على الرغم من اختلاف توجهاتنا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلادنا ، الا أنني اراك متزنا ورصينا، من حيث الطرح ، في كثير من الاحيان التي اطالعك فيها ، حتى مع من يمكن ان تعتبره خصما لك في وقت من الاوقات .. ولذلك .. اسمح لي بأن ألفت نظرك الى قضية أجدها من جانبي غاية في الأهمية ومفادها هو هذا التساؤل الجوهري والمخلص :
ما الذي يدفع مفكرا وطنيا ليبراليا علمانيا يساريا بارزا مثل الحاج وراق الى اسداء النصح الى نظام الانقاذ واضاءة الطريق بالنسبة اليه حتى لا يسقط ؟
لماذا ينبهه الى مواطن الزلل ويقدم له النصائح المخلصة والشجاعة والمفيدة؟ اليس هذا نوعا من الدفاع العملي عن الحكومة ؟ هل لديه مصلحة - كما قد تظن - في استمرار هذا النظام ؟ هذا هو أهم ما ينبغي ان ننقاشه هنا بروية واحترام لبعضنا . من ناحيتي سأجيب فورا بنعم! . للحاج وراق مصلحة ، ولي ولك وللبورداب وفي مقدمتهم دعاة السودان الجديد. وللوطن برمته مصلحة حقيقية في سير هذا النظام حتى آخر الشوط بسلام واطمئنان الى ان يحدث التحول السلمي والديمقراطي بسلاسة وبدون خسائر لا داعي لها طالما ان الأمور تسير نحو الافضل سيرا حثيثا. فاستحقاقات نيفاشا اضحت قيد انملة ، وكثير من التزامات انجاز ذلك بيد هذا النظام الذي ساهم في صياغة مشروع السلام مع قرنق على سبيل الشراكة الوطنية الجادة ، وبالتالي فهو الأكثر أهلية ( الآن ) لتحقيق هذا الحلم الوطني المزمن ! . ان نسف الانقاذ في الوقت الراهن يعني القفز بمستقبلنا ( جميعا كشعب وكتنظيمات وكأقاليم ) مجددا نحو الظلام. كما ان تجربة تغيير نظام الحكم بواسطة رافعة امبريالية قد آتت أكلها زقوما كما في العراق .. ولذلك فان المراهنين على هكذا حل ، انما هم مغامرون متهورون ، يجنحون الى خيار شمشون كما قال المفكر الكبير الحاج وراق متوجها بالحديث الى النظام نفسه. كلام وراق هو كلام العقلاء والمخلصين الى الوطن والمواطن بغض النظر عن اختلاف التوجهات. فهل تشاطرني المذهب أخي حنين ؟
ان معظم مقالاتي التي رفعتها مؤخرا والتي يشتم منها انحيازا الى جانب النظام ، تصب في الاتجاه ذاته ، أعني : الدفاع عن السلام والوطن من خلال مناهضة واضعي العصي في الدواليب . نظام الانقاذ يجب ان يستمر ( يا اخوانا ) لثلاث سنوات أخرى على الأقل ، هذه فقط مصلحة الوطن ، وغيرها مجازفة وعبث بحق شعبنا في الحياة بكرامة وأمان. وفوق ذلك ( أقصد فوق رأي وراق ) فانني اقرر من جانبي ، ولنفسي ، موقفا آخر اضافيا وهو التحذير من المساس بهوية السودان ( الأفروعربية الاسلامية / نموذج سنار ) . أما لماذا افعل ذلك ؟ فلأن الهوية هي بالضبط عظم ظهر وحارسة وحدة أي شعب من شعوب العالم، وبدون الهويةالثقافية المركزية المشتركة فلا تناغم ولا استقرار لأي شعب من الشعوب ( وهكذا حال كل شعوب الدنيابالمناسبة )، ومن يعبث بالهوية أو يحاول اختراقها وهدمها- بدعوى اعادة صياغتها كما يروق له - فانما يتلاعب بالوحدة الوطنية فورا وبالضرورة. والهوية شئ يصنعه التاريخ عبر تراكم القيم المشتركة ، وليست شيئا يصنع بقرار سياسي وثوري وفوري .
اذاً فيجب علينا - بهذا المعنى - أن ندافع، تكتيكيا ، عن نظام الانقاذ حتى ينفذ اتفاقات نيفاشا، وحتى يتحمل مسؤولياته التاريخية ازاء الدفاع عن هويتنا السنارية في هذه المرحلة الدقيقة التي تحتاج الى عقلاء وليس الى ثوار رومانسيين. وشعاري الخاص يا صديقي هو: ان الوطن أكثر جدية من أن نتركه للسياسيين ! . لك محبتي وارجو ان اجد عندك تفهما يتجاوز التباسات آخرين التقيت بهم وكلهم غضب. --------------- رب اشرح لي صدري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة