|
ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟
|
بلغ الانفعال غاياته بزمرة الحزب الحاكم في السودان، ويبدو أن توجيهات صدرت إلى مجموعة من "صحفيي الإشارة" ليشنوا حملة من الوزن الثقيل على رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بسبب تصريحات له اتهم خلالها الحكومة السودانية بالوقوف وراء أحداث دارفور. وطاش صواب رئيس تحرير صحيفة الأنباء "الحكومية" عبدالمحمود الكرنكي تماما ليتهم المهدي بجملة اتهامات مهددا بالكشف عن "وثائق" تثبت ضلوع المهدي في الثمانينات في "مأساة دارفور". ولعله من المفيد هنا تسجيل نقطة لصالح الكرنكي تتمثل باعترافه بوجود "مأساة" في دارفور، لكن يبقى السؤال مفتوحا حول مسؤولية حكومة الكرنكي ليس فيما يتعلق بمأساة دارفور، وإنما مأساة الشعب السوداني كله. لا يمكن أن يكون الكرنكي معنيا بذلك، فكوادر الجبهة الإسلامية المدللة –مثل الكرنكي- ليس بوسعها أبدا تصوّر المعاناة الهائلة التي يعانيها السودانيون في سبيل أن ينعم الكرنكي وأمثاله سنوات طويلة برغد "لندن" التي ذهب إليها دبلوماسيا. وتنبغي الإشارة إلى أن المغتربين السودانيين في الخليج العربي على وجه الخصوص هم الذين يرفدون سفارات السودان في الغرب والشرق بالمال. فهلا أخبرنا السيد الكرنكي عن رحلته في وزارة الخارجية ومن من الدبلوماسيين السودانيين المحنكين تم فصله من أجل أن يبعث الكرنكي إلى لندن بسبب قربه فقط من صناع القرار. وبوسعي القول أن الصادق المهدي – عكس ما يدعي الكرنكي- خرج من التردد الذي ساد مواقفه طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، ليؤشر بوضوح في اتجاه مكاشفة الخرطوم بأخطائها، والعمل بجدية لانقاذ ما يمكن انقاذه في دارفور، وهو موقف يحمد عليه وإن جاء متأخرا. وأزيد أن المطلوب من الصادق المهدي الذي يحظى بقبول واسع في دارفور بالذات أن ينقل مقره في هذه الفترة إلى معسكرات النازحين في دارفور ليكون وسط الجماهير، وعلى من يرغب من زائري السودان أو وفود المنظمات العالمية الذهاب إليه هناك. وفي هذا الفعل المطلوب بشدة حاليا تكمن الارادة السياسية الحقيقية التي غابت عن حزب المهدي منذ خروجه من تجمع المعارضة المدعو هو الآخر لتنشيط جهوده بشأن دارفور. وتحدث الكرنكي بذكاء يحسد عليه عن أن المهدي يمثل بتصريحاته هذه "محطة تقوية" للدعاية الأمريكية ضد السودان، لكن الواقع السياسي القائم منذ 1986 يقول إن المهدي يمثل أبعد الأطراف السودانية عن واشنطن سواء كانت هذه الأخيرة ديمقراطية أو جمهورية. وفي المقابل فإن حزب الكرنكي الذي كان يهدد واشنطن بالاجتياح هي وموسكو، عاد في مطلع الألفية الثالثة ليهز ذيله ويربض تحت أقدامها في وداعة، خصوصا بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر. ولم تأل جماعة الكرنكي جهدا في تقديم كل ما لديها من معلومات بشأن المتطرفين الإسلاميين "حلفاء الأمس" إلى CIA وFBI فهل يستطيع الكرنكي الادعاء أن هذا لم يحدث؟ إن الكرنكي وحزبه الجاثم على السلطة عنوة منذ 15 عاما، ليسا حريصين بالطبع على الصادق المهدي، بل يهمهما جدا أن يفجر المهدي نفسه سياسيا، لكن الخشية الأساسية التي تعري الإسلاميين وخصوصا الراديكاليين الذين يمسكون بزمام الأمور حاليا، تتعلق بجهر الفاعليات السودانية بضلوع الإسلاميين في أحداث دارفور. وصحيح أن الموقف الوطني في مواجهة الاستحقاقات الدولية المعقدة ينبغي ألا يصب لجهة التدخل العسكري واسع النطاق الذي يمكن أن تنحدر إليه الأمور، لكن السياسيين السودانيين لن يكون