بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد الرحمن بركات(أبو ساندرا)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-10-2007, 01:55 PM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة

    رُزنامة الأسبوع

    إنزِلاقَاتُ الذاكِرَة!



    كمــال الجـــزولي


    ضيفٌ على الرُزنامة

    بقلم / صديق محيسي


    الثلاثاء:

    كان الإمبراطور الروماني كاليغولا طاغية باطشاً مجنوناً! كان يطلق الوحوش الكاسرة علي معارضيه تمزقهم بأنيابها ، بينما يقهقه، ويتلمظ النبيذ ، محولاً المأساة إلي ملهاة! مع ذلك كان المنافقون الرسميون يزينون تصرفاته ، ويلعنون (الخونة) الذين يتجرأون على انتقاده! وقد بلغ به الاستهتار مرة أن دخل مجلس الشيوخ ممتطياً صهوة حصانه المدلل تاتيوس ، فهمس أحد الأعضاء منتقداً ذلك ، لكن الإمبراطور سمعه ، فاستشاط غضباً ، وعيره بأن تاتيوس هذا أكثر فائدة منه لأنه ، علي الأقل ، يحمل الامبراطور! صفق الأعضاء بحرارة ، غير أن كاليغولا استمر غاضباً حتى اقترح عضو آخر تعيين تاتيوس عضواً في البرلمان ، فما كان من الأعضاء إلا أن هتفوا بحياة الحصان الذي صار من يومها .. عضواً في مجلس الشيوخ الروماني!

    لكن .. ما لنا نذهب بعيداً إلى عصر كاليغولا ، والديكتاتوريات في السودان ، منذ استقلاله ، شهدت كماً مهولاً من المثقفين الانتهازيين الذين ساعدوها على إطالة أعمارها واستهتارها بالحريات؟! إنهم أشبه ما يكونون باللاتي يوزعن عواطفهن الزائفة بقدر ما في الجيوب .. لا القلوب! يرجحون مصالحهم على مصالح الشعب ، ولا يهمهم كيف يسير الحكم ، أو إلي أية كارثة يقود البلاد! يملكون من الوقاحة ما يفوق لصاً تقبض على يده داخل جيبك ، ومع ذلك يصر أنها ليست يده! سريعون إلى تغيير جلودهم وشحذ خناجرهم لاغتيال من كانوا يسبحون بحمده حتى البارحة! يرفعون راية الولاء لكل حاكم جديد ، مباركين عهده (الميمون) ، محرضين إياه بالضرب بيد من حديد ، دائماً (بيد من حديد) ، على (الخونة) و(المارقين)! إنهم حقا سلالة واحدة ، من جينة واحدة ، في خارطة بشرية أشبه بالخارطة الجيولوجية للمعادن ، تسافر وتتعرج داخل الجبال ، ولا يكتشفها إلا اختصاصيون في علم الجيولوجيا! والمدهش ، بل المحير ، أنهم كلهم (ظرفاء) ، (لبقون) ، (كرماء) ، لكنهم لا يبذلون مآدبهم إلا لمن يتوسمون فيهم فائدة! يظهرون تزلفهم للحاكم علناً ، ولغير الحاكم سراً ، حيث يمدون حبال الوصل مع كل من يتوقعون أن يصبح ، غداً ، وزيراً! لهم عيون كعيون الصقور ترصد مواضع أكل الأكتاف من علو شاهق! مثابرون صابرون كبُرص ينتظر فريسته ساعات بلا تضجر ، حتي إذا ظفر بها ، عاد إلى جحره ينتظر صيداً جديداً!



    الاربعاء:

    سألني صديقي القديم صلاح تميم الدار الذي يزور الدوحة هذه الايام عن حسن دقدق ، فساقنا الحديث إلى .. عز الدين عثمان. ولمن لا يعرفون ، فإن لاعب الكرة المشهور حسن عثمان (دقدق) ، والذي أصبح أحد أشهر المدربين بقطر ، هو شقيق عز الدين فنان الكاريكاتير الأول في السودان ، شفاه الله من المرض الذي أقعده عن الحركة سنين طوال.

    عرفت عز الدين في بداية عملي الصحافي في (الايام) عام 1966م ، وسط نفر مستنير من صحافيي ذلك الزمان: بشيرمحمد سعيد والوليد ابراهيم عليهما الرحمة ، والمحجوبان عثمان ومحمد صالح ، وعبد المجيد الصاوي ومصطفي أمين أطال الله أعمارهم. ولم يكن عز الدين أول كاريكاتيرست في السودان ، فقد سبقه إلي ذلك شرحبيل أحمد الذي اشتهر برسم شخصية (عمك تنقو) لمجلة (الصبيان) حينذاك. وكان هناك أيضاً شبر وجناح اللذان مارسا هذا الفن طوال حقبتي الخمسينات والستينات. تنشأ عزالدين على موجة من الإبداعات القادمة من مصر وبلاد الشام. ورغم أنه لم ينتم إلى حزب سياسي ، ولم يعتنق أيديولوجية يصنف بها ، لكنه كان شديد الالتصاق بالبسطاء ، يعيش حياتهم ، ويتألم آلامهم ، ويحلم أحلامهم ، ويستوحي من همومهم مادته الفنية ورؤيته الاجتماعية ، وكانوا يرون في فنه المعادل الموضوعي لعالمهم ، يتماهى فيه كما الحليب في الشاي!

