الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.صدقى كبلو(Sidgi Kaballo)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2003, 02:47 AM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
5: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية (Re: Sidgi Kaballo)

    (5)
    ما بين يوليو 1971 وانتفاضة اغسطس شعبان 1973
    لعل اول تطور واضح في موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية بعد ردة 22 يوليو الدموية هو ما ورد في بيان الحزب الجماهيري في يناير 1972 احتفالا بعيد استقلال السودان عن النظام الوطني الديمقراطي الذي يناضل الشيوعيون لاقامته في مكان سلطة الردة الدموية..يقول البيان
    "نظام وطني ديمقراطي تنبثق سلطته السياسية من حركة جماهير شعبنا الثورية وانتصار مقاومتها، وتعبر تلك السلطة عن التحالف الديمقراطي بين تلك الجماهير باحزابها ومنظماتها السياسية التقدمية، بمنظماتها النقابية، باتحاداتها وتنظيماتها الاجتماعية والثقافية والاقليمية، وكل مؤسساتها وادواتها الديمقراطية التي تتوسل بها للدفاع عن كيانها ومصالحها، وتخلقها من خلال مقاومة حكم الردة اليمينية الدموية وتدخل بها معترك الثورة الاجتماعية.
    "نظام يختط الديمقراطية مبدأ ومنهجا - الديمقراطية كحقوق سياسية وحقوق اساسية، كحريات ديمقراطية، كنظام للحكم في كل المستويات، كعلاقات انتاج لتحرير اغلبية سكان الوطن، وفي جهاز الدولة، ولسيادة حكم القانون واستقلال القضاء، وكشرط لتوحيد القطر وتنفيذ الحكم الذاتي الاقليمي في الجنوب، وحل مشاكل القوميات والاقليات ."( مقتطف في دورة اللجنة المركزية -يناير 1974 ص ص 9- 10)
    ومن ثم يمكن الاستنتاج ان معالم جديدة لنظرية الديمقراطية عند الشيوعيين بدات في التبلور بعد هزيمة 22يوليو. فقد بات واضحا ان مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية تتعدد فيها الاحزاب وان الجماهير خلال هذه المرحلة تتمتع بالحقوق السياسية والاساسية...الخ. وما يجعل ملاحظة هذه المعالم الجديدة مهما ان الحزب الشيوعي ظل يطرح حتى انتفاضة اغسطس/ شعبان ان البديل لنظام نميري هو حكم وطني ديمقراطي.
    بين انتفاضة1973 والمصالحة الوطنية 1977 : تحول عميق
    لقد كانت انتفاضة اغسطس (شعبان) 1973 نقطة تحول بارزة في تاريخ النضال ضد ديكتانورية مايو، رغم ان قوى اليمين السودانى المتمثلة حينها في الجبهة الوطنية قد دخلت الى تلك الانتفاضة بهدف تبديل نميري وطاقمه بطاقم الجبهة الوطنية مع الاحتفاظ بجوهر نظام نميري الديكتاتوري: الجمهورية الرئاسية والحزب الواحد ومصادرة الحقوق الاساسية للجماهير. وفي المقابل كان الحزب الشيوعي قد طرح شعار "لتتحد قوى المعارضة الشعبية" لاستعادة الحقوق الاساسية والحريات الديمقراطية واطلاق سراح المعتقلين واعادة المشردين والمفصولين من العمل.
