|
|
 الاكراد... واشكالية الهوية في السو دان
|
قرأت هذا المقال و الذي يوضح بعض من جوانب مشكلة الهوية، بالرغم من ان القضية لا علاقة لها بالسودانيين، الا انها تهمهم
من هو الكردي؟
جان كورد / ألمانيا
نسمع بين الحين والحين عن أناس يدعّون بأنهم أكراد، وقد يعود بعضهم بنسبه وأصله إلى قادة أكراد خالدين كالسلطان صلاح الدين أيوبي الذي هز العالم بفتحه المبين للقدس الشريف وطرد المستعمرين من البلاد وتحرير المسلمين من جور الغزاة، أو إلى أمير من أمراء كوردستان الذين عرفوا بنبلهم وفروسيتهم وبسالتهم في الحرب كالأميرالرواندوزي أوالأميرالبدرخاني أوالجانبولاتي ومنهم من يعود بنسبته إلى شيخ من شيوخنا الأبرار الذين عرفوا بسعة علمهم وحسن تربيتهم ونشأتهم وقوة إيمانهم واحترام الناس لهم مثل الشيخ عبد الله نهري أو الشيخ النقشبندي أو الشيخ سعيد النورسي (بديع الزمان)..
وهذا أمر طبيعي فالناس تريد وتحب دائماً أن تكون من عوائل معروفة وسلالات عظيمة، وذلك حسب الظروف التاريخية، فهناك رؤساء دول وزعماء أحزاب وشيوخ قبائل وتجار أسواق ومؤلفو كتب، عرب وغير عرب، يعودون بأصولهم ونسبهم إلى آل البيت وهم من المعروفين بعدائهم الشديد للدين، ويبنون على مزاعهم تلك "شجرة العائلة" التي عليها اثبات تلك أكاذيبهم وتلفيقاتهم بخطوات تراجعية عبر التاريخ .. وهذه نزعة إنسانية قديمة مبعثها حب "الخلود" و"العظمة"، والناس الطامحون في الخلود والعظمة ميتون سيتحولون إلى تراب.. ولا مجال هنا لتوضيح هذه النقطة بشكل موّسع.. وأقرب الأمثلة إلينا مثال الرئيس العراقي صدام حسين المختفي حالياً بعد دخول القوات الأمريكية إلى العراق، فقد عمل كل ما من شأنه ليثبت بأن عائلته تمتد في جذورها إلى العائلة النبوية الشريفة..
من المفكرين العرب من قال بأن العربي هو كل من تكلّم العربية، وهذا قاد إلى التباس كبير، فهناك يهود وصينيون ويابانيون وأمريكان وأفارقة وأوربيون يتكلمون العربية بطلاقة.. وعلى هذا الأساس الباطل جعلوا الحضارة الإسلامية كلها "حضارة عربية!" واعتبروا علماءها الفرس والأفغان والأكراد والبربر والأرناؤوط والهنود وغيرهم عرباً، وبخاصة أؤلئك الذين ساهموا إسهاماً عظيماً في بناء الفكر والطب والحساب والفلك، مثل الفارابي وابن سينا والفراهيدي والتلمساني وابن خلكان والشهرزوري والآمدي وغيرهم ولم يتركوا لغير العرب من المسلمين أي حضارة ، وكأن العرب جنس متفوق على البشروغيرهم لا يفقهون من العلوم والمدنية شيئاً.
ومنهم من ادعى بأن كل من سكن البلاد العربية عربي، ففي رأيهم البربر والكرد والشركس واليهود والتركمان والأرمن ومختلف العناصر الأخرى عرب لأنهم يعيشون في حدود بعض الدول العربية القائمة الآن، وعلى هذا الأساس العنصري تم تعريب الجنسية الكردية في سوريا مثلاً فكتبوا (عربي سوري منذ أكثر من خمس سنوات) ولماذا فقط قبل خمس سنوات لا أحد يستطيع الإجابة، فالإنسان الكردي الذي كان عليه إخراج (قيد نفوس) من دائرة الأحوال المدنية كان يقرأ هذه العبارة ويضحك قائلاً :" كنت قبل خمس سنوات كردياً فأصبحت بحكم القانون عربياً." مع أن الكرد في باكستان - حسب معلوماتنا - رغم بعدها عن موطنهم الأم وتواجدهم هناك من عدة أجيال وقرون يسجلون "أكراداً" لكي لا تضيع أصولهم وأنسابهم..
