بالمهنة التي يعمل بها الضحية (بانه تم القبض على ذلك المواطن عاريا كما ولدته أمه) وبث الخطاب عبر أجهزة الإعلام المحلية المسموعة والمرئية.
    2 ــ تم ايقاف حركة المواطنين بالسيارات (عرف بصمت الحركة) كل أسبوع ابتداء من ليلة الأحد وحتى صبيحة الثلاثاء فتعطل مصالح الناس وكان ذلك بحجة توفير الوقود استعدادا لتحمل المشاق ومحاربة أمريكا، ثم أصبح السماح للمواطنين باستخدام السيارات يوم الصمت (الاثنين) كل أسبوع عن طريق تصديق برسم مالي.
    3 ــ تم ازالة بعض منازل المواطنين لأغراض بيع الأرض في خطط استثمارية دون سابق ترتيب وعندما أوقفت المحكمة المختصة تلك الاجراءات لم تعترف بذلك سلطة الطوارئ.
    4 ــ تدخل أصحاب النفوس المريضة باسم الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أخص خصوصيات المواطنين وكادت أن تحدث الفتنة الدينية عندما لاحق هؤلاء مواطنا بجنوب دارفور (اسمه يوسف) من أم عربية مسلمة وأب مسيحي قبطي بالحبس والجلد لعلاقته بفتاة مسلمة أفضت بالزواج. هذه الأمثلة لكثير مما يحدث بدارفور اكدت أن الطوارئ يؤتى بها لاطلاق يد السلطة دون قيود القانون، فكانت الطوارئ بدارفور في أواخر عام 1997عند نهاية مؤتمر الأمن الشامل بنيالا، ثم الإعلان الثالث في عام 1998م عقب السطو على بنك السودان فرع نيالا وأخيرا وليس آخرا مع أحداث تياريك بولاية غرب دارفور حيث تم تعليق سلطات والي غرب دارفور الأمنية واسناد مهامه لحفظ الأمن والنظام لممثل رئيس الجمهورية.

    السيد رئيس الجمهورية
    لعل كل الذين تابعوا واستمعوا لتصريحات السيد ممثل رئيس الجمهورية لشؤون الأمن والنظام العام بولاية غرب دارفور (الفريق الدابي) وجدوا في كل تصريحاته وبياناته مع تقديرنا الشديد له ما يمكن ان يقال عنه صب الزيت على النار، حيث لم تشتمل على الجوانب المطلوب بيانها، حيث سار وبكل أسف في ذات الاجراءات والحلول السابقة التي أخذت ذات الوتيرة القديمة (تسابق في الادلاء بالتصريحات والبيانات حول الحدث وسط حظ من التغطية الصحفية والإعلامية الكثيفة فتكوين لجان المساعي الحميدة مصحوبة بالدعوة لعقد مؤتمر صلح جامع بين الأطراف لحضور كبار المسؤولين بالدولة فحضر العلاج في تجميع الديات، والتعويضات لتوزيعها على المتضررين. وحيث شكك بعض أهل دارفور في الظروف والاجراءات التي جاءت بالفريق الدابي ممثلا لرئيس الجمهور لشؤون الأمن والنظام العام بولاية غرب دارفور وبأن فيها تكريس لنظرة الوصاية المعروفة والمرفوضة عند انسان دارفور يدعمون رؤيتهم تلك بما صحب وصول الفريق الدابي لولاية غرب دارفور من امكانيات ضخمة لم تتوفر لمن سبقوه وفي ذات الوقت تم حبس منسق ولاية غرب دارفور بالخرطوم بحراسة الخرطوم شمال لارتداد شيك من حساب الولاية لعدم وجود رصيد. نجد في اعلان الفريق الدابي عن تشكيل محاكم طوارئ خاصة بأحداث الجنينة الأخيرة لملاحقة المشتبه في تورطهم جنائيا ما سيؤدي احكامها إذا قدر لهذه المحاكم ان تنعقد وتصدر أحكاما بشأن هذه الأحداث ما سيؤدي لزيادة الاحقاد واثارة روح النقمة والانتقام، حيث لا تتوفر لهذه المحاكم سوى بيئة الخصومة التي يتطوع أطراف النزاع في تقديمها ضد الآخر.
    3/ التنمية بدارفور أــ
    تصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات بسوء تصريف المال العام واساءة استخدام السلطة. دارفور بولاياتها الثلاث تغطي الجزء الغربي من السودان وتمثل مساحتها (خمس) 1/5 مساحة السودان، أرض بكرة صالحة للزراعة، أما تعداد سكانها حسب آخر احصائية سنة 1999 قد بلغ أكثر من أربعة مليون مواطن يعيشون على الزراعة والرعي في الريف وسكان المدن يعيشون على التجارة والتوظيف الحكومي والمهني. ان أكثر ما تعاني منه ولايات دارفور النقص الحاد في خدمات التنمية وأدوات التعليم والصحة في حالة احتضار تام وتلفظ أنفاسها الأخيرة حيث وضح ان ولاة الأمر بدارفور مهمومون ومشغولون بكل شيء إلا شؤون مواطن دارفور وحقه في التنمية والحياة الكريمة. وطوال عشر سنوات عمر سلطة الانقاذ لم تجتهد السلطة لاقامة ولو مشروع تنموي أو خدمي واحد على الأقل، بل قامت السلطة بتصفية المشروعات القائمة مثل غزالة جاوزت وخزان جديد وساق النعام ومشروع جبل مرة وهيئة تنمية غرب السافنا وخصخصت البعض الآخر مثل المدبغة الحكومية بنيالا.
    اما المعلمون بدارفور فيشكون من عدم صرف مرتباتهم لشهور وشهور متعددة وبذلك أصبحت كل السنوات الدراسية مهزوزة والمدارس متوقفة وتمددت المشكلة لتشمل عمال الشؤون الصحية بالاضرابات. هناك تجاوزات مالية واضحة استغل فيها المسؤولون بدارفور مواقعهم السلطوية بالشكل الذي أضر بالمصلحة العامة فأثرت هذه التجاوزات في تعطيل التنمية في دارفور حيث تعطلت برامج التنمية والخدمات لعدم وجود نظم آلية ومحاسبية تضبط مصداقية الجهات المستفيدة حيث يتم الصرف لأشخاص وجهات لا علاقة لها باستهداف المال العام وبسبب تلك الممارسات التي تخالف اللوائح والنظم المالية والمحاسبية، حرمت دارفور من التنمية والتطور، فأثر ذلك على قطاع التعليم والصحة والأمومة والطفولة والشباب والمرأة، وأبلغ دليل على ذلك ما تشهدها ولاية جنوب دارفور من أوبئة وأمراض وتدهور في صحة البيئة والانسان واضرابات لعمال الشؤون الصحية وقطاع التعليم وفي ذات الوقت يتسابق والي ولاية جنوب دارفور في التبرع لمصنع الشفاء الذي دمر بالقصف الأمريكي بمبلغ خمسمائة مليون جنيه، ويقود حملة التبرعات بالولاية رغم رفض مالك المصنع لهذه التبرعات وكان ذات الوالي قد حمل مواطن جنوب دارفور المغلوب على أمره نفقات الصرف البزخي فيما عرف بمهرجان الفروسية والهجن والذي جرى بنيالا في نوفمبر 1997م.

    ب/ طريق الانقاذ الغربي:
    هذا (الحلم الذي يظل يراود أهل السودان وأهل دارفور خاصة) انكشفت حقيقته الآن، في عام 1995م صدر قانون طريق الانقاذ الغربي بمرسوم مؤقت من المجلس الوطني الانتقالي بموجب ذلك تم تكوين الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي مسؤولة عن الطريق تحت اشراف رئاسة الجمهورية وترأس أماناتها المتخصصة الوزراء الاتحاديون. وكان ينتظر من تلك الهيئة أن تحقق ذلك الحلم الكبير خاصة وقد قطع رئيس الجمهورية وعدا على نفسه بانجاز الطريق خلال مدة عامين فقط، فتنازل المواطن عن سكره لمصلحة الطريق وفرضت عليه الرسوم في كل خدماته المحلية والخارجية. ولكن وعقب انقضاء أكثر من ثلاث سنوات اتضح ان أموال الطريق تذهب في غير قنواتها المعلنة والمحددة والعمل متوقفا بالميدان ولكن ومن خلال الصحف يكاد يظن المرء ان الطريق قد أوشك على الاكتمال. ان الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي استخدمت أموال الطريق دون متطلبات الاستخدام الصحيح والمبرمج له فضلت أموال الطريق سبيلها ومن ذلك نورد هذه الواقعة المضحكة والمؤلمة: قامت الهيئة بتقديم شيك على بياض لاسرة المرحوم الزبير محمد صالح عقب وفاته لتكتب ما شاءت من مبلغ ولكن أسرة المرحوم كانت أكبر من أغراضها).

    ان الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي لا تظهر ولا تنشط إلا من خلال اعلانات الصحف في الافراح والاتراح. ولايقاف ما يحدث يتطلب تصحيح مسار طريق الانقاذ الغربي وقيام شركة باسم طريق الانقاذ الغربي أسوة بشركة شريان الشمال للطرق والجسور تضمن وجود جمعية عمومية حقيقية بأطر فعلية محاسبية تصون مال المواطن المهدر وتحقق حلمه الكبير.
    ج/ النهب المسلح: مكافحة النهب المسلح مسؤولية السلطة الاتحادية والولائية والمحلية بالتضامن مع الافراد يجب أن لا تترك ليتحمل تبعاتها المواطن خاصة وقد استفحل أمرها بما يتطلب التعامل معها بجدية وحسم شديدين.
    3/ التعايش السلمي بدارفور: إن التعايش السلمي بدارفور لا يتم ولا يتحقق الا عند ايقاف اهمال مؤسسات الدولة المدنية وقواتها النظامية ودعمها بالكفاءات والامكانيات التي تؤهلها للقيام بدورها في حفظ الأمن والنظام العام واظهار هيبة الدولة بالقانون وايقاف السياسة الرامية إلى تسييس القبائل.

    التوصيات:
    ان معالجات الدولة لقضية الأمن والتنمية والتعايش السلمي بين القبائل بدارفور كانت تأتي من باب المظاهرة السياسية والمؤتمرات ولجان ووفود الصلح وتهدئة الخواطر فضلت المسار ولونت الحقائق وعظمت الازمات ففقد المواطن فيها الثقة التامة حيث لم يجني منها سوى فواتير الاحتفالات والولائم الباهظة علما بأن كل مقررات مؤتمرات الصلح والتعايش السلمي بين القبائل التي عقدت بدارفور أصبحت حبرا على ورق حيث لم تجد توصياتها طريقا للتنفيذ فزاد ذلك من تعميق المشكلات. ولما تقدم سيادة الرئيس وللأسباب الواردة في هذه المذكرة نلتمس الاستجابة لهذه التوصيات كمدخل لابد منه لايقاف الاقتتال الحاد بين قبيلة المساليت وبعض القبائل العربية وكفالة الأمن والنظام والسلام العام لكافة أرجاء دارفور الآن وفي المستقبل بخاصة قد بلغت الأحوال مبلغا يهدد وحدة الوطن بما يتطلب مشاركة أبناء دارفور في وضع برنامج استراتيجي يخدم تطبيع الوحدة والعدالة الوطنية سياسيا واجتماعيا وتنمويا وأن تكون هناك توصيات أخرى ضرورية لبدء المعالجة، تنطلق من الحقائق التالية:
    1 ــ دارفور استراتيجيا تمثل صمام أمن وأمان السودان ووحدته بما يتطلب ذلك اعتراف الدولة بخصوصية الوضع في دارفور واعادة النظر في سياستها المطبقة حاليا بما يتفق ومراعاة تلك الخصوصية بالآتي:
    أ ــ تمثل دارفور بوابة السودان الغربية للتواصل الاقتصادي والسياسي والثقافي ومع الغرب الافريقي.
    ب ــ تمثل دارفور حالة ايجابية من التداخل الاثني والانصهار القبلي والثقافي، ضمانا للاستقرار وايجاد صيغ جديدة لادارة الحوار السياسي الوطني. يتطلب ذلك تكييف الأوضاع في الدولة لصالح المواطنة الحقة وعلى ذلك يتعين الأخذ في الاعتبار بالتوصيات التالية:
    1 ــ اعادة النظر في الأوضاع السياسية بدارفور بما يتفق ومراعاة خصوصيتها عبر مؤتمر تداولي وطني وسياسي وقانوني في أقرب مدة ممكنة.
    2 ــ وضع الخطط العملية اللازمة للاستفادة الجادة من الخبرات السابقة لمعالجة قضايا الانتماء والمشاركة السياسية والاقتصادية، تشارك فيها مؤسسات الدولة وأهل دارفور والمستنيرون من أهل السودان.
    3 ــ تصحيح مفهوم الفيدرالية ومراجعتها بما يتفق مع المتطلبات الوطنية الآنية لتضمن تواصل وحدة السودان في المستقبل وحتى لا تبدو الفيدرالية وكأنها عودة للقهر المركزي بوسائل أشرس بجانب التنصل من المسؤوليات.

    4 ــ تمكين أبناء دارفور الأكفاء من الإدارة السياسية والتنموية لمناطقهم في اطار الدعوة لحل مشاكل السودان بالتراضي وسلميا وعلى الحكومة ان تستجيب وتتعاون مع أبناء دارفور المستنيرين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية حتى يتمكنوا من تقديم أطروحاتهم لاعادة تأهيل دارفور سياسيا وتنمويا وفكريا، ورفع الظلم والغبن عن الأفراد والمجموعات بفتح الطريق بالاتفاق والحوار ومحاكمة روح الفتنة والتشرذم.
    وختاما: ان أهمال مؤسسات الدولة المدنية وقواتها النظامية بدارفور بجانب تسييس القبائل يتطلب من أبناء دارفور وهم المعنيون أكثر من غيرهم بتأهيل مناطقهم في اطار الوطن الواعد، لذا فإن الدعوة إلى اعادة قراءة ونقد تاريخهم وتكييف أوضاعه باستعادة المبادرة بالنضج السياسي والنصح الرشيد، والتنمية هي أهم أسس التطور الوطني في السودان. انتهت المذكرة

    تحذير من خطورة الاحداث
    لم ينته دور ابناء دارفور بالخرطوم عند حد رفع مذكرة الي رئيس البلاد، وسيما وان المشاكل تزداد يوما بعد يوم فقاموا بتحذير واضح للحكومة من خطورة الموقف في الاقليم الواقع غربي السودان الذي تجتاحه مواجهات قبلية دامية.
    وقال بيان صحفي وزعه الموقعون على المذكرة التي رفعها عدد من ابناء دارفور الى رئيس الجمهورية ان المنطقة تتهددها احداث منها انتشار الاسلحة النارية بين المواطنين. وقال البيان ان نحو 1300 شخصية وقعوا على المذكرة التي رفعت الى رئيس الجمهورية بينهم دستوريون سابقون وطلاب ومهنيون واعيان ادارة اهلية وطالب البيان اهل السودان بالمشاركة في مد يد العون لاغاثة الاف الاسر الهاربة من جحيم الموت بالجنينة وذكر البيان ان النازحين يقيمون في مخيمات منصوبة في العراء قبالة الحدود السودانية التشادية واوضح البيان ان النازحين يعيشون في ظروف صحية وبيئية قاسية ادت الى انتشار الاوبئة والامراض الفتاكة حيث قتل وباء السحائي اكثر من مائة مواطن لعدم وجود الوقاية والامصال. الى ذلك قال أحد الموقعين على المذكرة المثيرة للجدل لـصحيفة (البيان) انهم بصدد تسيير مسيرة سلمية لكنه رفض اعطاء تفصيلات مشيرا الى انهم يعملون الان على رفع عدد الموقعين على المذكرة الى 10 الاف من ابناء المقيمين بالخرطوم، وكان من ابرز الموقعين على المذكرة د. علي حسن تاج الدين عضو مجلس رأس الدولة السابق ود.ادم موسى مادبو العضوان القياديان في حزب الامة الذي يتزعمه الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق فضلاعن عشرة عمد و 16 شيخا من الادارات الاهلية.
    في الفترة من مارس 99 وحتي يوليو من نفس العام حدثت الكثير من التطورات بشأن قضية دارفور وأحدثت الحكومة في داخل مجموعة (النائب الاول) العديد من جلسات النقاش أبدت فيها تخوفها من الحركة المكثفة التي يقوم بها ابناء دارفور بشتى شرائحهم من خلال اللقاءات الاعلامية ومع بعض الصحافيين، والتصريحات التي كانت تصدر من شخصيات مثل حامد تورين وزير التربية السابق بولاية شمال دارفورأحد النفعيين الذين كانوا يعملون من أجل الوصول الي كراسي السلطة بأي وسيلة كانت والوسط الصحفي في الخرطوم يعرف الكثير من الاتصالات التي كان يقوم بها والتهديدات التي كان يطلقها لصحف معينة حتي تخدم أهدافه التي كانت معلومة بالنسبة للذين يمسكون بزمام الامور في الدولة، وفي تلك الاثناء كانت الاحوال في السودان بشكل عام تسير نحو الأسوء، فكان ما خافت منه (مجموعة النائب الاول) عندما انعقد المؤتمر التنسيقي لولايات غرب السودان الست الذي حظي باهتمام حكومي بالغ على خلفيات تهديدات حامد تورين، ومكي على بلايل، وآخرون في بالقيام بتأسيس كيان غربي مناهض للحكومة.


