|
الانقاذ.. ست سنوات اخرى على الاقل
|
تعود الشارع السودانى استقبال الاحداث المهمة فى التى تطرا على الصعيدالسياسى باهازيج الفرح و المواكب و المسيرات و اتفاق السلام الذى وقع مؤخرا بين الحركة الشعبية و حكومة الانقاذ ليس اقل من ان تفرح به الجماهير السودانية وان تنظم له المواكب و المسيرات. فماذا اصاب الشارع السودانى هل مل توقع الجديد المفيد ام سئم التفاؤل المفرط؟ ليس ببعيد اتفاق 17 نوفمبر 1988 بين السيد محمد عثمان الميرغنى و جون قرنق حيث هبت جموع السودانيين و بدون دعوة من تنظيم او حزب الى النزول للشارع و التعبير عن الفرحة بذلك الانجاز. فلماذا لم يحدث ذلك الان؟هل هناك فرق بين طبيعة الاتفاقين و مضمونهما؟ نعم ما وقعه محمد عثمان الميرغنى لم يكن اتفاق ثنائى تقتسم بموجبه السلطة و الثروة و انما كان شراكة و اسعة بين مختلف القوى السياسيةتواضعت فيه بدون ضغوط اقليمية و دوليةعلى انهاء الاحتراب و بناء مؤسسات مدنية و ديمقراطية تمنع ظهور عساكر الظلام ومفاجاة الناس و هم نيام. كما ان الاتفاق ( الميرغنى و قرنق) لم يسيل له لعاب الطرفين بسبب استثمارات ستتدفق او قسمة نفط تنفخ جيوب السادة الموقعين ادناه.فكان اتفاق يقود حتميا الى استقرار فعلى و حفاظ على كرامة السودانيين شمالا و جنوبا. لذلك لم يكن صعبا التكهن بطبيعة الانقلاب الذى حدث فى يونيو 89 حيث ان الجبهة الاسلامية والتى تم عزلها سيساسيا و جماهيرياكان خيارها الوحيد هو التامر على هذه المكتسبات و الرجوع الى سدة الحكم على ظهر دبابة. فما هو الواقع الذى تغير و جعل الانقاذ نفسها توقع اتفاق مع الحركة الشعبية؟ هل لانها اقتنعت بانه لا جدوى من المواصلة فى مشروع الجهاد و الاستشهاد؟ ربما . ولكنها اقتنعت اكثر بان تتخلص نهائيا من صداع الحرب الاهلية و الاستئثار بالشمال و نفطه و استثماراته التى ستتدفق من الاخوة العرب والاصدقاء العجم. و تترك الجنوب بهمه و غمه للاخ الجديد جون قرنق مع الحفاظ بحظ الحكومة من الامتيازات هناك.الشمال سيظل مكتويا بنيران الانقاذ و قوانين ما يسمى بالشريعة الاسلامية . السلطة و زبانيتهاستقوم بنهب و شفط الاقتصاد السودانى الموعود دون ان يحاسبها احد.حظر نشاط الاحزاب الغير مرغوب فيها بمفهوم السلطة الانقاذية( غير موالية)طوال الست سنوات. ما الذى جعل الحركة الشعبية( و التجمع كمستشار لها) تتنازل عن قضايا لا تقبل المساومة؟ محاسبة كل من اجرم فى حق الوطن من سلب و نهب و تشريد لابنائه المخلصين و تمكين زبانية السلطة من مقدرات هذا الوطن و اطلاق العنان لهم من تخريب و دمار و فساد. الغاء القوانين الحالية المسماة بالشريعة الاسلامية و الغاء كافة المؤسسات و المليشيات الحكومية من دفاع شعبى و شباب وطن و لجان شعبية...الخ. ما هى الضمانات التى يمكن ان تفضى الى استقرار ديمقراطى و مناخ حريات سياسية. هل يعنى الاتفاق ان احزاب المعارضةستقوم بمزاولة نشاطها من الداخل كالمعتاد و تفتح دورها و تقيم ندواتها فى خلال الست سنوات القادمة من عمر الفترة الانتقالية؟ام ان المسالة فقط اتفاق سلام و السلام؟ان تقف الحرب باى شكل من الاشكال و مقابل اى تنازل للانقاذ وكفى؟ الحركة الشعبية التى رفعت السلاح طوال 21عاما ما الذى جعلها تقبل بجملة التنازلات تلك؟ ربما ضغوط دولية تجاه الحركة جعلتها تقبل او السام و الملل تسرب الى خطوط السلاح الذى ظل مرفوعا 21سنة. ام ان حسابات الحركة هى ان الجنوب لنا و الشمال يحكم بشريعة او غير شريعةمسالة تخص الشماليين فى ما بينهم. لعل اكثر السعداء بهذا الاتفاق هو الرئيس القادم لجمهورية السودان الانتقالية على عثمان محمد طه و الذى بدا بتلميع نفسه من الجولات الاخيرة للتفاوض بصوره التى تتصدر الصحف و لا دور او عزاء للاخ المناضل عمر البشير. و هو بالطبع سعيد لانه و كما صرح بذلك عقب مراسم التوقيع انه السودانى الذى وقع اتفاق تاريخى لم يسبقه عليه احد. و هذا التصريح يمكن ان يكون مقبول فقط ان اعترف على عثمان بانه هو من اختلق هذه الحرب واجج نارها لكى ما يحلها هو بنفسه.
|
|
|
|
|
|
|
|
|