|
|
 د‚ حيدر بدوي صادق : الفكر الجمهوري يقود مشروع السودان الجديد (Re: wadalzain)
|
ودالزين لك كل التحايا، ولتعميم الفائدة والتوثيق أدناه المقال نقلا عن جريدة الوطن القطرية
============
د‚ حيدر بدوي صادق : الفكر الجمهوري يقود مشروع السودان الجديد
ذهب الأخ الكريم ابو بكر القاضي في مقاله الأول الى انه يريد اثبات ان الفكرة الجمهورية جزء لا يتجزأ من المشروع «الاسلاموعروبي الاستعلائي»‚ الذي فشل في تقديم حلول عملية لمشاكل السودان الوطن‚ وتمادى ليقول بأن الفكرة الجمهورية كانت معنية بـ «الإسلام» الدين وليس بالسودان الوطن‚ فهو هنا كأنه اراد‚ من حيث يريد او لا يريد‚ ان يقول بأن الاسلام دين عروبي استعلائي‚ وهذه حجة يسوقها الكثير ممن لم يفهموا الفكرة الجمهورية‚ ولكن ان تصدر من شخص ظننا انه التزم الفكرة الجمهورية - ودعا لها‚ لما يقارب العقد من الزمان - فهذا امر جد مؤسف‚ لا يبرره الا «الغرض» الصراح‚ او المستتر!‚
فقد كان حريا بأبي بكر ان يتذكر بأن المنشور الفذ الاوحد - الذي بنت عليه محكمة المهلاوي المهزلة حكمها - بشكل لا غموض فيه‚ عن الاسلام والسودان الوطن بصورة‚ لم تنفصل فيها الدعوة للاسلام‚ عن الدفاع عن الوطن‚ وقد كان ذلك المنشور‚ وسيظل‚ مرجعا في تلخيص الحقوق الدستورية للمواطنين السودانيين‚ شماليين وجنوبيين‚ بصورة معجزة‚ ولا يغيب عن القارئ الحصيف لذلك المنشور الفذ‚ انه ناقش ظاهرة الهوس الديني‚ وقضية جنوب السودان‚ واوجز لهما أسباباً ووسائل ومخارج الحلول‚ فلم يرعو مشروع الهوس‚ فكان الطوفان‚ وقد عنونه الاستاذ محمود بعنوان «هذا‚ أو الطوفان!» فكان الطوفان الذي ما زال ابو بكر يخوض في اطيانه الوحلة‚ بتخبط مزر!‚
ورد في مستهل ذلك المنشور الفذ ما يشير الى اننا نثور على السلطة الدينية الغاشمة آنذاك لأجل غايتين شريفتين هما «الاسلام والسودان» وقفنا‚ نحن الجمهوريين‚ «حياتنا فداء لهما»‚ وكان حريا بأبي بكر وهو يكتب عنا وعن فكرتنا ان يتذكر ذلك‚ وان لم يذكره‚ خاصة وانه يقول بأنه لم يعد جمهوريا‚ بصورة علنية‚ لأول مرة في تاريخه الشخصي المثير لشفقة الاصدقاء‚ وتهكم الاعداء‚ الذين اشتروه‚ ثم باعهم‚ فباعوه‚ ولو تذكر ابو بكر محتوى ذلك المنشور‚ ولو تذكر تآمر المتآمرين‚ الذين خدمهم ابو بكر ربما ارعوى‚ وربما كللته الامانة الفكرية‚ التي غابت عن مقالتيه المتطاولتين على الاستاذ محمود محمد طه‚ وعلى ميراث السودان‚ الفكري والمواقفي‚ «الوطني» منه‚ وهنا أطلب من قرائي الكرام ان يقارنوا بين الامانة الفكرية لأبي بكر القاضي‚ والامانة الفكرية للدكتور ابراهيم كرسني‚ وهو شخص لم يكن «جمهوريا» بالمعنى الحرفي للكلمة‚ وإن كان يكن للاستاذ محمود وللجمهوريين ولفكرتهم احتراما لا تحده الحدود‚ د‚ كرسني يقول عن الجمهوريين الآن:
ما على القوى الديمقراطية المستنيرة سوى ان تشمر عن سواعد الجد لخوض هذه المعركة حتى تتمكن من الحاق الهزيمة الماحقة بكل القوى الداعية الى قيام الدولة الدينية في جميع اوجه الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي والقانوني وحتى الديني‚ واخص هنا الاخوة الافاضل الجمهوريين واحثهم لأخذ زمام المبادرة لمواصلة معركتهم الفكرية ضد تلك القوى اعتقادا مني بأنهم الفئة الوحيدة القادرة على تعرية تلك الفئات فكريا وتجريدها من جميع اسلحتها الفكرية الصدئة التي تستغلها لقهر وإذلال الشعب السوداني‚
يقول كرسني بذلك في اطار تمجيده لكل القوى الوطنية التي ساهمت في اثراء مشروع الاستنارة «الوطني» في السودان الوطن‚ وذلك في مقال نشر في جريدة «سودانيل» الالكترونية يعالج مشروع «التجمع الوطني المعارض» الذي ولد يوم ميلاد الاستاذ محمود‚ في يوم استشهاده‚ في 18 يناير 1985‚ ذلك التجمع‚ المشتعل اصالة ووطنية سودانية‚ بفعل مباشر من موقف الاستاذ‚ هو الذي اثمر الانتفاضة التي قضت على نظام نميري‚ وهنا‚ ودون اي مبالغة‚ استطيع ان اقول إن الاستاذ محمود هو الذي اثمر تلك الانتفاضة بموقفه‚ النابع من صميم فكرته‚
نعم‚ في يوم الميلاد ذاك‚ ولد مشروع جديد مناهض لمشروع السودان «العروبي» القديم‚ مشروع السودان الجديد يوم الاستشهاد - الميلاد! ويريد أبو بكر ألا يرى بأن الاستاذ محمود هو الذي قاد‚ وما زال يقود‚ ذلك المشروع‚ بفكرته «الجمهورية» الفذة‚ وهذه فكرة وطنية من النسق الاعلى تجسدت فيها قيم الحرية الفردية المطلقة بالابتسام الراضي امام الموت لأجل الاسلام ولأجل «السودان - الوطن»‚ وكان الاستاذ محمود بذلك‚ في حقيقة الامر‚ يواجه المشروع العروبي - المتهوس الذي وقع في احضانه اخي‚ المأسوف على امانته الفكرية‚ ابو بكر القاضي‚ وكان وقتها‚ وفي تحايله المألوف‚ يسمي مشروع الهوس نفسه بالمؤتمر «العربي» الاسلامي الشعبي‚ او شيئا من هذا القبيل‚
هل عرف الناس عدم وفاء‚ وخيانة فكرية‚ اكبر من تلك التي يتورط فيها ابو بكر‚ وهو يقول بأن الجمهوريين انشغلوا بالاسلام - العروبي‚ في ظنه البائس؟ وقد جادلته كثيرا حول هذه النقطة‚ في منزله العامر‚ هل يقول عاقل‚ بعد تجربة الاستاذ محمود النضرة تلك‚ وتجربة الجمهوريين‚ على علاتها‚ بأننا ننشغل بالعروبة - العنصرية اكثر من انشغالنا بالسودان الوطن؟
لقد باع ابو بكر ضميره لنظام «الجبهة» بأن أصبح هو المتحدث باسمه وباسم الجالية السودانية - الخادمة له في الدوحة - لسنوات طويلة‚ سعدت بأن قضيت عاما دراسيا كاملا منها في رحاب جامعة قطر حيث كنت ادرس‚ ولم انقطع عن زيارة اخي ابو بكر المتصلة‚ على الرغم من تهوسه‚
فقد كنت كثير الزيارة له في منزله العامر بفيوضات كرم سوداني اصيل‚ وكان كثير الاحتفاء بي‚ كعادته في الاحتفاء بأحبابه‚ وبكل ضيوفه‚ كان عزيزي ابو بكر وقتها صريعا لظاهرة الهوس الديني‚ في المخبر والمظهر‚ التحى مع الملتحين‚ وتدافع مثلما يتدافع المتهوسون لمقاعد السلطة‚ فلم ينل منها غير منصب رئيس الجالية السودانية بقطر‚ ولأنه‚ فيما يبدو‚ أظهر لجماعة الهوس توبة‚ ظنها نصوحا‚ من الفكرة الجمهورية‚ احتفى المهووسون به غاية الاحتفاء‚ يستقبل ضيوفهم في منزله‚ بمن فيهم جنرالات في الجيش «العروبي» الذي كان يمارس التقتيل بلا وازع‚ ويشارك في كافة احتفالاتهم‚ ويتخذ من السفارة السودانية مقرا لأعمال الجالية‚ متى شاء‚
وإني اذكر تماما تفاصيل نقاش حار‚ وطويل‚ دار في مزل القاضي‚ بيني وبين واحد من جنرالات نظام الجبهة شهد‚ بعينه الشحمية‚ مقتل الأخ بولاد‚ والاخ بولاد لمن لا يعرفونه‚ هو رئيس أسبق لاتحاد طلبة جامعة الخرطوم‚ وكان من رموز الحركة التي سمت نفسها اسلامية‚ وهي اكثر ما تكون شوفينية - عروبية‚ متدثرة بالاسلام‚ وبعد ان اكتشف صديق يحيى بولاد عنصرية ذلك المشروع العروبي ترك مشروع الهوس‚ وانضم الى «الحركة الشعبية» بهذا أصبح بولاد منحازا للقوى الجديدة‚ في حين قرار ابو بكر‚ من طوعه‚ بأن يترك مشروع السودان الجديد‚ الممثل في الفكرة الجمهورية‚ في موقف مناقض لما يدعيه ابو بكر الآن!
كان الرجل‚ الجنرال‚ القاتل‚ ضيف أبي بكر في المنزل‚ يبرر لقتل بولاد بصورة مؤسفة‚ ويبرر كيف ان الطيب «سيخة» قتله‚ نعم‚ كان هذا الرجل‚ القاتل‚ الذي يبرر للقتلة‚ ضيفا في بيت اخينا الكريم ابو بكر القاضي‚ ولعدة ايام‚ ان لم يكن اكثر‚ في تلك الفترة كانت كثير من الدول العربية ما زالت مبهورة بالترابي‚ وبدولة الترابي العروبية - الاسلامية‚ كما كان ابو بكر!‚
إن ظاهرة الهوس‚ ووليدها الارهاب ظاهرة متحايلة تتستر بأستار الكعبة‚ وهي لا تريد من الكعبة الا ستارا لسوءاتها التي لا يحصيها محص‚ اما ما تمثله الكعبة من تفكيك للعصبية‚ فهي غير معنية به‚ بل أكثر من ذلك فإن ظاهرة الهوس الديني‚ المتحايلة‚ تستغل النسق الاخلاقي الذي يمثله الاسلام ابشع استغلال‚ ثم لا نرى منها غير التعصب والعصبية المفرطة‚ هذه العصبية مهلكة للزرع والضرع كما دلت تجربة حكومة السودان‚ المتهوسة‚ التي دعمها ابو بكر رسميا‚ وشعبيا‚ وهي الداعمة رسميا وشعبيا لأسامة بن لادن‚ واشياعه‚ ولمشروعه المهلك لسنوات طوال‚ كان فيها ابو بكر القاضي نصيرا لمشروع الهوس‚ في المظهر والمخبر!
هناك نقاط كثيرة هامة لم أفصل فيها في هذا المقال‚ منها مثلا كيف ان مشروع الفكرة الجمهورية نفسه ولد في سياق مقاومة المستعمر‚ كما لم تعرف المقاومة في السودان‚ في تلك الحقبة‚ من قبل‚ وهو بهذا مشروع وطني من النسق الاعلى‚ كما سلفت بذلك الاشارة‚ ومن هذه النقاط ايضا كيف ان الفكرة الجمهورية‚ في صلبها‚ هي الاسلام عائدا من جديد‚ ليفكك دولة الهوس الديني‚ في السودان‚ وفي العالم بأسره‚ ليفكك كل اشكال العنصرية والجبروت‚ وهناك نقاط اخرى‚ لا تفوت على حصافة القارئ الكريم‚ لم نعطها الوزن اللائق بها‚ لا لأنها غير هامة‚ بل بالعكس فهي هامة للغاية وتهمنا في الاساس أكثر مما يهمنا موضوع هذا المقال‚ ولكن هذا السياق يتطلب ان نعري المثقف السوداني‚ غير الامين ممثلا في صديقي العزيز ابو بكر القاضي اخي المفتون بالكتابة القلقة المتهوسة دون أسس علمية‚
يا عزيزي ابو بكر لن يخدعنا مشروع الهوس في اهابك الفكري المتخبط بين هوس وهوس‚ التعصب هو طابعهما!! لن نرضى للهوس ان يأتينا من خلال من نحب بعد ان رأيناه يأتينا ممن نحبهم فلم يوسعونا الا كرها‚ وتآمرا‚ وتقتيلا‚ وتشريدا‚ وإفكا على إفك‚ ولأني أربأ بك ان تكون من أهل الإفك فإني اقسو عليك ههنا‚ وسأقسو عليك في مقالي القادم كذلك‚ ولتعلم بأنني لم ابث‚ ولن أبث‚ مما أعرفه عنك‚ وعن بيعك لضميرك‚ إلا القليل‚ الذي أشعر بأن مقالاتي لن تستقيم بغيره‚ وما ذاك الا مراعاة لعيش وملح بيننا‚ ولكن من يخون العيش والملح‚ لا يبقى له غير القلم - الحسام - المبضع شافيا‚
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
nadus2000
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست