" قارب " ... قصة للكاتبة اليافعة سارة عدنان زاهر .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-18-2004, 08:39 AM

Husam Hilali
<aHusam Hilali
تاريخ التسجيل: 02-21-2003
مجموع المشاركات: 429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
" قارب " ... قصة للكاتبة اليافعة سارة عدنان زاهر .

    قارب

    جلس خالد في اٍحدى صباحات مارس على ضفة النهر، يعبث بورقة أحدى الأشجار محدقا في المياه الجارية، يغمره اٍحساس بأن هنالك شيئا مهما سقط منه في أعماق المياه. عينيه التائهتين تحدقان في أعماق النهر لكن عمق المياه كان يهزم حدة البصر.

    خالد فتى في السابعة عشرة من عمره، قوي البنيان، ذو شعر فاحم وعينان بنيتان. قميصه الأزرق يوحي بأنه يميل الى الألوان الهادئة التي تذكره بصفاء السماء ونقاء النهر. عيناه الهادئتان لا تعكسان الأمواج المتلاطمة في أعماقه خاصة مع تلك النظرة التي تعطي انطباعا لشخص دائم التفكير والاٍستغراق.

    الجو مشمس مع هبات من النسيم المنعش. السماء زرقاء مع قطع صغيرة من السحب تتجمع بطيئا مكونة طائر خرافي يفرد جناحيه ثم يطبقهما في حركة دائمة. ذلك الصفاء أعطى خالد فرصة للتفكير والتأمل. اٍن حاجته ملحة لاٍزالة الضباب من حياته كي لا يحس بأنه نغمة غريبة في تلك الأغنية شبه الربيعية متناسقة النغمات. خالد يعتقد أن حياته تمضي به في روتين ممل وخطوات منتظمة، وهو لا يدري اٍن كان على حق في كل سلوك يسلكه أو خطوة يخطوها. خاطب نفسه قائلا الصواب، الخطأ، اليقين، الحقيقة، الاٍيمان، كل هذه الكلمات واضحة المعاني في ظاهرها ولكن داخلها كامنا بالمناطق الغامضة.) هناك تيارا داخله يدفع عقله اٍلى الهرولة في شوارع الحياة، اتباع الروتين اليومي، وايقاف البحث في قواميس فكرية غير مرتبة عن معاني تلك الكلمات المبهمة. يمكنه التسليم بأن كل هذه المصطلحات نسبية، ليس لها تفسير محدد. حينئذ يمكنه أن يختار لها تفسيرا يناسب احتياجاته وأن يضعها في القالب الذي يكفل له عدم الاٍحساس بالضياع. واصل خالد تداعياته معرفة الثوابت والمتغيرات أمرا ليس باليسير رغم أنه في علم الرياضيات يمكن معرفة المتغير اٍذا علم الثابت. لا أرى ثابتا أو متغيرا في هذا العالم . كيف يمكنني تجميع الأرقام والحروف في معادلة تكفل لي الحياة في المجتمع دونما أن أكون فردا منبوذا؟ معادلة تضمن لي أن أحس بالرضى عن نفسي واٍرضاء الآخرين.) أحس أن اٍنهاء الصراع داخله تحديا حقيقيا ومعركة اٍذا فاز فيها فسيعني هذا راحته نفسيا وفكريا. أخذ يحدق في أعماق النهر أكثر وأكثر مواصلا مخاطبته لنفسه لا بد من ايجاد ذلك الشئ الذي يمكن أن أستمد منه قيما ثابتة مع جعل ميزاني ثابتا كي لا أخل بأحد الأطراف. )

    "خالد" حاول كثيرا تعلم الصبر حتى يصل الى ما يبتغيه، ولكنه يجد نفسه دائما يتراجع في منتصف الطريق باحثا عن طريق أقصر وأسهل وعثراته أقل. عندما يجمح به الخيال يرى أنه يجب عليه الرجوع الى الماضي كي يجد شيئا قويا يتمسك به حتى لا تجرفه الرياح. يعتقد أن الحياة في الماضي كانت بصورة أو بأخرى أسهل كثيرا من الحياة في حاضره. تلك السهولة بالنسبة له ليست الراحة الجسدية والتقدم التكنولوجي واٍنما الاٍستقرار النفسي والتمسك بمبادئ راسخة. لكنه عندما يعود بعقله اٍلى الواقع يجد أن هذا تفكير العاجز الذي لا حيلة له. أحس خالد بالضيق وكأن جبلا ثقيلا قد وضع على صدره فأصبح يصرخ داخله دون أن يتجاوز الصوت حاجز عقله أحتاج ما يخرجني من هذه الدوامة.)

    بدأت الشمس تتوسط السماء وهو ما زال على حيرته، ثم قرر أن يزور منزل جده في الضفة الأخرى من النهر. تحرك في بطء واستقل أحد القوارب التي اٍعتاد الأهالي العبور بها الى الضفة الأخرى من النهر نظير مبلغ زهيد من المال. يحاول خالد ابعاد نفسه عن التفكير ومراقبة حركة القارب. بقربه جلس طفل في حوالي السادسة من عمره، سعيدا والقارب يتحرك به على سطح المياه، يحمل في يديه بعض الحصى يرمي به في قاع النهر محدثا زوبعة في المياه وتاركا دائرة حجمها يصغر حتى تختفي. أصاب الطفل الملل فالتقط أحد أوراق صحيفة قديمة كانت واقعة بالقرب منه وأعطاها لخالد قائلاهل يمكنك أن تصنع لي مركبا ورقيا؟) نظر اٍليه خالد لوهلة كأنه يحتاج وقتا لاٍدراك ما قاله الطفل ثم التقط الورقة في صمت مبتسما ابتسامة تائهة. قام بصنع القارب بأصابع خبيرة توحي بأنه اعتاد صنعه منذ فترة طويلة وأعطاه للطفل الذي التقطه بشغف ووضعه على سطح المياه التي حملته برفق وببطء بعيدا عن القارب. نظر خالد الى المركب الورقي ثم التفت الى الطفل قائلاتحب المراكب الورقية كثيرا أليس كذلك؟) أومأ الطفل برأسه مبتسما ابتسامة طفولية ثم سأل خالد باهتمامكيف تمكنت من صناعة المركب الورقي بهذه الدقة والسرعة؟!) ابتسم خالد ثم نظر بعيدا محدقا في الأفق وكأنه يسترجع ذكرياته ثم قاللقد اعتدت صنعها منذ أن كنت طفلا صغيرا مثلك. كنت أجلس على ضفة النهر أصنع مراكبا ورقية وأجعلها تبحر في النهر. من بعيد كنت أراها مثل سرب من الأوز يبحر مع التيار، كم كان ذلك رائعا!) بدا على الطفل أنه ينصت باهتمام لحديث خالد وقد امتلأت عينيه بالسعادة، تنعكس في عقله صورة ذلك السرب الأبيض من الأوز، قال هل يمكنك صنع قارب حقيقي؟ أعني قاربا كبيرا وقويا تستطيع الذهاب به اٍلى أي مكان تريده.) تألقت عينا خالد ببريق حاد كمن وجد ضالته، وقرر في نفسه أنه سيطلب من جده أن يعلمه كيفية صنع قارب خشبي متين لا تهزمه الأمواج. أحس أن السحب الضبابية في عقله قد بدأت تبتعد، تزحزح الجبل عن صدره وقام بأخذ نفسا عميقا من الهواء المشبع برائحة النهرالمميزة، وجد بصيصا من النور يتسلل اٍلى داخله وقد أخذ يشعر أنه وجد ما كان يبحث عنه في أعماق النهر.

    سارة عدنان زاهر
    تورنتو- كندا
                  

08-19-2004, 05:31 AM

salwa elsaeed
<asalwa elsaeed
تاريخ التسجيل: 05-06-2004
مجموع المشاركات: 330

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " قارب " ... قصة للكاتبة اليافعة سارة عدنان زاهر . (Re: Husam Hilali)

    آل زاهر لكم التحية اينما وجدتوا...
    سارة واصلي العمل الجيد.
    حسام الشكر الجزيل.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de