|
Re: وداعاً خالد أمرحي (Re: Abdalla Hussain)
|
العزيز عبد الله حسين أتمنى أن تكون كاذباً إلى خالد أم مرحي، أبن أمي الأخرى،... أينما كان زجاج وذكريات وحب أخوي يختتمه رحيلك الـ".. ماذا فلنقل: الذي لا أستطيع وصف تأثيره عليّ" يا خالد.
في أول لقاء لنا شتاء العام 1988، ونحن "برالمة"، ندرب أقدامنا وندوزن إيقاع خطواتنا، وحياتنا، على المغرب، وعوالمها، وشوارعها، كان بيننا زجاج مقهى التيرمينوس. ربما لمحتني أولاً، أو لمحتك أنا، وتثاقلت بسخف أبناء أطراف مدن العالم الثالث، عن الترحيب بك، ودعوتك إلى الدخول، فركضت أنت – الذي لم تتلوث، ولم تلتاث بالسخف إياه - إلى داخل المقهى لتهزم عزلتي وتقدم لي نفسك، وتهديني إحدى أجمل صداقات العمر، الذي يتبخر كماء على كف الصّهد. "أنطقها بتضعيف الصاد كي تبدو أقرب للهدرة، التي تحبها ولم تنجح في إتقانها أبداً يا عزيزي"!
وبالقرب من التيرمينوس، لمحت كفك عبر زجاج البص، الذاهب بي إلى مطار الدار البيضاء، ذات صباح صيفي في 1992، وهي تؤشر لي مودعة، مع بعض الأصدقاء.
.. وبينهما أيام وذكريات بين الرباط ومراكش، أم مرحي والصحافة غرب...
أذكر، كما لو أنه مساء اليوم السابق، كيف كنت، بحنان أم رؤوم، تحرص على الاهتمام بالآخرين، خاصة بعد أن يشربوا "السم الهاري"، ويرتموا على الأسرِّة كيفما أتفق. تحرص على وضع الأغطية عليهم، وقيادة "بعضهم" إلى الحمام - لعلك تقهقه، وأنت تقرأ "بعضهم" هذه! كنت أستغرب صبرك عليهم. أنت، الذي لم تغرك الصهباء، أيام المغرب، إذ لم تحتج يوماً لـ"فرح معبأ في زجاج"، بل كنت تفيض فرحاً، وحبوراً.
وما من "حنشور" ينسى علاقاتك المتميزة مع الصبايا الجميلات، وقدرتك الفذة على إضحاكهن، منفذاً ما قاله روائي لا أذكر أسمه الآن، بأن أسهل الطرق للوصول إلى قلب النساء هو إضحاكهن. كنا نستغرب سرعة خلقك لعلاقات عجيبة معهن، وتغلغلك في مجتمعهن، وأسرارهن، ويحسدك الكثيرين منا على ذلك. للأمانة لم أكن من حسادك، لسبب وحيد: لم أتمكن من حمل أي مشاعر سلبية تجاهك. عرفت لاحقاً أنك توأم لبنت، وكان ذلك تبريرك لعمق علاقاتك "المريبة" مع بنات حواء.
.. وطبعاً لا أنسى المقالب التي كنا نجيد توريط بعضنا وبقية الأصدقاء فيها. هل تذكر "sai island" و"الكمثرى" وغيرها وغيرها من المقالب، والحكايات، وأمسيات المدائح، وأغنيات الحقيبة، والمنافي التي وزعتنا بين ألوان الخريطة.
. تُرى هل فكرت في الانتقام من مقلب "sai island"، يا "أب قلباً أبيض من جليد البلاد، التي حلمت بها كثيراً؟
كنت تبحث عن بلاد ما ترحل إليها بعد تخرجنا، وعزمت أنا على العودة إلى السودان، رغم الرغم نفسه. كنت تبحث عن المستقبل، وأحن إلى الأمس، الذي عدت إليه فلم أجده، فكان الهروب إلى مرافئ الخليج.
قابلتك سفارات "منافي الحلم"، برفض متواصل، فما كان مني – برغبة لئيمة لتوريطك في "مقلب فنان للغاية"- إلا أن قلت لك: لماذا لا تقدم لتأشيرة "صاي آيلاند"؟ مؤكداً معرفتي بشخص يعمل في سفارتها، فأعددت أوراقك، بعد أن أخبرتك بأنها تقع بالقرب من خليج المكسيك. طبعاً أبلغت كل "السفلة الأوغاد" بذلك، وبدأنا نعد العِدة، ليوم "التجريسة". أم مرحي فوق جبلنا وأصل الإكسير معدنّا
يا ليلى ليلك جنّا هكذا كنت تمدح بصوت أراهن إن كان هناك من ينافسه في ساحات الغناء حالياً، وتردد أمواج المحيط الأطلسي مدائحك بينما نتسامر على ساحله في الرباط، صيف 1992.
ولكزني، أمير الطويل(تُرى كيف أبلغه في ليلنا هذا بنبأ رحيلك؟) فقلت لك: ما جهزت أوراقك لسه؟ وبسرعة أجبت: يا أخي ما تجهجهنا أنت "صاي آيلاند" دي جننتنا بيها ساكت، بالله ممكن ندخل أميركا منها، ولا كلام ساكت؟ ولم نتمالك أنفسنا من ضحك استمر طيلة تلك الليلة، وما بعدها لأيام، وما زلت أغالب دموع الضحك، إذ أتذكر ردة فعلك عندما عرفت أن أهالي "صاي آيلاند" لم تصلهم الكهرباء حتى تلك الفترة، وأن جزيرة صاي، الهادئة الوادعة، التي تضم مجموعة من أبرز آثار السودان، وخرج منها خليل فرح وجيلي عبد الرحمن، ما تزال مجهولة في خريطة السودان!
قل لي يا أم مرحي، إن عبد الله حسين كذب، ولو لمرة واحدة في حياته، وأنك ما تزال حياً ترزق، وتنشر فرحك في ربوع برشلونة، إحدى أجمل مدن الأرض.
ما في القلب مكان لأحزان إضافية يا أبن أمي الأخرى.
ما زلت أحاول إدراك رحيل عادل أحمد يوسف، وأطرد يومياً عن ذهني فكرة أن أعود إلى السودان، ولا أقابل "فرتقة" الجميل ليقدم لي "موجزاً" بأخبار النقابات كلها، وستات الكسرة والشاي والأهل والأصدقاء. مبتسماً ومتفائلاً ومتحمساً إلى أقصى درجة فتلك عادته الأثيرة، التي لم يتحملها قلبه.
قل لي إنك لم تذهب إلى "حيث لم يعد أحد"، وأن مجد الدين جبورة، ابن الصافية وبربر والرباط، ليس هناك أيضاً. هل تذكر كيف كان ذلك النبيل الأرستقراطي الخارج من الأساطير، يقابل الجميع كما لو أنهم أهل طرقوا باب منزله ليلاً. كان يخيل لي أنني أخاه الأصغر. كان ممن يعشقهم "عزرائيل".. كان "زول موت" مثلك و"فرتقة"، فلماذا تسربتم إلى روحي هكذا، وأنتم تعرفون أنكم ترحلون سريعاً!
ولماذا ترحلون فحياتكم كلها "أيام شكر"، يلهج به لسان كل من يعرفكم؟! إيهاب خيري
12 أغسطس 2004
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
وداعاً خالد أمرحي | Abdalla Hussain | 08-10-04, 09:16 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | الجندرية | 08-10-04, 10:32 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Nagat Mohamed Ali | 08-10-04, 11:24 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | omer almahi | 08-10-04, 11:37 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Al-Masafaa | 08-10-04, 11:42 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | tabaldy | 08-10-04, 11:48 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | ميادة | 08-11-04, 00:03 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | saif massad ali | 08-11-04, 02:01 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | معتصم دفع الله | 08-11-04, 02:16 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | السمندل | 08-11-04, 02:17 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Abdalla Hussain | 08-11-04, 10:50 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | تولوس | 08-11-04, 05:24 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Elmosley | 08-11-04, 11:20 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالله | 08-11-04, 11:26 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | حبيب نورة | 08-12-04, 03:05 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالماجد فرح يوسف | 08-12-04, 05:38 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Abdel Aati | 08-12-04, 06:25 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Abdalla Hussain | 08-12-04, 12:30 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | فايز السليك | 08-12-04, 01:29 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | محمد عبدالرحمن | 08-16-04, 12:43 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | فايز السليك | 08-16-04, 01:59 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | NAZIM IBRAHIM ALI | 08-16-04, 03:24 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Abdalla Hussain | 08-19-04, 02:44 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | Abdalla Hussain | 08-19-04, 02:44 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالله وداعه الامين | 08-23-04, 03:23 PM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالماجد فرح يوسف | 08-24-04, 09:29 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالله وداعه الامين | 09-01-04, 08:55 AM |
Re: وداعاً خالد أمرحي | عبدالماجد فرح يوسف | 10-09-04, 08:42 AM |
|
|
|