    قضى عز الدين تسع سنوات مع المرحوم رحمي سليمان في صحيفة (الأخبار) ، وكانت مكاتبها بالسوق العربي منتدىً مسائياً للنخبة من اليمين واليسار ، رغم أنها كانت أقرب ، بمفاهيم تلك الفترة ، إلى اليسار ، أو يسار الوسط. وفي الحقيقة ، إذا كان اليسار ، في حدوده الفكرية غير الموغلة في (التفسير) ، هو النزوع إلى (التغيير) ، فإن (الأخبار) كانت منبر ثقافة (التغيير الإجتماعي) دون مغالاة أيديولوجية ، وقد وجد فيها عز الدين ، بحيويته وذكائه ، التربة الأكثر ملائمة لتعبيراته الفكرية والفنية دون قيود.

    أقام عز الدين علاقاته مع الناس بمختلف مشاربهم وسحنهم ، التجار والأفندية والعتالين والميكانيكية وبائعات الكسرة والشاي ، وحتى (السحاسيح) أو (الحناكيش) بمصطلح أولاد الزمن! كان صديقاً لكل الفئات ، من القاع الاجتماعي حتى رأس البئر الأرستقراطية! وقد أكتسبت تجربته الفنية ثراءها من حميمية تعاطيه مع الناس في ذروة سعادتهم أو شقاءهم ، لا فرق! وكثيراً ما رأيته يجوب الشوارع متفحصاً الوجوه ، مراقباً الحركات ، قارئاً الأفكار. كان لا يكتفي باستحضار شخوصه من الخيال ، بل يستبق ذلك بالملامسة الفعلية لهم وهم يكابدون لقمة العيش ، فجاءت خطوطه عاكسة لواقع ديموقراطي شديد الخصوبة ، كثير التسامح ، ولم يسلم واحد من الرموز ، أيامها ، من ريشته ، وفيهم الأزهري والصادق والإمام الهادي والحسين الهندي وشيخ علي وحسن عوض الله ومحمد عبد الجواد ، وقد نالت ريشة عز الدين من هذا الأخير كثيراً عندما اتهم بالفساد في ملابسات تركيب أول محطة أقمار صناعية في السودان!



    الخميس:

    كما للخريف رائحة الدعاش والعشب والشجر المبتل ، فإن للستينات عبق البراءة والخبرة البكر والطيبة المفعمة بالمودة. كان عصراً رقيقا كجدة عطوف يعمر صدرها بالحنان. وكانت (ود مدني) ، مسرح صبانا وحاضنة فقرنا ، ترقد علي ضفة النيل الغربية كظلال وارفة تناغم أشجارها. ولم تكد عيوننا تتفتح علي حقائق الحياة حتي بدأنا نتعلم أن نكون ثوريين في عالم تتشكل نطفة الثورة في رحمه.

    أواخر الخمسينات ، وأنا في أوج الفتوة والتطلع ، التحقت بالحزب الشيوعي ، فتعلمنا أهمية أن يكون للانسان دور في صنع الحياة الجديدة التي وعدت بها الاشتراكية ، ونهلنا ، بانبهار عظيم ، من معين الثقافة المغايرة: جوركي ، تشيكوف ، تولستوي ، همنغواي ، لوركا ، أمادو ، أراغون ، نيرودا ، ناظم حكمت ، ريتشارد رايت ، جيمس بولدين ، هؤلاء الذين كان الفقراء أمثالنا يتنفسون داخل صفحاتهم. والتهمنا ، إلى ذلك ، أعمال الشقيقين ابراهيم وكمال حليم ، وكان لديوان (عاصفة النيران) للخميسي ورواية (الأرض) للشرقاوي أثر السحر على أخيلتنا الطرية. وكانت مصر ، كعادتها ، مصدر إشعاع ذلك التنوير: عبد الصبور ، حجازي ، جاهين ، الفيتوري ، جيلي ، تاج ، فارس ، يوسف ادريس ، ومحي الدين محمد المفكر السوداني الذي يقضي شيخوخته الآن بالقاهرة ، وكان قد أطلق إحدى أولى صرخات الاحتجاج الفكري على واقع التخلف العربي. ومن العراق قرأنا الجواهري (أتعْلمُ أم أنت لا تعْلمُ/ بأن جراح الضحايا فمُ) ، والسياب (عيناكِ غابتا نخيل ساعة السحَرْ/ أو شرفتان راح ينأي عنهما القمرْ)ا ، والبياتي (الشمس والحُمُر الهزيلة والذباب/ وحذاء جندي قديم/ يتداول الأيدي/ وفلاح يحدق في الفراغ) ، ونازك ، وجبرا ، والحيدري. ومن سوريا بغدادي ، وتامر ، والعيسي ، والماغوط. ومن فلسطين بسيسو ، وفدوي ، والثلاثي سميح ودرويش وتوفيق. ومن لبنان مجلة (الآداب) لسهيل ادريس ، و(الثقافة الوطنية) لمحمد دكروب ، و(الطريق) لمهدى العامل ، وتعرفنا علي حسين وكريم مروة ، وجورج حاوي ، وأدونيس ، ويوسف الخال ، ومطاع صفدي ، وسنية صالح ، وجورج طرابيشي ، وأنسي الحاج ومجلة (شعر).

