زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2004, 01:47 AM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زهاء الطاهر.....مات في الشارع (Re: أبنوسة)

    زهاء الطاهر .. قصة مدينتين

    حيدر إبراهيم علي
    حظيت بصداقة اناس يملأون النفس بأن الحياة تستحق أن تعاش ، ولكنني احببتهم لاسباب تبدو عجيبة . فمن البداية تخيلتهم خرجوا من بطن قصيدة او رواية او كتاب وليس من بطون امهاتهم . ومن هؤلاء زهاء الطاهر ومحمد محمد خير ومحجوب كبلو والطاهر لبيب وعلي الشيخ . لذلك عند لقائهم يخرجون بك من السأم اليومي الى خيالات واطياف وعطور صرفة ، لذلك كان لابد ان احزن حتى اذوق طعم الرماد حين فجعني غياب زهاء . فقبل ايام قليلة ارسل لي ورقة وداع عنيد ، بدأها بحديث شخصي ثم يقول :
    «.... هذا الطيف اللعين (الجسد) استمرأ خيانتي بروعة فذة ، هاهو القلب يعلو وجيبه ... ولي مقابلة مع احد الاطباء (وهم فيما اسميهم بالمحجامين الجدد والحلاقين والكجرة والسحرة) .. ساقابله وسأستميت كيلا أموت هذا القرن او الذي يليه . (3/3/2004م) .
    لقد مات زهاء في الشارع وهذا عارنا المقيم والندم اليقظ .. فالوطن الذي يموت مبدعوه وشعراؤه وكتابه يثير الفزع والجنون في الاحياء لقد تخلى عنهم الوطن ـ الأم ، فماذا يتبقى من اسم الوطن وأمان الأم ؟ لقد اصبح الوطن وطنين والمدينة مدينتين . وطن المحظوظين الذين يأخذون دون رقيب ، يغرقون في الامتيازات ويستباح المال العام لاسترضائهم . وتجعل منهم الدولة مفكرين ومبدعين ومثقفين وتفتح لهم الصحف والتلفزيون والاذاعات ، ويسافرون الى المهرجانات والندوات مزودين ببدل السفرية خصما على بدل مكافحة الملاريا او اجلاس التلاميذ . ويطفو على سطح الساحة الثقافية المتوسطون والمعوقون ثقافيا والمتملقون ، يتصدرون كل محفل بأوامر الدولة وليس بجاذبية ابداعهم ، صار الابداع المفروض مصدرا للترف والغنى والوجاهة عند البعض ، بينما المبدعون الحقيقيون اكتفوا بوجبة «البوش» الوحيدة في اليوم ويبعدون ثقوب احذيتهم وملابسهم عن عيون الآخرين .
    اغتيل زهاء الطاهر لأن من لم يمت بالسيف مات بغيره وهذا ما قتل زهاء . لقد مات بغيره : الاهمال ، التهميش والاقصاء وفي نفس الوقت يرى ان كل امرئ يحتل في السودان غير مكانه ، لذلك كان يموت كل يوم مرتين ، فلقد عاش في بلد حوله البعض الى الوطن ـ المزرعة فلقد قرر النظام منذ الانقلاب ان يقسم السودانيين الى مواطنين ورعايا وهذه هي قصة مدينتين الجديدة : مدينة اصحاب السلطة ومن والاهم وايدهم مقابل كل بقية الوطن . هذه العلاقة الشاذة كادت ان تكون قاعدة وأمرا واقعا يقبله المواطنون برضى وقناعة . والا ماهو المنطق في أن يموت زهاء في الشارع بينما تصدر الصحف والمجلات بأموال الشعب السوداني ويعين فيها رؤساء تحرير ومديرون ومحررون يقلون كثيرا عن مستوى مهارات ومواهب زهاء ؟ قواعد ومعايير الوطن ـ المزرعة تختلف فالمؤهلات والكفاءات تأتي بعد الولاء والانتماء الحزبي والثقة .
    لا تقتصر هذه الوضعية الاقرب الى التفرقة العنصرية (apar theid) على ميدان الثقافة ولكنها تمتد الى كل مجالات الحياة العامة في السودان . وهذا من اهم اسباب الازمة والتدهور في البلاد . من الممكن لأى قوة سياسية غالبة ، مثل الاسلامويين بعد انقلاب 30 يونيو 1989م ان تحتل الوظائف والمواقع السيادية ولكن وان يقسم الوطن الى مع او ضد ثم يتم تقسيم كل الوظائف والمواقع حسب هذا المعيار مثل ابيض واسود في جنوب افريقيا او اسلاموي وغير اسلاموي في السودان ، فهذا هو الوضع الشاذ والخارج عن قيم المواطنة المتساوية وان يكون الوطن للجميع وليس لفئة معينة ميزتها الوحيدة استخدامها للعنف في الوصول الى السلطة ، في اوائل ايام الانقلاب كان الشيخ حسن الترابي يبرر احتكار الوظائف وابعاد المعارضين تحت دعاوي الصالح العام ، بالمقارنة بالنظام الرئاسي الامريكي وكيف ان الرئيس الجديد المنتخب يغير الطاقم القديم في الادارة ! وكان ينسى ان الرئيس الجديد لا يفصل حتى صغار الموظفين بل هو تغيير مثل التغيير الوزاري يأتي الرئيس بفريق عمل من حزبه لتنفيذ سياسته التي انتخب بسببها ، والمقارنة مغرضة تماما لانها تنسى ان الرئيس الذي يقوم بذلك :منتخب .