    كانت الفترة بين انتفاضة شعبان والمصالحة الوطنية فترة غنية بالنضال والتجارب الثورية و لا يمكن النظر للتطور الواضح في صياغة نظرية الديمقراطية في الحزب الشيوعي دون ربط ذلك بالتحولات العميقة التي حدثت في بناء الحزب وصياغة تكتيكاته والمعارك التي خاضها لتنظيم الحركة الجماهيرية والدروس التي استخلصها من المعارك التي خاضتها الجماهير بعفوية وبمبادرة منها دون ان يكون للحزب الشيوعي او لاحزاب الجبهة الوطنية دور في تنظيمها. ان جوهر ذلك التحول العميق كان امتلاك قيادة الحزب الشيوعي لتحليل صحيح لواقع المتغيرات في السودان ولامكانيات الحركة الجماهيرية عموما وحركة جماهير المناطق الاقل نموا على وجه الخصوص والذي صاحبه في ذات الوقت تقييم واقعي لضعف الحزب الشيوعي وبدائية عمله وادواته. ولم يكن من الصدفة ان تناقش اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ربط جدلي مدهش بين قضايا ومشاكل العمل القيادي ودور فرع الحزب، باعتبار ان قضايا ومشاكل العمل القيادي تحل اول ما تحل على مستوى الفرع الممثل الحقيقي للحزب او قل هو الحزب في مجاله وبين قضايا سياسية واقتصادية على نطاق الوطن كله وعلى المستوى الأقليمي. ولقد خلصت تلك المناقشات الى نتيجة هامة جدا وهي نهوض حركات جماهيرية مستقلة على مستوى الوطن كله. وكان ضروريا ان تؤدي هذه النتيجة الى استنتاجين اولهما تنظيمي حول اهمية وجود فروع للحزب الشيوعي على نطاق الوطن وارتباطها بهذه الحركات الجماهيرية الناهضة والتصدي لقيادتها واكتشاف الاشكال التنظيمية المناسبة لتنظيمها دون حبسها وفرع الحزب في اطار الاشكال الموروثة من المدن او القطاع الحديث.
    وكان ثاني هذه الاستنتاجات هو
    "ان تدرك القوى الثورية في المدن انه مهما علا شأنها، ووجدت من الدعم النشط من المزارعين في القطاع الحديث، لن تكتمل مسيرتها نحو النصر في الثورة الاجتماعية الديمقراطية الا بمشاركة نشطة وثورية من جماهير القطاع التقليدي - حيث اغلبية سكان السودان، اي لا يكفي التاييد والتعاطف كما كان الحال في ثورة اكتوبر. ان السلطة الوطنية الديمقراطية مهما توفرت لها مقومات الذكاء ووضوح الرؤية والقدرات القيادية الفذة، لاتستطيع انجاز الاصلاح الزراعي والتحرر الاجتماعي - والتحرر الاداري من نير الادارة الاهلية - بدون النشاط الثوري المستقل لجماهير القطاع التقليدي، ومشاركتها بالفعل والرأي وبالتصور... فمحنة محاولات تطبيق الاصلاح الاجتماعي والزراعي والاداري من اعلى ماثلة امامنا في تجارب انظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية في المنطقة العربية والافريقية و في السودان" (دورة اللجنة المركزية يوبيو 1975 ص 36)(التشديد ليس في الاصل)
    ان هذا الفهم العميق الرافض لاطروحة التغيير من فوق ولنظرية السلطة اولا ثم تلحق الجماهير بالطلائع والتي في الاصل هي التبرير للتوجهات الانقلابية لدى مختلف الفصائل اليسارية من البرجوازية الصغيرة كان لابد ان يمهد لنقلة نوعية فى نظرية الشيوعيين حول الديمقراطية وبالتالي لقفل اي فجوة لتسرب الفكر الانقلابي لداخل الحزب الشيوعي.
    وتجلى ذلك التحول في موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية والانقلابات العسكرية قبيل المصالحة الوطنية في عام 1977 عندما عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي دورة خاصة لمناقشة قضايا ومهام السياسة الخارجية. فرغم ان الدورة كانت مخصصة لمناقشة الوضع الدولي فان ما طرحته من مفاهيم حول قضية الديمقراطية والتحالفات والاتقلابات العسكرية والتحولات الاجتماعية يمثل ثورة وثروة نظرية لايمكن تجاوزها والاستهانة بها عند التعامل مع تراث الحزب الشيوعي النظري والفكري. ان تلك الدورة قد حاولت وفي ظروف عصيبة من تاريخ السودان والحزب الشيوعي استخلاص تعميم نظري حول القضايا المشار اليها من تجربة السودان والمنطقة العربية والافريقية وبعض بلدان العالم، انها قدمت اسس نظرية للثورة الوطنية الديمقراطية مختلفة ومتطورة عن الطرح الذي كان يوجد في الادب الثوري العالمي والاقليمي سواء من وجهة نظر سوفيتية او صينية او كوبية او عربية او افريقية . وما يهمنا هنا ان تلك الدورة كانت خير تمهيد لما بعدها من طرح فيُ ُجبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن’. فما هي اهم نتائج تلك الدورة؟
    اولا: الدورة تمثل قطيعة كاملة مع التغيير من اعلى، وبدون ان يكون ذلك التغيير نابعا من حركة منظمة لجماهير تتمتع بحقوقها الاساسية وتمارس كل حقوقها الديمقراطية، تقول الوثيقة الصادرة عن الدورة:
    "ان التجربة في العديد من البلدان تثبت ان الاصلاح الزراعي وتاميم المصارف والمصالح الاجنبية وبناء قطاع عام والاجراءات المماثلة تبقى مجرد تدابير فوقية بدون الديمقراطية - اي بدون ان تشارك الجماهير في الصراع من اجلها وانتزاعها وتثبيتها في صميم التركيب الجديد للمجتمع - ومن ثم يصبح سهلا سحبها من الجماهير بعد اي انقلاب مضاد، ولا تكون اساسا متينا لتمسك الجماهير بالثورة ودفاعها عنها وعن حياتها الجديدة""(أعمال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، دورة يوليو 1977، الجزء الاول ص 66).
    وقد كان ذلك استخلاصا لدروس عدة ولعل اكثرها اهمية بالنسبة لنا في السودان وحركة اتحرر الوطني الافريقية والعربية هي تجربة الناصرية التي تمثلت اهم جوانب ضعفها في مصادرة الديمقراطية وفرض "دكتاتورية بعض شرائح البرجوازية الوطنية باسم تحالف قوى الشعب العامل" (ص 34) والذي ادى الى ان يتحول
    "ما حققه حكم عبد الناصر على صعيد الحرية الوطنية والاستقلال الاقتصادي والتطور الصناعي والاصلاح الزراعي - وهو انجاز ليس بالهين - يتحول امام اعيننا، او هو بسبيل التحول، الى "مجرد اصلاحات للجماهير"، بينما يلعب قطاع الدولة وغيره من الانجازات التقدمية "دورا مساعدا" في عملية "تحويل فترة الانتقال في اتجاه خلق مجتمع راسمالي""( صص 48-49).
    ثانيا:اوضحت الدورة دون اي لبس موقف الشيوعيين من قضية التحالف الوطني الديمقراطي وارتباط ذلك بقضية الديمقراطية نفسها. تقول الوثيقة
    "اولا ان التحالف داخل كل بلد وعلى النطاق العربي العام ينبغي ان يقوم على اساس برنامج محدد وملزم لكل اطرافه.
    "ثانيا ان التحالف يتعزز و يتطور عندما يقوم على الاستقلال الكامل لاطرافه والتشاور الديمقراطي بينها وتساويها في الحقوق والاعباء.
    "ثالثا ان التحالف ينبغي ان يقوم على التمسك الحازم بالحقوق والحريات الديمقراطية الاساسية للجماهير ورفض تبرير مصادرتها باسم الدفاع عن الثورة.
    "رابعا ان التحالف ينبغي الا ينحصر في الطلائع او يقتصر عليها مهما كان وزنها الجماهيري وقوتها العددية، بل يقوم على اساس طبقي وجماهيري، ركيزته المكينة تحالف العمال والمزارعين مجتذبا اليه صفوفه جماهير الجنود." (ص ص 45-46).
    وذهبت اللجنة المركزية الى اقتراح ان يكون ضمن برنامج وحدة القوى الوطنية والتقدمية " النضال من اجل الحقوق والحريات الديمقراطية - حرية التنظيم والعمل الحزبي والنقابي، وحرية التعبير بالكتابة والخطابة وغيرهما وحق الاضراب - والتضامن الفعال لمقاومة اضطهاد القوى الوطنية والتقدمية في اي قطرعربي"( ص 52). ووضع نفس الاقتراح امام حركة الطبقة العاملة الافريقية لكي "تناضل من اجل الحقوق والحريات الديمقراطية الاساسية وضد اضطهاد وقمع الوطنيين والديمقراطيين في بلدها واي بلد افريقي آخر" (ص 6. واقترح على قادة الثورة الاثيوبية حينها:
    "بناء تحالف القوى الوطنية الديمقراطية حسبما تعبر تلك القوى عن نفسها في تنظيمات سياسية او نقابية او اجتماعية او قومية على اساس احترام استقلال تلك التنظيمات وتكافؤها والتشاور في ما بينها؛ وقيام سلطة ذلك التحالف من القمة الى القاعدة.
    "توفير الديمقراطية لكل القوى الثورية الاثيوبية، والتي تشمل في راينا الحزب الثوري لشعوب اثيوبيا، ووقف اقتتالها وانهاكها لبعضها وتشاورها من اجل التعاون والتلاحم ضد العدو المشترك.
