قوات التحالف السودانية ومعركة استقلال القرار
لا تفسير لي على حجم الهجمة الشرسة التي يقودها الاريتريون والمنشقون على تنظيم التحالف هذه الايام في اريتريا والمعسكرات، سوى انهم ظنوا ان انشغال الرأي العام السوداني والعالمي بازمة دارفور، هي انسب الاوقات لحسم القضية، وهو امر تحتاج له القيادة الاريترية بشدة في ظل مشاكلها المتزايدة مع المعارضات السودانية. فالمنشقين من جهة تحولوا الى عبء في رقاب الاريتريين فلا هم قادرين على اتمام محاولة الانقلاب الاريتري الفاشل ضد قيادة التحالف، ولا هم قادرين على الانسحاب والتخلي عن الموضوع برمته. وربما ظنوا ايضا انه ما دام الوقت مناسبا لحسم الامر فان الافضل ان يكون سريعا وعنيفا وبضربة "كاراتيه" واحدة قدر الامكان، حتى وان التفت الناس الى ما جرى، يكون الحدث اصبح بائتا، كما ان النتائج ستكون ماثلة على الارض، ولا احد لديه قدرة على تغيير شىء. وهكذا بدأ المنشقون عن تنظيم التحالف بقيادة مصحح القران الكريم الدكتور عبدالعزيز عثمان المقيم بالسعودية ودكتور تيسير محمد احمد المقيم باريتريا، وبواسطة القوات الاريترية حملة "تطويع" شعواء ضد بسطاء التحالف من المقاتلين في معسكراتهم، بعد ان ابعدوا القيادات بالاقامة الجبرية بادىء الامر ثم بالابعاد النهائي من الاراضي الاريترية آخر الامر آخر المبعدين العقيد علي ياسين رئيس الدائرة العسكرية بقوات التحالف حيث منح تأشيرة خروج بلا عودة، وذلك بعدما تطلبت ظروفه الصحية الدقيقة السفر الى القاهرة اثر عملية جراحية اجراها مؤخرا في اسمرا. وللتأكد من عدم العودة طلب اليه ان يأتي بتذكرة ذهاب فقط. وبالطبع لم يكن في وداعه احد ولكن الامن الاريتري اعد له مفاجأة في محطة الوصول (القاهرة) حيث اكتشف انهم تمكنوا من فتح حقائبه داخل مطار اسمرا قبل شحنها وصودرت جميع الوثائق التي كانت بداخلها. بدأ الاضطهاد والتنكيل بالتخويف والتجويع والتعطيش. ثم بعد كم يوم، جاء المنشقون دكتور تيسير محمد احمد واثنين من مساعديه هما التيجاني الحاج ومحمد الامين، برفقة القوات الاريترية كي تساعدهم على دخول المعسكر ومخاطبة المقاتلين. غير ان المقاتلين الذين لم يرهبهم وجود القوات الاريترية فضلوا عدم الرضوخ، تماما مثلما ظلوا كذلك منذ فبراير الماضي، ومنذ انقطعوا عن رؤية قائدهم خالد عبدالعزيز الذي فرض عليه الاريتريون وقتها الاقامة الاجبارية في حدود العاصمة لابعاده عنهم، فبادلوه وفاءا بوفاء ورفضوا استقبال المنشقين. امام رفض المقاتلين استقبال المنشقين، لم يتأخر الاريتريون فاعتقلوا على الفور 25 من قياداتهم فورا وفي مقدمتهم قائد المعسكر موسى الرخيص، ليضافوا الى القادة الثمانية الذين اعتقلوا قبل ذلك بأيام. ثم واصل الاريتريون بمعية المنشقين ايضا، حملة التظيف او حملة التخويف، فعادوا بعد يومين فزادوا المعتقلين عددا آخر عرف منهم حتى الان نحو سبعة، وتقول الصحف ان العدد فاق المائة بعد حملة "العين الحمرة" ضد المقاتلين انفتح الطريق لدخول المعسكر الذي يمكن ان يطلق عليه بحق معسكر الصمود والوفاء، تسلم المنشقون اذاعة التنظيم "اذاعة الحرية والتجديد"، تماما بمثل الاسلوب المتبع منذ انشقاقهم: يستلم الاريتريون اولا ويستلموا هم من بعد بما في ذلك الرجال معتقلين. لكنهم اصيبوا بخيبة اذ اكتشفوا انه لم يكن بامكانهم تشغيل الاذاعة، فلا هم بمهندسين ولا صحفيين، وليس من بينهم من يستطيع القيام بالمهمة. فأتوا بمديرها ومسؤولها الفني هاشم المبارك كي يديرها. غير انه رفض هو الاخر. وظل على ذلك الموقف رغم الضغوط المستمرة، وفي خاتمة المطاف تم اعتقاله ووضعه في الحبس الانفرادي. فاذاعة بلا هاشم "علبة صلصة"، وهم باذاعة صامتة "شماتة" او هم ظنوا كذلك. غير ان رهانهم على الاذاعة فيما بدا من بعد، جدي، فربما ظنوا انها يمكن ان تلعب دورا تزيل به هذه الصورة الهزيلة لمراسم التتويج التي طالت رغم فوهات البنادق الاريترية على قيادة التنظيم، فأتوا بفني اريتري، تولى تشغيل البث التجريبي بضعة ايام ومع استمرار "المعافرة" مع الاذاعة كانت الحملة مستمرة في العاصمة اسمرا. اذ جاء العسكر الاريتريون ايضا الى ما يسمى بـ "الاستراحة" وهي مقر سكن القيادة والكوادر الادارية في مكاتب التحالف في اسمرا، فداهمومها واخرجوا سجلات واوراق وقالوا انهم بصدد حصر كل ما هو موجود فيها وقد فعلوا وذلك في حضور من تبقى من اعضاء قلائل للتحالف. جرى هذا يوم 11 اغسطس، غير انهم عادوا مرة اخرى بعد يومين اي يوم 13 اغسطس، واجروا تفتيشا دقيقا بالمنزل المتواضع ذي الاربع غرف او "الاستراحة" واغلقوا بالشمع الاحمر ثلاثة منها، وتركوا غرفة واحدة فقط للاستخدام مع الحمام والمطبخ وحسب التقليد المتبع من قبلهم ومعهم المنشقين، فان احد اهم اساليب التنصيب لقيادة التحالف هي ان يستبق الامن الاريتري المنشقين، فيستلم المستهدف من موجودات التنظيم على قلتها وتواضعها اولا، ثم يستدعي المنشقين ويسلمونها لهم مسجلة في المحاضر، ومختومة بالشمع، امعانا في الدقة والامانة. هكذا فعلوا مع "مكتب التنظيم" او "مكتب رئاسة التحالف"، وكذلك مع مكتب "منظمة امل" المعنية بالاعمال الانسانية وشؤون الاغاثة، ولا ادري اي اغاثة الان بمقدورهم تقديمها والى من، وشباب التحالف ومواطني المناطق المحيطة عن بكرة ابيهم ترفض حتى ان تلتقيهم ناهيك عن الاستماع اليهم يجري كل هذا على مرمى حجر من قيادة التجمع الوطني الديمقراطي. لم يحرك ايا من المتواجدين فيه ساكنا. منظر كئيب وبائس لكيان بهذا الشكل يزعم انه ممثل شعب السوداني وبديله الجاهز لاستلام السلطة، وهو لا يستطيع ان يقول "بغم" لجحافل الامن الاريتري، التي صار همها التنكيل بقيادات وكوادر، عضو مؤسس ومقاتل جبار رمى بكل ثقله في سبيل تعضيده وتقويته منذ نشأ. بل بدأت بعض اطرافه تستعد للتشكيك في الملمات التي المّت به على ان السؤال المهم هنا: الى اي مدى يمكن ان تفلح مجموعة سودانية ايا كانت، اختارت ان تعتمد على بنادق اجنبية لازاحة رفاق هم المؤسسين اصلا، بكل اصناف التنكيل، وفي المنفى، ان تقنع الشعب السوداني انها تعمل من اجل الحرية وحماية الحقوق والديمقراطية والسيادة الوطنية وبقية القائمة الطويلة من القيم التي تلهج بها صباح مساء؟ هذه واحدة من طلاسم بعض المثقفين الذين ابتليت بهم بلادنا المكلومة.

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]