مذبحة البرلمان السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 04:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-10-2004, 03:32 AM

Zoal Wahid

تاريخ التسجيل: 10-06-2002
مجموع المشاركات: 5355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مذبحة البرلمان السوداني

    نقلا عن سودانايل

    Last Update 08 July, 2004 03:05:39 PM

    مذبحة البرلمان السوداني
    عبدالرحمن حسين دوسة/أبوظبي [email protected]

    ألم الإنسان مع مهنته يبدأ لحظة اكتشافه زيف وعيه الذي اكتسبه بمدرجات الجامعة في مقابل ما هو مضطر لممارسته أو مشاهدته على أرض الواقع خاصة عندما يكون القانون هو محل فعل ذلك الوعي الزائف. ثم تسمو مرارة الألم إلى أفاق أكثر ارتفاعاً- إن جاز التعبير – حينما تقف عاجزاُ عن التأثير في الأوضاع أو المشاركة في تصحيحها لا لأنك جاهل أو غير راغب ولكن لأن عبارة القانون هي أسوء كلمة يسمعها سياسي على سدة الحكم.

    من المبادئ القانونية الخالدة التي جرى تلقيننا من قبل أستاذ القانون الدستوري البروفيسور ساليكوس في منتصف سبعينات القرن الماضي مبدأ سيادة حكم القانون Rule of Law ومبدأ سمو البرلمان Supremacy of Parliament وذلك من بين جملة من المبادئ والقيم والأعراف الدستورية التي استقرت عليها البشرية خلال نضالها التاريخي الضارب في عمق التاريخ.

    المبدأ الأول Rule of Law يعني فيما يعني ثلاث قيم هي: حقوق الأفراد تقرر بواسطة قواعد قانونية موضوعية لا عن طريق الأهواء التعسفية للحكام، لا عقوبة ما لم تقرر محكمة مختصة بأن هناك انتهاك للقانون، وأخيراً كل فرد وبغض النظر عن مكانته في المجتمع يخضع لأحكام القانون وفي هذا السياق قال اللورد براكتون L. J. Bracton وهو أحد أشهر القضاة الإنجليز في القرن الثالث عشر:

    “ The King himself ought not be subject to man but subject to Law, because the Law makes him the King”

    في معرض شرحه للمبدأ الثاني – وهو موضوع تركيزنا – خلص الدكتور اكوالدا مان تير – الذي كان معيداً وقتذاك – إلى أن سمو البرلمان يعني باختصار أن بوسع البرلمان فعل أي شيء عدا بعث ناس القبور وإيقافهم في طابور، وبالطبع فإن الدلالات الرمزية وبلاغة الكناية هنا لا تخفيان على فطنة القارئ.

    أهمية هذا المبدأ تكمن في ارتباطه الوثيق بنظريات السيادة والإرادة الشعبية والعقد الاجتماعي ومنظومة الحريات الأساسية والحقوق المدنية والواجبات، أما قيمته العملية فيتمثل في انفراد البرلمان دون غيره بمهام التشريعات الأصيلة في أي مجال أو حسبما قال الفقيه الدستوري J. Dicey :

    “Parliament can pass laws on any topic affecting any persons, and that there are no fundamental laws which Parliament cannot amend or repeal…… it has the right to make or unmake any law whatsoever”

    و الأمر الثاني أنه ما من أحد أو جهة تستطيع أو تملك الحق في تجاوز أو تعديل قانون أصدره أو أقره البرلمان:

    “No person or body is recognized by Law as having the right to override or set aside the legislation of Parliament”

    ثالث الملامح أن المحاكم غير مخولة بالنظر في قانونية تشريعات البرلمان لأن البرلمان سامي وتشريعاته سامية وهو روح الشعب وإرادة الأمة وبالتالي لا يتوقع منه ولا يمكنه إصدار قوانين مخالفة للقانون:

    “An Act of the legislature is superior to any court of law …. The Parliament is supreme and there is no power in the courts to question the validity of an Act of Parliament …. Parliament Laws cannot be unlawful”

    وتأتي الحصانات Parliamentary Privileges من ضمن أهم الملامح وخصوصاً الحصانة من القبض. يجب الإشارة هنا أن الغاية من هذه الحصانات هي المحافظة على هيبة وكرامة و وقار البرلمان وضمان أداء مهمته ورسالته السامية في أجواء معافية إذ أنها أوجدت لمصلحة البرلمان كهيئة أكثر مما هي للعضو كفرد وتعود تاريخها إلى عهد الملك البريطاني هنري الثالث Henry III

    “Privileges are the sum of the peculiar rights enjoyed by members of Parliament, without which they could not discharge their functions which exceeds ordinary rights of individuals”

    هذه المقدمة المقتضبة اقتضتها ضرورات القفز لموضوعنا وهو ببساطة المفارقة بين هذا التنظير المجرد للمبادئ القانونية التي درسناها بالجامعة وما نشاهده من واقع ممارس في حياتنا البرلمانية، ولنتخذ قضية النائب البرلماني علي حسين دوسة نموذجاً بعيداّ عن استصحاب أو استحضار العلاقة الأسرية.

    هذا العضو تم انتخابه بالمجلس الوطني لدورة ثانية متتالية عن الدائرة 78 الجغرافية – مدينة نيالا – وقد أحرز ثالث أعلى أصوات على نطاق السودان.

    في ليلة 15/3/2004 وبينما كان يتناول طعام العشاء بمنزله الكائن بحي المطار مع مجموعة من طلاب دائرته وطبيب بيطري ومعظمهم من المعارف والأقرباء، هجمت قوة من رجال الأمن وقامت بتفتيش الدار بدقة واقتياده مخفوراً من دون أن تتاح له فرصة الحديث حتى مع زوجته.

    في اليوم التالي جرى تفتيش منزل أسرته واعتقال أخته المحاضرة بجامعة نيالا والتي أطلق سراحها لاحقاً بعد مصادرة أثاث ومعدات مكتبها.

    حل ضيفا ثقيلا لدى سلطات أمن نيالا حوالي الأسبوع دون توجيه تهمة محددة ولا شرح لأسباب اعتقاله أو إتاحة فرصة الاتصال بالمجلس الوطني أو أحد أفراد عائلته. تم نقله إلى سجن كوبر ثم شندى وأخيراً الخرطوم حيث ما زال محتجزاً لدى رجال الأمن.

    معروضات الجريمة تمثلت في أجهزة اتصال واستقبال حديثة ومتطورة ومبالغ ضخمة من الأموال (هاتف نوكيا 3310 و مسجل ناشيونال ومائتي ألف جنيه سوداني) تم عرضها على الجهات الأمنية والقانونية المختصة الساهرة على حماية الدين والوطن وما زالت الجهود متواصلة للكشف عن تفاصيل الجريمة ولا أحد يعلم حتى اللحظة ماهية هذه الجريمة.

    الذين يجيدون تقنية الفلاش بلاك، يتذكرون حتماً كيف أن السلطات وجهت إليه تهمة نهب وسرقة المصرف المركزي بنيالا في عام 1998م وكيف أنه اقتيد مخفوراً إلى هناك تحت حراسة مشددة وكيف انتهت القضية. كانت مجرد محاولة فاضحة لإسكات صوت جرئ تحت الابتزاز والتهديد!!!

    الآن الحكومة نفسها والبرلمان نفسه واللعبة نفسها تتكرر وربما بذات النتائج.

    قضية اعتقاله لا تمثل إلا الجانب اليسير من الأمر، إذ إنه لم يكن أول معتقل سياسي وبالتأكيد لا يكون الأخير وهناك الآلاف من سجناء الضمير الذين يرزحون حالياً بمعتقلات النظام بل وهناك المئات ممن دفعوا ثمناً أغلى من حرياتهم لأجل هذا الشعب المغلوب علي أمره.