    "الاعتراف بحق شعب ارتيريا - والقوميات الاخرى - في تقرير مصيرها بحرية، ووقف القتال ضد الثورة الارتيرية وعقد مؤتمر تحضره كل منظماتها مع السلطة الاثيوبية دون شروط مسبقة"(صص 66-67)
    ثالثا: اكدت الدورة من جديد رفض الشيوعيين للتكتيكات الانقلابية باعتبارها "تمثل بين القوى الوطنية الديمقراطية - مصالح البرجوازية الصغيرة لا مصالح الطبقة العاملة" وانه ليس امام الشيوعيين بديل للنشاط الجماهيري (ص 25) وانه في حالة حدوث اي انقلاب تقوده فصيلة ثورية فلا بد من نشر الديمقراطية لكي يتطور ذلك الانقلاب لعملية ثورية باعتبار ذلك شرطا اولا ورئيسيا (ص 27)
    رابعا: طرحت من جديد على اسس ديمقراطية مسالة قيادة الثورة الوطنية الديمقراطية بانها عملية تتم بالنشاط وسط الجماهير وباقناع الجماهير، واوضحت ان البرجوازية الوطنية والصغيرة عندما تستولى على السلطة "تبقي على جهاز الدولة القديم وتسخره لاقامة دكتاتوريتها على الاغلبية الساحقة من الشعب، وتفرض وصايتها بالقوانين المصادرة للديمقراطية والتنظيمات السياسية الفوقية على الحركة الشعبية وتجمد خطواتها وتعوق نهوضها"(ص 17)
    المصالحة الوطنية وجبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن
    ولم يمض شهر واحد على اجتماع اللجنة المركزية في يوليو 1977 حتى عقدت اللجنة المركزية اجتماعا استثنائيا لمناقشة المصالحة بين نظام نميري والجبهة الوطنية وبعد مناقشة وتقييم الوضع الذي قاد للمصالحة، صدر بلاغ اللجنة المركزية ووثيقتها الشهيرة " الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية: جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن". ولقد بني انتقاد الشيوعيين للمصالحة على موقف المصالحة من الديمقراطية والقوانين والمؤسسات الدستورية التي تصادرها والتي لم يتعرض اتفاق المصالحة لالغائها و تصفيتها، موضحة ان اي مصالحة جادة وحقيقية لابد ان تبدا من الاعتراف بالحقوق الاساسية والديمقراطية الكاملة للجماهير واوضحت الوثيقة:
    "لن يكتب للسودان الاستقرار والتطور والازدهار الا بتطوير واستكمال الحقوق والحريات التي تحققت مع الاستقلال، وتبوء بالفشل كل محاولة للارتداد على تلك الحقوق والحريات والمكتسبات تحت شعار دستور اسلامي او دستور اشتراكي" (الديمقراطية مفتاح الحل: ص 22)
    ونادى الشيوعيون بقيام جبهة واسعة للديمقراطية وانقاذ الوطن تضع قضية الديمقراطية كمحور لبرنامجها، معلنة الموقف الاساسي للشيوعيين منها:
    "الحزب الشيوعي لا يطرح مبدا الديمقراطية لمكاسب تكتيكية مؤقتة. فهو في نضاله من اجل بناء وطني ديمقراطي يفتح الطريق للانتقال الى الاشتراكية، ينطلق اولا من تجربة الحياة السياسية في السودان بتقاليدها ومنجزاتها وعثراتها، وتطابق تلك التجربة مع المنطلق النظري والفلسفي الذي يهتدي به الحزب الشيوعي وهو ان النضال من اجل الاشتراكية مستحيل من غير النضال من اجل الديمقراطية"(الديمقراطية مفتاح الحل ص 25)
    "من هذا المنعطف الجديد، وعلى طريق بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية من خلال العمل اليومي وعلى المدى البعيد والصبور، يدعو الحزب الشيوعي السوداني لمواصلة نشاط حركة المعارضة الشعبية لتتبلور في هذه الفترة ووفق متطلباتها في جبهة واسعة للديمقراطية وانقاذ الوطن، توحد الاحزاب والمنظمات والتيارات السياسية والاتجاهات الفكرية والشخصيات الوطنية في مواصلة النضال من اجل الديمقراطية والسيادة الوطنية والتقدم الاجتماعي والمصممة على متابعة النضال الجماهيري اليومي وتحمل مشاقه - بعيدا عن المؤامرات الانقلابية... لاستعادة الحقوق والحريات الديمقراطية، وحشد القوى بمسئولية وطول نفس لمعركة الانتفاضة الشعبية للاطاحة بالديكتاتورية العسكرية. واستعادة ارادة الشعب مقننة في دستور ديمقراطي علماني، يؤمن حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحق الاضراب، وحرية التعبير والعقيدة والضمير، وحرية النشر والصحافة، ويصون حقوق المواطن الاساسية من اي تغول من جانب الدولة"
    وهكذا شكلت وثيقة "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" امتدادا لتطور نظرية الشيوعيين للديمقراطية واصبح الخطاب الايدولجي والجماهيري حولها اكثر وضوحا، فمثلا جاء في بيان صادر من اللجنة المركزية "حول الوضع العربي الراهن":
    "تحتل قضية الديمقراطية مركزا اماميا في مهام حركتنا في الظروف الراهنة. فهي ليست فقط هدفا جوهريا لنضال الشعوب العربية، وانما تشكل مصادرتها السلاح الرئيسي الذي يستخدمه الحلف الامبريالي الرجعي لقمع اي مقاومة لمخططاته وتسوياته.