    ولايات غرب السودان تطالب بـ 20% من عائدات النفط بالمنطقة
    عندما شعر أهل دافور وكردفان أنه لا بد من عمل شيئ تجاه المنطقة يساهم في ترقيتها ومن ثم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي قاموا بعقد المؤتمر التنيسقي لولايات غرب السودان الست لمناقشة أهم قضايا المنطقة باعتبارها ولايات مرتبطة ببعضها البعض حيث انعقد المؤتمر في الاسبوع الاول من شهر يوليو1999 أوصى المؤتمر التنسيقي لولايات غرب السودان الست فى ختام اعماله برفض توسيع نطاق برنامج شريان الحياة ليشمل مناطق جبال النوبة الواقعة بولاية جنوب كردفان، وطالب بتخصيص 20% من عائدات النفط للمناطق التي يستخرج منها.
    وذكر التلفزيون السوداني ان المؤتمر اختتم اعماله بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وشدد على ان عدم امتداد البرنامج الذى تشرف عليه الامم المتحدة لجبال النوبة يقطع الطريق امام التدخلات الاجنبية فى الشئون الداخلية للسودان بحجة اغاثة المتضررين من الحرب الاهلية كما حدث فى الجنوب. ودعا المؤتمر بدلا من ذلك كل ولايات السودان لدعم جنوب كردفان ومدها بالمعونات الغذائية. وضم المؤتمر الذى تأسس فى العام الماضى ولايات شمال كردفان وجنوب كردفان وشمال دارفور وغرب كردفان وغرب دارفور وجنوب دارفور.
    واتخذ المؤتمر ( الذى اثار تأسيسه جدلا طويلا) منحى جديدَا بدعوته أربع ولايات جنوبية للانضمام اليه، وهى ولايات شمال وغرب بحر الغزال وواراب وولاية الوحدة الغنية بمناطق انتاج البترول. وأشار المؤتمر الى ان تلك الولايات الاربع تربطها حدود مشتركة بولايات الغرب، وتوجد اعداد ضخمة من ابنائها بالولايات الغربية الامر الذى يؤسس مصالح مشتركة بين الجميع.
    وقد ندد المؤتمر فى ختام اعماله بقرار الكونجرس الامريكى الداعي لفرض حظر جوي على الجنوب ومناطق جبال النوبة. وكانت بعثة الامم المتحدة قد قامت مؤخرا بزيارة تفقديه لمناطق جبال النوبة بموافقة الحكومة السودانية وذلك لتقدير احتياجات سكان تلك المناطق من مواد الغذاء والاغاثه، والوقوف على الاعداد الحقيقيه لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة (الجيش الشعبى لتحرير السودان) ، ويضم هذا الجيش فصيلا مسلحا بقيادة يوسف كوه الذى كان ينتمي لتلك المناطق التى يطلق عليها اسم المناطق المهمشة نظرًا لما تعانيه من نقص شديد في الخدمات الاساسية ومشروعات التنمية. وكان المؤتمر قد دعا خلال اجتماعاته الى تعديل الدستور فيما يتعلق بالقواعد المنظمة لترشيح الولاة، كما دعا الى اعادة تقسيم الموارد القوميه وتبنى اقتراحا بأن يؤول 20% من عائدات البترول والمعادن الى الولايات التى تستخرج منها تلك الموارد، وهي القضية التى تتسم بحساسية خاصة فى هذه الايام بعد ان علت نبرتها فى ولايات اخرى خاصة بالجنوب عقب الاعلان عن انتاج وقرب تصدير البترول السوداني. وقد أثار انعقاد المؤتمر مخاوف وتحذيرات مماثلة لتلك التى صاحبت انعقاده الاول، والتى رأت فى تأسيس هذا الكيان نزعة جهوية وتوجهات تشجع على الانفصال فى المستقبل، ويرى الذين عبروا عن هذه المخاوف على صفحات الصحف ان السودان لا ينقصه مجالس جديدة للتنسيق الجهوي، وانه يكفى وجود مجلس للتنسيق خاص بالولايات الجنوبية، وآخر خاص بجبال النوبة، ويخشى هولاء ان يدفع ذلك اخرين بالشرق والشمال للمطالبه بالمثل، ويؤكد اصحاب هذا الرأى ان السودان أحوج ما يكون الان لكل ما يدعم وحدته وكيانه الموحد، وتابعت اعمال المؤتمر الصحف الاماراتية ووكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ونشرت كافة ما صدر عن المؤتمر يوم 9 يوليو1999 .
    وهنا لابد ان ينتبه القارئ الي ان مطالبة الست ولايات بتخصيص 20% من عائدات النفط للمناطق التي يستخرج منها، كان في يوليو 1999م ولم تكن مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قد بدأت بعد، حيث بدأت مفاوضات ماشاكوش في بداية العام 2002م برعاية الايقاد، مما يفند آراء الكثير من السياسيين السودانيين الذين قالوا أن ابناء الغرب عندما رأوء ان اتفاقية نيفاشا قد أعطت الجنوب الحقوق التي كانوا يطالبون بها قاموا بمطالبة الحكومة ب20 % من انتاج البترول للمناطق التي يستخرج منها.. علما ان المطالب التي طالبت بها ولايات الغرب الست هي مطالب منطقية وعادلة ولا مجال هنا للتقليل منها كما يفعل الكثير من اتباع الحكومة والذين صورت لهم افكارهم المريضة ان هذه المطالبة تنم عن عنصرية، سيما وأن أهل الغرب في حاجة ماسة للموارد التي تتمثل في احقيتها في البترول الذي يخرج من اراضيها ما دامت الحكومة في الخرطوم لا تعمل على معالجة قضايا المنطقة ولا تعير حاجات الناس هناك أدنى اهتمام.

    تظاهرة في مدينة الفاشر بسبب تأخر صرف مرتبات المعلمين..!!
    في آخر فصل من فصول اهمال الحكومة في الخرطوم لقضايا المواطنين، وعدم استجابتها لدعوات الناصحين وطلبات المحرومين والمعدمين كان حادث يوم 12 سبتمبر 2000م في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور حيث قتل ثمانية اشخاص واصيب 16 اخرون في اشتباكات بين قوات الامن السودانية في مدينة الفاشر ومتظاهرين محتجين على تأخر صرف اجور المعلمين ونقص خدمات الكهرباء والمياه، ولم يكن الحادث غريبًا على توقعات المراقبين الذين تابعوا رفع مذكرة ابناء دافور للرئيس عمر البشير في مارس 1999م، بأن الحكومة ستتناسى المطالب، وستتجاهل القضايا العالقة في دارفور والملتهبة، ولكن لم يكن في حسابات الحكومة ان تجاهلها لمطالب دارفور سيؤدي الي هذه النتيجة غير المتوقعة لها، ببساطة لأنها أقل شأنًامن حكومات اتحادات طلاب الثانوي للمدراس ليس لها خططا، وليس لها حس وطني يمكنها من الوقوف علي حاجات المواطنين، بل العكس تماما لها من الاهتمام ما يجعلها تتآمر على مواطنيها وعلى جيرانها وتصرف في ذلك أموال الشعب الطائلة، فالاستراتيجية الوحيدة التي يعمل لها ألف حساب هي استراتيجية حكم القرن الافريقي والمنطقة في العشر سنوات القادمة هكذا يفكر رأس الدولة (الثاني) ومجموعته الأمنية.
    وتعليقا على المظاهرة التي خرجت في مدينة الفاشر قالت قيادات سياسية اتصلت بها صحيفة (البيان) الاماراتية في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ان المتظاهرين الغاضبين من قرارات والي الولاية اللواء عبدالله صافي النور بالدعوة لانشاء المدارس النموذجية في الوقت الذي عجزت فيه حكومة الولاية عن دفع مرتبات المعلمين لأكثرمن ثلاثة اشهر، انخرطوا في اعمال تخريب واسعة شملت مقر الحكومة الولائية واقتحام مقر اقامة الوالي ومباني الشرطة والنيابة العامة اضافة لمحاصرة المستشفى حيث تقبع جثث الضحايا واكثر من 16 جريحا. واكدت ان المتظاهرين اخذوا في ترديد شعارات معادية للحكومة والمطالبة باسقاطها من بينها (تسقط تسقط حكومة الجبهة حكومة الافك والطغيان)، (يا خرطوم ياجبان شعب الفاشر في الميدان).
    واضافت المصادر ذاتها ان الاسواق قد تم اغلاقها داخل احياء المدينة وان التظاهرات لم تهدأ الا بعد ان تدخل قائد المنطقة العسكرية وخاطب المتظاهرين وهو يحمل منديلا ابيض في يده (في اشارة للسلام) ولتهدئة خواطر المواطنين الذين خرجوا من كل احياء المدينة. وقالت المصادر ان المتظاهرين الحقوا خسائر بعدد من مباني الحكومة باضرام النار فيها فيما تمكن والي الولاية من اخلاء اعضاء اسرته من منزله المحاصر بصعوبة. ونتج عن الصدامات اصابة 5 جنود من الشرطة و11 مواطنا باصابات خطيرة نقلوا على اثرها للمستشفى، وعلمت ذات الصحيفة ان وزارة الداخلية في الخرطوم ارسلت جوًا تعزيزات من قوات مكافحة الشغب الاحتياطية المركزية لدعم الاحتياطات الامنية الى جانب وفد رسمي برئاسة وزير الداخلية للاشراف الامني.

    ووصفت وزارة الداخلية في بيان لها اعمال الشغب بأنها "محاولة لنشاط تخريبي شارك فيه بعض الطلاب وانضم اليهم عدد كبير من الباعة المتجولين وانتهزت فئة مأجورة تلك المناسبة وقامت بتحريض مجموعة من الطلاب بالتظاهر والاعتداء على الممتلكات العامة ونهب ممتلكات المواطنين وحفاظا على ارواح المواطنين تصدت لهم قوات الشرطة وحالت دون توسيع دائرة التخريب" . وقال بيان وزارة الداخلية ان الشرطة باشرت تحرياتها فور انتهاء الاحداث وقامت بتحذير الجهات التي قامت بالتحريض والتخريب، وان التظاهرات اندلعت بعد تنظيم حكومة ولاية شمال دارفور لصلاة الاستسقاء. من ناحية اخرى اصدر المؤتمر الشعبي (حزب الدكتور الترابي) بيانا امس طالب فيه باقالة والي الولاية اللواء صافي النور وانتخاب وال جديد. وقال الدكتور علي الحاج محمد نائب الدكتور الترابي في تصريح (للبيان) ان الاحوال لم تهدأ الا بعد ان احتمى والي الولاية، بقيادة الجيش وقيام اللواء سيد الجعلي قائد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر بتولي اعباء الحكومة وتصريفها باعتباره الوالي الفعلي المقبول حاليا للجماهير وقال ان المواطنين كانوا قد تقدموا بمذكرة سلمية الى والي الولاية عقب صلاة الاستسقاء الا انهم واجهوا معارضة من الشرطة التي قامت بمنعهم والاعتراض عليهم بالقوة مما دفع بهم لقذفها بالحجارة ومواصلة التظاهرة حيث توجد مشكلات مستعصية في الصحة والتعليم واستفزازات من والي الولاية الذي رفض استلام المذكرة حسبما قال علي الحاج. وقالت وكالة فرانس برس نقلا عن شهود عيان ان عناصر حزب الترابي يقفون وراء المواجهات. واشارت الوكالة في تقرير لها من الخرطوم الى ان المدارس لم تفتح في هذه المنطقة نهاية يوليو كما هو مقرر بسبب تأخر السلطات في دفع اجور المدرسين. (البيان الاماراتية 13/9/2000م( .


    يتبع
                  

10-01-2004, 11:59 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    بداية ظهور المجاعة في ولايات الغرب
    مع بداية العام 2000م بدأ يظهر من خلال الخلافات بين طرفي الحكومة حجم الفساد الاخلاقي لدي الحاكمين في السودان والاشارات بأن أموالا ضخمة أصبحت تخرج من السودان يمتلكها متنفذين في النظام، وذلك من خلال الحديث عن السلام في السودان ومجي الحركة الشعبية لتحرير السودان الي الخرطوم بقيادة جون قرنق نائبا للرئيس الجمهورية، وعلى ضوء ذلك انشغل اتباع الحكومة في تهريب الاموال الي الخارج تحوطا مما سيجري لاحقا بعد دخول الحركة الشعبية في سدة الحكم، ومع هذه التخوفات وارهاصات القادم الجديد الذي سيسحب البساط من تحت أقدام عشرات الاتباع، أصبحت البلاد تعيش في فوضى أمنية وسياسية والكل خايف على مقعده وموقعه من الحكم، فاشتعلت المشاكل في السودان وفي دارفور بشكل خاص، وغابت الدولة عن ساحة المواطنين حتي أصبح الكثير من مناطق السودان على حافة المجاعة التي ضربت جزء كبير من السودان.

    تجاهل التحذيرات بشأن المجاعة يفاقم الاوضاع في السودان
    ( 6-1-2001م) فرضت الفجوة في الغذاء في عدد من ولايات السودان نفسها على الاوساط الرسمية والشعبية ففي الوقت الذي تؤكد فيه اجهزة السلطة قدرتها على مواجهة الموقف بمواردها الذاتية واشاراتها بان برنامج الغذاء العالمي، غيره من المنظمات التي حذرت من تفاقم المشكلة كانت قد اعترفت ان الحكومة تملك احتياطي حبوب كاف لحل المشكلة فقط يلزم ترحيله للمناطق المتأثرة في هذا الوقت الذي اصبح ترحيل الحبوب مشكلة، حذرت اتحادات المزارعين في ولاية دارفور الكبرى التي سبق ان تعرضت قبل عقد ونصف من الزمان لويلات الجوع وقالت انها لن تقف مكتوفة الايدي تجاه نقص الغذاء والمياه من الولايات الثلاث شمال وجنوب وغرب دارفور.

    اتحادات المزارعين حتى لا تلدغ من جحر واحد مرتين وفي (شفافية) طاغية ابانت في بيان تحذيري لها انها ستتابع الموقف عن كثب وذلك حتى لا تتكرر مأساة عام 1984م التي راح ضحيتها مئات المواطنين ونزح الالاف وعسكروا وعششوا في اطراف المدن.
    وتشير الصحف الى ان خريف العام 1999م كان شحيحا لدرجة ان الالاف في كردفان ودارفور بحثوا عن الغلال في بيوت النمل في مناظر تدمي القلوب وتدمع المآقي التي جفت من كثرة انهمار الدمع .. وقد شهدت منطقة المويلح جنوب غرب ام درمان فصولا من المأساة التي خلفها الجفاف والتصحر والتي انفجرت في لحظة غالية كان من هم على سدة الحكم يحاولون وفي سوء تقدير وتدبر مداراتها بدفن الرؤوس في الرمال التي طفح كيلها لتلهب الاطراف بانين المرضى من الشيوخ والنساء وصرخات الجوعى من الاطفال، وقد هز الموقف قلب وضمير العالم عدوه وصليحه لدرجة ان الرئيس الامريكي وقتها رونالد ريجان بعث نائبه الرئيس بعده جورج دبليو بوش للوقوف على حجم المأساة فحل بوش مكان البوش الحقيقي وهو خلطة ماء الفول بالزيت والجبن كما يعرف البوش في السودان بانه ملم الاقربين والاحباب عند مناسبات الفرح .. غرف بوش بكلتا يديه لموجات النازحين التي لم تنقطع على مدار الساعة بالمعسكرات. وسجلت تلك الاحداث علامات بارزة في لغة التخاطب بين من يطىء الجمر ومن هو مطالب باطفاء الحريق.
    لذلك اشار بيان اتحادات المزارعين بدارفور الى ان الاتحادات نبهت الحكومتين الولائية والاتحادية قبل عامين بخطورة الموقف بالولايات الغربية بيد انهما اي الحكومتان لم تعر تلك التحذيرات اي اهتمام، وذكر البيان ان الاسباب الرئيسية التي ادت الى حدوث الفجوة الماثلة التي يرى فيها الكثيرون مجاعة، وان إطلاق الفجوة عليها جاء للتقليل من حجمها في ظل تردي الانتاج على مدى عامين منذ التنبيه بخطورتها، ان الاسباب تتمثل في السيول والفيضانات التي اجتاحت تلك المناطق العام قبل الماضي ليطبق شح الامطار والآفات العام الماضي على بصيص الامل الذي اغتاله عدم وجود التمويل لاعادة تأهيل البنية الزراعية. ولان الصورة لا تزال على حالها دعا البيان الى تخصيص جزء من العمل الاغاثي لاعادة تأهيل البنية الاساسية للمشروعات الزراعية على وجه الخصوص بشمال دارفور التي يعاني 80% من سكانها مثل 70% من غرب دارفور و 40% من جنوبها من نقص في الغذاء حيث اوصلت الندرة في المعروض من الذرة والدخن في الاسواق، اسعار جوال الدخن الى خمسة وسبعين الفا من الجنيهات في الوقت الذي ابرزت فيه تقارير اتحادات المزارعين ان اكثر من 40 الف بمناطق الفاشر مليط، كتم، وادي صالح زاليخي جبل مره، كاس، ابو عجوزة وشعيرية هم في اوضاع مأساوية تتمثل في عدم قدرتهم على شراء الغذاء الذي لم يكن هو الوحيد في مواجهتهم. اتحادات المزارعين ترى في الاستعداد المبكر للموسم القادم بتأهيل الجسور التي انهارت قبل عامين والتي قدرت تكاليف تأهيلها في ذلك الحين بمبلغ 160 مليون جنيه وتوفير التقاوى وادخال عينات جديدة في التركيبة المحصولية ذكر تقرير المزارعين منها الذرة الشامي والقوار اللذين ثبت نجاحهما لعدم حوجتهما لمياه كثيرة ودعم محطات البحوث الزراعية ومعالجة المسألة الانمائية بخطط عاجلة وبمدى قريب وبعيد لتأهيل بنيات الزراعة في تلك المناطق امر لاغنى عنه وسط مواطنيها الذين يتملكهم القلق من تفجر الاوضاع وانعكاساتها التي ستقود الى نخر النسيج الاجتماعي بما يضعف تماسكه ناهيك عن انفلات امني كنتاج للتنافس المحموم على الماء وغيره من الموارد .
    كل هذه المحاذير والالغام باتت كالقنابل الموقوتة امام سباق ماراثوني بين الانفجار ومحاولة ابطال المفعول الذي احاط تقرير لبرنامج الغذاء العالمي ان شدة وطأته ستحل ليس في دارفور وكردفان وحسب بل وهناك مئات الآلاف من الجنوبيين اضحوا بين مطرقة الحرب التي هجرت الملايين منهم وسندان ما يسمى بالفجوة تأدبا والمجاعة بحق وحقيقة. ازاء هذه الاوضاع المأساوية المتفجرة وفي خطوة لتجفيف منابع الخطر، طفقت الحكومة التي لا تحسد على راهنها تسابق الزمن حتى لا تؤخذ عل حين غرة وفي بالها ما أشارت اليه تقارير المنظمات الدولية وتحذيرات اتحادات المزارعين بالداخل من خطورة تجاهل الاوضاع، واعلنت عن علاج وقائي في مقدورها يتمثل في ترحيل الحبوب التي تباهي باعتراف برنامج الغذاء العالمي بامتلاكها احتياطيا منها، ترحيلها الى المناطق التي هي في اشد الحوجة اليها. لذلك اعتمد اجتماع للجنة العليا للعون الانساني ترأسه النائب الأول للبشير مبالغ مقدرة لهذا الشأن كما بلغت خمسة مليارات لتأهيل محطات المياه بتلك المناطق .. لم يقتصر الامر على هذا لنحو الذي يقتضي ترحيل الحبوب في الوقت المناسب قبل حلول ضحى الغد على اهوال المأساة، بل امتد الى أبعد من ذلك التأمين على مقترح تقدمت به وزارة الزراعة يقضي بتنفيذ برنامج عاجل دعامته استزراع اكبر مساحة ممكنة من المشاريع المروية بمحصول الذرة الشامي والرقيقة.
    ولم تجد الدولة حرجا بعد تقارير الداخل والخارج في الترحيب بالتعاون والدعم الدولي من المانحين والامم المتحدة والمنظمات الطوعية لمعالجة اسس المشكلة المتمثل في الجفاف الذي ضرب منطقة القرن الافريقي بصفة عامة ومناطق بالسودان شملت ولايات كردفان ودارفور وشرق الاستوائية وجونقلى والبطانة، وتأهيل مصادر المياه ورعاية الثروة الحيوانية في تلك المناطق. من هنا صار امر متابعة الموقف عن كثب كما جاء في بيان اتحادات مزارعي دارفور ضرورة تحتمها اهمية تطويق المسألة بكل ابعادها وبات على الحكومة ان تمارس اكبر قدر من الشفافية في العلاج حتى لا تلدغ من جحر واحد اكثر من مرة وعلى من يطأون الجمر ملاحقتها في كل صغيرة وكبيرة وان يكون شعارهم المرفوع انهم لا يقبلون منها غير الميدالية الذهبية تتويجا لهذا السباق الماراثوني وبدون تلك تكون النتيجة ميتة وخراب ديار.

