حتى لا يتمزق السودان00(الدكتور أمين حامد زين العابدين)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-07-2005, 04:17 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حتى لا يتمزق السودان00(الدكتور أمين حامد زين العابدين)

    السطور التالية تحمل فصلا من كتاب (تقرير المصير 000المأزق التاريخي) للأستاذ الدكتور أمين حامد زين العابدين0المحاضر بأحدى الجامعات الأمريكية..وهو جهد متميز ومساهمة متفردة من أجل تجنب المأزق الضخم الذي دخل فيه وطننا الغالي0بالنص على اعطاء أخوتنا في جنوب السودان الحق في تقرير مصيرهم بعد ست سنوات من بداية الفترة الانتقالية..
    هنالك بعض الذي اود أن أشير اليه قبل قراءة مساهمة الدكتور امين:
    *كتب هذا الكتاب في الفترة التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام وقبل الرحيل المفجع للدكتور جون قرنق0
    * نشرت فصول هذا الكتاب في صحيفة السوداني الاسبوعية.
    * نشر هذا الفصل من الكتاب عبر هذا المنبر في بوست الدكتور مهدي محمد خير الذي عنوانه(حتى لا يتمزق السودان)0 قبل فترة ليست بالبعيدة00
    كل الرجاء أن يلتفت قومنا لمثل هذه المساهمات التي تحاول بجهد لا غرض فيه الحفاظ على وطننا الحبيب (ان كانت هنالك حياة فيمن ننادي)0
                  

12-07-2005, 04:29 AM

Ishraga Haimoura
<aIshraga Haimoura
تاريخ التسجيل: 01-24-2004
مجموع المشاركات: 1463

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى لا يتمزق السودان00(الدكتور أمين حامد زين العابدين) (Re: فتحي الصديق)

    الأخ فتحي الصديق
    سلامات يا زول
    في الانتظار
    (لقد أسمعت لو ناديت حيا)
                  

12-07-2005, 04:40 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى لا يتمزق السودان00(الدكتور أمين حامد زين العابدين) (Re: فتحي الصديق)

    "ليس هناك حظر ولا حجر على أى رأي ناقد او متحفظ على اية كلمة أو نص فيها (الاتفاقية) سواء إن جاء ذلك من جهة اكاديمية او سياسية أو مواطن عادى ، بل إننا سنرحب بمثل هذه الآراء والأفكار والدراسات والمقترحات لتعيننا على حسن التطبيق والتنفيذ ان لم يكن حتى تعديل الاتفاقية ذاتها وفق احكامها، فالاتفاقية ليست نصا جامدا ولكنها قابلة للتعديل وفق أحكامها..."
    الاستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية – الرأي العام 4/1/2005

    "بين كل حين وآخر لا تملك الا أن تسحب حبات المسبحة متسائلا عما إذا كان الجنوب سينفصل أم هناك وحدة وطنية ، وتتلمس حسب الحاجة السياسية مؤشرات ذلك الحدث المهم. هناك العديد من مثل هذا النوع يشغل كل السودانيين ، بل ربما شعوب المنطقة."
    السيد محمد ابراهيم نقد – البيان الإماراتية. 5/5/2005

    "هذا وطننا الذى ننعم بالعيش فوق أرضه وتحت سمائه ونشرب ماء نيله القديم كقدمه ونأكل نبت أرضه، .. أليس من عرفان الجميل أن نحترم هذا الوطن المقدس ؟ هذا الوطن الجاثى طول خمسة آلاف سنة يرمق شمس سعادته ولما ينشق عنها الشروق؟ "
    محمد عشرى الصديق ، حضارة السودان 30/10/1927

    يعتبر انهاء الحرب الأهلية السودانية التى تسببت في وفاة الكثير من المواطنين واستنزاف الموارد المادية للبلاد لفترة تزيد عن عشرين عام من أهم النتائج الايجابية لاتفاقية السلام الشامل التى توصلت اليها العناصر المعتدلة في حزب المؤتمر الوطنى الحاكم والحركة الشعبية بعد تقديمهما التنازلات المتبادلة في مفاوضات السلام. وتسعى اتفاقية سلام نيفاشا الى إعادة تشكيل نظام الحكم وإحداث تحولات جذرية في البنى الاقتصادية والاجتماعية بطريقة لم تشهدها الدولة السودانية منذ استقلال البلاد في عام 1956. ونصت على استعادة الدولة المدنية الديمقراطية أو العلمانية المعتدلة التى أرسى قواعدها رواد الاستقلال وأطاحت بها الأنظمة العسكرية السابقة وتم استبدالها بالدولة الدينية في عهد حكومة الانقاذ العسكرية في الفترة ما بين 1989 و 1998. وأقرت تأسيس نظام الحكم الديمقراطى في الفترة الانتقالية الذى يرتكز على أسس ومفاهيم السيادة الشعبية والمواطنة وسيادة حكم القانون والتداول السلمى للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة التى تتيح المشاركة السياسية لكافة الأحزاب القومية. وأدخلت الاتفاقية فكرة الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لأول مرة في نظام الحكم السوداني من أجل تحقيق مبدأ الكبح والتوازن الذى يمنع هيمنة أحد أجهزة الحكم على السلطات الأخرى.
    ومن إيجابيات الاتفاقية اعترافها بخصوصية وضع جنوب السودان وتميز هويته الثقافية عن شمال السودان الذى تسود فيه الهوية العربية الإسلامية ، فقررت نتيجة لذلك منح جنوب السودان الحكم الذاتي وتخويله سلطات واسعة الى جانب المشاركة الفعالة لسكان الاقليم في الحكومة المركزية والمشاركة بنسب محددة في أجهزة الحكم في كل الولايات الشمالية. ويعتقد الخبير في القانون الدولى بروفسور هيرست هانوم أن منح بعض الدول لهذا النوع من الحكم الذاتى لسكان أحد أقاليمها الذى عانى سكانه من ظلامات تاريخية بسبب اختلاف هويته الثقافية والاثنية عن الهوية الثقافية لأغلبية سكان الدولة إنما هو بمثابة ممارسة سكان الاقليم لحق تقرير المصير الداخلي الذى يترتب عليه التخلى عن ممارسة حق تقرير المصير الخارجي الذى سبق أن مارسه شعب الدولة في السابق للحصول على الاستقلال من دولة استعمارية لكى تتم صيانة وحدة الأراضى الاقليمية للدولة.