بمقدورهم "بيع دارفور" والصمت على الجرائم التي تحدث فيها بداعي صيانة السودان من التدخل الأجنبي. فالواقع يقول إن حماقات الخرطوم، وكذبها المتواصل بشأن دارفور سيدفع بالأحداث إلى ما لا يحمد عقباه. ولن تحتاج الأسرة الدولية للتوسل بالأصوات السودانية التي تتحدث بهذا الشأن. إذ يكفيها شهادات المنظمات الدولية والبعثات الصحفية، ويكفيها أيضا ممارسات النظام داخل الخرطوم، فالغباء الذي تعاملت من خلاله الأجهزة الأمنية مع مسيرة سلمية لطلاب من الجامعات السودانية كانوا ينوون تقديم مذكرة احتجاج للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. وكل هذه الإجراءات تؤكد أن الخرطوم ما زالت تتعامل بعقليتها ذاتها في مطلع التسعينات وإن كان الخطاب مختلفا قليلا. وإذا كان الكرنكي قادرا على مهاجمة المهدي وحزب الأمة، فكيف يكون رده على منتقدي سياسات النظام من الإسلاميين أنفسهم الذين رأوا في المعالجة الحكومية لأزمة دارفور خللا كبيرا، وكان آخرهم الطيب زين العابدين وحسن مكي. ويصف الكرنكي الصادق المهدي بـ"الأرجواز" في كورس القوى الخارجية المتربصة بوحدة واستقرار السودان ونهب ثرواته،ويزيد أن تصريحاته تكشف سعيه الخاسر لإحداث ثقب في سفينة الموقف الوطني المتحد، ليتسرب إلى داخل السودان التدخل الأجنبي بكل أشكاله. وأقول للكرنكي إن تصريحات المهدي لن تجلب القبعات الخضر ولا المارينز، فالذي يجلب هؤلاء هو نفاقكم وكذبكم وتجميلكم سوءات النظام بدلا من نصحه ومكاشفته أن معالجته تفاقم الأزمة، وأن اصراره على المضي قدما في طريق التعنت والاعراض عن الدعوة لمؤتمر قومي جامع، هو الذي سيزلق رجل السودان إلى التدخل العسكري. أما المهدي، فعليه ألا يعود للتردد الذي ساد مسلكه ومسلك حزبه السياسي في الأعوام السابقة، وعليه أن يجدد نشاطه في هذا الاتجاه، فالضغوط السياسية الجادة على الخرطوم قد تكون السبيل الوحيد المتبقي لاجبارها على الاصغاء لصوت العقل والتخلي عن "خزعبلاتها" و "تهديداتها للندن وواشنطن بالرد في حال تعرضت لهجوم" والجلوس إلى كل الأطراف السودانية بأسرع وقت لتشكيل حكومة انتقالية تعالج أزمة دارفور وتسعى لعقد مؤتمر جامع.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | خالد عويس | 09-08-04, 02:08 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | إسماعيل وراق | 09-08-04, 02:20 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | saif massad ali | 09-08-04, 02:43 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | Bushra Elfadil | 09-08-04, 03:36 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | أحمد الشايقي | 09-08-04, 03:17 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | AbuSarah | 09-08-04, 05:07 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | خالد عويس | 09-08-04, 05:25 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | KANDAKE | 09-08-04, 06:10 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | AbuSarah | 09-08-04, 07:10 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | mahdy alamin | 09-08-04, 12:34 PM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | خالد عويس | 09-09-04, 01:28 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | محمد عبدالرحمن | 09-10-04, 06:55 AM |
Re: ليس دفاعا عن المهدي.. ماذا يريد الكرنكي "الميّت سياسيا"؟ | AbuSarah | 09-11-04, 03:18 PM |
|
|
|