    النظام يقلل من خطورة الفجوة الغذائية
    (13 يناير 2001 ) وصف وزير المالية السوداني حجم الفجوة الذي قدرته منظمة الغذاء العالمي بانه مبالغ فيه ولا تستند الى حسابات دقيقة وفي ذات الوقت استبعد الوزير د. محمد خير الزبير وقوع نقص غذاء في السودان مدافعا، في هذا الاتجاه عن سياسات الدولة متمثلة في تحرير انتاج وتجارة الحبوب استيرادا وتصديرا واوضح الوزير ان 17 % من سكان السودان هم دون سن الخمس سنوات ولا يمكن تقدير احتياجهم الغذائي مثل الشخص العادي.
    الوزير الذي تعمد عدم التحدث عن الفجوة في مؤتمر صحفي باعتبار ان ذلك يحدث ربكة في اسعار المحاصيل قال ان سياسات الدولة التي تعطي اسبقية قصوى للامن الغذائي تواصلت خلال العشر سنوات الماضية بصور مرضية لتوفير الامن الغذائي بالانتاج المحلي او الاستيراد من الموارد الذاتية وتحرير تجارة الحبوب صادرا وواردا مشيرا الى ان هذه السياسة ستستمر لفعاليتها بجانب انشاء الدولة لجهاز المخزون الاستراتيجي للسلع حماية للمنتجين في مواسم وفرة الانتاج وحماية للمستهلك في مواسم الندرة الناتجة عن الكوارث.
    وقال ان الجهاز الذي تشرف عليه وزارته تولى مهامه ابتداء من نهاية العام الماضي. عبر تنسيق مشترك مع القطاع الخاص وجهاز المخزون الاستراتيجي لاستيراد كميات مقدرة من الحبوب خلال النصف الاول من العام للاستهلاك البشري والحيواني معلنا في هذا الجانب عن قرار وزارته باعفاء استيراد العلف الحيواني من الذرة والذرة الشامية من الرسوم الجمركية ورسوم الميناء وكافة الرسوم تشجيعا للقطاع الخاص خلال فترة بناء المخزون الاستراتيجي وفي ذات الوقت اعلن الوزير عن اجراءات لمعالجة النقص المتوقع من الحبوب في ولايات شمال كردفان وجنوب دارفور التي تأثرت بالجفاف الموسم الحالي.
    رغم الحديث المطمئن لوزير المالية الذي اشار الى ان الاقتصاد السوداني تعافى من امراضه الاساسية التي ظل يشكو منها لعقود خلت وعلى رأسها الاستدانة من النظام المصرفي التي قال انها تلاشت وصارت صفرا فيما فاض الميزان الخارجي لتدفق النفط مؤخرا رغم هذه الحديث الطيب الا ان تقارير حكومات ولايات دارفور لا تزال مشبعة بالارهاصات والمحاذير التي تعكس نارا خلف الرماد يخشى ان يكون لها ضرام. مثلا جاء في تقرير ولاية شمال دارفور ان حجم الفجوة بها بلغ 112 الفا و 635 طنا متريا وان حوجة المواطنين تحت دائرة الفقر المدقع الذين يتطلبون ويلزمهم توزيع مجاني للغذاء تبلغ 24 الف طن متري.
    واشار تقرير الولاية الى ان النزوح بدأ من الشمال باتجاه الجنوب محذرًا من ان وضع المياه سيزداد سوءًا، ويتفاقم مالم يتم تداركه قبل حلول الصيف في مارس 2001م.
    لم يخل تقرير ولاية جنوب دارفور من حاجة ماسة الى صيانة كاملة لعدد 175 بئرا كما تحتاج 50 بئرا الى طلمبات جديدة وشدد التقرير ان محافظة شعيرية التي تعتبر اكثر المناطق تأثرا بنقص الغذاء يقع 60% من مواطنيها تحت دائرة الفقر المدقع وقال التقرير ان 50 قرية بالولاية مهددة بالنزوح قبل نهاية يناير الجاري.
    الى ذلك دعا اجتماع عقده ولاة ووزراء المالية بولاية دار فور الكبرى الى ضرورة شراء جزء من المخزون الاستراتيجي من مناطق الوفرة بولايات دارفور وذلك لقرب المسافة وقلة وسهولة التخزين وتحريك الاسواق المحلية بتلك الولايات التي قالوا ان الاطمئنان الكامل يتمثل في اعادة المشروعات الكبرى بالولاية كمشروع جبل مرة وساق النعام عبر تمويلها من الخزينة العامة وذلك حتى لا تتفكك مجتمعات لا تزال مضرب الامثال في الطهر والنقاء والتكاتف والايثار وعلى المسئولين ألا يتذمروا عند الحديث عن فجوة في الغذاء او مجاعة ذلك لان الكي افضل من البتر مع ان في الاثنين علاجا تقتضيه مراحل المرض او الكارثة.

    المجاعة التي أصبحت واقعا رغم أنف الحكومة
    السبت 20 محرم 1422 هـ الموافق 14 ابريل 2001 وكالات الانباء – البيان الاماراتية
    بين الاعتراف بالمجاعة والاختلاف في تفسيراتها وقع الفأس في الرأس وتكسرت مرآة الريف ومناطق شتى في السودان فانعكست صور شتى للمعاناة تمثل المجاعة (حقيقة) والفجوة الغذائية (تأدبا) وصلت مراحل قساوتها، الى درجة (الادمان) التي اجبرت المعنيين اخيرا الى توزيع الغلال مجانا في ولايات بعينها اعادت الى الاذهان فصول مأساة حلت بها مطلع الثمانينيات حينما داهمت العاصمة الخرطوم وفي منطقة المويلح غربي ام درمان جيوش الجوعى الحفاة مستجيرة بالحضر الذي ساهم بتوفير اسباب الحياة فيه.
    وفضل من اثر البقاء تملؤه رغم مرارة الحرمان عزة النفس وكبرياء الشموخ يتكيء على ما جادت به خزائن العالم من اغاثات واغطية شهد على توزيعها في ذلك الوقت نائب الرئيس الامريكي حينذاك رونالد ريجان، جورج بوش الاب الذي شارك النازحين في معسكراتهم مأساتهم التي البستهم الجدب والحاجة.
    حدث ذلك لأن من كان على سدة الحكم غفل او تعمد الغفلة بدفن الرؤوس في الرمال بعدم الاعلان عن تردي الاوضاع التي تفجرت وذاع خبرها وعم القرى والحضر وصار كونيا. تقاطرت الاغاثات من كل حدب وصوب لنجدة الملهوفين الذين اثر بعضهم البقاء في الحضر فيما بعد بينما عاد أكثرهم ادراجه حيث مراتع الصبا التي تشهد الآن نفس الفصول المأساوية بكل احداثها والامها.
    ويتكرر الشريط ويبدو وكأنه نسخة منقحة لمواكبة الالفية الثالثة؟ فعلى الرغم من صرخات اتحادات المزارعين في دارفور وكردفان الباكرة بضرورة تدارك الموقف البائن قبل فوات الاوان لاسباب اجتمعت لتظهره جليا وبحجمه المأساوي المتفجر الآن اذ اضطر المواطنون معه في تلك المناطق قسرا للتخلص من مواشيهم بعد ان غاب العشب عن ساحاتهم بفعل الجفاف الناتج من قلة هطول الامطار وانعكس ذلك بدوره على المحاصيل التي قلت وندرت الى مرحلة العدم.. هذه المسألة صارت مطروحة وبعنف في اكثر من صعيد .. ومع ذلك ابدى القائمون على الامر استعدادا محمودا لتطويق ما اسموه بالفجوة الغذائية وما اعتبره ماسكو الجمر مجاعة حقيقية فاعلنوا في سبيل التطمين انهم على درجة عالية من القدرة والامكانيات للسيطرة على الاوضاع وان ما يذاع وما يتناقل في هذا القبيل مبالغ فيه وان الانتاج اذا لم يكن كافيا للتغطية ففي المال وسع.
    لكن العالم ووفق تقارير ميدانية اعدتها منظماته وبرامجه العاملة في مجال الغذاء ورصد فجواته اقر ان الملايين في عدد من ولايات السودان وخاصة دارفور وكردفان وشمال النيل الابيض وولايات الجنوب في حاجة ملحة الى الغذاء بسبب الجفاف والنزوح بفعل الحرب وويلاتها وحذر من ان تجاهل الامر يؤدي الى مالا تحمد عقباه وهنا نهض المعنيون يفندون الحجج والدعاوى كأن المخاطب يرفل في حلل النعيم والسعادة في الوقت الذي كان فيه اصحاب الوجعة يستعدون للرحيل والزحف نحو الحضر لحاقا بمن فطن مبكرا لوقع السهام اذ ان الامر بات واضحا في ناظريهم اما البقاء مع اسوأ الاحتمالات او ان ينجوا بجلدوهم هربا من الجوع وكفره. وتتابع الحديث والتحذيرات من الداخل والخارج بالتطويق وسط زخم التقارير التي كشفت ان هناك من لا يملك ما يوفر له قوت يومه وانه اذا وصل الغذاء الى هناك فليس بمقدور الكثيرين الشراء وبالتالي اما ان يصلهم مجانا واما ان يترك اولئك الغلابة يضربون في خشاش الارض هائمين على وجوههم.
    ومع الاقرار بالنقص في الغذاء لجملة اسباب سلفت الاشارة اليها الا ان عدم الاعلان عنه صراحة دفع المانحين الى التراخي في المدد الامر الذي عده القائمون شكلا من الضغط السياسي يتجاوز بوضعه هذا مسألة تقديم المساعدات.
    لكن حينما يلح برنامج الغذاء العالمي ويصر ان عدة مناطق بالسودان مهددة بخطر المجاعة وان حاجتها العاجلة للغذاء تقدر باكثر من مئة مليون دولار يبرز حجم المأساة التي صارت ملهاة صناعة امام وقائع القاصي والداني على دراية بها، تصبح المسألة غير قابلة للتجاهل او التستر عليها.
    واخيرا تحت وطأة الجوع وملحقاته وملاحقة البيانات والتقارير المتتابعة اذعنت وزارة المالية لحقيقة الاوضاع المتفاقمة بدار فور التي عكسها خلال الايام الماضية وفد يمثل الهيئة الشعبية لتنمية دارفور لوزير المالية عبدالرحيم حمدي بحضور المفوض العام لمفوضية العون الانساني دكتور سلاف الدين صالح ومدير جهاز المخزون الاستراتيجي وتمخض اللقاء عن توجيه اصدرته المالية يحكى عن ابعاد المأساة وحقيقتها اذ وجهت بتوزيع تسعة الاف جوال من الذرة وتسعة الاف طن اخرى من القمح مجانا للفئات الاكثر تضررا بولايات دارفور الثالث كما وجهت كذلك بتوزيع ستة الاف طن من القمح لولايات كردفان. د. سلاف الدين صالح من جهته اتبع خطوة المالية باعلانه ان هذه الكميات تعتبر دفعة اولى وان هناك بواخر تحمل 90 الف طن من القمح ستصل تباعا حتى نهاية مايو المقبل.
    بعين على الوضع المأساوي الماثل واخرى على درء اثار المسألة على المدى البعيد ناشدت الهيئة الشعبية الجهات الرسمية والشعبية بضرورة الالتزام بايصال هذه المنحة الى مستحقيها على جناح السرعة فيما تعد هي العدة لانطلاق نفيرها القومي لدرء اثار الجفاف بغرب السودان وهو اتجاه ينبغي ان يجد الدعم والمساندة من كل الجادين والمعنيين في وقت اعلنت فيه الدولة ان الزراعة هي اولوية اولوياتها وركيزتها الاساسية في مسيرة بنائها.
    وتبقى مسألة الحوجة او طلب الغوث والمساعدة من الآخرين عرفا واحدى الثوابت الدولية التي لاحرج في الصدع بها ومن هنا فان الامر اذا كان مقدورا عليه فلا داعي الى دق طبول الهلع بما يمكن وضعه في خانة القرض وبالتالي رهن المساعدات وتقديمها بالاعلان عنه وفضحه وهذا ما تميز به الموقف الرسمي للخرطوم التي تمسكت بقدرتها على السيطرة على المسألة وفسرت تمنع المانحين بانه شبيه بالضغوط السياسية وتعد خطوة توزيع الاف الاطنان من الغلال مجانا على المناطق الاكثر تضررا اشارة على الاحاطة بجوانب المسألة تحسب لصالح ولاة الامر اذا كان منطلقهم من ارضية ثابتة .

    اما اذا كان ما حملته تقارير المنظمات هو عين الحقيقة وان تراخي المانحين مرده الى عدم اعتراف القائمين بحجم المحنة فان الحريق سيعم كل الاركان بهبوب العواصف التي سيكبحها ويصدها الاعلان الواضح عنها ان المجاعة او ان شئت فجوة الغذاء لان العالم لن يقف مكتوف الايدي ليتفرج على اناس منوط ببلدهم توفير الغذاء له ضمن قطرين اخرين، ثم لاحرج في ذلك ولا داعي لدفن الرؤوس في الرمال وان كان في التوزيع بالمجان مايدعو الى اعادة ترتيب فصول المسألة في الاذهان، حتى لا يقف الاخذ والرد عند نقطة (ليس في الامكان احسن مما كان).

    ضعف الطالب والمطلوب
    البشير يتعهد بحل مشاكل دارفور، فساد طريق الانقاذ أمام القضاء
    وكالات الانباء – صحيفة البيان الاماراتية- الثلاثاء 5 ربيع الاخر 1422 هـ الموافق 26 يونيو - - 2001- شدد الرئيس السوداني الفريق عمر البشير الذي انهى زيارة له إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور على حسم النهب المسلح وانتشار السلاح وسد الفجوة الغذائية واكمال طريق الانقاذ الغربي ومياه الشرب، والتعليم وهي القضايا الساخنة التي تعاني منها ولايات دارفور.وقال ان الدولة ستواصل بكل حسم ومسئولية مع كل من يريد ترويع الآمنين مؤكدا تطبيق الشريعة الاسلامية على كل الخارجين على القانون والساعين للفساد في الارض.
    واعلن البشير الذي كان يخاطب لقاء جماهيريا بمدينة الفاشر ان بداية حل مشاكل دارفور تكمن في تحقيق الامن والاستقرار، وقال ان الحكومة تسعى لايقاف النهب المسلح والصراع القبلي والتسليح العشوائي حتى تتحرك «الضغينة» من دارفور إلى بحر العرب ولا يعترض طريقها احد، واضاف لابد ان تغيب البندقية من دارفور ولابد للامن ان يسود حتى نتفرغ للعدو الحقيقي وهو التمرد، واستطرد قائلا كل من يشغلنا عن عدونا الحقيقي سنتعامل معه بحزم وكل من يحمل البندقية ويقطع الطريق سيكون التعامل معه حسب الشريعة الاسلامية.
    وقال: «طريق الانقاذ كان قد ارتبط بقضية الفساد والفساد الآن امام القضاء» علما ان فساد طريق الانقاذ قد سكت عليه الرئيس البشير والي هذه اللحظة لم يوجه القضاء السوداني للبت فيه، و طريق الانقاذ الغربي أصبح حكاية تلوكها الألسن بالرغم من ان اهل الغرب وفروا التمويل اللازم لتشييده عن طريق تنازل عن حصص السكر الذي كان من المفترض ان يطرح لهم بأسعار محددة. بينما نجد ان طريق التحدي الخرطوم عطبرة الذي ساهمت خزينة الدولة في توفير الاموال له وتشييد هذا الطريق وجد الدعم والمساندة من رئيس الجمهورية الذي اعلن من قبل بأن يعطى الاولوية ودعا الرأسمالية الوطنية للمساهمة من اجل انشائه، بل فرضت الحكومة مبلغ 50 دولاراً على المغتربين للمساهمة في الطريق. لماذا لم يتم دعم طريق الانقاذ الغربي عن طريق الدولة وحتى اموال المغتربين لماذا لا يحول ولو دولار واحد لمصلحة الطريق، مع العلم بأن ابناءنا رفضوا المساهمة في تمويل طريق التحدي عندما علموا بأن مساهماتهم مخصصة فقط لطريق التحدي. الان اكتمل طريق التحدي الذي سيمتد لمدينة ابو حمد. بينما نجد ان اربعين مليار جنيه تم جمعها من المساكين لطريق الانقاذ الغربي من اهل الغرب لا يعلم احد مصيرها، الا القليل من الناس.