    وأصابت اتفاقية السلام بعدم منحها الحكم الذاتى لبعض المناطق الشمالية التى كانت تطالب به مثل جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق بسبب انتمائها للهوية الثقافية السائدة في الشمال ولاختلاف أوضاعها عن الخصوصية التى تميزت بها مشكلة جنوب السودان منذ الاستقلال. كما وضعت الحكومة في اعتبارها أن منح الحكم الذاتى لبعض المناطق الشمالية سيقود الى مطالبة باقي الأقاليم الشمالية به مما يؤدى الى عدم استقرار البلاد وتهديد سلامة وحدة أراضيها الاقليمية. وبدلا عن تعميم تجربة الحكم الذاتى المحفوفة بالمخاطر على كل اقاليم السودان، قامت الاتفاقية بإعادة تشكيل نظام الحكم الفدرالى على أسس الديمقراطية حيث ينتخب سكان الولاية الحاكم وأعضاء المجلس التشريعى الولائي الذى يقوم بمراقبة أداء الجهاز التنفيذي وتخويل الولاية سلطات واسعة لتأكيد مبدأ نقل السلطة من المركز الى الولاية (لكيلا تلجأ الولاية الى المركز لإنجاز أعمالها كما كان الحال في السابق) وتأسيس مجلس تشريعى قومى أعلى للولايات لصيانة حقوقها وسلطاتها.
    وتضمنت الاتفاقية ميثاقا لحقوق الانسان يشتمل على الحقوق الرئيسية مثل حق الحياة والحق في الحرية والأمن الشخصى وحظر العبودية والتعذيب والمساواة بين الرجال والنساء، كما نصت على تقنين هذه الحقوق في نص الدستور القومى الانتقالي وتأسيس مفوضية حقوق الانسان لتأمين تطبيق الحكومة لهذه الحقوق الأساسية ورصد محاولات انتهاكها. ومن مزايا الاتفاقية إدراك الأطراف لضرورة وجود طرف ثالث لضمان تنفيذ الجوانب العسكرية للاتفاقية ودعوتهما لمنظمة الأمم المتحدة لإرسال بعثة لحفظ السلام بموجب الباب السادس من ميثاق الأمم المتحدة يكون لها حرية التحرك لمتابعة تنفيذ مهامها المتعلقة بالمراقبة والتحقق في كل مراحل عملية وقف إطلاق النار.
    ورغم توفر هذه العناصر الايجابية لاتفاقية السلام إلا أنها احتوت على عيب أساسي وخلل خطير طغى على كل ايجابياتها وهو تنازل الحكومة في بروتوكول مشاكوس على منح سكان جنوب السودان حق تقرير المصير الانفصالى. وتتحمل حكومة الانقاذ العسكرية مسئولية تضمين حق تقرير المصير الخارجي الذى يهدد وحدة البلاد في مفاوضات السلام وذلك بموافقتها عليه في محادثات فرانكفورت لعام 1992 مع الجناح المنشق عن الحركة الشعبية الأمر الذى أغرى وسطاء الايقاد بتضمينه في إعلان المبادئ لحل النزاع السودانى كخيار لتقسيم البلاد إذا لم توافق الحكومة على تأسيس الدولة العلمانية المتشددة التى تقوم بفصل الدين عن الدولة وابعاد الأول عن الحياة العامة. ويبدو أن الدول الغربية المشاركة مع الايقاد في عملية السلام قد وافقت على ابقاء حق تقرير المصير في جدول أعمال المفاوضات كوسيلة لانتزاع تنازلات من الحكومة والعمل على إبقائه في هذا الإطار بسبب إدراكها لطبيعة المخاطر التى تنجم عن ممارسة حق تقرير المصير الخارجي مرة ثانية في الدول التى نالت استقلالها من دولة استعمارية ومخالفة هذا الأمر لميثاق الاتحاد الإفريقى وسماح القانون الدولى للمجموعات السكانية التى تطالب به في هذه الدولة بممارسة حق تقرير المصير الداخلي. ويمكن استنتاج هذا الموقف الذى تبناه الوسطاء من حقيقة أن المسودة الأولى لبروتوكول مشاكوس التى قدمها الوسطاء لأطراف النزاع في مفاوضات مشاكوس قد تجاهلت موضوع منح الجنوب حق تقرير المصير حسبما أشار اليه تيد داغن في التقرير الذى قدمه الى الكونجرس الأمريكي عن عملية السلام السودانية.
    وكان في الإمكان وقوف الوسطاء مع الوفد الحكومى إذا ما أصر على أن منح الجنوب حق تقرير المصير الخارجي يهدد وحدة أراضى السودان وأبدى استعداده الكامل بمنح الجنوب الحكم الذاتى بصلاحيات واسعة في إطار السودان الموحد الى جانب مشاركة أبنائه بنصيب عادل في إدارة شئون الحكومة المركزية والذى يعتبره خبراء القانون الدولى الممارسة الحقيقية لحق تقرير المصير الداخلى في حالة الدول التى نالت استقلالها من دولة استعمارية. ويعزى عدم قيام الوفد الحكومى بهذه المحاولة وقبوله لعرض الحركة الشعبية بتنازلها عن الغاء الشريعة في شمال السودان مقابل موافقة الحكومة على منح الجنوب حق تقرير المصير الانفصالى الى انسجام هذا العر ض مع توجه العناصر المتشددة في الحركة الاسلامية الذى لا يتردد عن التفريط بوحدة أراضى الوطن إذا ما أصبحت عقبة أمام تطبيق الشريعة الذى تعتبره الهدف الأساسى لبرنامجها السياسى. وأكد ذلك د. نافع على نافع أحد مفاوضى الوفد الحكومى عندما قال في أوائل مايو 2004 "إذا خيرنا بين الشريعة ووحدة السودان فلتذهب الوحدة ولتبقى الشريعة."