    اثار اهمال زهاء وامثاله من المبدعين والمؤهلين شجون الممارسات غير العادلة التي يعيشها الكثيرون في الوطن ـ المزرعة التي يسيطر عليها المحظوظون ، فلو كان زهاء من المؤيدين او المقربين لتم علاجه في الاردن مثلا . وكان من المحتمل الا يمرض اصلا لو وجد الوظيفة اللائقة والاهتمام بكتاباته والتقدير . ففي الدول المتحضرة يعطى لامثال زهاء منح التفرغ ولكن للمفارقة ـ الدولة التي ستصبح عاصمة ثقافية بعد ثمانية اشهر يموت مبدعون في الشارع ولا تنعيهم بكلمة واحدة . ومن المضحك ايضا ، وجود هيئة لرعاية المبدعين لا تصل الا لمن تحب . وبالمناسبة هل رأت هذه الهيئة صورة الروائى المتميز محمود محمد مدني منشورة في احدى الصحف ؟ اخشى ان انسى مهرجان الشباب العربي الافريقي الذي عقد قبل فترة قصيرة : هل يتكرم مسؤول بنشر الميزانية على المواطنين ؟ وهذا ايضا حق في الدول المتحضرة ان يسأل المواطن العادي وقد يكون صاحب كشك او ركشة عن طريقة صرف الاموال التي جمعت منه كضرائب او رسوم او زكاة . ومن الطبيعي ان نسأل في الدولة المؤمنة ولاة الامر كيف ينفقون اموالنا ؟ .
    موت زهاء في الشارع لوحدث في دولة متحضرة لقامت وزارة الثقافة ولم تقعد لان مثل هذا الامر يمس جوهرها كمصدر للخلق والابتكار . تصورت لو كان مالرو وزير الثقافة المعروف في فرنسا او حتى ثروت عكاشة هو المسؤول عن الثقافة ووصل اليه هذا الخبر ماذا كان سيفعل ؟ ترك زهاء زوجة وبنتين في فضاء الاهمال والصمت ، ولا ادري هل وصلهم أي مسؤول للعزاء ؟ يقاس تطور اي بلد ليس بعدد براميل البترول المنتجة او المناطق التي تغطيها خدمات سوداتل ، بل حسب قيمة الانسان عموما فما بالك اذا كان مبدعا . وبالذات في دولة المشروع الحضاري يتوقع المرء أن يكون الاعلى من قدر الانسان هو الانسان لابد من تعديل سلم الاولويات وان يكون الانسان في مكانة عليا تماما.
    لكن لو ارادت واصرت قيادات الدولة ان تجعل منها حكرا مطلقا وان تكرس الوطن ـ المزرعة فهل يصبح هذا الوضع قضاء وقدرا ؟ أين موقف المبدعين غير التابعين ، انفسهم في حالة زهاء ؟ سبق ان كتبت في صحيفة (الحرية) مقالا عن الغابة والصحراء ولم اكن اقصد المدرسة الادبية المعروفة بل علاقات المبدعين والمثقفين السودانيين البينية .. فهم في غابة حقيقية يأكلون لحوم بعضهم احياء ولا يذكرون محاسن رفاقهم الا بعد موتهم تطبيقا للقول المأثور . أما الصحراء فقصدت بها ، نتيجة هذه العلاقة الغريبة لم ينتج المبدعون السودانيون ، مايماثل امكاناتهم التي تهدر في النميمة وقعدات الاغتيالات . ان موت زهاء يعجل من ضرورة تضامن المبدعين والمثقفين في كيانات وهيئات مستقلة عن السلطة ومستقلة عن علاقات التخلف التي تسود بينهم ومن الامور الملحة التي يجب التداعي اليها فكرة تكوين صندوق دعم مستقل للمبدعين يكون ريعه من التبرعات وحقوق التأليف والمعارض والمهرجان .. الخ سبق ان دعا الاخ الفنان حسن موسى لهذه الفكرة قبل فترة ولكن قصرها على التشكيليين فقط والاهم من المساندة المادية لابد من تكاتف معنوي من خلال اتحادات وهيئات تجمع المبدعين لمناقشة ونقد الكتابات والاعمال وايضا للمسامرة فقط اى ازالة آثار الغابة في علاقات المبدعين سيظل طائر زهاء الطاهر حيا يصرخ ويصيح في الجميع والا يعطي ضمائرهم فرصة لغفوة قصيرة اذ يكفي اننا قتلناه رسميون وغير رسميين ، في الشارع العام .
                  

العنوان الكاتب Date
زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة أبنوسة08-17-04, 01:00 AM
  Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة Giwey08-17-04, 11:06 AM
  Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة Adil Osman08-17-04, 12:14 PM
    Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة Ishraga Mustafa08-17-04, 12:30 PM
  Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة الجندرية08-18-04, 01:59 AM
    Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة تراث08-19-04, 02:31 PM
      Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة فى حافة الغياب08-19-04, 09:46 PM
        Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة فى حافة الغياب08-20-04, 08:38 AM
          Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة nadus200008-21-04, 01:02 AM
            Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة أبنوسة08-21-04, 01:06 AM
              Re: زهاء الطاهر.....مات في الشارع أبنوسة08-21-04, 01:47 AM
  Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة Ehab Eltayeb08-21-04, 03:22 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de