    دارفور الحقيقة الغائبة..!!
    عندما اندلعت المعارك في فبراير 2003م استخدمت كلمة التمرد لأول مرة، وعندها عرف كل السودانيين ان ما يجري في ولايات دارفور تمرد وليس نهب مسلح ، ولا مجموعة قطاع طرق، كما كانت تزعم الحكومة ، وفي هذه اللحظة في فبراير 2003م أدرك الناس ان الذي حدث هو ما كان يتخوفون منه نسبة لتجاهل الحكومة في الخرطوم ما يجري في هذه المنطقة رغم النداءات المستمرة والملحة، والتي شهد عليها الجميع ، ويؤمن بها قطاع كبير من مؤيدي الحكومة، المهم أدرك السودانيين باختلاف توجهاتهم أن ما يجري في دارفور تمرد مسلح على النظام الحاكم .
    وعندما يتذكر الناس الحوادث الدامية في دارفور فإنهم يجدون العذر لحاملي السلاح هناك، فالمنطقة خالية من المشاريع الانتاجية والمصانع والشركات والمؤسسات التي تستوعب ابناء الولاية، وحينما تتجاهل الحكومة في الخرطوم مطالب أهل دارفور المتكررة لا يبقى أمامهم الا حمل السلاح والتمرد على الاوضاع المزرية، سيما وان السلاح متوافر في كل مكان في أطراف السودان ودارفور بشكل خاص حيث غياب الدولة والسلطات، و يحدث ذلك نتيجة لعدم الانصات الي المذكرات المتعددة التي رفعها ابناء المنطقة لرأس الدولة ويشهد عليها الصحافيون والاعلاميون، فالمركز مسيطر على كل شيء كما هم فارض سلطته على الولايات بشكل تعسفي ، وأقرب وسيلة لحل المشكلات في السودان هي الآلة الأمنية والعسكرية ، وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة لقيام التمرد في غرب السودان، وقد لا يصدق القارئ الكريم ان ملف قضية دار فور كان ولا زال بطرف جهاز الأمن السوداني، ولم يكن من السهولة بمكان تدخل اي سلطة أو جهة آخرى في هذا الموضوع ما لم يتم الاتصال برئيس جهاز الأمن اللواء صلاح عبدالله، وقد اندهش الكثير من المراقبين والذين حاولوا التوسط بين الحكومة والحركة المتمردة لحلحلة القضية، فوجدوا ان الحكومة كانت متمثلة في جهاز الأمن وليس وزارة الداخلية، ولا وزارة الحكم الاتحادي، ولا حتي رئاسة الجمهورية، والكل هنا متفرج، مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية ، ليس لها صلاحيات التدخل الا حين تتنزل الاوامر من أعلى للخروج في مسيرات أو التنديد أو السكوت، والمتحدث الوحيد في الساحة هو جهاز الامن عبر البيانات التي يوزعها على الاجهزة الاعلامية، وكان العقلاء من ابناء دارفور دائما يؤكدون ان القضية سياسية بحتة ويجب حلها في هذا الاطار ، ولكن أصبحت قضية دارفور قضية عسكرية وأمنية من الدرجة الأولى، دليلا على ان القبضة الأمنية هي التي فاقمت المشكلة وأدخلتها في دائرة التدويل، ولا يستغرب المتابع اذا عرف ان جهاز الأمن هو الذي يقود العمليات العسكرية ويتقدم افراده وجنوده أمام القوات المسلحة ، علما أن الذين بقودون العمل الأمني هم ذات الاشخاص الذين أدخلوا السودان في مشاكل وصراعات دولية بدًءا من محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في 1993م ، ومن ثم تهيئة الاجواء لتنظيم القاعدة من خلال استضافة زعيمه أسامة بن لادن على الأراضي السودانية هي الفترة الذهبية للقاعدة التي مكنتها من التخطيط الجيد وخلق شبكات الاتصال مع افرادها في العالم قاطبة، ومن ثم تمكنت من تنفيذ كافة أعمالها الارهابية ومن ضمنها 11 سبتمبر.
    وفي ذات الفترة التي صادفت اندلاع الحريق بمنطقة دارفور عام 2003م تشكلت لجنة من مثقفي ولايات دارفور الكبرى بكافة شرائحهم وألوانهم القبلية من أجل العمل على إرساء السلام ، حيث اجتمعوا يوم 23 مارس 2003م في قاعة الشهيد الزبير بالخرطوم والعدد تراوح ما بين 300 – 400 شخص من بينهم وزراء وقضاة واعلاميون وسياسيون، و من خلال النقاش المستفيض توصلوا الي نتيجة مفادها أن المشكلة في دارفور تنموية ، وقالوا نحن نحتاج الي حل آخر غير المؤتمرات التقليدية السابقة متفقين على أن للقضية روافد في الصراع على الكلا والماء والصراع القبلي، وهذه اشياء موجودة في المنطقة منذ زمن طويل موكدين أن البيئة التنموية اذا كانت جيدة لأصبحت هذه الروافد مشاكل فرعية يسهل حلها وديا، لكن صورة البيئة في دارفور كانت متدنية ومتأخرة جعلت القابلية للانفجار كبيرة اذا ما وجدت الاجواء المهيئة لذلك وللأسف كل عوامل الانفجار في دارفور موجودة والتي تتغذى دائما من اخطاء الحاكمين.
    ومن الحضور الكبير للاجتماع الذي عقده أبناء دارفور يوم 23 مارس تم اختيار 80 شخصا يمثلون كافة الالوان القبلية في دارفور والمهن المختلفة، غادروا الخرطوم الي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بطائرة خاصة حيث اجتمع الوفد لمدة يومين (24-25 مارس 2003م) في الفاشر بحكومة الولاية وبحضور ولاة غرب وجنوب دارفور وحضر اللقاء وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين ورئيس جهاز الامن، والمخابرات اللواء صلاح عبدالله، وتناول الاجتماع القضايا الاساسية بالنسبة للصراع في دارفور والسبل الناجعة لحل المشكلة، وخرج المؤتمر بتوصيات ، وسمي هذا الاجتماع ب ( ملتقى الفاشر التشاوري) ومن هذا اللقاء اتفق الجميع على أن السبب الرئيس لمشكلة دارفور هو التردي في التنمية حيث استخدمت عبارة (غياب التنمية) هذه الورقة أجازها وزير الداخلية وقدم كلمة أمام المؤتمرين أمد فيها على كل ما ذكر، وأجاز توصيات اللقاء التشاوري رئيس جهاز الأمن اللواء صلاح عبدالله ومؤمنا على كل ما ذكر ولم ينف أو يعارض ما وصل اليه اللقاء من أن مشكلة دارفور تكمن في غياب التنمية، وعبر اللقاء الفاشر التشاوري اتفق الحاضرون على الانطلاقة الفورية والعاجلة بغية حفظ الدماء السودانية التقتيل، ثم شكل المؤتمرون أربع لجان ( لجنة الاتصال بقبيلة المساليت – لجنة الاتصال بقبيلة الفور - ولجنة للاتصال بقبيلة الزغاوة – وأخرى للأتصال بالقبائل العربية ، ومن ثم معرفة آراء الجميع حول الحلول المقترحة وبالفعل وصلت لجنة الي الاخوة حاملي السلاح في دارفور وقالوا لمن جاءهم بالحرف الواحد " لسنا قوات قتالية ، لدينا قضية، ونحن مستعدون للحوار " وكان ذلك اللقاء في الاسبوع الأول من شهر أبريل 2003م ، وكانت الاتصالات مكثفة مع جميع الاطراف تسير على قدم وساق وبجدية تامة ما بين الخرطوم وجبل مرة في جنوب دارفور وألمانيا حيث تتواجد القيادة السياسية للمتمردين ، وفي هذا الجو والناس في انتظار سماع صوت العقل من أطراف النزاع وبالتحديد في يوم 13 أبريل 2003م حدث لقاء بين الرئيس عمر البشير والتشادي ادريس دبي وخرج لقاء الرئيسين بقسم غليظ بسحق التمرد في دارفور بمساعدة الحكومتين السودانية والتشادية، الامر الذي خيب آمال الخيرين والذين يسعون للملمة الجراحات ، ووقف نزف الدماء البريئة، وفي الفترة من 13 الي 17 أبريل اي بعد يومين أو ثلاثة من لقاء البشير وادريس دبي قامت الطائرات العسكرية السودانية بضرب مواقع بالقرب من مدينة الفاشر بالتحديد في منطقة (عين سيرو ) وتم تكثيق القصف الجوي بشكل لم تعهده المنطقة من قبل، وكانت أصوات الطائرات وهي ترمي باللهب تسمع من مناطق بعيدة أدخلت الرعب في النفوس بكافة مناطق شمال دافور، ولم تكن هناك أي معركة قتالية على الأرض ، فأحبطت كل الآمال التي كانت تعلق على الحركة الدؤوبة التي قام بها أبناء دارفور في العاصمة الخرطوم من أجل نزع فتيل الأزمة.

    رد الفعل - تدمير 6 طائرات في مطار الفاشر
    ولم يكن رد الفعل متوقعا على الاطلاق بالنسبة للنظام في السودان ،و لم يتأخر ففي يوم 16 و17 ابريل قصف الطيران العسكري السوداني مناطق شمال دارفور ، كان الرد من المتمردين قويا ، ومزلزلا ففي يوم الجمعة الموافق 18 أبريل 2003م هاجمت قوات التمرد مطار الفاشر وكشفت البيانات الرسمية الحكومية عن ضخامة العملية التي اسفرت عن تدمير ست طائرات بالمطار، ومقتل 32 من القوات الحكومية بينهم ضابطان، وبلغ عدد قتلى المتمردين 20 شخصا،ثم دخلت قوات المتمردين الطابية واستلموا كل السلاح الموجود في القيادة العسكرية ، وقاموا بأسر اللواء بشرى قائد سلاح الجو السوداني ، ثم أداروا حلقة نقاش في الفاشر ، حول الحركة واهدافها وتحدثوا عن الظلم الكبير على أهل المنطقة من قبل النظام في الخرطوم. ويبدو ان المتمردين لم يكونوا يستهدفون قتل الناس الابرياء، فقاموا بطرد قائد الدفاع الشعبي من مكتبه وطلبوا منه المغادرة الي بيته، ولم يكن هذا التعامل مع قائد الدفاع الشعبي وحده بل كان مع عدد كبير من العسكريين والحكوميين ان طلبوا منهم الذهاب الي منازلهم حتي لا يصابوا بأذى، فقط كان همهم الاول البحث عن السلاح، ورغم ان الحكومة على لسان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أعلنت الهجوم لكنها لم تقل الحقيقة كالعادة في البيانات الرسمية ، الا ان شهود عيان اكدوا أن الخسائر في صفوف القوات الحكومية فادحة وضخمة تتجاوز الارقام الرسمية.
    وتعليقا على الهجوم العسكري الكبير الذي قامت به حركة التمرد في دارفور قال وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين من جانبه ان مواطني المدينة استيقظوا على اصوات انفجارات عالية في مواقع تابعة للقوات المسلحة قرب مطار الفاشر الذي قال ان القوات الخارجة أحدثت به تخريبًا واسعًا وأكد إحتواء الموقف وإستئناف الملاحة بالمطار، وقال أن القوات المهاجمة إنسحبت خارج المدينة وأضاف ان الحكومة لا تنفي( وجود دور لجهات سياسية) في احداث الفاشر خاصة وان العمل تم تبنيه بواسطة جهات معلومة وامتنع وزير الداخلية عن اسناد الهجوم الى قبيلة أو جهة بعينها، ومن المعلومات التي لا يمكن ان تعلن عنها الحكومة هي أن قواتها التي كانت مرابطة في مطار الفاشر قد هربت وتركت خلفها الآليات المسلحة الثقيلة .

    بعض من خلفيات الصراع في دارفور
    ومن الحقائق غير المعروفة لدى عامة الناس ان المجموعة التي تسيطر على مقاليد الحكم في السودان بقيادة النائب الاول والدكتور عوض الجاز لا يرضون أبدا مهما كانت الظروف رؤية تطور اقتصادي لمجموعة قبلية او حزبية أو أشخاص ما لم يكونوا موالين لهم في القبيلة والطموح والأفكار الاقصائية، ولا أستدل الا بقصة الاستاذ رجل الأعمال محمد عبدالله جار النبي وهذه قصة طويلة يطول شرحها ولكن المهم فيها أنهم عندما أدركوا ان (جار النبي) وشركته ستكون هي المستفيدة من تصفية البترول السوداني بما يعود عليها بالاموال الهائلة والضخمة وهو اي (جار النبي) الذي فتح للسودان خيرًا كثيرًا من خلال شرائه لحق امتياز شركة شيفرون، وهو الذي إشترى مصفاة البترول من الخارج وخسر فيها مئات الملائين من الدولارات حتي تصل الي أرض الوطن، من أجل ان ستستخدم لتصفية الخام السوداني فما كان منهم الا ان ابعدوا الاخ محمد جار النبي من الساحة ورموه بالكثير من الاتهامات على طريقة تصفية الحسابات من خلال حرب الملفات الخاصة بضرب الخصوم ، ولم يكن جار النبي خصما لهم ، إلا انه من دارفور ، وقد كان الاخ جار النبي يكن لهم كل التقدير والاحترام، كما صدم غاية الصدمة من هذه الفعلة، بل صدم كل من كان يعرف العلاقة بين الطرفين، وكل ذلك بسبب ان (جار النبي) ليس منتميا فكرًا ولا قبيلة لهذه المجموعة.
    والاستاذ محمد عبدالله جار النبي يوما ما عندما كانت الحركة الاسلامية مطاردة ايام الرئيس الاسبق جعفر النميري وصودرت أموالها واملاكها، وهو في يوغندا يعمل في مجال التجارة يرسل الأموال حتي تصرف الحركة الاسلامية في الداخل على نشاطها، كما كانت أموال (جار النبي) تصرف على أسر المعتقلين من اعضاء الحركة الاسلامية وظل على هذا الحال السنوات الطوال، حتي عادت الحركة الي وضعيتها هذا طرفا من حقائق أدت بشكل أو آخر الي تنامي قضية دارفور .
    يعرف السودانيين وخاصة سكان العاصمة الخرطوم ان أهل دارفور ينشطون في التجارة والاستثمار، ولهم الكثير من الشركات والمؤسسات الناجحة المؤثرة في الاقتصاد السوداني ، وهذا من أكثر الاسباب الخفية التي جعلت المجموعة الحاكمة في السودان تشعر بالقلق من تنامي ظاهرة التوسع الاقتصادي لهذه المجموعات، ولو ان من الطبيعي على الحاكم (الطبيعي) ان يسعد ويفرح عندما يرى ان جزء من الشعب أخذ في الرقي والتقدم الاقتصادي فإن ذلك يساهم بشكل فعال في نهضة البلاد، ولكن (الحاكم) يفكر بالعقلية الامنية والعسكرية، ثم ان الاحصاءات الضخمة التي اوردها (الكتاب الاسود) في الجزئين الاول والثاني تؤكد العنصرية التي يتحلى بها النظام الحاكم ، وما وجد ت المجموعة الحاكمة فرصة الا اختلقت اسباب آخرى لمشكلة دارفور.
    ذات السيناريو الخبيث مثلته المجموعة الحاكمة مع رجل الاعمال الفقيد أدم يعقوب بصفته أحد أكبر رجالات المال في السودان وينتمي الي ولاية دار فور، حينما اتهمته بالفساد، حتي تبعده عن النشاط الاقتصادي وقد كان يملك مجموعة كبيرة من الشركات الناجحة في السوق التجاري السوداني ، وهو الذي دعم القوات المسلحة السودانية في أحلك ظروفها ، كما هو من القلائل الذين كانوا يقدمون التبرعات السخية لحكومة (الانقاذ) دون أن يتحدث بها أو يعلن عنها ، كما كانت اياديه سخية لدعم أهله في دارفور ، وما وجد فرصة الا وقدم ما في استطاعته تقديمه، مؤلف هذا الكتيب شخصيا عندما كان يعمل في أحد المؤسسات المرتبطة بالقوات المسلحة قد استلم منه مرارًا تبرعات مالية موجهة الي فقراء العسكريين قبل حلول شهر رمضان المعظم، كما تعود على توفير عدد محدد كل عام من خراف الاضحية والتبرع به للقوات المسلحة ، حتي توزعه على منتسبيها الفقراء الذين لا يستطيعون شراء الاضحية، وأذكر ان الفقيد آدم يعقوب عند كارثة السيول والامطار التي اجتاحت مدينة الفاشر في العام 1996م كان ضمن الوفد الكبير الذي تفقد المتأثرين بالكارثة ، وحمل معه مبالغ كبيرة قام بتوزيعها هناك بشكل سري لم تعلم به السلطات الرسمية، كان سخيا في لحظات الحاجة، لم يتأخر قط عن تقديم المساعدة، نجحت المجموعة الحاكمة في ابعاده نهائيا من العمل في التجارة التي كون منها ثروة كبيرة، تماما كما أبعدت السيد محمد عبدالله جار النبي ، الذي يعمل الآن في استخراج البترول التشادي من خلال شركته الكبيرة.
    وأهم عنصر أساسي في مشكلة دارفور وتمثل أمهات القضايا والتي كانت أحدي النقاط الرئيسية في مذكرة أهل دارفور الموجهة الي رئيس الجمهورية، الا وهي قضية(طريق الانقاذ الغربي) والتي يعرف العالمون ببواطن هذه القضية الدور الكبير للنائب الاول لرئيس الجمهورية فيها، وأذكر انني كنت في معية د. على الحاج نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي في زيارة لمدينة كسلا التي اقام فيها الدكتور على الحاج ندوة جماهيرية كبرى (عام 2000م) وتحدث فيها عن الخلاف بين حزبه والحكومة، وفي ختام الندوة فتح باب النقاش للأسئلة والمداخلات وأذكر انها كانت ليلة ليلاء اتسع فيها صدر على الحاج كثيرًا لسماع الاسئلة التي تخصه شخصيا بما فيها قضية القصر العشوائي، ثم جاء سؤال من أحد المواطنين عن دور على الحاج في قضية طريق الانقاذ الغربي متهما على الحاج بالفساد، فرد عليه الدكتور على الحاج بالنص ( قضية طريق الانقاذ دي خلوها مستورة)..!! وبذاكرة متقدة اذكر أنه كان هناك شابا صغيرا في السن يعمل مراسلا لصحيفة (اخبار اليوم) وعلى التو أرسل الخبر وفيه هذه الفقرة بالذات في العنوان (خلوها مستورة) وفي اليوم الثاني خرجت الصحف تتحدث عن خلوها مستورة وتسائل الزميل الاستاذ محجوب عروة في مقاله اليومي (وقولوا للناس حسنا) لماذا نخليها مستورة ومناشدا رئيس الجمهورية الكشف عن (المستور) وقد كثر الحديث عن فساد الحكومة في مشروع طريق الانقاذ الغربي، فقمت بسؤال الاخ على الحاج عن المستور، وللأمانة والتاريخ لم يجبني لأنني رغم علاقتي الحميمة معه و السفر الطويل الذي كنا فيه بأكثر من ثمان ولايات انني في النهاية صحفي، ولكن عرفت فيها بعد الحقيقة التي منعت رئيس الجمهورية ونائبه من فك (طلاسم) المستور ، ومنعتهم الي هذه اللحظة من فتح القضية أمام القضاء برغم وعود عمر البشير الكاذبة والتي مرت عليها أكثر من أربع سنوات .
    ولا ادري ان كانت هي الحقيقة أم هناك جهة أخرى استولت على مال المشروع ، وتقول القصة ان ادارة الطريق كانت في حسابها أكثر من مليار جنيه سوداني فجاء الرئيس عمر البشير واستلف منها مبلغًا كبيرًا يساوي حوالي نصف المبلغ على ان يتم ارجاعه ولم يرجعه، وبعد أيام قليلة جاء على عثمان محمد طه النائب الاول واستلف منها مبلغًا كبيرًا حوالي نصف المبلغ الخاص بطريق الانقاذ الغربي ، ووعد بارجاعه ولم يرجعه، وبعد فترة قليلة احتاجت الجهة المنفذة للمشروع للمال الذي بحوزة الرئيس ونائبه ، وانتظرت ارجاع المبلغ فترة طويلة ولا زالت تنتظر الي هذه اللحظة كما سكتت الصحافة السودانية عن المناداة بفتح ملف التحقيق قضائيا ، وسكتت ايضا الشخصيات الدارفورية المقربة من الحكومة في أن تتحدث عن مشروع طريق الانقاذ الغربي، هذا المبلغ الكبير الذي كان يعول عليه في انجاز الكثير من المسافات في الطريق، ولكن الرئيس ونائبه صمتوا صمت القبور، ولا يستحي النظام السوداني أن يتهم جهات خارجية بصناعة أزمة دارفور..!!

