ميزالونا في زقلونا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 03:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-05-2004, 00:40 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ميزالونا في زقلونا


    إستيقظ على غير عادته في الصباح الباكر ، و عشرات المطارق تهوي على رأسه ، فقد أكثر من الشرب بالأمس مع صديقه و جيرانه ..
    إرتدى ملابسه على عجل ، و أيقظ زوجته النائمة بكامل هندامها منذ ليلة البارحة الصاخبة بمناسبة حفل الوداع ..
    رشف كوب الشاى واقفا ..
    عانق رفيق دربه و جيرانه الذين حرصوا على الحضور مبكرين لوداعهما مجاملة لصديقه الذي إستضافه ريثما ينطلق إلى وجهته ..
    ليلتها ...سهر كل الجيران ،، و النساء في حلقة حول زوجته الروسية التي أصرتْ على نقش الحنة على كفيها و قدميها..
    إنطلق في بواكير الفجر لمحطة الخرطوم ، و وزوجته الروسية تعانق النساء و الفتيات و الصغار و الدهشة تملؤها من هذه الحميمية و هي التي لم تمكث معهم سوى أسبوعين.... تردد كلمتى ( الله يسلمك ) بكسر الميم للإناث و الذكور معا ..
    الليل يلملم بقاياه ، و تباشير الفجر الجديد تدخل الرهبة إلى قلبه ،، فالأيام القادمة حُبْلَى بالكثير ، تذكره بأيامه الأولى في روسيا.
    ترجل من التاكسي عند محطة السكة حديد و دفع الأجرة و هو يتحسس المبلغ المتبقي في جيبه ( ورقتين من فئة الخمسة و عشرين قرشا ( طرادتين ) و بضع قطع من العملة المعدنية ..
    تحسس علبة ( البرنجي ) في جيبه و جوازىْ السفر و علبة الثقاب.
    نظر إليها ، فرآها متجهمة الوجه تنظر حولها في قلق و إرتياب ، فهو لم يحدثها عن كل شيء هنا ، لذا تقبَلتْ واقع الحال بما يشبه الصدمة.
    ليلة الأمس إحتستْ معه بضع كاسات من ( مشروب العرقي ) ، ثم أمطرته بلغتها الروسية بسيل من الإحتجاج ، إحمرَ وجهها و صار كقطعة طماطم ناضجة و قالت : لم أكن أدري أن هناك مشروبا في الدنيا أسوأ من ( الفودكا ) الرخيصة في ( كييف ).
    عند محطة السكة الحديد ..
    تربض عربات القطار في صف طويل ..
    تسلل بحذر إلى عربة من عربات درجة النوم و ساعدها على تسلق السلم الخشبي للسرير الذي في الأعلى ، ثم أغلق الباب بالمزلاج من الداخل ، و تمدد على السرير الأسفل .
    راحت هي في سبات عميق واضعة الوسادة على رأسها.
    راح يستعرض أيامه الخوالي في عطبرة ،،
    الشوق يملؤه لهذه المدينة بعد غربة دامت ست سنوات...
    إيهي يا مدينة الحديد و النار .. كيف أنت الآن ؟
    أين يا ترى زملاء الدراسة و رفقاء الحى ؟
    سبح في ذكريات تفوح منها رائحة معطف والده المعطون بزيوت الورش ، و ليالي عطبرة تداهمها ( الكتاحة ) دون إستئذان..
    عجلته ( الرالي ) و هو يجوب بها شوارع حى ( القيقر ) مرورا بشارع ( الرى ) حتى المكتبة القبطية و شوارع ( حى السودنة ) الهادئة لا يقطع وتيرة هدوءها غير صوت المياة المندفعة عبر الجداول الواسعة لتسقي الحدائق المسورة.
    ثمار ( المسكيت ) ، كانت البديل للزونيا في الطريق المؤدي إلى ( حى العمال ) ، يهاجر إلي هناك مع أقرانه ( فرادى و مردوفين على العجلات ) أو إلى ( الداخلة ) لتمتليء الجيوب بالثمار الخضراء و الصفراء الجافة.
    ترى أين أنت يا ود سيد أحمد ؟ عندما رأى لأول مرة ( حجَة المَرَرُو ) تحمل وليدها مربوطا خلف ظهرها أطلق ساقيه للريح و هو يصرخ ( و الله عندها راسين ). آخر عهده به كان في مدرسة الأقباط الثانوية و بيت الأستاذ ( باخوم ) القبطي و الذي كان يتلقى أحيانا ثمن الدروس الخصوصية ( دجاجة أو عتودأ حنيذا ).
    تململتْ زوجته و هي تهذي في السرير ، قام و تأكد من أنها لن تسقط على الأرض.
    لم يشعر بتحرك القطار فقد جرفته الذكريات.
    نظر من النافذة ، هاهي مدينة بحري تتوارى شيئا فشيئا ،، و الحنين إلى عطبرة يتزاحم في رأسه المثقل كضربات المعاول تتناغم مع دقات قلبه. شعر بالخوف ، فهو لم يشترِ التذاكر و يحتل رغم ذلك غرفة كاملة بدرجة ( النوم ) المخصصة لكبار موظفي الدولة و السكة الحديد.
    تذكر صديقه الذي كان والده مفتشا للتذاكر ،، و هو الذي شجعه للبعثة الدراسية و ساعده كثيرا عن طريق خاله المُتَنَفِذ في إتحاد العمال آنذاك.
    رنَتْ في أذنه أغنية لحسن خليفة العطبراوي تغنى بها في حفل زواج في حى ( أم بكول ) نزولا عند رغبة العريس المنتمي سرا للحزب الشيوعي ،، كان يرددها كثيرا في ( كييف ) حتي ( ميزالونا ) زوجته صارت تردد معه منها الكثير دون أن تعرف معنى كلماتها ( نحن من نفر عمروا الأرض ... )
    كم هي وفية هذه المرأة ،، وقفتْ إلى جانبه كثيرا ،، خصوصا عند أيامه الأولى و في دروس اللغة ، و أمدته بالمال عندما شح مورده ،، إقتسمتْ معه لقمتها. و هاهي تطرق المجهول معه بكل شجاعة ،، فهما لا يدريان إن كان سيوفق في إيجاد عمل أم لا ،، فقصة بابكر صديقه ماثلة أمامه ، و الذي تخرج من كلية علمية و نال الماجستير في تخصصه ،، ثم رجع للسودان و تسكع في شوارع الخرطوم يبحث عن عمل حتى حفيتْ قدماه ،، يشرب المنكر ليلا و يلعن الحكومة باللغة الروسية في بص ( أبو رجيلة ) و تارة في بيوت الأفراح مستأذنا الفنان بعد أن يقتلع منه المايكروفون و تارة في بيوت المآتم التي يدخل صيواناتها دون أن يتجشم عناء ( رفع الفاتحة ) مكتفيا بمصافحة أهل الميت متمتما بكلام مبهم غير معروف إن كانت بالعربية أم بالروسية ، و أخيرا تم تعيينه في وظيفة لا يدري حدود مسئولياتها في مكتب يعج بالملفات القديمة في وزارة الصناعة ، يحضر صباحا و يأكل الفول المصلح في صحن عميق.. تآكل معظم طلاؤه ، ثم يتجه لموقف الباصات متجها للكلاكلات يتقي شر أشعة الشمس بجريدة مشبعة بزيت الإفطار الصباحي يردد أغنية قوقازية بصوت أجش .. فأنطبعتْ شخصيته في أذهان سائقي الباصات و الكمسارية ، فكان ما أن ينطلق في الغناء حتى يقول السائق ضاحكا : يا ولد ما تاخد من الروسي الأسود دة ..
    طافت به الذكرى في ميادين الكرة بالقرب من المدرسة الأميرية ،، و عبَقتْ خياشيمه رائحة الشواء في ميدان المولد ،، و صوت ( النوبة و المديح ) ينطلق كل ليلة ..
    تذكر بار ( تساكوتلس ) و هم ينهبون منه زجاجات ( الشري ) يوم مظاهرات أكتوبر التي إكتسحتْ المدينة حتى ( شاليهات حسن عربي في المقرن ) التي لم تسلم من نقمة الناس و تفريغ شحنات غضبهم المتنامي ..
    دوتْ في أذنيه صافرات الورش و البخار الذي تنفثه قطارات المناورة ،، و صخب العمال و هم يتدافعون بعجلاتهم عند مزلقان القطار المؤدي للسوق الكبير...
    عربات الكارو تزحم طرقات السوق الكبير
    طالبات الكمبوني بزيهم الكحلي المميز
    صف سينما الجمهورية و السينما الوطنية
    الإشاعة التي إنطلقتْ بأن أحدهم سيدلق كمية من السم في صهريج الماء بحى ( الفكي مدني ) إنتقاما من بعض المسئولين ...
    ليل المدينة المغلف بحكاوي ( أبو جنزير ) .. الحقيقية منها و المختلقة ...
    سمع طرقا عنيفا على الباب و محاولة لفتحه من الخارج ، فأيقظ زوجته على عجل و تهيأ لمعركة مجهولة العواقب.
    فتح الباب و هو يرسم البراءة و الدهشة في آن واحد.
    قبل أن يشده العسكري من يده ، كان قد إستبق دهشته و عانق مفتش التذاكر : عمي باشري ، الحمد لله اللقيتك.
    كان محظوظا للغاية ،، فالمفتش صديق حميم لوالده ،،
    جلس يحكي له سنوات إغترابه في روسيا.
    ضحك العم باشري كثيرا ( قلبك قوي خلاص .. الشيوعيين علموك المجازفة ؟ ،، تركب مجانا كمان في درجة النوم ؟ يعني فقري و نُزَهي ) ..

    سمح له بمواصلة الرحلة حتى الدامر بنفس الدرجة ، فالغرفة ( القَمَرة ) محجوزة لأحدهم من هناك حتى وادي حلفا.
    عندما وطئتْ قدماه أرض عطبرة ، ودَ أن يسجد لله شكرا و يعفر جبينه بتراب هذه المدينة التي تسكن روحه.
    إختلطت دموعه مع دموع أمه و والده و إخوته ،، و الزغاريد تنطلق من الجارات و هن يسترقن النظر إلى ( قطعة الجبن ) الواقفة تتلفت في حيرة و توجس ، و نقش الحناء الأسود يشكل لوحة مع بشرتها البيضاء.

    ( و نواصل ) ...

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 07-05-2004, 00:43 AM)
    (عدل بواسطة ابو جهينة on 07-06-2004, 00:04 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-05-04, 00:40 AM
  Re: ميزالونا في زقلونا مارد07-05-04, 10:16 AM
    Re: ميزالونا في زقلونا شمهروش07-05-04, 10:32 AM
  Re: ميزالونا في زقلونا اسامة الخاتم07-05-04, 10:52 AM
  Re: ميزالونا في زقلونا Ahmed Al Bashir07-05-04, 11:01 AM
    Re: ميزالونا في زقلونا اسوتريبا07-05-04, 08:36 PM
  Re: ميزالونا في زقلونا سجيمان07-05-04, 08:42 PM
  Re: ميزالونا في زقلونا tabaldy07-05-04, 09:22 PM
    Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-05-04, 10:49 PM
  Re: ميزالونا في زقلونا ودقاسم07-05-04, 11:16 PM
    Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 00:08 AM
      Re: ميزالونا في زقلونا اساسي07-06-04, 00:11 AM
        Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 00:53 AM
          Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 00:57 AM
            Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 00:59 AM
              Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 01:00 AM
                Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 01:02 AM
                  Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 01:05 AM
                    Re: ميزالونا في زقلونا ابو جهينة07-06-04, 01:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de