    كان الشعر والثورة توأم يأسران قلوبنا ويؤججان أخيلتنا بعالم جديد ينتشلنا من وهدة الفقر إلى رحاب الاشتراكية. وكنا ثلة من الاصدقاء التقينا علي طريق الأدب والفن: محمد عبد الحي ، وعلي يسن ، وعصام البوشي ، وعمر محمد الحاج ، وسعيد احمد خير رد الله غربته. (سوق ود مدني) تشقه شوارع أسفلت ثلاثة ، الرئيسي منها يؤدي إلي (المكتبة الوطنية) التي يملكها عيسي عبد الله ، وهي ملتقانا وملتقي كل القادمين في عطلة نهاية الأسبوع ، مفتشي الغيط من (مشروع الجزيرة) ، والطلاب من (حنتوب الثانوية) ، وموظفي وعمال (الري) ، و(ورشة 114) ، و(المحكمة) ، و(البوستة) ، و(شركة النور). وكانت (بصات الاغريقي) الحمراء تحمل من الخرطوم الصحف والمجلات. كان مجتمع (ود مدني) خليطاً من أفندية ، وطلبة ، وعمال ، وتجار ، وحرفيين ، وفنانين ، ولاعبي كرة قدم ، وشرطيين بقلنسوات كرؤوس الغرانيق ، وآخرين بجلابيب بيضاء ومناديل حمراء يحصون أنفاس الشيوعيين وكل معارضي (حكومة عبود)! رائحة القماش الجديد والزيت والفول تتخلل الشوارع المبللة بمياه الامطار ، ونهيق الحمير الساهمة يسمع من أطراف المدينة ، وأصوات الفلاتية ، والكاشف ، والتاج ، والخير ، وأبو داود ، وأحمد المصطفي ، وحسن عطية ، وعبد الحميد يوسف تنبعث من مقاهي (ود العود) ، و(بوزمات) ، و(ود الفكي) .. أسطوانات مشروخة أشبه بكحة قديمة لمصدور تعافي ، لكنها تفعم الجو ببهاء ساحر. عتالة بظهور محنية يُفرغون ، من الصباح إلي المساء ، شاحنات شائخة تحمل الدمورية والدبلان والكاكي ، ونساء كخيال الظل تحت رواكيب من القش يبعن الزيت والودك والسمنة البلدية لأعراب شعث قادمين من القري المجاورة.

    في ذلك الزمان الغارب تصادقنا أنا والشاعر الراحل محمد عبد الحي محمود ، عندما كان طالباً في المدرسة الأميرية الوسطي ثم بحنتوب الثانوية. كان والده مديراً موقراً لمصلحة (المساحة) ورئيساً محترماً (لاتحاد كرة القدم) في (الجزيرة). وكان محمد ، بدراجته اللامعة ، وهيكله الرقيق ، وعينيه اللتين تشعان ذكاء وشعراً ، يزورني بانتظام في بيتنا في (قشلاق البوليس) ، تلك الجدران المقشرة المجدوعة في أطراف المدينة! لم يكن ثمة شبه بين بيوتنا التي تستند إلي بعضها كخراف مذعورة ، وبين بيوتهم الشامخة كمتاحف في (الحي البريطاني) الذي أصبح (السوداني) بعد السودنة! من بيوتهم كان أريج الفل والياسمين والزونيا وأشجار السيسبان يفوح على مستوطنة كبار الموظفين تلك. أما بيوتنا فتفوح بروائح روث الأغنام والدجاج وكائنات أخرى تشاركنا المسكن والمأكل والمشرب!

    كان محمد يجيئني بمجلة (الآداب) وآخر إصدارات بيروت من دواوين وغيرها. وكنا نقضي الساعات في (حديقة كعكاتي) السوري القادم من حلب ، والمطلة علي النيل ، نقرأ الشعر ، ونتبادل الآراء حول الأخيلة ، والصور ، والأوزان ، والبناء الفني ، مع الزين عباس عمارة ، وعبد المجيد عبد الرحمن ، وفضل الله محمد ، وشيبون الذي اختار لحياته ختاماً فاجعاً ، حين تعلق من عنقه بعمامة في بيت صديق له (بالحصاحيصا)! وكان هناك أيضاً المرحوم يحي جاد كريم (جحا) ، حكواتي المدينة الذي كان الناس يتداولون رواياته الحكيمة الساخرة. وأذكر أنني اصطحبت صديقي كمال الجزولي ، ذات إجازة مولد ، إلى (ود مدني) ، فسهرنا مع الأصدقاء هناك نستمع ونموت من الضحك ، طوال ليلة ماطرة بأكملها ، إلى جحا جاد كريم يروي وقائع (يوم القيامة) من خياله الخصيب المدهش! ومنذ ذلك الحين صار كمال شغوفاً باجترار تلك الحكاية التي أسماها (إلياذة جاد كريم)! وكانت (حديقة كعكاتي) تحتضن كل ظهيرة أيضاً وجوهاً إذا غاب أحدها افتقده الجميع: كمال عربي جراح العظام الشهير ، عباس أبا سعيد الدبلوماسي المتقاعد ، معتصم محمد حسين الذي هاجر إلى أمريكا وانقطعت أخباره سنيناً ، ابراهيم عبد الله ، فاروق كشة ، عبد السميع عمر يرحمه الله ، محمد عبد الله مرسال ، محمد ابولكيلك يرحمه الله ، وأسماء أخرى غابت عن الذاكرة.

    شاعرية محمد الأولي حبت في مدني ، ووقفت علي ساقيها في الخرطوم ، ورسخ مشروعها مع بداية سبعينات القرن الماضي. كان معجباً أيما إعجاب بالسياب ، ولوركا ، وناظم حكمت ، وظهر ذلك في قصائده الأولى مثل (واقعة هكس) التي كانت قريبة الشبه من القصيدة التي كتبها ناظم حكمت باسم (الشيخ بدر الدين) ، ذلك التركي الذي كان يدافع عن الفلاحين ضد الاقطاعي خوركان في (ديار بكر). ففي (واقعة هكس) صور عبد الحي الأنصار مضرجين بدماء النصر وهم يقاتلون الجنود المصريين والشركس والألبان القادمين من وراء الافق! ومن عالم لوركا أخذ عبد الحي روح المأساة التي قادت الشاعر المغدور إلى مصرعه برصاص جنود فرانكو. كان مقتل فيدريكو غارسيا لوركا يحملنا إلي تخوم (غرناطة) مقاتلين في صفوف (الجمهوريين) ، ويعطينا القوة والأمل في هزيمة أول ديكتاتورية في السودان.

    لكن قصائد صديقنا (البرجوازي) عبد الحي ، المكتوبة في (الحي البريطاني) ، لم تكن تعجبنا أول أمرها ، فالقصائد المناضلة لا يكتبها إلا شعراء فقراء مثلنا! وفي شرنقة ذلك الفهم البائس لظاهرة الفن كانت تدور سجالاتنا. كان فاروق كشة يسخر هامساً بأن شعر صاحبنا لا صدق فيه لأنه بعيد عن المبادئ الثورية ، والنصيري بنظراته الحادة ، وثوريتة المتوترة الصادقة ، يرى أن التجربة الشعرية الأصيلة لا بد وأن تنبع من وسط العمال والمزارعين الذين يصنعون الحياة. وكان عبد الحي شديد الحساسية ، سريع الغضب إزاء النقد! وكان يرى ، علي العكس منا ، أنه ليس ضرورياً أن يكون الشاعر شيوعياً ، كناظم حكمت أو نيرودا أو لوركا ، لتكون تجربته صادقة. كان يقول: إنني أحب هؤلاء الشعراء لصدقهم الفني في المضامين والأشكال ، لكن لكل فنان تجربته ورؤيته للحياة ، فأنا حر في التعبير عن نفسي بالطريقة التي أراها ، ولست مستعداً لأن أضع قيداً أيدويولجياً علي معصمي!

    تلك الرؤية التي رفضناها في ذلك الوقت الباكر ، عدنا وقبلناها بعد ثلاثة عقود. كان صديقنا الراحل على صواب ، وكنا علي خطأ ، فقد كان يقرأ المستقبل ، بينما اكتفينا بقراءة الحاضر!



    الجمعة:

    (إنقلاب 17 عربة سكة حديد في طريق بورتسودان)! ذلكم هو المانشيت الذي خرجت به جريدة (الأيام) صبيحة السادس من مارس 1959م ، وأوردت ، في متن الخبر ، أن قطار بضاعة قادماً من بورتسودان قد (انقلب) وتحطمت منه 17 عربة! تخاطف الناس الجريدة ، يومها ، حيث ما كان ليخفى غمز الصياغة على (انقلاب) 17 نوفمبر! وبالفعل سارع وكيل وزارة (الداخلية) للاتصال برئيس التحرير بشير محمد سعيد ليبلغه باستياء المسئولين من طريقة نشر الخبر! وكالعادة كان وراء المانشيت محجوب عثمان الذي اشتهر بإجادة صياغة المانشيتات!

    تميزت (الأيام) بأنها كانت تدار بثلاث مدارس سياسية ، حسب ميول ملاكها الثلاثة: مدرسة اليمين المحافظ ويمثلها بشير محمد سعيد ، ومدرسة الوسط ويمثلها محجوب محمد صالح ، والمدرسة الراديكالية ويمثلها محجوب عثمان ، وذلك هو ما أكسب (الأيام) صدقيتها المهنية. وكان (الفرسان الثلاثة) ، كما أطلق عليهم ، يتبادلون الأدوار السياسية. فعندما تهب رياح النظام شرقاً كانت الصحيفة تجد الفرصة للحديث عن قضايا التحرر في العالم الثالث ، فتفتح صفحاتها للكتابات اليسارية بإشراف محجوب عثمان. وعندما تحتاج المرحلة للوسطية فإن أنسب من كان يتم ذلك على يديه هو محجوب محمد صالح ، أما بشير محمد سعيد ، وهو الأكبر سناً والأكثر أسهماً في الصحيفة ، فقد تميزت كتاباته بالنقد الموضوعي الهادئ أحياناً ، والعنيف أحياناً أخرى ، رغم صلاته الحميمة مع عدد من قادة النظام عسكريين ومدنيين.

    كانت الصحف ، خلال عهد عبود ، تتعرض للمصادرة والإيقاف والمحاكمة كلما خرجت عن الخط! وظل عبود يكرر ، في لقاءاته النادرة بالصحفيين ، »ألا تكتبوا أي شيء ضد الحكومة ، وألا تنتقدوا أعمالها في الأمور الداخلية والخارجية ، ولا تعلقوا على هذه

    الأعمال بشيء ، ولا تكتبوا عن الأحزاب السياسية السابقة ، أو الطوائف ، ولا تكتبوا

    معلقين أو منتقدين سياسة البلدان الأخرى«! ولأنه كان من الصعب ، بطبيعة الحال ، أن تتقيد الصحف بتلك (التعليمات) ، مثلما كان من الصعب أيضاً أن تخالفها مباشرة ، فقد ابتدعت بعض أساليب الاحتجاج الذكية ، كما في المانشيت المذكور ، إضافة إلى بعض الصفحات الثقافية التي كانت بعيدة عن عين الرقيب ، كصفحة (الرأي العام) بإشراف أحمد على بقادي ، والتي نشر فيها شعراء معارضون قصائد رمزية تهاجم النظام ، ومنهم صلاح أحمد إبراهيم ، وعلى عبد القيوم ، وعبد الحي ، وأبو ذكرى ، ويوسف محمد يوسف ، وسند ، وكجراى الذي صودر ديوانه (الصمت والرماد) لاشتماله على قصائد تهاجم الحكم العسكري!

    تعذر النقد لنظام عبود عبر المقالات المباشرة ، فتسرب من خلال القصائد بالأخص ، مما أعطى الحركة الشعرية ، يومذاك ، وزناً سياسياً خاصاً!



    السبت:

    كآركيولوجي ماهر حفر صديقي كمال الجزولي في منجم ذكريات شبه مهجور ليستخرج من أعماقه أحداثاً طواها زمن عجول عشناه سوياً أواخر ستينات القرن الماضي. حينها كان حتى صناع القرار يرهبون الملحق العسكري الاثيوبي تركن (بتشديد الراء) ، لجبروت غامض يستمده من عمله الاستخباري المرتبط بالـ قCIA ، وكان يمارسه بأقذر الأساليب وأكثرها دموية! كان كخفاش ليلي ما أن يظهر في فندق الواحة حتي تجده في الفندق الكبير ، ثم فجأة في احتفال صاخب تقيمه أثيوبيات في الخرطوم ثلاثة أو في حي مقابر فاروق! وكان يذكرني بدراكيولا محلقاً ، بعباءته السوداء ، فوق ليل الخرطوم ، وموزعاً الرعب على الجميع ، من الجالية الاريترية إلى الوسط الصحفي!