    اخي القارئ الكريم ..
    هناك الكثير من الخلفيات التي تحكي عن مآسي انسانية ، عايشتها بنفسي ومهما أحاول التعبير عن مرارتها ومرارة الذين حدثت لهم لم استطع الي ذلك سبيلا، و هذه الملابسات لم يعرف عنها الشعب السوداني شيئا على الاطلاق ، بل ظل الاعلام الكاذب في الخرطوم يغذي المشاهدين بمعلومات كاذبة بعيدة كل البعد عن الواقع، ويتهم جهات دولية واستعمارية تريد النيل من مكاسب (الانقاذ) والاعلام الداخلي لم يتطرق الي اعمال ملتقى الفاشر التشاوري وما قيل فيه وما خرج به من توصيات أكد وزراء الحكومة على حقيقتها و على عدالتها ، علما أن الجهاز الامني في السودان هو الذي يتحكم في المعلومات الاعلامية، يمنع منها ما يمنع وينشر منها ما يستفيد منه في عيش المواطنين على الوهم.

    لماذا الجنجويد
    يتساءل الكثير من الناس عن مغزى استخدام النظام السوداني لقوات الجنجويد في حرب دارفور ، والعالمون ببواطن الامور يدركون الاجابة الموضوعية والمنطقية لهذه التساؤلات ، وشخصي الضعيف قد تعاونت ثم عملت بهيئة دعم القوات المسلحة بولاية الخرطوم مديرًا للاعلام والعلاقات العامة وهي الجهة التي تقوم بادخال الافراد للقوات النظامية ( جهاز الامن – القوات المسلحة – الاستخبارات العسكرية – الكلية الحربية – كلية الشرطة والمعاهد ) على مستوى الجنود والضباط حيث كان ولا زال التعيين للقوات النظامية يتم عبر قنوات تنظيمية خاصة ، وليس حرًا ، وأصبح التجنيد في عهد (الانقاذ) وحتي اليوم مضبوط بمفاهيم غريبة على أهل السودان منها ما هو تنظيمي وتلعب فيها الموازنات السياسية والقبلية والعرقية الدور الكبير ، وأذكر في آخر ايامي بالهيئة 1999م تأكد للقائمين على أمر القوات المسلحة أن الشباب السوداني قد أحجم عن الدخول في المجال العسكري ، وحتي أبناء الجنوب و أبناء جبال النوبة ما عادت لديهم الرغبة في الانخراط في الجيش السوداني كالسابق، حيث كانوا هم الارتكازة الحقيقية وعماد القوات المسلحة السودانية، إذ كانت تعتمد عليهم الانظمة في سد الحاجة العسكرية، استغلالا لأوضاعهم البائسة التي خلقتها سلبية السياسات الحاكمة منذ استقلال بلادنا الي هذه اللحظة.
    ولذا لم يكن غريبًا للعامة حقيقة أن مدن السودان المختلفة بما فيها الخرطوم يحرسها مجندو الخدمة الالزامية والشرطة الشعبية الذين لا تتجاوز اعمارهم في أغلب الاحيان ال 22 عاما ، وفي السنوات الاخيرة أصبح واضحا للعيان ان القوات المسلحة السودانية كانت تقاتل بمجاهدي الدفاع الشعبي وطلاب المرحلة الثانوية الذين يساقون قسرًا من معسكرات التدريب وقبل اكتمال تدريباتهم العسكرية اللازمة، وحملهم في طائرات والرمي بهم في مناطق الحرب المستعرة بجنوب السودان، وفي اكثر من سابقة لقى هولاء الطلاب مصرعهم جميعا في لحظاتهم الاولى من المعركة و بأعداد كبيرة.

    وظلت القوات المسلحة السودانية لأكثر من 6 سنوات تشتكي لطوب الأرض من قلة الداخلين لمعسكرات التدريب التابعة للقوات المسلحة برغم الاغراءات الكبيرة التي كانت تقدم لمن يسجل نفسه للعمل في الوحدات العسكرية المنتشرة في ربوع السودان ، وعندما اندلعت الحرب في الغرب السوداني حدثت مفارقة عجيبة لم يعلم بها السودانيون ، عندما طلبت القيادة العسكرية من قادة الدفاع الشعبي تجهيز مجاهدين للقتال في دارفور بعد ان عبر جنود القوات المسلحة بأكثر من رسالة انهم لا يمكن أن يحاربوا أهلهم في دارفور ، فقامت قيادات الدفاع الشعبي بتحذير الحكومة من مغبة الاصرار على الدفع بالمجاهدين الي ساحة دارفور ، معددين الخطورة التي تلحق بالمجتمع السوداني عامة من هذة الخطوة سيما وأن الاعداد الكبيرة من مجاهدي الدفاع الشعبي من دافور ومن المناطق القريبة منها، وقد اشتهرت ولايات دارفور بمشاركة فاعلة في قتال الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، بل أن أشهر القيادات العسكرية التي كانت تقود المجاهدين ضد الحركة الشعبية التي يقودها الدكتور جون قرنق كان من دارفور وهو اللواء الجنيد حسن الاحمر والذي أبعد من السودان مؤخرًا وتم تعيينه ملحقًا عسكريًا بإحدى سفارات السودان في الخارج ، ولم يكن ذلك هينًا على القادة العسكريين وهم يواجهون عدوًا شرسًا ومتمرسًا في القتال بكل الطرق القتالية والدفاعية والهجومية المختلفة، فلم يكن هناك من مفر غير استخدام جهة أخرى لقتال متمردي دارفور سويا مع قوات جهاز الأمن، وليس من خيار غير جلب مرتزقة ، وكانت قريبة منهم قوات الجنجويد ولكنها غير مسلحة وغير مهيئة عسكريا، وهم الذين ليس لهم أدني احساس بالانسانية بشر مجردين من الدين ومن الرحمة ومن الخلق ، وهذا ما يريده النظام الحاكم في السودان حتي يشفي غليله من الذين ركعوا حكومة (الانقاذ) واشعروها بالهوان وبالخزي والعار.
    ومن جانبها وافقت قيادات الجنجويد على المطلب ،فقد صادف هوى في نفسها حتي تصفي حساباتها الخاصة من عدد من القبائل ، ولم تتأخر الحكومة السودانية في تلبية المطلوب مع المرتزقة الجنجويد حيث أعدت السيناريو ودفعت الاموال الطائلة والامتيازات والعتاد والتسهيلات اللوجستيكية من قبل الاجهزة الامنية التي يشرف عليها النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه .
    وهنا لا بد من التأكيد على ان النظام السوداني اذا لم يتمكن من حل مشكلته بواسطة الجنجويد ما كان سيتردد لحظة في جلب مرتزقة من اي مكان في العالم ، وله استراتيجية في ذلك بل سوابق حية ، وملفات لا زالت مفتوحة في أماكن متعددة ومتفرقة، عندما جلب مرتزقة لإغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا 1994م ، وكانوا ضيوفا على النائب الاول في منزله الخاص..!!
    وتعاون النظام السوداني من قبل مع جيش الرب المسيحي الاوغندي من اجل قتال الحكومة اليوغندية وكان زعيم جيش الرب يمكث في أحد أحياء الخرطوم في أحد البيوت الآمنة التابعة لجهاز الأمن، ثم تعاونت اجهزة النظام مع جبهة تحرير الارومو الاثيوبية لقتال النظام الاثيوبي، وكانت الجبهة تعقد اجتماعاتها بحراسة الامن السوداني داخل الاراضي السودانية، كما تعاونت الحكومة السودانية مع الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا الفصيل المعارض للحكومة الاريترية ، وكانت تجد الجبهة المعارضة كل الدعم المالي والعسكري واللوجستيكي، كما تعاونت أجهزة النظام مع مجموعات فلسطينية لتنفيذ عمليات ارهابية تحقق أهداف المشروع الاستعماري الجديد في المنطقة الأفريقية ، كل ذلك برعاية و قيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية.
    ومن هنا كانت حقيقة الجنجويد واقع ماثل في ساحة دارفور وما تم من حرق للمنازل واغتصاب للنساء وقتل للرجال، وإبادة لسكان دارفور كانت بفعل مرتزقة الجنجويد ، وأي متابع ومراقب لأساليب النظام السوداني بكل وضوح يمكنه رؤية الصورة الحقيقية لما تم في ولايات دارفور، وان لم يطلع على المعلومات لأن الاسلوب المتبع في الجريمة هو ذات الاسلوب الذي عرف به النظام في السودان، حتي في معالجته للقضايا الداخلية (داخل التنظيم الحاكم) من اقصاءات ومن ارهاب وتعسف.
    وفي التقرير الذي صدر عن منظمة العفو الدولية Amnesty International بتاريخ 19 يوليو 2004 كشف عن شهادات أدلى بها اللاجئون و اللاجئات في تشاد لأعضاء و عضوات منظمة العفو الدولية ، وقد رفعوا هذا التقرير لمنظمة الأمم المتحدة وحكومات الدول و منظمة الاتحاد الأفريقي و عديد من المنظمات الأخرى وقد ركز التقرير على اغتصاب النساء و الإساءة إليهن وآذيتهن من قبل الجنجويد وقوات الحكومة من القوات المسلحة و الدفاع الشعبي وطلبت المنظمة من هيئة الأمم المتحدة إيفاد لجان تحقيق للنظر في هذه المعلومات ومن بعد تقديم المتهمين للعدالة لينالوا جزاءهم ولتعويض الضحايا عن ممتلكاتهم ومعاناتهم .
    وذكرت المنظمة أن الاغتصاب أستعمل من جانب الجنجويد وقوات الحكومة كسلاح من أسلحة الحرب غايته تحقير وأهانة والحاق العار بالمستهدفين فالنساء ينبذهن أزواجهن و ينظرون إليهن كعار لاهلهن ، والرجال ينكسرون لانهم يعيرونهم بأنهم ليسوا رجالا يدافعون عن نسائهم ، وتتغنى الحكامات من الجنجويد بذلك .. ومن تعقيدات الاغتصاب هو حمل بعض النساء ووضعهن أطفالا غير مرغوب فيهم بحسبانهم أولاد العدو والعار ، وهناك أخطار أخرى جسيمة من انتقال الأمراض الجنسية وأخطرها الإيدز ، فعواقب الاغتصاب جسمية ونفسية واجتماعية . والقانون الدولي يجرم الاغتصاب وكذلك قانون العقوبات السوداني ووضع لها عقوبة رادعة ربما تصل إلى الإعدام . و أنقل بعض شهادات الضحايا ، ويمكن الاطلاع عليها في تقرير المنظمة في الإنترنت لمن يقرأون الإنجليزية، وقالت المنظمة إنها رمزت بالأحرف الأولى لأسماء الضحايا واحتفظت بالأسماء الكاملة
    لديها نسبة للحفاظ على سلامة الضحايا من انتقام السلطات ومرتزقة الجنجويد .
    قالت ( م) وهى امرأة في الخمسين من العمر من بلدة فوربرنقا : "لقد هوجمت القرية خلال الليل في أكتوبر 2003 ، وجاء العرب بالسيارات والخيول وقالوا يجب قتل أي إمرأة سوداء حتي الاطفال.
    وفي مقابلة للاجئ من كنيو مع امنستى انترناشونال أجرتها معه في تشاد في مايو 2004 قال أن مقاتل من الجنجويد قال لهم " قال لنا عمر البشير يجب قتل جميع النوبة، لا مكان هنا للزنوج مرة أخرى".
    "عبيد ! نوبة ! هل عندكم اله ؟ تفطرون رمضان ؟ حتى نحن أصحاب البشرة الفاتحة لا نراعى الصيام ؟ انتم السود القبيحين تدعون ذلك .. نحن ربكم ! ربكم هو عمر البشير ! . أنتم السود قد أفسدتم البلد . نحن هنا لنحرقكم ، سنقتل أزواجكن وأبناءكن وسنضاجعكن ! وستكونون زوجات لنا "هذه كلمات مجموعة من الجنجويد كما نقلتها مجموعة من نساء المساليت في معسكر (Goz Amer) لللاجئين في مقابلة مع منظمة العفو الدولية في مايو 2004 . لقد أخرج نظام الجبهة شيطان الجنجويد من القمقم فهل يستطيعون إدخاله في قمقمه مرة أخرى ؟
    ومما أطلعت عليه كتابات كثير من الكتاب الصحفيين المصريين و كذلك دعوة مرشد الإخوان المسلمين المصريين لمؤتمر إسلامي لبحث مشكلة دارفور ، (مع الأسف شديد) لم تخرج آراءهم عن نظرية المؤامرة الخارجية علي النظام في السودان من أمريكا و اليهود و الصليبيين و يقصدون بهم المسيحيين ، و أنها مقدمات لما حدث في أفغانستان و العراق و انهم يتسابقون للاستحواذ علي بترول السودان ، و مشكلة الكتاب الصحفيين المصريين ، وهم اقرب إلينا من غيرهم ، انهم يجهلون السودان و يعبرون في كتاباتهم عن هذا الجهل، حتى انهم يخطئون في كتابة أسمائنا و أسماء القبائل و المدن ، ومن ذهب منهم مؤخرًا إلى دارفور تبني وجهة نظر الحكومة من أفواه المسؤولين و لم يذهبوا إلى معسكرات المنكوبين في تشاد و لم يشاهدوا القرى المحروقة و لم يتكلموا عن المجازر التي راح ضحيتها الآلاف المؤلفة من المدنيين و اغتصاب النساء ، و السلب و النهب و انتهاك حقوق الإنسان و الجرائم ضد الإنسانية، والانسان السياسي والمتابع يدرك بعين البصيرة الاجندة المصرية الخاصة وهي معروفة لكل صاحب فكر الشيء الذي وما حدث في دارفور وثقته تقارير لجان هيئة الأمم المتحدة و منظمات الإغاثة و المنظمات الإنسانية الدولية و منظمات حقوق الإنسان بالذهاب و العمل في دارفور ولا يزالون يعملون هناك في دارفور و تشاد . لم نسمع منهم تنديدا أو استنكارا أو شجبا -كعادتهم – لما يحدث من بشاعات و فظائع في حق إخوانهم من المسلمين السودانيين و إن كانوا لا يعلمون فسكان دارفور كلهم مسلمين من عدة قرون و كثير منهم حملة و حفظة قرآن.

    الموامرة العنصرية .. الانقلاب العسكري .. المحاولة التخريبية
    كشف مجتمع السياسة في داخل الخرطوم عن الخطة التي اعدها و عكف جهاز الأمن على إعدادها قبل شهرين منالاعلان عنها على إثر النكبات السياسية والعسكرية المتصلة التى منيت بها الحكومة والضغوط الدولية والإقليمية التى أفرزت موقفا تفاوضيا حكوميا غاية في الضعف والتردد ، عندما اعلنت عن كشف خطة تستهدف قلب النظام في السودان ،والهدف المقصود كان معلومًا لدى الجميع والمتمثل في تصفية الجيش السوداني وجهاز الأمن من أبناء دارفور وكردفان،فأعلنت القيادة العامة عن اسماء ضباط غالبيتهم من سلاح الطيران السوداني والمفارقة انهم من دارفور وقد أشارت البيانات على انهم رفضوا قصف مناطق أهلم وذويهم بالطائرات التي يقودونها ، وأثر ذلك دبرت لهم الاجهزة الامنية خطة للقبض عليهم واعتقالهم على الأقل أبعادهم عن وتحييدهم عن المعركة ، ومن ثم جاءت المعالجات المضحكة التي صاحبتها التصريحات المتناقضة مابين الموامرة العنصرية .. الانقلاب العسكري .. المحاولة التخريبية، ولن كان واضحا للمتابعين أن رفض ابناء دارفور بسلاح الطيران قصف أهلم سيعرضهم للسجن، وبعد تصريحات نارية ومؤتمر صحفي كبير للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الذي شرح فيه (المؤامرة العسكرية) التي استهدفت النظام، مؤكدًا أن (المجرمين) سيحاكموا أمام القضاء، ثم جاءت تصريحات الرئيس البشير بأن محاكمات عادلة يقف أمامها الضباط المعتقلون، وتوالت التصريحات عن المحاكمات العادلة ، وعن العدالة الناجزة التي ستأخذ طريقها ، وكانت الفضيحة كبيرة عندما أعلن وزير العدل السوداني " ان أدلة دامغة أكدت الفعل ، وان تحقيقات جارية لمحاكمة الضباط" وما هي الا أيام قليلة ويطلق سراح المعتقلين، بدون أي محاكمة ولم يكن هناك أي أدلة دامغة وكانت أكاذيب التي تعود علي سماعها الشعب السوداني المغلوب على أمره.

