ليلة سمرنا الصيفية الثانية كانت بيئة للابداع والتنوع و بحضور فريق الناشئين

Quote: خواطر شخصية.. حفل ياسر مبيوع، لبكري الامين!!.. حين تتعرف على اصدقائك القدامى، في أي حفل، كأنك تراهم لأول مرة، وذلك لأنك ترى اجنحتهم ، وقد أفردت، وريشهم يلمع مع ضوء القمر، ضوء الذات السعيدة، وروحهم، تشع، تتآخى، فتعرف عليهم كأصدقاء جدد، ولدهم الغناء من رحمه العجيب، كأطفال ، وتعود لضحكاتهم روحها، ولأحاديثهم تلك الحميمية الاصيلة، وبمقدروك أن تتعرى، وأن تبكي، وأن تحس بأن ثقلك مخفف بهم، بهن، هكذا الحفل، وهكذ الغناء، يحلق بك، كما لو أن السحب تبلل قدميك، أما رأسك، فيسترق السمع لغناء الحور، وغنج الوتر، وخمور الفردوس... يالها من معراج، يفتح لك ابواب السماء، باب فباب، كي تكون نفسك، نفسك فقط..بكل جبروتها المخبوء، فيك، أي شعلة هذه، تتقد فيك، حين يمس الغناء جوهرك، وينزل النغم في معتكر روحك العكرة، وتتسلل النغمات، بضوئها الساحر، لسويداء الروح، فتضئ جنتك، بما فيها من استحالة، وإطلاق، وحبور.. والله في العرس ده كنت سعيد بصورة تخرج عن الوصف، تحس بانك هناك روح تربط الناس، وبأن الاسافير صارت قبيلة معاصرة، دم إلكتروني، وسحنات في آلية التفكير، تجمع هذا، وذاك، وتنفر هذا وذاك، بلا "حقد"، بل كما يختلف النورس على الفراشة، وصوت الديك، عن هديل الحمام، التف حول الكراسي وجوه تعرفها، دون ان تلتقي بها، فالمرء مطوي تحت كلماته، وشكل الروح، أولى من الشكل الحسي، والفن كعادته يطفو بالنفوس، ويحلق بها بعيدا، ويصبغ الجوارح كلها، بلون وريشة منسوجه من الاكسير وخاتم المنى، ولأن ياسر فنان مطبوع، يغني لنفسه، كما لو أنه لا يعرف هل خلق آدم أم لا، جاءت كلماته، كرؤس حلم، كأجنحة فراشات، وتوغلت في كل القلوب، ووضع تاج عليها، ويحق للجميع، بعد هذه الخمر المبثوثة في الاسير، أن يشطحوا، وتمتد الارواح، والايدي، حتى تقطف النجوم، كما لو أنها زهرة قصيرة، ويدخلوا القمر، بكل جلاله، في جيوبهم، وهو يضئ الضلوع، بلونه الذهبي، بلونه المغني، ثم جرى الرقيص، كعادته للنساء، والاطفال، والفتيان، تتحرك الاجساد، بدعة، واستسلام للأغاني، كما لو أنها جيريل، خاص، صاح فيها، كلها (انكم لعلى فرح أصيل)، الاطفال يجرون بين الترابيز، كجدول يسقى الزهور، وما أكثرها، وما انضرها، هناك من احتكرت كل الاغاني، وظنتها لها، غرورها يقول ذلك، ولها الحق، فالاغاني اكثر سعة من الخمر، والشمس، تضئ حقول الحنايا، بغرور لذيذ، صادق، وعبقري، لا مستحيل في حضرة الغناء، قد تعود ملاكا، لو أردت، بل تطير بغير ريش، وتنبع منك أنهر، تسقي كل الصحاري، بالندى، والحكي ا لسعيد....قبيل الحفل، وفي الاستراحات، وبعده، جرت الاحاديث عن الوطن، العائد لخريطته في الدواخل، وقد فتح حجره، لوقائع حياه بعيده منه، قريبة منه، ظهرت ام درمان، كحورية، وليس مدينة، ونبض قلب على المك، والطابية، وحمد النيل، لأول مرة أدرك بأن الاكسير مخبأ في نسيج الغناء، وبأن الوتر ينخف الروح الحائط، مثل القلوب، وبأن المجتمع، هو ثراء للفرد، وبأن التعارض بين الآنا، والنحن، والهم، سراب بقيعة، ..... العريس بكري، شد رحال الجميع، آسر أن يجمع القبائل المعاصرة، قبال القلب والعقل المفتوح، والعاطفة الاصيلة... كان الخاسر الوحيد هو الزمن، لم يحس به احد، كان مجهولا، متواري، فقد هويته في الملل، والروتين، اختفى تماما، صارت الوقائع اكثر حضورا منه، صار المكان متسع، لوحة، تلغي وجدك الشخصي، في كم من الوعي، والنبض الفريد... ولياسر مبيوع، حبي، كم اثيرت الوجدان، أيها الفنان الاصيل، دوما، تترك في الذاكرة، أغنية لا تكف عن النشيد، حتى في أعظم حالات الصمت، تضئ، كوجه، كسحر... كندى يبلل الضلوع بالشوق، والحنو، والرقة...