    حكي كمال ، بأسلوب روائي فنتازي ، جانباً من حادثة (بيت السماية) التي عشناها سوياً ، واستدعتها إلى ذاكرته مقابلته (لسفير جهنم) في سجن كوبر ، يعاني من وحدته وضياع مجده الغارب ، بعد هروبه من أثيوبيا في أعقاب إطاحة العسكر بالامبراطور. لكن صديقي لم يورد حكاية الحادثة المرعبة الأخرى التي كنت (بطلها) ، ذات ليلة شتائية وجدتني فيها ، وجها لوجه ، مع ذلك الكائن الغريب ، وكادت تودي بحياتي ، لولا لطف الله وخفة ساقين حلقتا بي ، كفراشة ، من فوق حائط في حي مقابر فاروق!

    كنت وحدي ، آخر المساء ، بصحيفة السودان الجديد ، مفلساً ، حزيناً ، أحمل هم العشاء والوصول إلي منزلي في شارع 61 بالعمارات ، وقد غادرني صديقاي يحي العوض ومحمود مدني إلي سهرة في بري حرمتني ظروف العمل من مرافقتهم إليها. وحين كنت أنهي مراجعة مضجرة لصفحات مكتظة بالأخطاء دخل علي ، فجأة ، ذلك الصحفي الذي وصفه كمال بالنابه! وقف ينظر إلي بعينين تمتزج فيهما الطيبة بالمكر ، وكان يحمل لفافة لا يصعب تخمين محتواها! لكنه ، لما دعاني للعشاء بالنادي الأثيوبي بالخرطوم اثنين ، بدا لي كفرقة إنقاذ كاملة!

    كان نادياً مترفاً لا يدخله إلا الموسرون! تغلب استمتاعي بالسهرة التي وقعت لي من السماء على شكوكي الغامضة! طفق مضيفي يثرثر ، همساً ، عن الثورة الاريترية ، وعن القائدين الراحلين حامد عواتي وعثمان صالح سبي ، وعن صلته هو بقبيلة معروفة في شرق السودان. تشقق أنسنا بين السياسة والحكايات الصحفية وجمال النادلة الأثيوبية. وكان الليل قد أليل. لكنه ، بعد عشاء الزغني الدسم ، إقترح مواصلة السهرة في مكان آخر ، فوافقت فوراً ، وبشجاعة جعلتني ، في عز نشوتي تلك ، لا آبه بشيء إطلاقاً!

    حملنا التاكسي في مشوار قصير إلى حيث طيور (البلو بلو) المشقشقة ، ونعومة الرمل المرشوش ، وشلالات الموسيقي المتدفقة بشجن الهضبة العتيقة! وسرعان ما عمرت المائدة بالمطايب ، فطاب مجلسنا كحلم مشتهي! لا أذكر كم مضى من الوقت حين استأذنني مضيفي في الذهاب للحمام ، لكنني أذكر أن غيابه طال! مع ذلك لم أعر الأمر اهتماماً ، فقد كنت مثل قبطان يرتاح ساعة من عناء البحر ، فلا ينشغل بما يعكر مزاجه!

    فجأة ، تناهت إلى سمعي جلبة ، وشقشقات ترحب بضيف ما ، وهمهمات كلبين توحي بأنهما يألفان زائر الفجر ذاك! شيئا فشيئا أخذت الجلبة تقترب ، والشقشقة ترتفع ، وصوت الزائر يستبين ، حتى أفقت وقد وقعت الواقعة ، وقرعت القارعة ، حين انتصب أمامي في وسط الغرفة ، بغتة ، (سفير جهنم) شخصياً ، وبلحمه وشحمه! كان صدره يعلو ويهبط كموجة من بحر الظلمات ، وقصبته الهوائية تنفث صفيراً كقاطرة بخارية تتهيأ للمغادرة ، وعيناه محمرتين كما لو اندلقت فيهما ، للتو ، قبضة من شطة (القبانيت)! إرتمى بثقله كله إلى جانبي يزفر انفاساً مشبعة بالكحول ، ويتشاغل برهة بالنبش في الصحاف ، قبل أن يحيينى باسمي ، دون أن يلتفت نحوي ، ويسألني ، مستهزئاً: ما معنى (محيسي)! أجبته مأخوذاً: هذا جدي! قال بصلف: هل تعرف معني (تركن)؟! قلت بصوت مرتجف: طبعا لا! قال: تركن ، بالتقرنجي ، يعني الرجل الذي يقتل ضحيته ويدفنها تحت قدميه!

    تيقنت تماماً أن ذلك آخر يوم في حياتي! أخرج من جيب سترته اثنا عشر فتيل كرفوازير رمي بها أمامي على المائدة ، وأتبع ذلك بمسدس أمريكي ذي فوهة كمقبرة وضعه وسط الفتايل ، ثم .. كيف تكتب ، أيها السافل ، في صحيفة السودان الجديد أنني أقتل الإرتريين وأدفنهم في فضاء بري؟! إنكم معاشر الشيوعيين تخربون علاقاتنا! قلت له صادقاً: لست شيوعياً. رد بعنف ملوحاً بقبضته: بل أنت زعيم الصحفيين الشيوعيين!

    طال غياب صاحبي الذي استأذن لبضع دقائق! أرجعت شريط الأحداث .. مكتبي بالصحيفة ، النظرة الماكرة ، اللفافة إياها ، النادي الأثيوبي ، الكرم الفياض ، الزغني ، التاكسي! كان (سفير جهنم) يغلي غضباً ، وعيناه غاصتان في حَوَلِهما كنمر يهم بالتهام فريسته! كنا وحدنا في الغرفة مع صورتين ، العذراء ترش ملحاً علي أطفال ملائكيين ، والمسيح علي صليبه تسيل الدماء من كفيه المسمرتين! أمرني بشرب كل تلك الفتايل وإلا قتلني ودفنني في نفس الغرفة! وللتأكيد نادى على ربة الدار وصويحباتها ، فجئن مسرعات يرتجفن هلعاً! قال: هل تعرفهن؟! قلت: لا. قال: إنهن خادماتي ، والآن أستطيع أن أقتلك وأدفنك هنا دون أن يجرؤن على الكلام ، هل فهمت أيها الشيوعي الجبان؟! مد يده إلي المسدس ، وأداره بإصبعه في الهواء كراعي بقر حاذق ، ثم ما لبث أن سدده إلى جبيني ، وأمرني بأن أشرب الفتايل ، فانصعت ، وتجرعت ثلاثة منها ، فتيلاً إثر فتيل!

    تبخر مضيفي ، فتأكدت أنه ، بعد أن أكمل دوره المرسوم ، ذاب في الظلمة كقطعة سكر في كوب شاي! كانت تغشى تركن ، بين الفينة والفينة ، إغفاءة قصيرة تسقط رأسه علي صدره. لكنه سرعان ما كان ينتفض منتبهاً كالملدوغ ، ليعود يُلعب مسدسه بين أصابعه ويواصل تهديداته بلسان أثقله الخمر! رحت أراقبه بعيني كوبرا ، إذا تثاءب ، إذا حرك يديه ، إذا مسح جبينه ، وفكرت أكثر من مرة أن أهرب في لحظات وسنه السريع ، لكن ذلك كان يتطلب حساباً صائباً بالدقيقة ، بل بالثانية ، فقد كان كالثعلب تماماً ، ينام بعين ويترك الأخرى مفتوحة!

    فلق الصباح وأنا وسفير جهنم في صراع غير متكافيء. بائع اللبن يطرق الباب ، وحماره ينهق معلناً بداية يوم جديد ، وأصوات كماسرة البصات تشرخ ما تبقي من صمت. أخيراً حانت اللحظة المرتجاة. لقد هزمت الكحول الرجل ، فاستسلم لموجة شخير كاسحة جعلت رقبته مجدوعة علي كتفه كقتيل في معركة بحرية! نهضت بحذر فائق. تجاوزت ساقيه الممدودتين. كانت ثمة عجوز تزيح العود الضخم من الباب الخارجي عندما عبرت كضوء ، لأستقر في الشارع المحازي لمقابر فاروق!

    تلك هي التجربة الوحيدة التي لم أكتب عنها إلا الآن بتحريض ما كتب صديقي كمال. أما تركن فقد مات وحيداً طريداً في منفاه الأمريكي ، بعد أن أصيب بالعمي ، تاركاً ذكريات دامية في بيوت الاريتريين في بري والخرطوم ثلاثة وحي مقابر فاروق ، كما في قلوب الكثيرين من صحفيي الخرطوم!



    الأحد:

    مثلما فجر الطيب صالح ، منذ الستينات ، ثورة في الرواية العالمية ، بأعماله المتفردة ، يطل الآن على السرد العربي والأفريقي إسم لم تسمع به حتي الآن سوى قلة قليلة .. عبد الغني كرم الله ، بمجموعته الأولي (آلام ظهر حادة) ، والتي هي أقرب الي الرواية لطولها ، وقد لفت نظري إليها الصديق محمد سليمان عبد الرحيم ، القارئ النهم للرواية بكل أجناسها. وبالفعل ، ما أن أمسكت بالكتاب أول المساء حتى صعُب علي وضعه جانباً قبل الفراغ منه مع آذان الفجر!