    براءة أمريكا وفرنسا من أحداث دارفور..!!
    الازمة السودانية التي عرفت عالميا بأزمة دارفور يحاول الكثير من الكتاب العرب والمسلمين البعيدين كل البعد عن الواقع السوداني اضافة الي كتّاب الحكومة السودانية ينشطون كثيرًا في ربط ما يجري في دارفور بصراع القوى العظمى على موارد السودان، حتي يبعدوا إرتكاب الجريمة عن النظام الحاكم ، ويكرر هؤلاء انه "من الصعب للغاية فصل الاضطراب الحاصل في دارفور عن دائرة الصراعات الدولية على النفوذ في إفريقيا وهو صراع فرنسي (أوروبي) – أمريكي تحديدًا. وغالب الظن أن فرنسا التي وجدت أمريكا تقترب من الاستئثار بالنفوذ في السودان بعد أن أشرفت على اتفاق السلام، وفرضت الكثير من شروطه على الحكومة السودانية شجعت تحرك مجموعات معارضة في دارفور من اجل اغتنام الفرصة للحصول على وضعية مماثلة لوضعية حركة تحرير السودان بقيادة غارانغ"،... وبالطبع يبدو غريبًا هذا التحليل ولكنه ليس كذلك وهو غير مستغرب من الكتاب الذين يستلمون معاشاتهم من الحكومة، ويعتمد على مصادر الامن في التزويد بالاخبار والمعلومات،، كما هو غير مستغرب من الكتاب العرب الا من رحم الله، يتقنون البعد عن صلب القضايا وامهاتها، ويتمسكون عمدًا بالقشور لنقص في تركيبتهم، ولمرض عضال في فكرهم الخرب الذي يعكسه الواقع العربي والمسلم في الوقت الراهن.
    والناظر للواقع السوداني بعين البصيرة والتجرد يجد أن الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الاوربي والمجتمع الدولي كلهم بريئيين من التدخل في الشأن السوداني، كما يدرك صاحب البصيرة أن الحكومة السودانية هي التي تتحمل كل ما حدث في السودان من كوارث ومن مآسي، وفي نظرة الي قضية دارفور يتضح ان الدول المذكورة آنفا كانت بعيدة كل البعد عن حقيقة الصراع، بل ان مشكلة دارفور تأزمت آخيرا منذ العام 1997م، وكانت بداياتها كما ذكرنا في 1995م الناجمة من قرارات والي غرب دارفور محمداحمد الفضل التي أشعلت الفتنة الحقيقية في المنطقة، وبعدها تم رفع عدد كبير من المذكرات، والمناشدات والمطالبات ولم يكن للولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وألمانيا أي دور في هذه الاحداث كما لم تمنع هذه الدول الحكومة السودانية من الاهتمام بقضية اجتماعية والوقوف عليها ومن ثم إيجاد الحلول لها، والواقع الذي الحكومة السودانية ولمدة سبع سنوات تجاهلت تماما معالجة الجرح وهو ينزف، وتركته حتي مات المريض متأثرا بجراحه، والآن تحاول رمي المسئولية على آخرين لم يكونوا موجودين ساعة الحادث..!!
    ويمتعض المرء أيما إمتعاض عندما يتحدث وزير خارجية السودان ويكرر أمام عدسات التلفزة العالمية بأن قضية دارفور صنعتها قوى خارجية تريد النيل من (الاسلام) في السودان، وأحيانا يتهم الادارة الاميركية بأنها تريد تحقيق مكاسب انتخابية على حساب الشعب السوداني، قمة في الاستخفاف بعقل البشر الذين لا يشاهدون الفضائية السودانية، والغريب في أمر المسئولين السودانيين انهم لا يحترمون عقول أهل السودان ، فعندما يتهمون أمريكا بصناعة مشكلة دارفور والاستفادة منها في المعركة الانتخابية في نوفمبر القادم، فذاكرة الناس لا تنسى أن هناك علاقات وطيدة للغاية مع واشنطن ، بعد أن حفيت أرجل وزير الخارجية السوداني الذي لم يترك وزير خارجية أ و رئيس من ان يتوسط لتحسين العلاقات الامريكية مع نظامه ، الذي سعى حثيثًا ليس لتوطيد علاقته مع أمريكا فحسب بل مع دولة الكيان الصهيوني ، وقد بينت بعض المؤسسات الاسرائيلية اللقاءات السرية التي تمت مع أعضاء من الحكومة السودانية، وتمت هذه اللقاءات في أكثر من مكان ومن بينها اثيوبيا الحليف الاستراتيجي للنظام السوداني، واذا جاء الحديث عن فرنسا فهي من أكثر دول الاتحاد الاوربي تعاونا مع السودان، ولها الكثير من المشاريع الثقافية في بلادنا ، وتلعب الدور الكبير في تعليمنا الاهتمام بالآثار وحفظها ، والبحث عن مكنوناتها العظيمة، وللدولة الفرنسية، العديد من أوجه المساهمات والدعومات التي تقدمها للحكومة السودانية من جانب وللشعب السوداني من جانب آخر، وكذلك الحال بالنسبة لدولة ألمانيا الشقيقة فهي أيضا مثل فرنسا لها أفضال كثيرة على بلادنا، وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وظلت على الدوام الدولة الألمانية تقف مع قضايا الشعب السوداني بكل صدق وتقدير للمسئولية، وقد اشتهر كذلك دول الاتحاد الاوربي بشكل عام تحترم خيارات الشعوب، ولم يحدث عن تدخلت في الشؤون الداخلية لأي دولة كانت ، بل العكس تماما هي أكثر الكيانات البشرية في العالم سرعة في نجدة الناس في اي مكان كانوا، تقدم المساعدات دون ان تنتظر كلمة الشكر، ومن الطبيعي ان يتهم النظام السوداني الدول التي تساعده في محنته ، لأنه فاقد للإحساس بالانسانية، ولا يعرف كيف يقدر مساعدات الاصدقاء والأشقاء.
    وعندما يتحدث النظام السوداني عن مؤامرة دولية تستهدف السودان ، فإن المتابعين للاحداث في دارفور يدركون ان الدول التي يقصدها المسئولين السودانيين ، لم تظهر اهتمامها بدار فور الا بعد الانتهاكات الانسانية الفظيعة التي حدثت في دارفور والتي إنتشرت صورها المحزنة في اروقة الامم المتحدة في جنيف ونيويورك، ولكن المعروف لدى الكثيرين أن الحكومة هي التي دولت القضية كما هي التي أدخلت مصر في الصراع السوداني ، وقد شوهدت القيادات الأمنية الاستخبارية المصرية تصول وتجول في مطارات دارفور ، كما هي الحكومة السودانية التي تحاول بتكرارها لمسألة (المؤامرة الدولية الصليبية على السودان) ان تستعطف المتشددين والارهابيين للدخول في السودان لمحاربة أمريكا ، وهي بذلك تحاول خلق صورة طبق الأصل للأحداث في العراق .
    ما عاد الناس ينظرون للتدخلات الانسانية للدول الغربية في شئون الدول الفقيرة كما السابق، فالغربيين علمونا من التجربة انهم أكثر انسانية منا نحن المسلمين، ويكفي ان أزمة دارفور قد كشفت مدى الحس الذي يتحلى به الغربيون فأول المنظمات الانسانية التي وصلت السودان كانت غربية واوربية، ومؤسسات الغرب الاممية هي التي تحركت لوقف المذابح في دارفور ولولا مؤتمر حقوق الانسان الاخير الذي عقد في جنيف، لكانت قوات الجنجويد قد ألحقت الأذي بكل ولايات دارفور، ولكن التدخل العالمي لحد ما أوقف الانتهاكات الكبيرة والتي كانت تمارس بإشراف الحكومة السودانية واجهزتها الأمنية.
    ويوم 1 أغسطس يصادف الذكرى العاشرة لمذابح بوروندي ورواندا في أفريقيا على مقربة من جنوب السودان، وهي المذابح التي راح ضحيتها 800 ألف نسمة بالتطهير العرقي في حروب امتدت بين الهوتو و بين قبائل الهوتو والتوتسي، ويعنى في الغرب وأوربا كتّاب و رؤساء مثل بيل كلينتون، لا يُخفي الشعور بعقدة الذنب، لأنه كان على رأس الولايات المتحدة ، ولم يتدخل لوقف التقتيل، كما أن البرلمان الفرنسي اقترب من أن يوجه لنفسه صوت إدانة، ولصناع القرار لأنهم تفرجوا على هذه المأساة، حتي حصدت الارواح ال 800ألف نسمة ،و الذكرى العاشرة لمذبحة رواندا خلقت مظلة أو مناخاً نفسياً، جعل الضمير العالمي يهتم بالقضايا الإنسانية مثل قضية دارفور، وقبل ايام عقدت قمة في مدينة ( أكرا) للتعاطي مع الحرب الأهلية في ساحل العاج للبحث في إيجاد حل لهذه القضية بذات القدر من الاهتمام بقضية السودان،

    سيرة ذاتية للكاتب
    - الاسم: خالد عبد الله حسين محمد أحمد
    - اللقب الصحفي: خالد أبوا حمد
    - المهنة إعلامي شامل
    - الميلاد: 23/12/1963م.
    - مكان الميلاد: ولاية نهر النيل مدينة عطبرة.
    - الخبرة العملية: 20 عام، متخصص في العمل الإخباري ومثلت السودان في أكثر 15 مؤتمر إقليمي وعربي وأفريقي.
    - تدربت بكل من مصر – إيران – الأردن - البحرين
    - تنقلت من محرر صحفي إلى رئيس قسم الأخبار، ثم رئيس القسم الدولي في أكثر من صحيفة.
    - عملت بالصحف السودانية الآتية:-
    الراية - الأنباء – ألوان – السودان الحديث – المخبر – دار فور الجديدة.
    في مملكة البحرين عملت في صحف:- الوسط – العهد، ومراسل لعدد من الصحف السودانية.
    عملت في السودان بكل من:- منظمة الإيثار الخيرية الخرطوم - مؤسسة الفداء للإنتاج
    الإعلامي _ معد لبرنامج في ساحات الفداء – هيئة دعم القوات المسلحة ولاية الخرطوم- مدير
    الإعلام الزراعي بالولاية الشمالية (دنقلا ) مدير إعلام وزارة المالية ولاية أعالي
    النيل، ومن المؤسسين لمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.
    - أكتب في العديد من المواقع الكترونية.
    - مؤسس مركز دراسات التطرف الديني (تحت التأسيس).
    - متزوج و أب لأربعة أطفال.
    - بريد الكتروني : [email protected]
                  

10-01-2004, 09:27 PM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    معلومات جديدة عن الجنجويد.. أماكن معسكراتهم.. أسماء قادتهم

    مهندس/ آدم هارون خميس
    email: [email protected]
    31/8/2004 م

    لقد عرف كل العالم وبتعريفات مختلفة دار فور فمثلا اذا سألت أي طفل أو إمرأة في أي دولة غربية عن دارفور يقول لك أن دارفور هو منطقة في غرب السودان
    إستخدم فيها الحكومة جيشها ومجموعة عرقية تسمى بالجنجويد لإرتكاب أفزع الجرائم في الأرض بحق أعراق أفريقية . أما إذا سألت أحد الأطفال أو النساء في أحد الدول
    الأسوية ليكن اليابان أو سنغافورة أو بنقلاديش فيقول لك أن دارفور منطقة في أفريقة يوجد بها قاتل مخيف قتل أقواما بقصد إزالته من الوجود ويجب على العالم أن يحاسبه عليها , ولو سألت أحد الهنود الحمر في إمريكا الجنوبية عن دارفور فيقول لك أن دارفور منطقة علي الكرة الأرضية وقعت فيه جريمة ولا زال المجرم طليقا ولا خير في العالم إن لم يحاسبه عليه طال الزمن أو قصر.
    كل هذه حقائق لا يمكن لعاقل إنكارها والإنكار يعني جريمة أخرى ووزير الخارجية مع كل مسؤولي الدبلماسية السودانية رغم الجهود الذي بذلوه للضحك على العالم قد
    فشلوا تماما إقناع أصغر الدول في العالم أن الحكومة بريئة من التهم الموجهة ضدها.

    أن السيناريوهات التي يقوم بإخراجها مخرجي ومصوري التلفزيون ويقدمها المذيعون الهابطون ويتحدث بها وزراء الحكومة في وسائل الإعلام المختلفة لا يكشف على
    الشعب السوداني المتبصر منهم وللمجتمع الدولي إلا على المزيد من تورطها في كارثة دارفور. لقد ظلت حكومة الخرطوم تنفي بشدة علاقتها ومسؤليتها بشياطين
    الجنجويد الذين ملأوا دارفور بالرعب وذلك بقتلهم لأبرياء القرى وتشريدهم وسلب ممتلكاتهم وذلك بالمشاركة مع القوات الحكومية وطائراتها رغم إلتزامها أمام المجتمع الدولي بتجريد تلك المليشيات, تمكنت أخيرا منظمة هيومان رايتس ووتش من الحصول على أماكن معسكرات وبعض القواعد التي تتدرب منها كا حصلت على بعض أسماء
    لقادتهم بتلك المعسكرات مع العلم بأن الجيش الحكومي يتواجدون معهم في هذه المعسكرات لقد حاولت الحكومة بإخراج بعض التمثيليات الخبيثة بأنها تحاول جمع
    السلاح منهم ومحاكمتهم وعرض صور تلك التمثيليات على التلفزيون لإيهام الناس بأنها جادة وحازمة لتوفير الأمن للمواطنين بينما هي لا تزال تدرب وتسلح
    الجنجويد في أماكن خفية حتى تستخدمهم عندما يهدأ الصراخ العالمي. نورد هنا أسماء وأماكن لبعض المعسكرات الجنجويد وأسماء قادتهم:

    1- قاعدة الوسطاني:
    تقع في شمال دارفور غرب منطقة سراف عمرة بجوار هشابة على طريق الجنينة - كبكابية وتم إفتتاح هذا المعسكر منذ شهر يونيو 2003 م ويتألف المعسكر من حوالي
    200 فرد من قادة الجنجويد تحت رئاسة أحمد جلادي كما يوجد بالمعسكر عدد من أفراد الجيش الحكومي. والمعسكر عبارة عن بعض البيوت والمخيمات وميدان للتدريب
    ومهابط لطائرات الهليكوبتر وهو أول معسكر تم إفتتاحه في شمال دارفور ولذلك يعتبر المراقبون بأن المعسكر يمثل رئاسة معسكرات الجنجويد.
    2- قاعدة جبل كايا:
    تقع في غرب دارفور بين الجنينة وهشابة وعلى بعد حوالي 30 كيلومتر من الجنينة على منطقة جبلية وتم إفتتاحها في شهر يونيو 2003م وتتالف من الجنجويد فقط
    وعددهم غير معروف و يوجد بها مهبط لطائرات الهليكوبتر كما يوجد بها الممتلكات المنهوبة من المواطنين والأغنام ويتم أحيانا نقل هذه الأغنام المنهوبة الى
    معسكرات أخرى وتمثل الرئاسة الغربية لقوات الجنجويد.
    3- معسك جيرجي جيرجي:
    ويقع على بعد 85 كيلومتر شمال شرق الجنينة وقد إفتتح في شهر سبتمبر 2003م ويتكون من حوالي 80 فردا من الجنجويد وكان تحت قيادة قائد الجنجويد المعروف شكر
    تالله وبعض أفراد الشرطة والمعسكر عبارة عن قرى لمواطنين تم تشريدهم منها.
    4- معسكر حمرة شيخ عبد الباقي:
    ويقع على بعد 10 كيلومتر من كتم ويوجد بالقرب من معسكر اللاجئين في شمال دارفور وقد إفتتح المعسكر في نوفمبر 2003م ويتألف من حوالي 80 فردا من الجنجويد
    تحت قيادة العمدة آدم عبد الجالي وآدم عبد النبي وهي عبارة مخيمات ثابتة.
    5- معسكر مصري:
    يقع على بعد 7 كيلومترات شمال شرق مدينة كتم وإفتتح في شهر أغسطس 2003 م ويتألف من حوالي 500 فرد من الجنجويد والجيش الحكومي وغالبيتهم من الجنجويد تحت قيادة ثلاثة من الإخوان وهم عبد الجبار عبد الله جبريل و جورجي عبدالله جبريل وحسن عبدالله جبريل والمعسكر عبارة عن قرية تم إحتلالها وأبعد ساكنيها بالقوة كما
    يوجد بها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
    6- معسكر ميلا:
    يبعد حوالي 75 كيلومتر شمال شرق الكبكابية في شمال دارفور ويتألف من الجنجويد فقط ويبلغ عددهم حوالي 300 فرد تحت قيادة عبد الواحد وهو عسكري متقاعد من
    القوات المسلحة وهو عبارة عن قرى محتلة تم إبعاد مواطنيها من قبائل الفور، الزغاوة والتنجر ويوجد بالمعسكر عدد 6 سيارات مجهزة.
    7- معسكر أم سيالة:
    يقع على بعد 20 كيلومتر شرق مدينة كتم في شمال دارفور ويتكون من عدة قرى هي لملوم, ألكو, حلة خاطر وقرية أولاد الحاج باباي ويوجد في منطقة أم سيالة معسكر
    اللاجئين وتم إفتتاحه أواخر 2003م. ويتألف المعسكر من خليط من الجنجويد والجيش الحكومي ويبلغ عددهم حوالي 300 فرد تحت قيادة قادة الجنجويد الآتية أسماءهم:
    - يونس عبدالله جادالله من قبيلة (التيفات)
    - علي أحمد طاهر (من قبيلة الجلول)
    - عبد الحازم إبراهيم عبد الله جاد الله ( قبيلة التيفات )
    - محمد صالح إبراهيم عبدالله.
    وهذا المعسكر عبارة عن قرى محتلة تم إبعاد مواطنيها بعد أن قتل منهم أكثر من 100 فردا 91 فرد منهم في قرية لوملوم على وحدها على أيدي الجنجويد والجيش تحت
    غطاء جوي.
    وقد زار فريق من مراقبي الإتحاد الأفريقي منطقة أم سيالة بعد أن شكت الحكومة بوجود خروقات لإتفاقيات وقف إطلاق النار المبرم بين الحكومة والمتمردين في
    أنجمينا ولكن الفريق لم يتحصل على أي أدلة بوجود هذه الأنتهاكات كما أنهم لم ينتبهوا بأن المعسكر لقوات الجنجويد.
    8- معسكر فونو:
    يقع في غرب مدينة كتم بشمال دارفور وأفتتح في شهر يناير 2004م ويتألف من حوالي 200 فردا من الجنجويد و300 فردا من الجيش الحكومي ويفصل بينهما وادي وتغطي هذه المنطقة أشجار كثيفة وأيضا أشجار الفواكه المهجورة من قبل المواطنين الذين هربوا من قراهم من جراء هجمات الجنجويد. ويوجد معسكر لللاجئين بالقرب من
    المنطقة كما يوجد بالمعسكر جميع أنواع الأسلحة التي يتم جلبها بواسطة طائرات الهليكوبتر وأيضا يوجد مستودعات الممتلكات المنهوبة من المواطنين.
    9- معسكر أم هجيليج:
    يقع شرق مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفورعلى درب الأربعين الذي يربط الفاشر بأمدرمان وتم إفتتاحه في شهر يناير 2004 م ويوجد بالمعسكر مليشيات الجنجويد فقط
    وعددهم كبير جدا ويتوزعون على غابات المنطقة المليئة بالأودية ويوجد بالقرب منه معسكر لللاجئين.
    10- معسكر كوما:
    يقع على بعد 60 كيلومتر شرق مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور وهي عبارة عن مخيمات نصبت خارج قرية كومة المهجورة وعدد أفراد الجنجويد غير معروف حتى الآن.
    11- معسكر أبو جداد:
    يقع على بعد 60 كيلومتر شمال كرنوي في غرب دارفور وأفتتح في شهر مايو 2004 م ويتكون أفراده من حوالي 500 فرد من الجنجويد فقط والمعسكر عبارة عن مزارع محتلة من السكان الذين تم طردهم الى تشاد بعد عن قتل غالبيتهم في هجمات الجنجويد مع القوات الحكومية ويملك أفراد الجنجويد بالمعسكر خمسة سيارات مجهزة ومسلحين
    بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تم زودتهم الحكومة بها.
    12- معسكر عشراية:
    يبعد 75 كيلومتر جنوب مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور وعلي بعد 3 كيلومترات شمال البرام وتم إفتتاحهة في الخامس عشر من مايو 2004 م ويتكون من الجنجويد فقط
    بأعداد كبيرة ويملكون عدد حوالي 4 سيارات وعدد كبير من الخيول والمعسكر عبارة عن مزارع تم طرد سكانها من قبائل البنقا, ميما,كريج وبعد المساليت بالقوة من
    القرى بالمنطقة.
    13- معسكر كورقو:
    و يتألف من 15 قرية تقع في المنطقة ما بين فونو الى 85 كيلومتر غرب كتم وتم إفتتاح هذه المعسكرات في شهر يناير 2004 م ويفوق عدد الجنجويد ال 200 فرد وهي
    تجمع قروي محتلة لقبائل الفور, الزغاوة والتنجر الذين تم قتلهم وتهجير من تبقى منهم الى مسكرات اللاجئيين والمعسكر مزود بسارات عسكرية, الخيول والجمال
    ويمتلكون جميع أنواع الأسلحة التي زودتهم الحكومة بها.
    14- معسكر السالاية:
    ويقع على بعد 40 كيلومتر جنوب شرق مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور وعلى بعد خمسة كيلومترات غرب الضعين ويوجد بجواره قواعد عسكرية للحكومة وتم إفتتاح
    هذه المعسكرات في شهر يوليو 2004 م ويتألف من عدد كبير من الجنجويد والقوات المسلحة كما يوجد بالمعسكر مهابط لطائرات الهليكوبتر وسيارات عسكرية.
    15- معسكر غزالة جاوزت:
    يقع المعسكر شرق مدينة نيالا وعلى بعد 8 كيلومترات من مدينة الضعين بجنوب دارفور وهو عبارة عن قرى محتلة من المواطنين ينحدرون من القبائل التالية:
    البرقو, البرقد, التامة والبرتي تم إفتتاحه في شهر يوليو 2004 م و يتألف من عدد حوالي 200 فرد من الجنجويد مزودين بالسيارات العسكرية والخيول والجمال.
    16- معسكر الطويشة:
    يقع على بعد 17 كيلومتر شرق نيالا وبالقرب من معسكرات اللاجئيين في كل من الإنتفاضة ومعسكر كلمة وغرب منطقة لبدو في جنوب دارفور وأفتتح في يوليو 2004 م
    وهي قرى محتلة بعد طرد سكانها الذين ينحدرون من قبيلة الداجو ولجئوا الي معسكرات اللاجئين بعد أن قتلوا منهم أعداد كبيرة ونهبوا ممتلكاتهم وعدد الجنجويد بالمعسكر غير معروف حتى الآن.

    - ماذا تقول الحكومة:
    لا زالت حكومة الإنقاذ تتوهم أن بإستطاعتها تغيير الواقع الماثل أمام العالم من جراء جرائمها التي إرتكبتها بحق أهل دارفور مع أن صدى هذه الجرائم قد وصلت
    الي طاولة مجلس الأمن وبدلا من التعامل مع هذا الواقع بنوع من العقلانية والإعتراف بالخطاء وإعلاجه تحاول جاهدة إنكارها وتتماضى في الوقوع في المزيد
    من الأخطاء متناسية أن للعالم أعين تراقب كل صغيرة وكبيرة تجري في أراضي دارفور وهي تعلم تماما أن المجتمع الدولي بات يعرف عن دارفور أكثر من الحكومة نفسها،
    فالحكومة غير جادة في إيجاد حلول لمشاكل دارفور بل تمضي في مخططها الذي بدئتها والآن تستنفر كل طاقمها الحاكم بغض النظر أن وظائفها لدحض أي حقيقة تثبت
    أخطاءها ومثالا على ذلك أن وزير الزراعة وفي عز الخريف قد ترك مشاريع الزراعة ليذهب الى أبوجا رئيسا لوفض الحكومة للتفاوض السياسي وكأن التفاوض عن أراضي
    زراعية. بينما يوجه التلفزيون القومي برامج في شكل تمثيليات مفبركة ودنيئة لا يقنع حتى مخرجيه وذلك بغرض قلب الحقائق رأسا على عقب تماما فبالأمس الجمعة
    الموافق 27/8 تم قطع كل برامج التلفزيون ليوم كامل ليعرض تمثيليات مضللة عن دارفور أبطالها أقزام لا يدركون ما يقدمون تراهم يرقصون علي أنغام الإفك والدجل
    بينما أهل دارفور يموتون يوميا بالعشرات من الجوع والمرض, وحرائر دارفور يتعرضن الي الإغتصاب من مليشيات الجنجويد الذين أذابتهم الحكومة داخل الشرطة بدعوى
    حراسة النازحين ويظهر من بين الراقصين فواصل لإقزام يدعون أنهم محللون ومشرحون عن دارفور, والحقيقة أنهم والجنجويد وجهان لعملة واحدة، والفرق الوحيد أن
    الجنجويد يقتلون ويذبحون بالجيم والسكاكين بينما هم يرقصون على عويل نساء هؤلاء الضحايا بلا وازع ولا ضمير, معتقدين أن بإمكانهم تضليل الشعب السوداني وواهمين
    بأن للكل مساحة في التلفزيوليعرضوا ثقافاتهم وأن ليس هناك أي تهميش, لماذا لم يظهر أحد من هؤلاء في التلفزيون أو الإذاعة من قبل هذه الكارثة, ألم يعرفوا بأنهم إذا ظهروا من قبل الأحداث لكان الإعتقال مصير جميع طاقم التلفزيون لأنهم سمحوا لمثل هؤلاء المتخلفون يظهروا في تلفزيون الوجهاء. , ولماذا الآن بعض خراب سوبا هل لأن المجتمع الدولي يريد أن يتدخل؟ لقد عرض التلفزيون صورا لقرى أحرقتها الحكومة بالأنتنوف في معية الجيش والجنجويد وتقول اليوم للناس بأن المتمردون هم الذين أحرقوا هذه القرى ( أبو عجورة, كايليك, سانية دليبة, مدينة كتم وغيرها من القرى والمدن) والتي تبلغ عددها حوالي الأربعة ألاف قرية أفسد فيها شياطين الجنجويد والأنتنوف وبإشراف من جنرالات الجيش وموسى هلال ونسيت أن هنالك أدلة وبسمات ووثائق ستكشف في يوم ما من هو المجرم
    أولا: هذا المجرم يملك جيش وقوة عسكرية وطيران ويضرب أفقر سكان الكرة الأرضية بطائرات الأنتنوف مستعملا قنابل البراميل التي تسقط على رؤوس البشر والبهائم
    وتقتل دون تمييز ثم تطلق الجيش والجنجويد ليفسدوا فيها.
    ثانيا: يستعمل مجموعات قبلية تغريهم بالمال والأرض لضرب مجموعات قبلية أخرى ويشرف هو على هذه الجريمة حتى تنفذ بدقة متناهية.
    ثالثا: يوجه كبار المسؤولين تابعين له لتكذين هذه الجرائم أو عكس الحقيقة بجعل المظلوم ظالما والظالم مظلوما.
    رابعا: يستأجر بعض ضعاف النفس من الدول الأخري وخاصة العربية لفبركة أن لأمريكا ولإسرائيل بسمات في الموضوع وأن العدو هو عدو الجميع ويجب أن يتخندق الجميع معه لدهر هذا العدو.
    رابعا: توجه الإعلام وخاصة التلفزيون لتصوير الدمار الذي حدث بفعله بانه بأفعلها المظلوم وأن على الشعب السوداني أن تقاتل بجانبه لدهر خطر هذا المظلوم. إن أي مجرم بهذه السلكيات لا يمكن أن يطلق حرا ليرتكب المزيد من الجرائم مهما كان وخاصة في ظل القوانين الدولية المتعددة بخصوص الإنسان من حقوق , حماية ومن المخاطر والإنتهاكات ضد حقوقه, وقد سبق للمجتمع الدولي أن تدخل في عدة دول إنتهكت حقوق سكانها مثل البوسنة والهرسك وكسوفا والبلقان وأحداث رواندة لا لازالت تشكل هاجزا أمام المجتمع الدولي بفشله في وقف الإبادة الجماعية هناك. الحكومة الآن تحاول أن تشبه محاولة التدخل الدولي في دارفور بالتدخل الدولي في العراق ولكن هنالك فرق شاسع, فالتدخل في العراق قد رفضه معظم الدول أما في السودان فحتى الآن لم تظهر ولا دولة واحدة تعترض ذلك. , زد على ذلك بأن العراق يوجد به مصالح من بترول وأهمية موقعه في الشرق الأوسط مما دفع بالحكومة الإمريكية بالدخول أما ما تتزعمه الحكومة من وجود بترول ومعادن في أراضي دارفور تطمع له إمريكا فهذا إفك ودجل من الحكومة لتصور للناس بأن هدف التدخل ليست الكارثة الإنسانية التي أحدثتها الحكومة السودانية مع حلفاءها الجنجويد. فقد طالبت بعض الدول الصديقة للحكومة السودانية بإعطاءها المزيد من الوقت حتى تنفذ المطالب الدولية التي وعدت بها, ولكن بدلا من الإستفادة من هذا الوقت لتصحيح أخطاءها بتجريد الجنجويد وتسليم قادتهم للمجتمع الدولي تحاول الحكومة بالتلاعب بعقول المجتمع الدولي والسبب أن هذه الحكومة لا تجيد القراءة الصحيحة كي تدرك المغبة التي ستصل اليه الأمر من جراء هذا التلاعب فالمجتمع الدولي بات يعرف كل صغيرة وكبيرة عما يجري في أرض دارفور أن لم تكن في السودان كله وأي محاولة للتلاعب من قبل الحكومة ستؤدي الى مزيد من توريطها. فالحكومة الآن تنفخ في قربة مقدودة تعلم أنها لن تحتفظ بالهواء.
    ففي أسواء الفروض إذا لم يتدخل المجتمع الدولي عسكريا في دارفور بالقوة فإن قادة الجنجويد سيحاكمون لا محالة كما سيحاكم مسؤلي الدولة المتورطين في هذه الجرائم وهم معروفون واسماءهم مكتوبة واللستة موجودة في ملفات مكاتب مجلس الأمن الدولي, مع العلم بأن المجتمع الدولي لم يسبق له أن ترك مجرما دون محاكمة إطلاقا وقد يكون المسألة مسألة وقت فمجرموا رواندة لا زالوا يحاكمون حتى يومنا هذا رغم مضي عشرة سنوات على وقوع الجريمة. فعلى الحكومة أن تنفذ كل حرف إلتزمت بها وما لم يلتزم بها حول الجرائم التي إرتكبتها في دارفور حتى لا تلقى مصير الملا عمر ومليسوفتش وصدام حسين والعاقل من إتعز بغيره.
                  

10-01-2004, 10:47 PM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    Darfur Documents Confirm Government Policy of Militia Support
    A Human Rights Watch Briefing Paper, July 20, 2004
    Summary
    Numerous reports from Human Rights Watch and other sources1 have described the “hand-in-glove” manner in which the Government of Sudan and the nomadic ethnic militias known as the Janjaweed have operated together to combat a rebel insurgency in Darfur. Hundreds of eyewitnesses and victims of attacks have testified to the close coordination between government forces and their militia partners in the conflict. Militia leaders and members have been supplied with arms, communications equipment, salaries and uniforms by government officials and have participated in joint ground attacks on civilians with government troops, often with aerial bombing and reconnaissance support from government aircraft.

    Contribute to Human Rights Watch
    High-level Sudanese government officials have, however, repeatedly denied a government policy of creating and supporting ethnic militias in Darfur. Under mounting international pressure, the government of Sudan has committed to disarm the “Janjaweed and other armed outlaw groups,” but the government’s interpretation of the term “Janjaweed” is ambiguous.2 Instead of being disarmed, members of government-backed militias are reportedly being absorbed into police and paramilitary forces operating in Darfur.
    Human Rights Watch has obtained copies of government documents whose contents sharply contrast with the Sudanese government’s repeated denials of support to the Janjaweed; on the contrary, the documents indicate a government policy of militia recruitment, support and impunity that has been implemented from high levels of the civilian administration.
    Background
    Since February 2003, the government of Sudan has used militias known as “Janjaweed”3 as its principal counter-insurgency ground force in Darfur against civilians from the Fur, Zaghawa, Massalit and other ethnic groups from which two rebel groups known as the Sudan Liberation Army/Movement (SLA/M) and the Justice and Equality Movement (JEM) are drawn. The government-backed Janjaweed militias are derived from the “Abala,” camel-herding nomads who migrated to Darfur from Chad and West Africa in the 1970s, and from Arab camel-herding tribes from North Darfur.4 With government aerial support, arms, communications, and other backing, and often alongside government troops, the Janjaweed militias have been a key component in the government’s military campaign in Darfur; a campaign that has resulted in the murder, rape and forced displacement of thousands of civilians.5
    Hundreds of villages in Darfur have been totally or partially burned and destroyed by bombing and ground attacks. More than a million people have been forced from their homes and more than 158,000 people have fled Darfur for neighboring Chad. The vast majority of displaced civilians remain in Darfur where most are settled in camps and on the outskirts of towns, dependent on international humanitarian assistance that the Sudan government has blocked and restricted for months. In these areas under government control, displaced civilians continue to be preyed upon by the Janjaweed militias who are based in camps and villages in the rural areas they control, from which they have forcibly displaced most of the original inhabitants.
    Despite the humanitarian ceasefire agreement signed by the government of Sudan and rebel groups on April 8, 2004, the violence has not ceased. Attacks on civilians have continued, including incidents of government bombing of both civilians and military targets, Janjaweed raids on civilians and their livestock within Darfur and across the border into Chad, and rebel attacks on various targets including aid convoys.6
    Official Sudanese Government Statements regarding the Janjaweed
    Since the start of conflict in Darfur, the government has denied any official links with Janjaweed ethnic militias and, in particular, that the Janjaweed militias have been recruited and armed by the government as an auxiliary force.
    In the initial months of the conflict, Sudanese officials denied that the Janjaweed militias existed. More recently, statements by government officials have acknowledged the existence of militias but have refused to admit the government’s responsibility for arming them.
    On April 7, Dr Sulaf al-Din Salih, the commissioner-general of Sudan's Humanitarian Aid Commission, stated “We asked all the people of Darfur to help in protecting themselves against the rebellion. This is standard practice which we do in this country,”7 but did not acknowledge a government policy of recruitment, arming and coordinating the Janjaweed militias. On May 14, 2004, Sudanese Foreign Minister Mustafa Ismail continued to deny government support for the Janjaweed and publicly refused to disarm them while the rebels remained armed.8 On July 5th, the Minister of the Interior (and the President’s Representative for Darfur) Abdel Raheem Muhammad Hussein, continued in the same vein, noting “we will not appease the Americans by capturing tribal leaders as every Darfur tribe has a militia.”9 Further government statements have focused on the need to disarm all “outlaw groups,” without specifying that the government-backed militias would be included in this category.10
    These statements continue to obscure and minimize the primary role played by the Sudanese government in instrumentalizing and using the militias as a mainstay of their military force in Darfur. Despite the government’s denials, evidence from official documents proves that the Janjaweed are an integral part of the government’s military force and counter-insurgency strategy in Darfur, a force and a strategy that have been responsible for war crimes and crimes against humanity.