    "من هنا لابد من بناء حركة نشطة على امتداد الساحة العربية ترفض وتقاوم مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية في اي بلد عربي وتتضامن مع اية قوى وطنية وتقدمية تتعرض لاي اضطهاد، بحيث تصبح هذه الحركة عنصرا اساسيا لوحدة كل القوى الوطنية التقدمية ورافعة اساسية لنضالها وجزءا لا يتجزء من برنامجها" ( اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، بيان حول الوضع العربي الراهن مارس 1978 ص ص 10-11)
    ومضى البيان الى الدعوة الى تنظيم حملات واسعة من اجل وقف سياسة الاعتقال واطلاق سراح المعتقلين في البلاد العربية. ولعل الجديد في البيان والذي يعتبر ترجمة حقيقية لنظرية الديمقراطية التي طرحت في دورة يوليو 1977 هو تناول البيان لقضية الديمقراطية في الانظمة الوطنية العربية حيث قال البيان
    "ومن راينا ان احترام الحقوق والحريات الديمقراطية يجب ان يكون ايضا النهج السائد في النظم الوطنية. فذلك ليس ضروريا فقط لاطلاق طاقات الجماهير الجبارة في التنمية وتطوير الانجازات التقدمية وحمايتها وحماية النظام الوطني، ومن ثم لجعل اشتراك تلك الجماهير في تحالف القوى الوطنية والتقدمية على امتداد الساحة اشتراكا بالاصالة لا ينوب عنها فيه حزب او تنظيم بالوكالة، وانما هو ضروري ايضا لالهام وتطوير الحركة الجماهيرية في البلدان العربية الاخرى والتي يؤثر فيها سلبا انعدام الديمقراطية في النظم الوطنية. ونحن نقصد الديمقراطية كنظام للحكم واصلاحات اجتماعبة جذرية وحقوق وحريات اساسية، وقبل كل شئ حرية تنظيم الاحزاب والنشاط السياسي والنقابي وحق الاضراب والتعبير والاصدار المتعدد للصحف"(المرجع السابق، ص 11، خطوط التركيز مني)
    ونلاحظ خلو هذه الصياغة من اي لبس حول ما هية الديمقراطية المقصودة وبالتالي القطيعة الكاملة مع نظرية الديمقراطية الجديدة برتوشها البرجوازية الصغيرة ووصايتها على الجماهير وتقييدها للحقوق الاساسية.
    انتفاضة مارس ابريل وقضية الديمقراطية
    وبادر الشيوعيون بطرح موقفهم من الديمقراطية معلنيين بلسان سكرتير اللجنة المركزية الأستاذ التجاني الطيب بعد ثلاث اسابيع فقط من انتصارالانتفاضة ان الشيوعيين مع الديمقراطية التعددية وحقوق الانسان وان ذلك سيكون طريق الشيوعيين للاشتراكية في السودان. ثم توالت الندوات والاحاديث الصحفية والاذاعية لقيادة الحزب وكانت في مجملها ناقدة للفكر الانقلابي وداعية لارساء ودعم اسس الديمقراطية في السودان.