والأتراك مارسوا سياسة أكثر تشدداً حيال القوميات الأخرى لدرجة منعهم من تسمية الأطفال بأسماء غير تركية، بل وصل بهم الأمر إلى حد وضع قوائم بأسماء تركية عنصرية وتوزيعها على القنصليات التركية في الدول الأوربية ورفض تسجيل أي طفل كردي في أوروبا لأبوين من تركيا لا يحمل إسماً من هذه القوائم. واعتبروا الأقوام التي سكنت الدولة العثمانية البائدة أتراكاً ، وهكذا فإن صلاح الدين الأيوبي تركي لأن موطنه تكريت كان ضمن إطار الدولة العثمانية، وكل علماء الطب والنفس والآداب والاجتماع والفلك من مختلف الأصول والأعراق أتراك لأنهم عاشوا في إطار تلك الدولة التي اعتبروها دولة تركية.
أمام هذه الهجمات اللاإنسانية واللاعقلانية على القوم الكردي يجدر بنا أن نطرح هذا السؤال: - من هو الكردي؟ هل هو الذي يلد من أبوين كرديين؟ أينما كان وبأي لغة تكلم؟ هل هو الذي والده كردي دون الأم؟ إذ هناك مئات الألوف من الكرد المقترنين بزوجات غير كردية، من مختلف أصقاع الأرض. أم أن الكردي هو من تكلم الكردية؟ وأنا أعرف أناساً معروفين بعدائهم للكرد وكوردستان ويتكلمون الكردية بطلاقة، ومن المستشرقين وعلماء اللغة الأوربيين من يجيد الكردية كتابة وقراءة أفضل من كثير من أبناء الكرد وبناتهم، ولقد راسلني أحدهم عن طريق الإيميل متسائلاً عن أبيات ونصوص صوفية بالكردية وقد كتب في آخر أسئلته بكردية جيدة : "لاتؤاخذني على ضعفي في اللغة الكردية فأنا سويسري الأصل."
هل الكردي من انتظم في صفوف الحركة الوطنية الكردية من أرمن وعرب وأتراك، ومنهم من قاتل وناضل في صفوف أحزاب كردية سنين طويلة؟ وهل يمكن اعتبار المتنصلين من جذورهم وأصولهم وأنسابهم الكردية لاعتبارات آيديولوجية خاطئة مثل الزعيم الشيوعي المستعرب خالد بكداش الذي قاد الحزب الشيوعي السوري أو لأسباب دينية غير مقنعة بتاتاً مثل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي قال بأنه يدوس على نسبته الكردية بسبب أن بعض الأكراد يحاربون إلى جانب الأمريكان والانجليز ضد طاغية العراق ونظامه الدموي؟ هل يمكن اعتبار ما كتبه المشاهير من أمثال يشار كمال وسليم بركات وبلند الحيدري ومن قبلهم أمير شعراء العرب أحمد شوقي لمجرد أن أصولهم كردية؟ وهل يمكن اعتبار السياسي اللبناني الكبير كمال جنبلاط الذي اغتالته أيادي آثمة وذكر مرات بأنه كردي كردياً ، ومثله الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال وغيرهما...؟ وهكذا طه ياسين رمضان وطه معروف وكثيرين من الذين خدموا محتلي بلاد الكرد وقتلة أبناء الكرد أيضاً..