    Government Support for the Janjaweed
    Human Rights Watch has obtained copies of Sudanese government documents that describe an official policy of support to the Janjaweed militia.11 These documents, which originate from the offices of the civilian administration in Darfur, implicate government officials ranging a deputy minister from the central government to the highest levels of the Darfur civilian administration—the governor or “wali”—to provincial commissioners and local officials in a policy of support to the Janjaweed. The documents illustrate the involvement, at the highest levels, of the state bureaucracy in the recruitment and arming of militia and the authorization of their activities that have resulted in crimes against humanity and war crimes.
    The documents include orders for additional recruitment of militia, provision of military support to allied ethnic groups, and in one case, provide relative impunity for abuses committed by Janjaweed militia members against civilians.

    Authorizing Janjaweed impunity
    In a clear indication of official support for known Janjaweed militia leader Musa Hilal, a directive dated February 13th, 2004 from the office of a sub-locality in North Darfur is directed at all “security units in the locality.” The document urges the recipients to “allow the activities of the mujahedeen and the volunteers under the command of Sheikh Musa Hilal to proceed in the areas of [North Darfur] and to secure their vital needs.”12 The “mujahedeen” are typically members of the Popular Defense Forces, a paramilitary unit organized by the government of Sudan that has frequently been used to fight its so-called holy war in southern Sudan.13 The reference to “volunteers” refers to militia members under the command of Musa Hilal, but it appears that these militia members are considered to be “mujahedeen.”
    The document continues, in a directive: “We also highlight the importance of non-interference so as not to question their authorities and to overlook minor offences by the mujahedeen against civilians who are suspected members of the rebellion….”14 The document then qualifies the impunity conferred upon the fighters (mujahedeen) by requesting that security units “ensure that what happened in the area of Kutum, which reflected a distorted version of events that raised questions about the intentions of the fighters and resulted in false media propaganda, is not repeated.”15
    The reference to the events in Kutum is clearly to the events of early August 2003, one of the first publicly reported incidents in which Janjaweed and government forces were accused of collaboration and responsibility for atrocities.16 After the SLA forces occupied and then withdrew from Kutum town on August 3, 2003, at least 42 civilians are reported to have been summarily killed by Janjaweed militia deliberately targeting individuals based on ethnicity.17 The Governor of North Darfur publicly denied allegations that the Janjaweed were supported by government forces.18

    Orders for recruitment and military supply
    Several other documents from North and South Darfur states authorize “mobilization” (i.e. recruitment) of new militia members (often referred to as “volunteers”) and the provision of military support to their camps and groups by government officials.

    North Darfur:
    Documents from North Darfur officials, including the office of the Commissioner of Kutum, one of the largest towns in North Darfur, are explicit.
    Despite a public declaration on February 9th, 2004 by Sudanese President Omar El Bashir that the war was over and there would be an “end of all military operations in Darfur,” specific orders were issued from officials in Darfur calling for increased recruitment and military support to “allied” or “loyalist” tribes. Human Rights Watch obtained a directive dated February 2004, from the office of the Commissioner of Kutum Province in North Darfur state, which borders Chad.
    The memorandum is marked “highly confidential” and is addressed to all those in charge of “mobilization” or “recruitment” in the provincial localities.
    The document refers to the “President of the Republic’s directives declaring…an end of military activities in major areas of operations in Darfur and the withdrawal of all outlawed groups from the areas they used to occupy in the northern part of the state, and to guarantee the avoidance of a repetition of this, we recommend the following….” It then notes six steps in follow-up of the presidential statement. Rather than ending military operations, however, the document recommends:
    “(1) Increase in the process of mobilizing loyalist tribes, and providing them with sufficient armory to secure the areas.”19
    This directive coincides with a marked increase in Janjaweed militia activity along the Chadian border, including cross-border incursions into Chad and attacks on refugee settlements along the border.20
    An eyewitness who was in Musa Hilal’s main camp in Mistriya, near Kebkabiya, in early 2004 confirmed this pattern of government support to the militias and told Human Rights Watch that government helicopters came to the camp three times per week and brought weapons, ammunition, letters and provisions, including food.21

    South Darfur:
    Two of the documents authorizing recruitment and military support to the Janjaweed are from the office of the governor of South Darfur, the highest-ranking official in the state, who is directly appointed by the President of Sudan.
    A document dated November 22, 2003 describes the visit of the highest ranking state official in South Darfur, Governor Adam Hamid Mussa, and a deputy Minister of the Interior from Khartoum (from the national government), Colonel Ahmad Haroun, to a Janjaweed camp in Qardud on November 18, 2003, where they requested that leaders “recruit 300 knights [armed horsemen or Janjaweed] for Khartoum.” Governor Mussa was removed from his position by President El Bashir on June 24, 2004, apparently due to increasing international criticism of his role in channeling government support to ethnic militias.22
    In another document from the office of the governor of South Darfur dated March 2, 2004, a directive is issued to Said Adam Jamaa, the Commissioner of Nyala, the largest town in and the capital of South Darfur, to form a security committee and increase the level of recruitment to ensure that “the activities of the outlaws [i.e., rebels] are not brought into the state.” Among the named members of the security committee are known tribal leaders responsible for mobilizing militia members from their communities. These individuals include:
    Mohammed Adam Saliko, a Janjaweed leader of Saada ethnicity reported to be in charge of the al-Qardud training camp in South Darfur, who was rewarded by the Governor of South Darfur in late-2003 with a place on the list of individuals permitted to go on the “hajj” or annual pilgrimage to Mecca;

    Mustafa Abu Nouba of the Southern Rizeigat ethnicity; and
    Mohammed Yacoub, an “omda” or leader of the Turjum ethnicity.
    The document continues by requesting the Commissioner of Nyala to “swiftly deliver provisions and ammunition to the new camps to secure the south-western part of the state.” This March directive directly coincides with reports of increased recruitment and military activity in South Darfur in March 2004, following SLA attacks in the Buram area.23

    Resettlement of lands by nomadic groups
    The document from the office of the commissioner of Kutum province, North Darfur State, dated February 12, 2004, also appears to validate claims made by numerous sources (in reports of Human Rights Watch and others) that the Sudanese government has a plan to resettle lands from which the original inhabitants have been displaced.
    The memorandum recommends certain measures to guarantee the avoidance of the return of “outlaw forces from the areas they used to occupy” in North Darfur. The memorandum is addressed to those in charge of “orientation and mobilization branch at province localities” and recommends:
    “(5) Designing a plan for resettlement operations of nomads in places from which the outlaws withdrew, based upon field trip and evaluation operations.”24
    The same memorandum refers also to other measures that are consistent with a plan to move new persons into land that had been emptied of previous occupants and destroyed:
    “(2) Rehabilitate water resources, and open schools in these areas.”25
    Human Rights Watch recently gathered new testimony in Chad indicating that resettlement activities in Darfur may be aimed not only at nomadic communities in Darfur, but also at Chadian Arab nomads, who in some locations are being encouraged to cross the border into Darfur and resettle land previously occupied by Darfurian farmers.
    Another alarming feature of Sudanese government policy as recently stated by Sudanese Minister for the Interior, Major General Abdel Rahim Mohammed Hussein on July 2, 2004, is the intention to create 18 “settlements” to host more than one million displaced persons, a plan which would “facilitate offering services and protection of the villagers who were previously living in numerous scattered villages.”26
    These statements raise the concern that rather than returning to their homes and lands, displaced civilians will be forced to remain in camps or permanently resettle in new locations, effectively consolidating the ethnic cleansing that has taken place. Instead of supporting this outcome, the international community should demand that Janjaweed militias are removed from areas they have occupied, thereby permitting displaced civilians to voluntarily return to their lands and villages in safety and dignity.
    Janjaweed militia to “protect” internally displaced persons
    The “highly confidential” February 2004 memorandum from the office of the Commissioner of Kutum also confirms the use of Janjaweed camps sited near major towns to “protect civilians.” It specifically recommends:
    “(3) Opening of new camps for volunteers to protect civilians in major cities, and to conduct security missions among the citizens.”27
    Victims and witnesses have reported that the Janjaweed militia have moved into rural areas in many areas of Darfur and have set up military camps outside the villages and towns from which they conduct reconnaissance missions and raids on villages.
    According to reports from credible sources in Darfur and testimony from refugees in Chad, from these camps the Janjaweed patrol the areas around the major towns and villages, including the IDP camps and have also been given responsibilities for manning checkpoints along the main roads. Displaced persons venturing outside the camps have been subjected to serious abuses including rape, torture and robbery.28
    New Janjaweed camps have been reported from all three states in Darfur over the past three months, including at Saraf Omra in North Darfur; Mercoondi in South Darfur; and Um Dukhun, Buram, and Abugradil in West Darfur. These are in addition to more than twelve existing Janjaweed militia camps in the three states.

    Disarming the Janjaweed and reversing ethnic cleansing
    Despite the April 8, 2004 ceasefire agreement signed by the government of Sudan and the SLA and JEM rebel groups, violence against civilians has not ceased. On the contrary, the security situation appears to be deteriorating: Human Rights Watch has documented ongoing attacks on civilians by government forces and Janjaweed in North and West Darfur, a proliferation of armed groups along the Sudanese-Chadian border, and attacks on government-held towns and at least two confirmed incidents of kidnapping of aid workers by rebel groups.29
    In response to international demands that the government of Sudan protect civilians from the continuing insecurity, President El Bashir recently called for 6,000 new police to be recruited.30 However, there are increasing allegations that instead of being disarmed and disbanded, Janjaweed militia members are being incorporated into these new police and military forces.
    While protection of civilians remains an overriding priority in Darfur, clearly Janjaweed members who have participated in attacks, murders and rapes of civilians should not be included within the police and military forces used to protect civilians.

    Conclusions
    The documents described in this paper confirm the Government of Sudan’s policy of official support to the Janjaweed militia. They illustrate patterns of official recruitment and military support to the militias by officials from a variety of levels in the Sudanese government, a pattern that cannot be dismissed as arbitrary or as the actions of individuals over-reaching their authority. The directives issued by government officials illustrate the extent to which the government-backed militias are used as auxiliaries in the military campaign and a fundamental tool and instrument of government policy and military strategy.
    If genuinely concerned with bringing peace and stability to Darfur and ending the cycle of violence and impunity in the region, the Sudanese government should suspend key government officials who bear responsibility for recruiting, arming or otherwise supporting the Janjaweed militias from official duties, pending official investigation of their responsibility for abuses.
    In addition, the international community must recognize that the government-backed militias and government forces are clearly indivisible—they are utilized as one entity. Those officials for whom there is evidence of implication in the policy of militia support should be included in any forthcoming international measures, including international travel sanctions, arms embargoes, and investigation by any future international commission of inquiry.
    This international commission of inquiry should be established by the U.N. Security Council and dispatched to examine the evidence concerning crimes against humanity, war crimes and other violations of international humanitarian law committed by all parties in Darfur in 2003-2004, including the nature of the crimes, the identity of the perpetrators, and the role of authorities in the commission of crimes; collect and preserve evidence of the crimes; and, make recommendations on appropriate action to ensure accountability for the crimes.32
    Finally, given the continuing abuses and the allegation that Janjaweed members are being incorporated into police forces, the disarmament and removal from rural areas of the government-backed militias must be closely monitored by international monitors such as the African Union mission, and its capacity increased and supported commensurately.

    1. See among others, Human Rights Watch reports: Darfur in Flames: Atrocities in Western Sudan, Vol.16, No.5 (A), April 2004; Darfur Destroyed: Ethnic Cleansing by Government and Militia Forces in Western Sudan, Vol.16, No. 6(A), May 2004; Report of the High Commissioner on the Situation of Human Rights in the Darfur region of the Sudan, E/CN.4/2005/3, U.N. Office of the High Commissioner of Human Rights, May 3, 2004; Darfur: Too Many People Killed for No Reason, Amnesty International, February 3, 2004.
    2. “Presidential Political Decree to Resolve the Darfur Conflict,” June 20, 2004, Embassy of the Republic of Sudan website at http://www.sudanembassy.org/default.asp?page=viewstory&id=280, and Joint Communiqué between the Government of Sudan and the United Nations on the occasion of the visit of the UNSG to Sudan, July 3, 2004.
    3. The term “Janjaweed” has become the source of increasing controversy, with different actors using the term in very different ways. Literally, the term is reported to be an amalgamation of three Arabic words for ghost, gun, and horse that historically referred to criminals, bandits or outlaws. In the wake of the conflict in Darfur, many “African” victims of attacks have used the term to refer to the government-backed militias attacking their villages, many of whom are drawn from nomadic groups of Arab ethnic origin. Victims have also used other terms, such as “fursan” and “peshmarga” to describe these government-backed militias. The Sudanese government and members of the government-backed militias themselves reject the name “janjaweed” and appear to use the term “janjaweed” to refer to criminals and outlaws, see “Sudan Arabs Reject Marauding ‘Janjaweed’ Image,” Reuters, July 12, 2004. Other terms used by the Sudanese government include the terms “outlaws” and “Tora Bora,” to refer to the rebels, and the terms “knights,” “mujaheeden” or “horsemen” which appear to refer to members of its own militias.
    4. Darfur has been the site of intermittent inter-communal conflict between groups of nomadic camel and cattle-herders and sedentary agriculturalists due to desertification and increasing competition for land and water resources. The Janjaweed are clearly also stakeholders in the Darfur conflict. Many of the members of the Janjaweed have been recruited from specific nomadic groups of Arab ethnic origin who have been involved in clashes with the so-called African farmers in previous years. The willingness of some members of the nomadic groups to take part in the conflict as an auxiliary force is no doubt linked to their interest in acquiring land and livestock. See also HRW, Darfur in Flames: Atrocities in Western Sudan, at footnote 1.
    5. The Sudanese government’s use of militias or proxy forces is not new. Numerous ethnic militias have been supported and used as proxy forces in southern Sudan throughout the conflict of the past two decades.
    6. A Human Rights Watch report on recent attacks and violations of the ceasefire in Darfur and Chad is forthcoming.
    7. IRIN, “Interview with Government Humanitarian Aid Commissioner on the Darfur Crisis,” April 7, 2004 at www.sudan.net.
    8. Agence France Presse, “Sudan will not disarm militias while rebellion rages: foreign minister,” May 14, 2004.
    9. “We will not appease the Americans by capturing tribal leaders,” Al Wan, July 5, 2004.
    10. See footnote 2.
    11. On file with Human Rights Watch. These documents cannot be reproduced in full due to security concerns, however all of the documents bear official stamps, seals and/or letterhead of the respective offices of origin that correspond with those seen on other documents from the same sources. Human Rights Watch has reproduced parts of these documents exactly as they are written in the original.
    12. العمل علي تمرير سياسات المجاهد ين و المتطوعين للقتال والذين يعملون تحت آمره المجاهد الشيخ موسي هلال بمناطق <بشمال دارفور> و تأمين الاحتياجات الضروية لهم.
    13. The presence of PDF among the Sudanese government forces in Darfur has been noted by several sources. Some of the Janjaweed militia were alleged trained at PDF camps in 2003. See for instance, ”Militias ravage Darfur in gangs of hundreds,” IRIN, March 10, 2004, at http://wwww.reliefweb.int/w/rwb.nsf/3a81e21068ec1871c12...027080d?OpenDocument
    14. كذلك نوصي بأهمية عدم التدخل في تحجيم صلا حياتهم وغض الطرف عن تجاوزاتهم الطفيفة التي يقوم بها بعض الجانحين من المجاهد ين بحق المدنيين المشكوك في إنتمائهم للتمرد
    15. . وكذلك لضمان عدم تكرار ما حدث في منطقة كتم من عكس مشوة للأحداث يشكك في صدق نوايا المجاهدين و يعمل على الترويج الإعلامي الكاذب لها.
    16. “Sudan rebels accuse pro-government militias of killing 300 in Darfur,” Agence France Presse, August 11, 2004.
    17. “Immediate Steps to Protect Civilians and Internally Displaced Persons in Darfur,” Amnesty International, August 29. 2003. A survivor of the Kutum massacre has stated that over 60 individuals were killed.
    18. Ibid.
    19. لقرارات السيد/ رئيش الجمهوريه التي اعلنت بحمد الله انتهاء العمليات العسكريه بمناطق العمليات الرئيسية في دارفور وا نسحاب كل الفيئات الخارجة عن القانون من المناطق التي تسيطرعليها بشمال المحافظه ولضمان عدم تكرار ذلك نوصى بالاتى:
    1/ تكثيف عمليات الحمد والتعبئة للموالين من القبائل وضمان التسليح الكافى لهم لتامين المناطق.
    20. “Sudan-Chad: Cross-border conflict escalates,” IRIN, March 16, 2004, at http://wwww.reliefweb.int/w/rwb.nsf/3a81e21068ec1871c12...069c777?OpenDocument
    21. Human Rights Watch interview, June 2004. Further details are confidential in order to protect the security of this witness.
    22. The new governor of South Darfur is Alhaj Atta el-Mannan Idris, a former commissioner of South Darfur state and currently Secretary General of the National Congress Party for Khartoum state. He is reputed to have close links to Vice-President Ali Osman Mohammed Taha.
    23. Agence France Presse, “Sudan turns down request for aid agencies to extend operations,” March 15, 2004.
    24. (5) وضع تصور اعميبات لعادة توطين الرحل بالمناطق التى انسحب منها الخارجين عن القانون بناءا على الزيارة الميدانية وعمليات التقييم.
    25. (2) اعادة تاهيل مصادر المياه وفتح المدارس بتلك المناطق.
    26. Agence France Presse, “Sudan to set up 18 “settlements” for million Darfur refugees: report,” July 2, 2004.
    27. ( 4) فتح معسكرات جديده للمتطوعين لحماية المدن الرئيسية والقيام بالاعباً الا منية فى اوساط المواطنيين.
    28. See HRW, Darfur Destroyed, May 2004; “UN Agencies Report Mixed Progress on Enhancing Humanitarian Access,” UN News Service, July 12, 2004.
    29. See Human Rights Watch report on ceasefire violations and other abuses, forthcoming July 2004.
    30. “Presidential Political Decree to Resolve the Darfur Conflict,” June 20, 2004, see footnote 2.
    31. “Sudan: Threat of forced return looming in Darfur,” IRIN, July 12, 2004.
    32. As noted in the recommendations of the U.N. Office of the High Commissioner of Human Rights, May 7, 2004, and the conclusions of the E.U. General Affairs Council, July 12, 2004
                  

10-02-2004, 10:59 PM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de