    قضية الحداثة تثير دائما أسئلة معقدة لا تجد غير إجابات متصادمة لا تفضي في النهاية إلي حقيقة واحدة. وليس أعسر من القول باستنساخ التجربة الابداعية ، أي أن تحل روح روائي في روائي آخر! ولكن يسهل القول بتأثر روائي بروائي آخر تأثراً معيباً قد يبلغ درجة وقع الحافرعلي الحافر! لكن النقاد يتفقون على أن الطيب صالح أصبح يشكل علامة فارقة بين زمنين في رزنامة الحركة الروائية ، حيث أن إيقاع التطور يجعل من أعماله تراثا أثرياً بالنسبة لمعيارية التجاوز كما في حالة عبد الغني كرم الله الذي يقع علي النقاد عبء أن يجعلوا صوته مسموعاً في كل العالم.

    رؤية كرم الله السردية للأشياء والكائنات تعد تحولاً مهماً ، وليس هذا من قبيل الشطح المجاني ، إذ أننا لا نجد لها شبيهاً عدا ما ذهب إليه بشري الفاضل من خلق شخوص موازية للبشر. وقد ظل (الانسان) دائماً ، وطوال تاريخ السرديات العربية ، هو مادة الرواية والقصة القصيرة ، باعتباره العنصر الأساسي المكون للحياة والمحرك لأحداثها ، لا في حكم (كليلة ودمنة) الهندية التي اختارت نماذجها من الحيوانات ، وهي أحاجي تبحث في الخير والشر بأسلوب فلسفي رومانسي.

    ما يميز كرم الله أنه اختار لمادته السردية عالماً شاملاً يقتضى التوحد مع كائناته الحية والجامدة معاً. فهو ، وعبر رؤية فلسفية تقارب البوذية وتتفوق عليها أحيانا ، قد نفخ روحاً ما في زوجي حذاء ، مثلما فعل ذلك مع الطمي والريح والشجر والحصي. ثم جاءت رائحة النوارس والسمك وبتلات البصل ، ورائحة النعل الملقي في الخلاء ، ورائحة العرق المالح على صدور المزارعين والعمال ، ورائحة الأسمنت من حائط شاهق ، ومثلها روائح الروث والسندس ومصنع النسيج في سفينة الريح. هذه الصور الواردة ، مثلاً ، في قصة (رائحة الطمي) ، أكسبها القاص كينونة تجعلها تحس وتفكر وتحلم كجزء من كون زاخر بقيم علوية تأخذ من الطبيعة ، ذلك المجال الواسع الشاسع ، صيرورتها كمظهر من مظاهر الحياة في مسيرتها الموغلة في القدم.

    وكرم الله يماهي بين السكون والحركة في نسيج شخوصه ذات الأبعاد الروحية الإلهية ، حيث كل مخلوق صناعة علوية بوظيفة محددة في الحياة. وتستمد صيرورة الأشياء عنده مادتها من أثر فلسفي يقترب ويبتعد ، بقدر محسوب ، من وعن الفكر الجمهوري الذي ما يزال يتخلل خطابه. وكنموذج لهذا ، فإنه يُظهر ، في قصته (حمار الواعظ) ، كم هو محير أن يتحول الدين إلى محض أداء روتيني يمارسه الواعظ كما لو كان مكلفاً بتوصيل رسالة ناقصة إلي البسطاء ، فتجده يحثهم علي مخافة الله العزيز الجبار الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، بينما هو لا يفعل ذلك في علاقته مع حماره الذي يعذبه ليل نهار!



    الاثنين:

    قال ميكانيكي السيارات لاختصاصي جراحة القلب المفتوح: أنظر يا دكتور ، أنا أيضاً أفتح قلب الماكينة ، وأخرج كل صماماتها ، وأعالج ما بها من عطب ، فإذا بها ، بعد أن أعيد الصمامات إلى مكانها ، تعمل كالجديدة تماماً. فلماذا إذن أحصل على دخل سنوي لا يتعدى 40000 دولار ، بينما تحصل أنت على أكثر من 1000000 دولار في السنة ، في حين أننا ، كما ترى ، نؤدي نفس العمل تقريباً؟!

    نظر الجراح إلى الميكانيكي مبتسماً ، ثم انحنى وهمس في أذنه قائلاً: حسناً .. ولكن جرب أن تقوم بالمهمة دون أن توقف الماكينة!ات م

                  

العنوان الكاتب Date
بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة أبو ساندرا04-10-07, 01:55 PM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة بكري الصايغ04-11-07, 11:05 AM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة عبدالغني كرم الله بشير04-12-07, 11:45 AM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة Amjad ibrahim04-12-07, 08:23 PM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة Salah Yousif04-12-07, 08:35 PM
    Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة غادة عبدالعزيز خالد04-12-07, 09:15 PM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة Atif Makkawi04-13-07, 03:00 AM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة أبو ساندرا04-13-07, 05:59 PM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة Atif Makkawi04-15-07, 04:38 AM
  Re: بقلم : صديق محيسي ، رزنامة الأسبوع تكتب من الدوحة Elmoiz Abunura04-15-07, 04:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de