    وعلى مستوى النشاط العملي والجماهيري، فقد اخذ الشيوعيون المبادرة في الممارسة الديمقراطية، في اعادة تنظيم الجماهير وتصفية الانتهازيين في الحركة الجماهيرية وعقد الندوات العامة والمقفولة واصدار صحيفة الميدان والكتابة في الصحف المستقلة والحديث للراديو والتلفزيون والاشتراك في الانتخابات العامة.
    ومن خلال تلاحم نظرية الديمقراطية عند الشيوعيين مع النشاط العملي والجماهيري وضح ان تاكتيك الشيوعيين يقوم على وحدة قوى الانتفاضة داخل وخارج البرلمان، وسط كل الجماهير بما في ذلك جماهير الاحزاب التقليدية، وان تلك الوحدة تتم حول برنامج للانتفاضة يهدف الى "تنفيذ ما لم ينفذ من ميثاق الانتفاضة، التقيد بميثاق الدفاع عن الديمقراطية، التقيد بميثاق المؤتمر الاقتصادي القومي، التحضير للمؤتمر الدستوري"( اللجنة المركزية دورة مايو ، 1986 ، ص 23)، كما وضع امام التجمع النقابي بشقيه مضاعفة الجهد لالغاء قوانين مايو النقابية وصدور قوانين ديمقراطية جديدة.
    وظل خطاب الحزب الجماهيري بعد الانتخابات يحاول ان يبث في جماهير قوى الانتفاضة الثقة بنفسها وبقدراتها بتنفيذ برنامجها من خلال النشاط داخل وخارج البرلمان. وخاضت قوى الانتفاضة معارك متعددة وصلت اعلى درجة لها في اتفاضة ديسمبر 1988 وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في مارس 1989.
    ان انقلاب يونيو 1989 الذي نظمته الجبهة الاسلامية يقف دليلا واضحا حول صحة وجهة نظر الشيوعيين ان الديمقراطية هي المناخ الملائم لتطور الحركة الجماهيرية وان القوى المعادية لتطور الثورةالسودانية لاتحتمل تمتع الجماهير بالحقوق الاساسية والحريات العامة. ولكنه يوضح الوجه الاخر من العملية الديمقراطية وهو ان الجماهير لن تخرج طواعية للدفاع عن نظام لم يحقق لها مكاسب واضحة في حياتها اليومية، ولكنها سرعان ما تدرك ان اي انقلاب عسكري ليس مجرد اسقاط لنظام سياسي لا توافق عليه، انما اقامة لديكتاتورية تجردها من حقوقها السياسية ولا تصلح من احوالها الاقتصادية والمعيشية.
                  

العنوان الكاتب Date
الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:39 AM
  2: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:42 AM
  3: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:44 AM
  4: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:46 AM
    Re: 4: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Bashasha10-08-03, 06:55 PM
  5: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:47 AM
  6: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 02:49 AM
    Re: 6: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية أم سهى10-04-03, 09:30 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 01:10 PM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Abdelaziz10-04-03, 04:59 PM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية عاطف عبدالله10-04-03, 05:04 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية حسن الجزولي10-04-03, 05:54 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية TahaElham10-04-03, 06:04 PM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية أبو ساندرا10-04-03, 07:00 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-04-03, 10:47 PM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Bashasha10-12-03, 03:35 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية TahaElham10-05-03, 04:30 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية TahaElham10-05-03, 04:51 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-06-03, 01:56 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية نادر10-06-03, 07:49 AM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية hanouf5610-06-03, 09:16 AM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Al-Masafaa10-06-03, 09:37 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية TahaElham10-06-03, 01:56 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية نادر10-06-03, 02:44 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-07-03, 03:16 AM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Abuobaida Elmahi10-07-03, 05:03 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-08-03, 03:28 AM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية bunbun10-08-03, 01:01 PM
      Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Abuobaida Elmahi10-08-03, 05:42 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية TahaElham10-09-03, 07:05 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-12-03, 01:50 AM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Bashasha10-12-03, 03:46 AM
      Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية abdelrahim abayazid10-12-03, 11:42 AM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-12-03, 10:09 PM
    Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo10-17-03, 01:33 AM
      Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية bunbun10-17-03, 07:31 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية Sidgi Kaballo11-01-03, 03:49 PM
  Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية أبوالزفت11-03-03, 08:40 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de