|
(((كن جميلا ترى الوجود جميلا)))
|
كن جميلا ترى الوجود جميلا! غريب , وكم هو عجيب أمر هذه الحياة , التي نعيشها , ونعشقها , و نتغنى بها دوما و أبدا , ونفني في الكد و الجهد في سبيلها , لأنها و حقيقة القول لا تطيب و لا تحلو من غير كد و كدر , ولا تحلو بدون مشاكل و معاناة , ولو إفترضنا أنها سارت على وتيرة واحدة , وعلى روتين واحد , وأسلوب رتيب لا يتغير , لتطرق السأم و الملل على أجسادنا , ولشعرنا بالضيق و المعاناة و الضجر أينما سرنا , وأينما حللنا , ومع ذلك ومما يؤسف له فإن البعض من الناس ينظرون إليها و يرونها نظرة التشاؤم و القلق , وقد يرونها دائما بمنظار قاتم أسود , ولذا نراهم دائما يعيشون في قلق دائم مستمر ووهم مقيم:- وإن شر الجناة في الأرض نفس *** تتوقى قبل الرحيل الرحيلا وترى الشوك في الورود وتعمى*** إن ترى فوقها الندى إكليلا و الذي نفسه بغير جمال **** لا يرى في الوجود شيئا جميلا وإن كانت الحياة ليست كلها صفوا , فمن المؤكد و الطبيعي أنها ليست كلها كدرا , و من المنطق و البديهي أن الحياة لا ذنب لها , في الصفو و الكدر و المعاناة و النكد , ولكنها وبالطبع , ظروف الناس , وهي تتباين و تختلف باختلاف أشخاصهم و ظروفهم و تركيبتهم , وهكذا فإن نظرة الناس إلي الحياة , قد تختلف موازينها , ومعاييرها باختلاف بعضهم عن بعض , فهذا يراها أنشودة السعادة الحقة و التي لا تضاهيها أي سعادة في السماء أو في الأرض , وذاك يراها و لعمري مرارة العلقم و الحرجل و السفرجل, وإلي جانب ذلك فإن لتفاوت مراتب العقول و التفكير و الوعي و الاستدراك لدى الناس أبعد الأثر في تلون الحياة و تكيفها , و بطبيعة الحال , فإن التأريخ يؤكد هذه الحقيقة منذ القدم , وقد نلتمس أيضا هذه الحقيقة يوميا من خلال تعاملنا العادي , وبالطبع فإن الجميع يرى أنه ليس هناك أي سبب معنوي للقلق أو التذمر من الحياة بصفة عامة , وذلك إن صرفنا النظر عن بعض الحالات الخاصة , والظروف الفردية و التي قد تقود الإنسان إلي التذمر و الشكوى , وخير علاج لهذه الحالة هو الإيمان بالقضاء و القدر المكتوب , والذي لا مفر منه , والقناعة التامة بكل ما هو مقسوم ومقدر لأن:- غنى النفوس هو الكفاف فإن أبت *** فجميع ما في الأرض لا يكفيها. ولذا فلنتذكر دائما عظمة الخالق , الذي وهبنا الحياة و أعطانا الكوثر, ونتأمل ما حولنا من الوجود , وعندئذ حتما سنجد ما يدعو إلي الإحساس بروعة الحياة و بكل معانيها الجميلة , ومن الحكمة أن تكون جميلا , لكي ترى الوجود جميلا.
|
|
|
|
|
|