أجيبوني أيها الأخوه (الغير متشددين) عن هذا السؤال...

Quote: أما اذا قلنا بقولك فتلك محدوديه للخالق لأن الرب تعالي علوا كبيرا من أن يكون مبرمج الأسباب ببرنامج واحد, بالعكس كل الأحتمالات للأربعه طرق المسلوكه وزياده عليها بحياه أو موت أو بتكسر بعض من عظام جسمه يعلمها الله اذا حدثت كيف كانت تكون وهي مقدره ومعلومه لديه.

ولكن التوحيد يقول غير قولك هذا يا محمد آدم.. اقرأ قول الله سبحانه وتعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير".. فهناك سابقة في علم الله، نحن لا نعلمها، وطالما أن هذه السابقة أو "الحدث المعين" لم يحدث بعد فإن هناك فرصة لنقول بأن هناك احتمالات عديدة للنتيجة النهائية لسلسلة معينة من الأحداث.. ولنعد لمثالك الذي ضربته.. قبل أن يخرج ذلك الرجل من منزله إلى السوق هناك احتمالات، ولكننا لا نعرفها، ولذلك نقول: يجوز أن يحدث له حادث في أي طريق أو لا يحدث له أي حادث.. أما إذا وقع الحادث فإن السابقة تكون قد انكشفت ولا يجوز أن نقول أي "لو" ولا "إذا" بعد ذلك.. وحديث النبي عليه السلام لابن عباس يوضح هذا الأمر بدون لبس ولا غموض: " يا بني احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنه إذا أصابك شئ لم يكن ليخطئك، وإن أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك".. وهناك حديث آخر يفيد التسيير أيضا وهو قول النبي عليه السلام: "من آمن فقد آمن بقضاء وقدر، ومن كفر فقد كفر بقضاء وقدر.. رُفعت الأقلام وجفت الصحف.. قيل: وفيم التعب إذن يا رسول الله؟ قال: اعملوا كلُّ ميسّر لما خُلق له.."
وهناك أمر دقيق توجبه المعرفة بالله وهو أن الفاعل هو الله، وليست الأسباب، وسأضرب مثلا للتوضيح.. العلم المادي يقول أن النار تحرق، فالنار هي سبب الحريق.. ولكن التوحيد يقول غير ذلك.. التوحيد يقول أن النار لا تحرق إلا إذا أمرها الله بذلك.. والقرآن لا يحوجنا إلى كثير بحث، فهو يقول لنا في قصة سيدنا إبراهيم: "قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم" فقطعت النار الحبال التي كان موثوقا بها، ولم تصبه بأي شئ.. وهنا تجيء القصة التي تقول بأن الملاك ظهر له بعد أن تم قذفه بالمنجنيق نحو النار التي أعدها له النمرود فقال له: ألك حاجة؟ فأجابه سيدنا إبراهيم: أما إليك فلا.. فقال: فإلى الله.. قال: علمه بحالي يغنيه عن سؤالي.. وبهذا التوكل والثقة فيما عند الله أمر الله النار ألا تحرقه.. بهذا السموق صار تأهل سيدنا إبراهيم لدور أبي الأنبياء بما فيهم نبينا عليه الصلاة والسلام.. وهناك قصة سيدنا يونس "ذو النون" الذي ابتلعه الحوت فغيبه في جوفه ليخرج منه بعد ذلك ويتم إرساله إلى مائة ألف أو يزيدون وقال عنه تعالى: "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون"..
والعلم المادي والماديين ينكرون البعث بعد الموت وقد حكى عنهم القرآن: وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (3 "النحل"
ولكن القرآن يقول بالبعث.. [قال تعالى: (لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ..)، ولقد قال في وصف حالة ما قبل هذا البعث: (ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان، عن اليمين، وعن الشمال، قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد * وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ في الصور، ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس، معها سائق، وشهيد * لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد) .. وعن حالة الغفلة التي يكون منها البعث قال المعصوم: (الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا) ..] النص بين القوسين الكبيرين من كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" للأستاذ محمود محمد طه.. وأحب أن ألفت نظر القراء إلى مفهوم البعث الذي تحدث عنه الأستاذ محمود هنا.. فإن الآية التي أوردها في أمر البعث، "لقد كنت في غفلة.. الآية.." يوردها المسلمون عادة في أمر الموت، فتأمل!! ويستطرد الأستاذ قائلا: فالبعث هو تيقظ الفكر، واستيفاز الشعور، بعد أن يكون النوم، أو الموت، أو الجهل .. قد أرخى عليهما أستار التبلد، والإنحلال ..
وهنا ألفت النظر إلى أن الأستاذ محمود في يوم الثامن عشر من يناير قد تحقق بمستوى هذا البعث مما مكنه من رؤية الأمر ببصر حديد ومواجهتها بتصميم عجيب، فعاش قول الله تعالى: "ما زاغ البصر وما طغى"، وتلك آية، لمن يرى..

Quote: وقرأت للأستاذ محمود قرائه متواضعه وأمل أن أجد له الأجابه من الذين يؤمنون بالفكر الجمهوري

وأهنئك على ثقتك الغالية فيما كتبه الأستاذ محمود، وأنصحك بمزيد من القراءة المتأنية لكتبه.. أما كتابتي فلا تعدو أن تكون مجرد لفت نظر، ومحاولة لشرح ما أستطيع شرحه.. وأسأل الله أن يزيدني ويزيدك..

ياسر