    المفارقة المؤلمة كانت في موقف المجلس الوطني الهمام من القضية. الوضع الطبيعي والمنطقي في مثل الأحوال والذي تفرضه كافة الأعراف والتقاليد التي استقرت عليها النظم البرلمانية المحترمة بل وحتى المادة 74 من أحكام الفصل الثاني لدستور الإنقاذ، هو أن يتم أولاً النظر في أمر رفع الحصانة البرلمانية عن النائب المذكور قبل إلقاء القبض عليه أو تفتيش منزله طالما لم يكن في حالة تلبس لحظة القبض عليه. ولأن رفع الحصانة يترتب عليه تلقائياً حرمان النائب من أداء دوره التشريعي والرقابي وتعطيل وتغييب إرادة دائرة جغرافية بأكملها فإن التقاليد البرلمانية جرت على التعامل مع طلب السلطة التنفيذية بحذر شديد وبعد تحقيق برلماني حصيف.

    رغم ذلك فقد آثر مجلسنا الهمام - كعادته دائماً – تجرع الإهانة فصمت عن هذا "التجاوز الإجرائي الشكلي لبعد المسافة بين الخرطوم ونيالا ولظروف الإقليم الأمنية" ولم يتم رفع الحصانة إلا عند إحضاره إلى الخرطوم بعد أسبوع من الحبس في نيالا !!! يا لدرك من مجلس موقر!

    ثم ترفرف رايات الخوف داخل القاعة الأنيقة، فعندما تقدم رئيس المجلس باقتراح للنظر في أوضاع الأعضاء الذين سجلوا غياباً متواصلاً لفترة طويلة جاء أسم العضو لام اكوال والأستاذ جار النبي وبعض الذين انتقلوا إلى الرفيق الأعلى ولم يتقدم أحد من الأعضاء بنقطة نظام تلفت نظر المجلس إلى هذا العضو المعتقل والاحتمال الوحيد ربما كان يتابع الجلسات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. يا لك من مجلس شجاع وأعضاء أبطال!

    وتهون المصائب أمام الموقف اللاإنساني للمجلس سواء على مستوى الأعضاء أو المجلس كهيئة. إن أبسط قواعد آداب الزمالة والإخاء والعلاقة الاجتماعية تفرض زيارة المعتقل للتخفيف عنه حتى وإن كان مجرماً قاتلاً، هذا ما تعلمناه من الشعب السوداني. للأسف أنه وحتى اللحظة لم"يخاطر" أو "يجازف" أحد بمنصبه الرفيع ويكلف نفسه عناء معاودته من باب الزمالة والإنسانية لدرجة أنه تسائل قائلاً عما إذا كان المجلس ما زال قائماً أم تم حله.

    ليس المطلوب أن يملك المجلس الشجاعة في تكوين لجنة برلمانية لمتابعة حالته ودراسة وضعه القانوني - وإن كان ذلك حق أي عضو بموجب لوائح المجلس الداخلية – ولكن المطلوب فقط زيارته جرياً على الأخلاق والتقاليد السودانية خصوصاً من طرف نواب دارفور، فالمجلس الذي لا يتابع حالة أعضاؤه غير جدير أو مؤهل برعاية مصالح الناخبين أو الحديث باسمهم أو تمثيل إرادتهم.

    خلال زيارة السيد كوفي عنان وكولن باول قامت مجموعة من ناخبي دائرة مدينة نيالا برفع مذكرة لهما من خلال المجلس الوطني الموقر مطالبين بتقديمه للمحاكمة إن كان مجرما أو إطلاق سراحه حيث أن استمرار حبسه غيب إرادتهم وتمثيلهم بالمجلس، غير أن البيان/المذكرة لم ير النور. أية إشارة أقوى من هذا لتأكيد فقدان الثقة في المجلس الموقر؟

    يبدو أن المجلس الوطني شأنه شأن الحكومة أصابه عدوى الخوف من المنظمات العالمية أكثر من احترام إرادة الناخبين، إذ لم يتحرك المجلس إلا بعد إن طلبت العديد من منظمات حقوق الإنسان ولجنة العفو الدولية وعدد من البرلمانات الأوروبية معلومات عن ظروف اعتقال النائب المذكور من حيث التهمة الموجهة له، مواد القانون التي اعتقل بموجبها، وأسباب عدم تقديمه للمحاكمة وسير إجراءات التحقيق، عندئذ أوعز المجلس الموقر للجهات الأمنية بضرورة "توفيق" أوضاع المذكور خشية تطورات لا يحمد عقباها. إزاء ذلك قامت أجهزة الأمن العام بتسليمه إلى نيابة أمن الجرائم الموجهة ضد الدولة والتي لم تجد أية أوراق في ملفه تفيد أجراء تحري أو تحقيق سوى تقريراً من المعامل الجنائية يفيد بأن المعروضات (الهاتف +المسجل) آلات عادية متوافرة بالأسواق بل و حتى عند بائعات الشاي بسوق ليبيا.

    في تقديري الشخصي، لم يمر في تاريخ السودان برلماناً هزيلاً وضعيفاً مثل هذا المجلس حتى المجلس الاستشاري لشمال السودان الذي عينه الحاكم العام الإنجليزي في عام 1943- وهو أول تجربة برلمانية للسودان- كانت مواقفه أقوى من مجلسنا الحالي. وللتدليل على ما نقول بأحدث موقف مخزي للمجلس، صرح رئيس المجلس الوطني قبل أسبوع فقط أمام وفد برلماني أجنبي زائر بأن جميع الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان بإقليم دارفور سيقدمون لمحاكمة عادلة و علنية و في اليوم التالي صرح وزير الداخلية أن الحكومة رفضت رفضاً قاطعاً تقديم أولئك المتهمين بالانتهاكات "لأنهم يشغلون مناصب حساسة وزعماء لقبائل ".هل هناك حالة أدعى لاستجواب برلماني عاجل من هذه الحالة ؟ كيف لوزير مسئول عن تطبيق القانون وتنفيذ الأحكام يرفض ذلك علناً ثم يبقى في منصبه من دون مسائلة ؟ وأي برلمان هذا الذي ينحني لتحدي وزير !!

    الإهانات التي وجهت لهذا المجلس الموقر خلال الأشهر القليلة الماضية لا تحصى ولا تعد.

    الحكومة تحاور الحركة الشعبية بمنتجع نائي لما يقارب التسعة أشهر لرسم مستقبل السودان بأكمله و المجلس نائم غائب.

    قضية دارفور تهز أركان الدنيا و الوفود الدولية تأتي تلو الآخر والمجلس صامت صمت أهل الكهف.

    سرطان الفساد المالي يستشري و التعدي على المال يتم نهاراً جهاراً و على عينك يا تاجر و المجلس يناقش قانون الملاحة في أعالي البحار والمياه الدولية.

    الحريات و الحقوق الأساسية تنتهك حتى من صغار رجال الأمن والمجلس يتحدث عن مجاهدات طلاب الخدمة الإلزامية.

    رؤساء لجان برلمانية لا يفرقون بين القانون و المرسوم و اللائحة و التشريع، نواب ينامون كالطلاب في داخليات بأم بدة و يطاردون الركشة للحاق موعد صرف النثريات.

    تبقي قضية النائب المعتقل ثانوية وجانبية مقابل إزدراء وإستحقار السلطة التنفيذية للجهاز التشريعي واستهتارها بإرادة الشعب، حيث لم يشهد السودان في تاريخه الحديث مذبحة لإرادتها مثل التي تجري الآن.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de