السؤال المطروح (من هو الكردي؟) يجب علينا البحث عن جواب مقنع له، ويتطلب ذلك فتح مجال واسع للمناقشة والحوار بين المهتمين بالأمر والباحثين عن الحقيقة.. ولي في هذا الموضوع اقتراحات:
- تجريد بعض الذين خانوا الشعب الكردي من كرديته وفي مقدمة هؤلاء طه معروف وطه ياسين رمضان ومن سارمثلهم على طريق العمالة والتبعية والخيانة وحارب شعبه واعتدى عليه أو شارك في صف الأعداء ضد الحركة الوطنية التحررية. وإذا كان من حق الدول نزع الجنسية عن مواطنيها لأسباب إرهابية فللشعب الكردي حق طرد الذين مارسوا الإرهاب ضده ورفض اعتبارهم أكراداً وتجريدهم من هذه النسبة الكريمة الشريفة وإعلان ذلك في كل وسائل الإعلام والجريدة الرسمية التي تصدر عن البرلمان الكردي المتواجد علىالأرض المحررو من الوطن المحتل.
- استتابة بعض المخطئين الذين دفعهم انفعال نفسي أو لحظة ضعف وإحباط ذاتي أو تعرّضوا لضغوط تفوق قدراتهم، دون أن يكونوا قد مارسوا الإرهاب والقتل والخيانة ضد الشعب الكردي، واقناعهم بأنهم كانوا على خطأ عندما شتموا أبناء قومهم أو تبرأوا منه، وفي هذا الوضع يجدر ذكر الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي ترجم ملحمة "مم وزين" العظيمة في الأربعينات وكتب لها آنذاك مقدمة رائعة عن نضال الأمة الكردية، وأجبرته دوائر البعث فيما بعد على طبع الملحمة المترجمة ثانية دون تلك المقدمة الجميلة حقاً، كما كتب عن "سيامند وخجى" في كتابه الشيق "من الفكر والقلب" بعد أن غير إسم الملحمة إلى "الوعل" وبدل اسمي العاشقين، ولكنه ذكر بأنها ملحمة كردية، ولا نعلم عنه بأنه حارب الكرد أو مارس الإرهاب ضدهم. فإن رفض أمثال هذا الشيخ الاستتابة يجرّدون أيضاً كالعملاء والخونة من صفتهم الكردية.
- أن تشكل لجنة خاصة في برلمان كوردستان أو من أعضاء مؤسسات علمية وأدبية وتاريخية وفنية للقيام بمثل هذا التجريد بعد دراسة متمعنة وحسب أصول ثابتة لإعلان حرمان شخص ما من النسبة الكردية حتى ولو كان نجل أمير كردي ذي سلالة كردية معروفة لاتشوبها شائبة، طالما هو واقع في الجرم الشائن الذي يتمثل في إهانة الشعب الكردي أو التبرؤ منه أو ارتكاب ما يمكن اعتباره إجراماً بحق هذا الشعب... كما عليها منح النسبة الكردية لغير الكرد الذين قاموا بأعمال جليلة في سبيل نصرة الحق الكردي ودفع الشر والأذى عن الكرد وكوردستان وهم ينتمون بأنسابهم إلى الأقوام الأخرى، وذلك بإصدار وثائق رائعة تمنح لهم في البرلمان الكردي في بهجة وتقدير واحترام ، بحضور زعماء الكرد الكبار، ليدرك العالم بأن الكرد مخلصون لأصقائهم ولايهملون من وقف إلى جانبهم في الأيام العصيبة.
برأيي إن الكردي هو من يحب الكرد ويعمل لمصلحتهم ويضحي بوقته وماله وصحته في سبيل حقوق الكرد وتقدمهم وازدهارهم معرفة منه بأنها قضية عادلة وحق إنساني ودون أن تكون له أغراض يأتي منها الضرر للشعب الكردي، وهناك من يستحق هذا التقدير الآن، ويجب على الكرد القيام بواجبهم الإنساني تجاههم. أما الذين احتقروا الكرد وأهانوهم فنقول لهم : أنتم لاتستحقون شرف النسبة للأمة الكردية والكرد أبرياء منكم، حتى تتوبوا إلى الله من ذلك، والذين خانوا الكرد وحاربوهم لايحق لأحد اعتبارهم أكراداً... وقد أكون مخطئاً في هذا كله، وآمل أن نتفق على الأمر مستقبلاً...
|
|
 
|
|
|
|
aymen
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست