خطاب مفتوح للعميد عمر حسن أحمد البشير -2-

خطاب مفتوح للعميد عمر حسن أحمد البشير -2-
موجه له في موقعه في القصر الجمهوري


أعود لمواصلت ما أبتدرته في الجزء الأول. سوف أتناول مقارنات بين نظامكم و الأنظمة الديموقراطية الحرة من واقع معايشاتنا في الدول التي عشنا بها عندما عز المقام في بلادنا العزيزة لإسباب نرجوا زوالها و هذا سوف يتحقق إذا صدقت نواياكم في تطبيق ما تم الإتفاق عليه في بروتكولات السالم نقول هذا رغماً عن طبيعة الإتفاقيات الثنائية التي كان من المحتمل أن نقف منها موقفاً سلبياً بدعوي طبيعتها الإقصائية لكن خطورة المنعطف الذي تمر به البلاد يحتم علينا إجهاد النفس في البحث عن الجانب الإجابي فيها و دعمها و تغليبها علي النواقص.
أتينا في الرسالة الأولي علي غياب العدالة و تفشي الظلم في ظل الدولة الإسلامية التي أعلنتموها و لم يجد الناس منها سوي خطاب لا يطبق منه شئ و تجييش للشعب ليقاتلوا إخوة لهم في الوطن حتي صار ذلك معذره للضنك المعيشي يرمي بالتفريط بأوامر الدين من يتشكي من سوء الوضع الإقتصادي للسواد الأعظم للناس. في ظل هذا الوضع السيئ لجأ الملايين من الذين يعتبرون في مصطلح الدولة الإسلامية بأنهم من رعيتك التي سوف تسأل عنها من الله سبحانة و تعالي يوم الحشر العظيم، لجأوا الي دول ليست إسلامية و لا هي متينة بأي دين اصلاً لكنها كانت ارأف بهم من حكومتكم و أعادت لهم ما سلب من كرامة و أمن و عيش كريم. و أجزم لك أن دافع هذه الدول ألي تأمين ملاذ آمن للهاربين من جحيم الظلم و الملاحقات و التضييق ليس من قبل ما تدعيه أجهزة إعلامكم مثل معادات مشروعكم الحضاري و بالتالي الإسلام فهذه دول تحتكم للقوانين و دساتيرهم تلزمهم بإحترام كرامة الإنسان. و هناك قوي سياسية كثيرة معادية للأجانب و بعضها عنصري و هذه القوي تشارك في الحكم لكن لا يعني ذلك مقدرتها علي خرق القوانين أو تعديلها لأن هناك ثوابت لا يمكن لأحد أن يتخطاها و آليات و ضمانات يحترمها الجميع راغباً أول راضخاً لإرادة عامة.
لقد أنشأتم دولة بوليسية تتعددت فيها أجهزت اللأمن للدرجة التي اصبح معها كل متنفذ أو ثري يملك هو و أبناءه و محاسيبه بطاقات رسمية صادرة من أجهزة أمنية تيسر له تجاوز القانون و الإستيلاء علي منافع بدون وجه حق و ظلم البسطاء و بما أن الناس علي دين ملوكهم فقد تحول رجال الأمن و الشرطة ألي مهدد لأمن الناس في نفوسهم و أموالهم و أعراضهم.
فهل سيصبح هذا شئ من الماضي و يتم الإعتزار عنه بصوره واضح تصل لكل متضرر و تعيد له الثقة في الدولة؟
كما تعلم تعرض المستشار الألماني للضرب داخل مقر حزبه الإشتراكي الديموقراطي. المتهجم الذي إرتكب فعل غير قانوني لم يتعرض للضرب أو الإهانة كما لم توجه له تهمة ذات طابع سياسي بل عومل كشخص اعتدي علي مواطن عادي فالكل متساون أمام القانون و قد وجد أنه في حاجة لعلاج نفسي و حول إلي المستشفي المتخصص و بذا سوف لن تتم محاكمته. و هذه ليست السابقة الأولي التي يتعرض لها مستشار ألماني للضرب بنفس الصورة و تراوحت المحاكمات في حق الجناة ما بين 3 الي 4 شهور سجن مع وقف التنفيذ!! أي أنهم لم يودعوا السجن و إكتفت العدالة بهذه الأحكام التي تعني تسجيل سابقة في ملف المحكوم عليهم. هذه ليست تأييد للعنف الذي أرفضه في حق أي إنسان بغض النظر عن صفته و مكانته لكن المقصود من إيراد الحادثه المغزي المكتسب منها في الإنضباط المؤسسي و الشخصي بمقتضي القانون فى دولة المؤسسات التي يسمح فيها بدكتاتورية وحيدة هي دكتاتورية القانون.
هل يمكن تصور مثل هذا المثال في دولة تلاحق ابناءها بالظنون و الأمزجة و الشخصانية التي تعلو فوق كل قانون؟
مؤسسات الدولة ليست ملكاً لمن يشغلها بل هي ملك خالص للشعب و الأحزاب الحاكمة تستفيد من ماكينة الدولة بالدرجة اللازمة لممارسة الحكمة. و بهذه المناسبة احيي مجهودات نفر كريم من أبناء السودان الساعية لتأسيس فرع لمنظمة الشفافية العالمية فى السودان و هذه الممنظمة تعرف الفساد( بانه أستغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية) و الله يعينهم فإذا ارادوا تنفيذ دورهم بصورة كاملة سوف يكونوا أكثر الخلق مشغولية لأن الفساد أصبح منشطاً إقتصادياً عالي المردود و يمارس بلا ادني درجة من الحياء و المداراة كأنه حق مشروع لكل من يطوله. نبدأ من أعلي الدرج حيث سمعت ما ارجو عدم صحته، بأنك أنشأت 25 منزلاً فاخراً في حي كافوري لك و إخوتك و اسرتك الكبيرة فبأي حق و من اين لك هذا في ظل الأسعار الفلكية للأراضي و العقارات في الخرطوم التي فاقت كل مدن العالم الكبري حتي طوكيو بثراء اهلها و ضيق رقعة الأرض المحاطة بمياه المحيط!! و كيف وصلت الأسعار الي هذا المستوي الفلكي و من تسبب في ذلك و لماذا هذه اسئلة ملحة ارجو أن توليها منظمة الشفافية همها بعد تأسيسها.
للمقارنة نعود الي شرودا الذي أكمل الان سن الستين و لم يمتلك منزلاً خاصاً سوي قبل عامين رغماً عن بروزه المبكر في العمل السياسي حيث شغل منصب رئيس فرع حزبة الشبابي و هو منصب شديد الأهمية و من ثم رئيس وزراء ولاية ساكسونيا السفلي لدورتين و هذه دورته الثانية في منصب المستشار الإتحادي. المنزل الذي أشتراه بالتقسيد في مدينة هانوفر منزل عادي قديم ملتصق بمنازل مواطنين عاديين أي انه ليس علي قطعة أرض مستقلة!!! هذا الرجل ليس متديناً و قد أحدث سابقة فاجأت المجتمع الألماني حين أداء القسم كمستشار حيث رفض ترديد نهاية النص الذي فيه رجاء بأن يعينه الرب!! و لا أظن أنه كان مستحضراً لقول ابن حزم الذي مفاده أن الدولة الأفضل في الإسلام هي الدولة التي تحقق أكبر قدر من المصالح و تدرء أكبر قدر من المفاسد و إن لم يكن ذلك بما أتي به القراء و قاله الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم.
نقاطر ربما تعرضنا لها لاحقاً نؤشر لها هنا:
• أجهزة إعلام الدولة ليست حقاً مباح و لا وقفاً علي الحزب الحاكم
• إطلاق الحريات العامة هي البداية الحقيقية التي تمهد للتغير الذي يستوعب مرحلة السلام.
• السلام ليس زورق نجاة للسلطة بل هو واقع أفضل للمجتمع و هو أمر لا يمكن إملاءه علي الشعب و لابد من مشاركة فعليه له في تحقيقه و بذا يجب رفع القيود عن حرية التعبير.
• ضرورة تغيير الأداء الإعلامي الرسمي و الخطاب السياسي بإزالة المفردات العدائية و المستفذه و الرافضة للأخر

يتبع