ظاهرة خيانة الدين والتدين .. بالغلو الديني/ثريا الشهري

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 11:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2004, 09:08 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ظاهرة خيانة الدين والتدين .. بالغلو الديني/ثريا الشهري

    ظاهرة خيانة الدين والتدين .. بالغلو الديني
    ثريا الشهري

    جاء في «الشرق الأوسط» بتاريخ 18 سبتمبر (أيلول) الحالي كلام لإمام الحرم المكي الدكتور عبد الرحمن السديس نقلاً عن خطبته ليوم الجمعة يتحدث فيه عن ظاهرة الغلو في التكفير الذي ابتليت به الأمة ، بكل ما فيها من عنف دموي، تسربت لوثته إلى المجتمع الإسلامي، وهو كلام فاصل لا يملك المرء معه إلاّ الإذعان بصحته، ولكن مهلاً ! فلا خير في قراءة ليس فيها تدبر، فلنحاول إذن طرق الموضوع والتفّكر فيه.
    إذا كانت المرجعية الأخلاقية من أعظم المرجعيات التي تقوم على أساسها الشعوب، فالمفروض أنها تسبق في ترتيبها تلك الخاصة بالمعرفة والعُرف وحتى الجمال، لأن غيابها معناه انهيار كيان الأمم ككل، ومن هذه الزاوية بالذات جاء تفريق القرآن الكريم بين ثلاثة أمور ، وهي العبادات والتشريعات في المعاملات والأخلاق، ولم يرتض للأخلاقيات إلاّ أن تقسّم إلى: وصايا تحوي الكبائر التي يجب على الكافة اجتنابها، وفضائل أخرى مثل التواضع والكرم والتفسح في المجالس وغيرها مما لم يقترن تركها بوعد أو وعيد أو تحريم إلهي، فالغيبة والنميمة ودخول البيوت بدون استئذان من الرذائل التي ينبغي الترفع عنها، ولكن ليس لها من تشريعات وقوانين توجب العقاب على مرتكبيها، ففي النهاية هي قيم أخلاقية تربوية تسود المجتمع بصرف النظر عن دينه وقوميته واتجاهه السياسي.
    إنها وببساطة قانون إنساني عام يخص أهل الأرض قاطبة، فهي ضعيفة بحد ذاتها ، ويمكن اختراقها بسهولة إلاّ في حالة أن تتأصل كقيمة اجتماعية تعرِّض تاركها لنبذ المجتمع واحتقاره.
    وهنا تكمن الإشكالية (..) وأعني بها ذلك الخلط المحيِّر بين محرمات الوصايا والحدود التي «يجب» الالتزام بقيودها، وبين الفضائل التي «يستحسن» للنزاهة والسمو التحلي بها، ثم ، وكأننا لم نكتف بهذا الإرباك حتى سارعنا بوضع سلم أوليات بترتيب مغاير لِمَ يرد لها . فقوله تعالى «وبالوالدين إحسانا» له نفس القيمة الأخلاقية لقوله عز وجل «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى»، إلاّ أن الأول قد سبق الثاني تاريخياً، وليس بحسب الأهمية، فالقانون الأخلاقي الذي تكرسه الآية الثانية يعني أن كلمة الحق يجب أن تُقال في أي زمان ومكان، فهي عدا أنها ثابتة لا تخضع للتطور، لا تقل أيضاً في قيمتها عن عقوق الوالدين بمفهومه الإنساني العام ، وليس من منطلق العصبية العشائرية والأسرية، ومع هذا فواقعنا إنما يحكي عن تصنيف آخر جمع الأخلاقيات في سلة واحدة، ثم حصرها في العفة، وتحديداً فيما يخص المرأة دون الرجل، فلا نكون إلا كمن رفع وصية «ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن» وجعلها على رأس كل الوصايا، ثم ألحق العار بالمرأة وحدها، وكأن الفاحشة عمل أحادي الجانب، وكأن الدين لم يسوِّ في هذه المسألة بعينها بين الذكر والأنثى، ونحن وإن كنا نرى بوجوب سيادة العفة لحفظ الأسرة والأنساب، إلاّ أن شيوع القتل وما يجره على المجتمع من دمار لا يقل في خطورته عن الزنا بأية حال، كما أن انتشار الغش والرشاوى والتصديق بالسحر والتعامل مع أهله وغيره وغيره ...لا يقل في سلبيات نتائجه الوخيمة عن المحرّمات الأخرى، وعليه فليس من الإسلام في شيء أن نصنِّف المحرّمات على درجات بحسب أهميتها الخاضعة للمرجعية العُرفية ، وما تعارف عليه المجتمع، في صياغة قوانينه الخاصة به وليس بالدين، فنجعل واو الجماعة في قوله «ولا تقربوا الفواحش...» خاصة بالنساء فقط، ثم نعليها فوق قيمة تكفير الخلق وقتل النفس.
    ومع ذلك فلا يجب أن نغفل حقيقة أن المجتنبات لم ينزل تحريمها على نفس الدرجة والعقوبة، فلها تسلسل قيمي وجزائي وضعه الخالق لها بترتيب قد لا يتفق مع المرجعية العُرفية ، أو حتى المعرفية الثقافية التي سادت المجتمعات فيما بعد، فعلى ما يبدو أننا لم نطبق سلّم المحرّمات الإلهي كما جاء في نسخته الأصلية، فعقوق الوالدين مستحيل أن يتساوى بعقاب اللعب بالنرد، وقذف المحصنات كيف يكافؤه الخصام فوق ثلاث! وشهادة الزور لا تكون كوصل الشعر بمستعار! ثم حين لا يتقن النجّار والحدّاد والخيّاط والخبّاز عملهم، فلا ينبغي أن يُعد فسادهم الأخلاقي الضميري سواء بسواء كمن تعوّد أن يتهاون في أركان الوضوء، فالعمل الذي يعود بنقصه على ميزان المرء ذاته لا يجب أن ينظر إليه كذاك الذي يمتد بضرره نطاق حصيلته، فهل يتساوى من ابتلي بعادة التدخين كمن افتتح متجراً يبيع فيه ما يشجع على هذا البلاء ! فالمسألة دائماً نسبية وأكثر ما تكون العقوبة الإلهية في كل ما من شأنه هلاك المجموع وأذيتهم.
    وكما أن مخالفة الحدود تعتبر من الكبائر، وكذلك يكون التوسع في سرد هذه الكبائر تحت شعار زيادة التقوى، ففيه من الإضرار بالإسلام والمسلمين ما لا يخفى على أحد وإن أنكره، فالإفراط في إحصاء المحرّمات إنما يدخل في باب تضييق الخناق على عباد الله المسلمين، الذين غالباً ما ينتهي بهم الأمر باتخاذ ردود أفعال معاكسة، إمّا انحرافاً في رذيلة، أو تطرفاً في كبيرة، لا تخرج عن قصص عادة ما تشترك خواتمها في مأساة واحدة، فلا هي الوسطية التي نادى بها الدين، ولا هي الاستمرارية التي انتحرت داخل مدائن التطرف .
    وهنا تقع المسؤولية المنوط بها كل ذي عقل يملك قلماً ولساناً، ويحمل قلباً ينبض بحب الله، فهناك قاعدة تقول: كلما نقص عدد المحرمات زادت شدة تمسك الناس باجتنابها وزاد عددهم، وكلما زاد عدد المحرمات نقصت شدة تمسك الناس باجتنابها ونقص عددهم. فما المانع من أن نلتزم بتحريم ما حرم الله ، فنقف عند حدوده وترتيبه كما جاء في تنزيله الحكيم حتى لا تقود الزيادة في الايمان الى أن نسقط التحريم على كل شيء، فيأتي معلم الدين فيلقي بفتواه التحريمية جزافاً، وبدلاً من أن يغرس نبتة الحب الإلهي في نفوس الصغار، يخط على صفحات قلوبهم البيضاء خطوطاً ملؤها الخوف والرعب والشعور بالذنب. وكيف لا يكون ذلك وما ستعيه عقولهم من جراء مثل هذا التعليم يوحي بأن ما يحوم حولهم هو حرام ومصير صاحبه النار، فمتى تركنا لتلك الطمأنينة طريقاً تمشي فيه الهوينى حتى تصل إلى أرواحنا التواقة، إذا كانت أسوار معسكر حياتنا قد ضُرب عليها حصار تكفيري من كل صوب!
    إن القانون الرباني الأخلاقي جاء لتهذيب الناس، وتوجيههم لما فيه مصلحتهم، لا للتسلط عليهم بحجة تطبيقه، وإن كان لنا في التاريخ عبرة فلنأخذ من تجارب أيامه عبرة، فقد برهنت أحداث الاتحاد السوفيتي السابقة على مدى انخفاض معدل انتشار الجريمة في حينها بهيمنة السلطة والفكر الماركسي ، فلمّا ضعفت القبضة المتحكمة وانهار الاتحاد، اكتسحته الجرائم بشكل مرعب لم يعد للمرء فيه مكان آمن، فهل يكون الاتحاد السوفيتي بالأمس بأقرب إلينا من العراق اليوم! بالطبع لا، والى ذلك فما نقرأه وما نراه بأم أعيننا بعد سقوط بغداد إنما يؤكد لنا بأن السلطة والاستبداد لا يصنعان أخلاقاً، ولا حتى تحت غطاء الإسلام.
    ولا استغرب إلاّ ممن كان بالله أعرف، وبالدين أعلم، ثم يرسل فتواه بتحريم الأشياء دون أن يضع في حسبانه يسر الرسالة المحمدية وسماحتها، فيما يتطلع الناس إلى أقواله باعتباره العالم بأمور الدين والدنيا، فإن كان جاهلاً بهما فالمصيبة أعظم، وإن بقي البلاء أعم في كلتا الحالتين. فإذا علمنا أن خيانة الوطن مستحقة لعقوبة الموت، فكيف بمن يخون دينه ووطنه وحق نفسه عليه. من هنا لا اعتقد ان توهمنا باننا نمتلك قوائم الفضائل والرذائل والحلال والحرام بقادر وحده على وضعنا على طريق الاستقامة، وجعل الإنسان يتجاوز طوعاً عصبياته وشهواته في سبيل قيم أخلاقية أسمى منها بكثير، فرأس الدين صحة اليقين والوعي بدون غلو، وخير الحدود ما يستدعي منازلها كما هي، فعلينا إذن تصعيد التعاطي مع الدين والتدين وفق هذا المنظور حتى لا نفسد دنيانا بتمزيق ديننا.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de