    وأفرزت الموافقة المبكرة في المفاوضات بمنح الجنوب حق تقرير المصير الانفصالى معظم السلبيات الأساسية التى تعانى منها اتفاقية السلام وذلك مثل رفض الحركة الشعبية دمج قواتها العسكرية مع الجيش القومى الموحد وإصراراها على الاحتفاظ بجيش مستقل لجنوب السودان بدعوى أن غيابه سيشكل خطورة على الأوضاع في الإقليم في حالة تأكيد نتيجة الاستفتاء لخيار الانفصال وحجة أن وجود جيش موحد خلال الفترة الانتقالية سيؤثر في إجراءات ونتيجة الاستفتاء لحق تقرير المصير. ومن ضمن سلبيات الاتفاقية التى أفرزها تنازل تقرير المصير اقتسام عائدات التفط على أساس جغرافي مناصفة بين الشمال والجنوب وذلك لأن نيل الجنوب 50% من دخل النفط سيغرى سكان الاقليم بالتصويت للانفصال لكى ينال الاقليم كل عائدات النفط بعد تأسيس دولته المستقله. وتحكمت قضية تقرير المصير واحتمال انفصال جنوب السودان بعد ظهور نتيجة التصويت عليه في موقف الحركة الشعبية أثناء التفاوض حول توزيع عائدات النفط وذلك بإصرارها على توزيع الدخل على أساس جغرافى ومنح جنوب السودان أقصى نسبة ممكنة من العائدات ورفض توزيع الدخل على أساس قومى حسب الصيغة التى اقترحتها مجموعة الأزمات الدولية والمشار اليها أعلاه والتى تساهم الى حد بعيد في تعزيز التماسك القومى وصيانة وحدة البلاد.
    وترتب على تنازل الحكومة بمنح الجنوب حق تقرير المصير الانفصالى ظهور مفهوم "الوحدة الجاذبة" الضبابى والذى يصعب اخضاعه لتعريف محدد متفق عليه الأمر الذى قد يجعله أداة للإبتزاز من قبل سكان جنوب السودان. ويتضح هذا من ملاحظة د. سعاد ابراهيم عيسى وقولها "يرى بعض الاخوة والابناء من جنوب السودان أنه ما دامت حكومة الشمال هى الأحرص على الوحدة من الجنوب وهى الأعلى صوتا في الدعوة الى جعل الوحدة جاذبة ...فهى مطالبة بأن تفرض على الشماليين أن يعملوا حسابهم من أن لا يتعرضوا لأى من الجنوبيين مهما فعلوا بهم وهي مطالبة بأن تعمل حسابها أيضا بحيث لا تنصر شمالى على جنوبى مهما كان حقه في ذلك...ولا يرى الكتاب من أبناء الجنوب طريقا الى كسب ثقتهم إلا عبر الكثير من الطرق الشائكة الوعرة والتى لن تقود الى الوحدة في نهايتها...وأعتقد بعض أبناء الجنوب أن توقيع اتفاقية السلام يعنى لهم بأن يفعلوا ما يشاءوا ويختاروا دون أن تطالهم يد العدالة." وينعكس هذا التوجه لتفسير مفهوم الوحدة الجاذبة فيما قاله نائب الرئيس السابق جوزيف لاقو "إذا كنتم تريدون لهذا السودان أن يستمر موحدا غيروا أنفسكم لكى نستطيع العيش معكم...لكن إن كنتم تريدون الاستمرار بهذه الطريقة تحتكرون كل الوظائف العليا الرئيس منكم والنائب الأول منكم ووزير الخارجية منكم وكل الوزارات المهمة عندكم لن نعيش معكم."
    أشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكى في التقرير الذي أصدره عن السودان في فترة ما بعد الحرب الى بعض المخاطر التى ستواجه اتفاقية السلام مثل الديون الخارجية والنزعة الاستبدادية للحكومة والحركة الشعبية وسوء إدارتهم للموارد الذي يؤدي الى الفساد والصراعات بين المركز والهامش ووجود الفصائل المسلحة. ورغم أهمية هذه المخاطر وضرورة التغلب عليها، تظل مسألة تقرير المصير هي التحدي الأساسى الذي يهدد الاتفاقية (إذا ما تم تفسير مفهوم الوحدة الجاذبة بطريقة أحادية تؤدى الى التوتر والنزاع) ويجعل من أمر تقسيم البلاد وتهديد السلام الاقليمي والدولى مسألة وقت تنتظر حلول موعد الاستفتاء. وأصبح حال السودان مثل السفينة التى تتقاذفها العواصف في بحر هائج وتندفع دون ارادتها نحو صخرة ضخمة وسط البحر توشك على الارتطام بها في أي لحظة. وبما أن حرية الإرادة هي أهم ما يميز البشر وتدفعهم الى عدم الاستسلام لمصيرهم ومحاولة التحكم فيه بقدر الامكان، فإن الأمل مازال معقوداً على زعماء الأمة في أن يحفزهم هذا الخطر الداهم والتحدي الكبير للإستجابة له بابتداع أنجع السبل وبذل كل التضحيات لكى يتجنب كارثة انفصال أحد أقاليمه والانزلاق نحو منحدر الهاوية وادراجه في خانة الدول الفاشلة مثل الصومال. وأصبح من الضرورى نهوض زعماء أطراف الاتفاق للتحدى والأزمة الخطيرة التى تهدد مصير ووجود السوان بتقسيمه الى دويلات متناحرة. إذ تكون الأزمات التى تواجهها الأمم من اللحظات النادرة التى يتم فيها اختبار الإرادة السياسية لزعمائها وعادة ما تدفعهم الى الاستجابة لها بنجاح وتجعلهم من عظماء التاريخ. ومن أمثلة ذلك الرئيس الأمريكى السابق إبراهام لنكولن ونجاحه في التصدى لخطر تقسيم بلاده عندما قررت الولايات الجنوبية الانفصال من الدولة الاتحادية في عام 1861 ودور رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل في حث الشعب البريطاني للصمود أمام هجوم المانيا النازية التى هددت وجود بلادهم في الحرب العالمية الثانية.
    ويمكن للرئيس عمر البشير ونائبه الأول د. جون قرنق إدارة وحل الأزمة التاريخية التى يعانى منها السودان حاليا وتهدد وجوده كأمة موحدة اذا اتبعا مثال دي كليرك ونلسون مانديلا اللذان جعلا من جنوب افريقيا "الساحة لأعظم تحول سياسى يشهده القرن العشرين حيث تحدى الشعب منطق ماضيهم وحطموا كل قواعد النظرية الاجتماعية لخلق روح وحدة قوية من أمة ممزقة." وانطلاقا من مقدمة أن حل قضية الدين والدولة في بروتوكول مشاكوس قد أزاح أكبر عقبة تقف أمام استمرار وحدة السودان، ومقدمة ان تقسيم السودان وتمزيق وحدة أراضيه هو بمثابة الجريمة والانتحار للجسد السياسى للبلاد والذي لن تغفره أجيال المستقبل لمن تسببوا في حدوثه، نقترح على القوى السياسية عامة وعلى الرئيس البشير ود. جون قرنق خاصة اتباع خطوات معينة أثناء إدارة شئون البلاد في الفترة الانتقالية تساهم في التطبيق السليم للاتفاقية لضمان نجاح تنفيذها وترقية التعاون والثقة المتبادلة مما يساعد على تهيئة المناخ لمعالجة مسألة تقرير المصير حتى يتم تأمين الوطن من الشرور التى ستنجم عن تمزيق وحدة أراضيه. ومن ضمن هذه التدابير:-
    1- أن يواصل الرئيس عمر البشير ترسيخ التحول الديمقراطى والاصلاحات الليبرالية التى حققتها اتفاقية السلام والحرص على تمتع القوى السياسية بحرية التنظيم والتعبير والمشاركة السياسية. كما يجب عليه إدراك خطورة العناصر المتشددة في حزب المؤتمر الوطنى الذين نظموا أنفسهم في منبر يدعو الى مناهضة الاتفاقية وفصل شمال السودان عن جنوبه بدعوى الحفاظ على نقاء الهوية العربية الإسلامية السائدة في الشمال. ولا شك أن تعصب هذه المجموعة واستخدامها السلبى للدين الذي يجعل أعضائها يعتقدون بأن آرائهم هي الحقيقة المطلقة سيؤدى الى تحويل أعضائها الى مخربين spoilers لاتفاقية السلام ويصبحون مثل العناصر المتطرفة في الحزب الحاكم في رواندا الذين عارضوا اتفاقية سلام أروشا لاعتقادهم بأنها قد ظلمت الأغلبية الهوتو وحققت كل مطالب ومصالح الاقلية التوتسى الأمر الذي دفعهم الى قيادة عملية القتل والإبادة المنظمة للتوتسى لمنع تنفيذ اتفاقية سلام أروشا.
    لذلك ينبغى على الرئيس البشير الحد من نشاط هذه المجموعة التى لا تؤمن بالديمقراطية وتنتهك دعوتها لتقسيم السودان مبادئ الاتفاقية والدستور الذى يفرض على المواطنين الالتزام بالوحدة الوطنية وصيانة وحدة أراضى البلاد واقناعهم بأن ضرورات تحقيق السلام والاستقرار تستوجب التخلى عن التزمت والتعصب الايدلوجي . وأشار د. ستيفن ستيدمان الى دور المخربين spoilers في افشال الاتفاقيات التى وضعت نهاية للحروب الأهلية التى حدثت في تسعينيات القرن الماضى بقوله: "مصدر الخطر الأعظم لاتفاقيات السلام يأتى من المخربين spoilers الذين يمثلهم الأحزاب والقادة الذين يعتقدون أن السلام الذي تمخض عن المفاوضات يهدد سلطتهم ومصالحهم وتوجههم الايدلوجي القيمي worldview ويستخدمون العنف لإضعاف محاولات تحقيق السلام."
    2- أحدث الفكر السياسى الذي طرحه د. جون قرنق عن السودانوية ومعالجة مشكلة الجنوب في إطار قومى ورؤيته عن السودان الجديد الذي يهدف الى تحقيق المساواة في التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعى لكل مناطق السودان أثرا عميقا في آراء القوي السياسية الأخرى واصبحت مصطلحات أفكاره من المفاهيم الأساسية في الخطاب السياسى المعاصر. ورغم ما ذكرناه من أن منهج الحركة التفاوضي والتشدد في مطالبها يقود المرء الى استخلاص نتيجة مفادها ان الانفصال هو غايتها القصوى، الا اننا نتفق مع الرأى الذى يرى أن زعيمها د. جون قرنق "رجل وهب نفسه لوحدة السودان وهو وحدوي من شعر رأسه الى أخمص قدميه لأنه مفكر وفيلسوف." كما ذكر الاستاذ أحمد ابراهيم الطاهر في محاضرة بمركز دراسات المستقبل أن د. جون قرنق "وحدوى ويسعى لخلق سودان جديد بديلا لنموذج السودان القديم الا أن هنالك ثلاثة أرباع من قواته يعارضون هذا التوجه الوحدوى ويطالبون ويصرون على الانفصال التام لجنوب السودان."0
    وتؤكد تصريحات د.جون قرنق بعد توقيع اتفاقية السلام تأصل النزعة الوحدوية في تفكيره وذلك عندما قال:"هناك مرحلة أخرى وهى ما بعد 2011. ورغم أننا لا نعرف نتيجة الإستفتاء التى سيسبقها لكن سنواصل نضالنا بالطرق السلمية...وسنتحول الى حزب سياسى في كل السودان لأننا نريد تغيير السودان كله..وأؤكد لك أننا نستطيع اكتساح الانتخابات في كل السودان." ويتمتع د.قرنق بالشخصية الكاريزمية وكل صفات القيادة التى تمكنه من مقاومة ضغوط العناصر الانفصالية واقناع القواعد الجماهيرية للحركة الشعبية بمخاطر الانفصال وايجابيات بقاء جنوب السودان في اطار السودان الموحد بعد أن حققت الاتفاقية العديد من الامتيازات لسكان الجنوب ومعظم تطلعاتهم مثل تأمين حق الحكم الذاتى الكامل والمشاركة الفعالة في الحكومة المركزية ونسبة 40% من مقاعد مجلس الولايات الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في البلاد. وينبغى لزعيم الحركة الشعبية ترسيخ التحول الديمقراطى في جنوب السودان والحرص على تمتع كافة القوى السياسية الجنوبية بحرية التنظيم والتعبير والعمل على نجاح حكومة جنوب السودان في تحقيق الاستقرار السياسى الذي سيساهم بدوره في نجاح عملية اعادة التعمير وانجاز التطور الاقتصادى في الجنوب الذى سيكون له أكبر الأثر في تيسير مهمته في إقناع المواطنين بضرورة وأهمية بقاء جنوب السودان في إطار السودان الموحد الكبير. كما يمكنه توظيف المنظور التاريخي الذي يؤكد إنتماء السكان الحاليين لشمال وجنوب السودان الى عنصر وجنس إفريقى واحد في الماضي وتقهقر أبناء عمومتهم الذين يمثلون السكان الحاليين لجنوب السودان الى موطنهم الحالي لعوامل بيئية مما يعنى أنهم جميعا أحفاد بناة حضارات كرمة ونبته ومروى والنوبة المسيحية وسنار والفونج الإسلامية الأمر الذي يستوجب تمسك سكان الجنوب بسودانهم الكبير الذي صنعوا حضاراته القديمة والتى أصبحت جزء لا يتجزأ من تراثهم الحضارى بدلا عن التفريط في وحدته والانفصال عنه والاكتفاء بالعيش في ركن قصى وحيز محدود منه0
    3- تولى طرفا الاتفاق لمقاليد الحكم لمدة ثلاث سنوات فقط وتعديل ما ورد في اتفاقية آليات التنفيذ التى نصت على أن لا تتعدى الانتخابات نهاية السنة الرابعة وتعديل الدستور بحيث تصبح بداية الانتخابات في منتصف أغسطس 2008. وستساهم هذه الخطوة في إزالة مارسب في أذهان الرأى العام والقوى السياسية بأن طرفي الاتفاق يرغبان في الاحتفاظ بالسلطة بكل السبل ولأطول مدة ممكنة مما يؤدي الى تعزيز الثقة وروح التعاون بين كافة القوى السياسية وضمان نجاح الاتفاقية. ونقترح الجدول الزمنى التالي للانتخابات لإكمال التحول الديمقراطي في المرحلة الثانية للفترة الانتقالية:
    15-30 أغسطس 2008 : انتخابات الحكومات المحلية والبلديات في الشمال والجنوب.
    20-30 أغسطس 2008 : انتخابات حكام الولايات والمجالس التشريعية الولائية في الشمال
    والجنوب.

    سبتمبر 2008 : أداء الحكام الجدد للقسم وعقد الاجتماع الأول للمجالس التشريعية
    المنتخبة في كل الولايات في الشمال والجنوب.
    أكتـوبر 2008 : بداية الحملة الانتخابية لإنتخابات مستوى الحكم القومى ومستوى
    حكومة جنوب السودان.
    1-15 نوفمبـر 2008 : بداية الانتخابات القومية للمجلس التشريعى القومى ومجلس الولايات
    والمجلس التشريعى لجنوب السودان.
    25 نوفمبـر 2008 : عقد الاجتماع المشترك الأول للمجلس التشريعى القومى ومجلس
    الولايات وعقد الاجتماع الأول للمجلس التشريعي لجنوب السودان.
    5 ديسمبـر 2008 : بداية الانتخابات القومية لرئاسة الجمهورية وانتخابات رئيس حكومة
    جنوب السودان.
    5 ينايـر 2009 : أداء رئيس الجمهورية المنتخب للقسم وبداية فترته الرئاسية وأداء
    رئيس حكومة جنوب السودان المنتخب للقسم وبداية فترته الرئاسية.
    ويجب على طرفى الاتفاق الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات الذى أقرته اتفاقية السلام لنظام الحكم الرئاسى الديمقراطي، لكى يتم تأمين نظام الكبح والتوازن والذى يمنع طغيان أي سلطة على السلطات الأخرى، وذلك بإجراء التعديلات اللازمة في الاتفاقية والدستور لإلغاء الصلاحية الممنوحة للسلطة التنفيذية لدعوة مجلسى السلطة التشريعية القومية للاجتماع وتأجيل وتعطيل جلساتهما ومنح هذه الصلاحية الى المجلسين باعتبارها من صميم إختصاصات السلطة التشريعية وليس السلطة التنفيذية. وينبغى إجراء تعديل دستورى ينص على عدم السماح لرئيس الجمهورية بتعيين أى عضو من أعضاء الجمعية التشريعية القومية لمنصب الوزير حتى لا يجمع الشخص بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حسبما يقتضيه نظام الفصل بين السلطات وكما هو معمول به في الدول الذي تبنته مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
    4- أضحي موضوع تقرير المصير مثل الفيروس الكامن في اتفاقية السلام الشامل الذي يهدد بالإنطلاق والهجوم في أي وقت للقضاء على المكتسبات التى حققتها للسودان وتهيئة الظروف لتمزيق وحدة أراضيه. ويستوجب هذا الوضع الخطير ضرورة ترسيخ حزب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية للشراكة السياسية التى أوجبتها قيادتهما لحكومة الوحدة الوطنية وذلك بعقد عهد وميثاق ينص على التزامهما بوحدة السودان والتعاون التام لتنفيذ الاتفاقية بدقة ونزاهة وأن لا يقوم أحدهما بالهجوم العلنى على الآخر طوال فترة الحكومة ذات القاعدة العريضة وأثناء فترة الحملة الانتخابية وخلق آلية لتسوية الخلافات الداخلية بينهما. وينبغى أن يسبق ابرام الميثاق المقترح مواصلة وتعميق الحوار الذي بدأ بينهما أثناء مفاوضات السلام والتى أشار اليها د. أمين حسن عمر بقوله: "قلنا للرفاق في الحركة الشعبية وسمعنا منهم أن ايجاد الموازنة بين سودانهم الجديد ومشروعنا الحضارى بالامكان لاننا نستطيع البناء على قواسم مشتركة عديدة كما يمكننا أن نراعى الخصوصيات عند الاختلاف..." كما يجب عليهما إدراك أن اتفاقية نيفاشا قد نجحت الى حد بعيد في التوفيق بين نقاط الخلاف في برامجهم السياسية مثل العلاقة بين الدين والدولة والهوية وعدم فرض لغة رسمية وحيدة على كل البلاد.
    ويجب أن لا تقوم الأحزاب والفصائل المسلحة الجنوبية التى تحالفت مع المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية بعرقلة الميثاق المقترح في حالة ابرامه بدافع الغيرة السياسية وأن يضعوا في اعتبارهم أن مأزق تقرير المصير والظروف التاريخية الحرجة والحساسة التى يمر بها السودان تستوجب تخلى كل القوى السياسية عن مصالحها الحزبية من أجل تجاوز الأزمة الخطيرة التى تواجه الوطن والحرص على تسليم الاجيال القادمة وطن متماسك موحد مثلما ورثوه من الآباء والأجداد. ويتعين على حزب المؤتمر الوطنى أن يكون القدوة للقوى السياسية الأخرى في تغليب مصالح الوطن العليا على المصلحة الحزبية وذلك بالقضاء على سياسة التمكين التى منحت كل المناصب الهامة في الدولة والقطاع العام لأعضاء الجبهة الإسلامية القومية ووضع خطة عمل لتحويل دولة الحزب الى دولة الوطن عبر إعادة صياغة الخدمة المدنية لتصون استقلال وحياد وكفاءة الخدمة العامة.
    5- البحث عن المشاكل والحالات التى من المتوقع أن تساهم في تقليل فرص الوحدة بين الشمال والجنوب وتمهد الجو لحدوث الانفصال و ذلك بهدف احتوائها وإيجاد الحلول الناجعة لها. ومن أمثلة هذه الحالات احتفاظ الحركة الشعبية بجيش منفصل عن الجيش القومى، إذ ينبغى على المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية بذل كل الجهد لإنجاح تجربة القوات المشتركة المدمجة باعتبار أن تعزيز الثقة بين أعضاء الجيشين خلال الفترة الانتقالية سيضع الأساس المتين للتفاهم حول كيفية اصلاح التركيبة الحالية للجيش القومى وتسهيل عملية خلق القوات المسلحة القومية الموحدة مما يساعد على تحقيق وحدة البلاد. ويتعين على طرفى الاتفاق الإستهداء بتوصيات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية حول أسلم السبل لتأمين نجاح تجربة القوات المشتركة المدمجة في فترة ما بعد السلام وذلك مثل التشاور مع الشركاء الدوليين للإيقاد (الولايات المتحدة ، بريطانيا) لتأسيس مجموعة دولية لتقديم النصح والتدريب للقوات المشتركة المدمجة وتزويدها بأحدث الأساليب والنظم في مفاهيم التدريب والقتال وتشكيل بنية القوات المشتركة وعملية الدمج وذلك لما لها من خبرات واسعة في هذا المجال ولتأمين الكفاءة المهنية العالية لهذه القوات لكى تكون النموذج للجيش القومى الموحد المرتقب. ويجب على المؤتمر الوطنى إجراء الاصلاحات اللازمة في الجيش القومى ووضع تصورات لاغراء الحركة الشعبية لدمج جيشها مع القوات المسلحة السودانية مثل منحها نسبة 35% من كادر الجـنود و 35% من كادر الظباط في الجيش القومى الموحد.
    وتعتبر مسألة أقصاء الفصائل الجنوبية المنضوية تحت لواء قوات دفاع الجنوب من الاتفاقية واحتمال تحولهم الى مخربين للسلام وإشاعة الاضطرابات والفوضى في جنوب السودان من الحالات التى من المتوقع أن يؤدى ظهورها الى حيز الواقع الى إضعاف فرص تحقيق وحدة البلاد. ورغم مطالبة الفصائل الجنوبية بإنفصال الجنوب في فترة الحرب الأهلية إلا أن انضمام قادتها للقوات المسلحة القومية يوضح سعة صدرهم للحوار والاستعداد لقبول مبدأ الوحدة بسبب غياب التزمت والتعصب الايديولوجى في تفكيرهم السياسى. ويعزى تهديد قادة الفصائل الجنوبية باستخدام العنف لعرقلة السلام الى الخوف على مصير قواتهم واعتقادهم بأن الحركة الشعبية ستقوم بتصفيتهم بعد انسحاب الجيش القومى من الجنوب وانفراد الحركة الشعبية بحكم الاقليم.
    وتقتضى ضرورة استدامة السلام وتأمين وحدة البلاد أن يبدأ المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية التنسيق لعقد الحوار مع جبهة قوات دفاع الجنوب وتبنى استراتيجية الترغيب لكسبهم الى صف الوحدة والسلام خاصة وأن أهدافهم محدودة ولا تتطلع الى أكثر من منحهم حق المشاركة السياسية في الفترة التى تسبق الانتخابات وذلك بتعيين أعضائهم في مناصب هامة في المناطق التى يسيطرون عليها حاليا "باعتبار أنهم قاموا بتأمينها وخلقوا فيها الاستقرار لذلك هم أولى بحكمها." ويجب أن تشمل المحادثات امكانية اشتراكهم في اتفاقية الاجراءات الأمنية والسماح لعدد من أعضاء قواتهم بالمشاركة في القوات المشتركة المدمجة التى سيتم نشرها في الجنوب والمشاركة بنسبة محددة مع قوات الحركة الشعبية في جيش حكومة جنوب السودان. كما ينبغى على طرفى الاتفاق إعداد الاستراتيجيات المختلفة لاقناع القوى المعادية لاتفاقية السلام للحاق بركوب قطار السلام والمشاركة في تنفيذ الاتفاقية ولادارة واحتواء نشاطهم في حالة تصلب مواقفهم ولجوءهم الى العنف لتجديد الحرب الأهلية والتعاون مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام لتحقيق هذه الغاية.
    ويتعين على الأحزاب المعارضة لحكومة الوحدة الوطنية والتى أيدت اتفاقية السلام (مثل حزب الأمة والمؤتمر الشعبى) التعاون مع الحكومة لاحتواء خطر المخربين لان تجدد العنف والحرب الذى سينجم عن نشاطهم ستؤدى الى إعادة ظهور النزعة الاستبدادية للمؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وإعلانهم حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات والقضاء على المكتسبات الديمقراطية التى حققتها الاتفاقية وفرض هيمنتهم السياسية طوال الفترة الانتقالية.
    ويعتبر استمرار الأزمة الناشبة في دارفور وتردى الأحوال الأمنية في الاقليم ونذر إندلاع التمرد في شرق السودان بقيادة جبهة الشرق التى تدعمها اريتريا من المخاطر الماثلة التى تهدد السلام مما يقتضى أن تبذل حكومة الوحدة الوطنية والاحزاب المعارضة للحكومة والمؤيدة للاتفاقية أقصى جهودهم لايجاد حل سياسى للنزاع في دارفور وشرق السودان.
    وهناك احتمال قوى بأن يلجأ دعاة الانفصال في اوساط الشماليين والجنوبيين الى استخدام الخطاب العنصرى لاستفزاز وتحريض المواطنين الشماليين والجنوبيين الذين استقروا في العاصمة بقصد إحداث الفتن والنزاع بين المجموعات الاثنية المختلفة في العاصمة حتى يتم تقويض السلام وإثبات صحة رؤيتهم بضرورة الانفصال واستحالة التعايش بين الشماليين والجنوبيين كما ينعكس في الفتن العنصرية التى تسببوا في افتعالها. لذلك يصبح من أهم واجبات حكومة الوحدة الوطنية إعداد الخطط والتدابير اللازمة لاحتواء الفتن العرقية الدينية في حالة حدوثها لاحباط مساعى أعداء السلام الذين يسعون الى تمزيق وحدة البلاد.
    ويتعين على حزب المؤتمر الوطنى الاعراب عن موافقته على تعميم النص الوارد في الاتفاقية الذي يعفى غير المسلمين القاطنين في العاصمة القومية من القوانين الاسلامية ليكون نافذ المفعول في كل الولايات الشمالية حتى لا يتعرض المواطنين غير المسلمين الذين استقروا فيها لانتهاك حريتهم الدينية ويتم كسبهم الى صف الوحدة حتى لا تضيع أراضى تعادل مساحتها مساحة كل من بريطانيا وفرنسا مجتمعين. ويمكن للرئيس البشير استلهام مثال ابراهام لنكولن الذي كان مبدأه الأساسى وغاية طموحه السياسى الغاء مؤسسة الرق وذلك في السنوات التى سبقت اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية. وبعد أن قررت الولايات الجنوبية الانفصال في عام 1861، أعطى لنكولن مبدأ الحفاظ على وحدة أراضى الاتحاد الأمريكي الأولوية القصوى لان استرجاع وحدة البلاد سيكون في حكم المستحيل اذا ما أصبح الانفصال حقيقة واقعة وإرجاء رغبته بالغاء مؤسسة العبودية في بداية الحرب الأهلية في كل الولايات حتى تتهيأ الظروف المناسبة لذلك. ولم يتحدث كثيرا في خطبته الافتتاحية في 4 مارس 1861 عن مسائل حرية الانسان "بل لم يبد أى اهتمام بتحرير الرقيق إذ أعلن بأن ليس له هدف مباشر أو غير مباشر بالتدخل في مؤسسة الرق في الولايات التى توجد فيها ".ولا شك أن هناك حالات أخرى تساهم في إضعاف وحدة البلاد غير منظورة حاليا وقد تأتى بدون توقع وحسبان مما يستوجب على قادة الرأى والكتاب إعمال الذهن لاكتشافها والتكهن باحتمالات وقوعها للحيلولة دون ظهورها الى حيز الواقع لكى نضمن مسار سفينة الوطن الى شاطئ الأمان في العام 2011 بدون أن تتعرض للتحطيم الذى يتمناه دعاة الانفصال وأعداء السلام.
    6- ليس هناك أدنى شك من وجود احتمال قوى لاحتفاظ الكيان السودانى بسلامة وحدة أراضيه في حالة نجاح الشراكه السياسية بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية في النصف الأول من الفترة الانتقالية وتطورها الى تحالف في الانتخابات وفوزهما برئاسة الجمهورية وأغلبية مقاعد الجمعية التشريعية القومية ومجلس الولايات. ولكى يتم ضمان وحدة السودان نقترح أن يبدأ طرفا الاتفاق (في حالة تحقق هذا السيناريو) في الحوار حول اسلم السبل لمعالجة مسألة تقرير المصير بطريقة تجنب الوطن شرور التقسيم والتمزق. وهناك احتمال بأن يؤدي الحوار حول امكانية معالجة مسألة تقرير المصير الى ظهور معارضة قوية ضد د. جون قرنق والتيار الوحدوى في الحركة الشعبية من قبل القوى السياسية الجنوبية المؤيدة للانفصال وبعض أعضاء الحركة الشعبية الذين يؤيدونهم. وفي حالة تحقق ذلك ينبغى على حكومة الوحدة الوطنية وكل القوى السياسية في البلاد الحريصة على وحدة السودان الاستعانة بنيجيريا ومصر باعتبارهما من الدول الافريقية الكبرى المعروفة بمواقفها الرافضة لحق تقرير المصير الانفصالى للتوسط معها لدى الولايات المتحدة للتأثير على القوى السياسية الجنوبية المؤيدة للانفصال للموافقة على معالجة مسألة تقرير المصير بطريقة تجنب السودان الشرور الناجمة عن التقسيم. ولن تتوانى الولايات المتحدة الأمريكية عن القيام بهذه المهمة وذلك بحكم مسئوليتها كالقوة العظمى الوحيدة في العالم في الحفاظ على الاستقرار في كل المناطق المهددة بالاضطرابات والفوضى. فكما ذكر اميتاى ايتزيونى "يستوجب على الولايات المتحدة استخدام الاستحسان الاخلاقى والمجهود الديبلوماسى لتأييد القوى التى تؤيد قيم الديمقراطية وتناهض تلك التى تسعى الى التقسيم والتمزيق والقبلية". ولا بد من الإشارة هنا الى خطأ الاعتقاد الشائع بأن الولايات المتحدة تسعى الى تقسيم السودان لكى تستفيد من الثروة البترولية الموجودة في الجنوب وتأسيس قواعد عسكرية في الدولة المستقلة الجديدة. إذ انتهجت الولايات المتحدة سياسة عدم تأييد الحركات الانفصالية منذ تعرضها لخطر التقسيم في ستينيات القرن التاسع عشر. وينعكس هذا في الموقف الأمريكى تجاه حق تقرير المصير الانفصالى الذى ذكرته اليانور روزفلت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة في عام 1952 عندما قالت: "هل يعنى حق تقرير المصير حق الانفصال؟ هل يتضمن حق تقرير المصير حق التمزيق وتبرير تقسيم الأمم؟ هل يعنى حق تقرير المصير حق الشعب لفصم العلاقة مع الآخر بغض النظر عن الآثار الاقتصادية على استقرارهم الداخلى وأمنهم الخارجي دون أى اعتبار لآثار ذلك على جيرانهم وعلى المجتمع الدولي؟ لا بالطبع وبكل وضوح."
    وطرح روبرت ميرفى نائب وكيل وزارة الخارجية الأمريكية تفسيرا لموقف بلاده المناهض للحركات الانفصالية والاستعمار عندما قال "ناضلنا من أجل تحرير أنفسنا من الحكم الاجنبى وجاهدنا لكى نبقى شعبنا متحدا ينبذ مبدأ الانفصال الذي تبناه البعض في بلادنا الى المدى الذى أوشك أن يمحونا من الوجود كأمة." وعندما سئل الناطق الرسمى لوزارة الخارجية الأمريكية عما إذا كان دعم بلاده للاجراءات التى اتخذتها الأمم المتحدة لقمع الحركة الانفصالية التى ظهرت في الكونغو في أقليم كاتانقا بالقوة انتهاكا لموقفها التقليدى المؤيد لحق تقرير المصير، أجاب بالنفى لعدم وجود حق مطلق لمبدأ تقرير المصير "وأننا خضنا غمار حرب أهلية لمنع الانفصال واعترفنا في الداخل وفي الخارج بخطر البلقنة."
    وساندت الولايات المتحدة الدول التى تعانى من الحركات الانفصالية وذلك مثل دعمها للفيليبيين ضد حركة المورو الانفصالية ولباكستان في قمعها للبنغال في شرق باكستان لمنعهم من الانفصال في مطلع سبعينيات القرن الماضى ولاثيوبيا في عهد الإمبراطور هيلا سلاسى ضد سكان اريتريا ولتركيا ضد الأكراد وروسيا ضد الشيشان. ولم تؤيد الولايات المتحدة حق تقرير المصير الانفصالى لأكراد العراق بالرغم من استخدام العراق للغازات السامة ضد الأكراد للحد من نشاط حركتهم الانفصالية في عام 1987 والهجوم الدولى ضد العراق لتحرير الكويت في عام 1991. وتنسجم توصية مبعوث السلام الأمريكى جون دانفورث لحل مشكلة الحرب الأهلية في السودان مع الموقف الأمريكي التقليدى تجاه حق تقرير المصير الانفصالى وذلك بالتحفظات التى أبداها حيال انفصال جنوب السودان وتفضيله بأن يعيش سكان الاقليم الجنوبى "تحت ظل حكومة تحترم أديانهم وثقافاتهم."
    وتؤدى التصريحات التى أدلى بها جيرالد قالوش القائم بأعمال السفارة الأمريكية في السودان بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا للاجراءات الأمنية الى التفاؤل بأن الولايات المتحدة سترحب بالتوسط لإقناع القوى الانفصالية تخفيض مقاومتهم وضغوطهم لامكانيات معالجة مأزق حق تقرير المصير. فقد ذكر قالوش ضمن تصريحاته "بأن الإدارة الأمريكية تريد السلام في السودان وتدعو الى التعايش بين السودانيين في وحدة ، مشددا على أن أمريكا مع وحدة السودان لأن تفكك السودان ستكون له آثار سالبة على المنطقة والعالم نافيا أن تكون الولايات المتحدة قد سعت الى فصل الجنوب قائلا "لو كنا نرغب في ذلك لفعلناه." وينسجم موقف الولايات المتحدة تجاه مخاطر حق تقرير المصير الانفصالى مع تنبيه مبعوث الأمم المتحدة الى السودان ايان برونك الى مخاطر تمزيق وتفكك السودان عندما قال في ندوة بجامعة الخرطوم في يونيو 2005 "أن الأمم المتحدة تسعى الى أن تجعل خيار الوحدة جاذبا لأنه إذا لم يبق السودان موحدا فإن نتائج ذلك ستمتد لتشمل المنطقة بأسرها".
    ومن ضمن الخيارات التى يمكن تبنيها لمعالجة مسألة تقرير المصير إطالة أمد الفترة الانتقالية الى 15 عام لتنتهى في عام 2020 وعقد الاستفتاء في مدة لا تقل عن عشر سنوات بعد انتخاب أول حكومة لجنوب السودان في عام 2009 . ويستحسن إجراء التعديلات اللازمة في الاتفاقية والدستور لاخضاع نتيجة الاستفتاء للتصديق والموافقة النهائية للمجلس التشريعى القومى ومجلس الولايات. وتساهم هذه الفترة الطويلة في إزالة رواسب عدم الثقة بين الشمال والجنوب وإفساح المجال للتعايش السلمى بين كافة أبنائه وتحقيق الطفرة الاقتصادية والنهضة العمرانية في جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة المركزية التى سيدفعها الحرص على حفظ وحدة البلاد الى الوفاء بكل التزاماتها في الاتفاقية والتعاون مع المجتمع الدولى لتحقيق أقصى قدر من التطور الاقتصادى في جنوب السودان وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين في الاقليم. وسيساعد الاستقرار السياسى والتطور الاقتصادى في الجنوب فى خفوت صوت دعاة الانفصال وإضعاف حجتهم بعد ظهور النتائج الايجابية لبقاء جنوب السودان في إطار الكيان السودانى الموحد التى تتجسد في استدامة السلام وتحقق الاستقرار السياسى والنهضة الاقتصادية والعمرانية.
    ومن المؤمل ان تكون نتيجة الانتخابات في الجنوب لصالح القوى السياسية الجنوبية المؤيدة للوحدة بزعامة الحركة الشعبية ونجاحهم في السيطرة على الجهاز التنفيذى والمجلس التشريعى لجنوب السودان مما يتيح أمامهم الفرصة لتنزيل مشروع السودان الجديد الوحدوى الى أرض الواقع وحيز التنفيذ بعد نجاح تعاونهم مع المؤتمر الوطنى في تنفيذ الاتفاقية وتحقيق التنمية الاقتصادية في الجنوب. ويتعين إزاء هذا الوضع ونجاح تنفيذ الاتفاقية واستدامة السلام ان تتضافر كافة القوى السياسية بدافع حرصها على تأمين وحدة التراب السودانى وبالتعاون مع الاتحاد الافريقى والولايات المتحدة الأمريكية للتأثير على القوى الجنوبية الوحدوية لمعالجة مسألة تقرير المصير عن طريق تجاوز الاستفتاء وإعلان وحدة الجنوب والشمال من داخل الجمعية التشريعية لجنوب السودان.
    7- سيكون انفصال جنوب السودان النتيجة الحتمية للاستفتاء الذى سيعقد في نهاية الفترة الانتقالية اذا لم تستمر روح التعاون والثقة المتبادلة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وتصاعدت الخلافات بينهما الى مستوى ما حدث بين حزبى الأمة والاتحادى الديمقراطي أثناء الفترة الديمقراطية الثالثة (1986-1989). ويصبح البديل في هذه الحالة لتجنب شبح التقسيم اعتراف أحزاب الأمة والاتحادى الديمقراطى والمؤتمر الشعبى والشيوعي السودانى بأن اقرارهم تقرير المصير الذى لا ينطبق على جنوب السودان حسب روح ونص القانون الدولى قد كان خطأ تاريخيا في حق الوطن وساهم في إذكاء روح التعصب القبلى وتحريض الحركات الجهوية للتمرد ورفع السلاح ضد الحكومة المركزية الأمر الذى وضع السودان في مأزق تاريخي يهدد بتمزيق كيانه الذى اكتسب شكله الموحد الحالى منذ اكثر من مئة عام. ويجب أن تلى هذه الخطوة عقد تحالف انتخابى بين احزاب الأمة والاتحادي الديمقراطى والمؤتمر الشعبى والحركة الشعبية يتم بمقتضاه اختيار هذه الأحزاب لجون قرنق لكى يكون مرشحهم لرئاسة الجمهورية والتزامه وتعهده باستثمار نفوذه وشعبيته لدى سكان الجنوب لاقناعهم بضرورة تعديل الاتفاقية والدستور لإلغاء الاستفتاء على حق تقرير المصير الانفصالى واعتبار الحكم الذاتى الذى كفلته الاتفاقية للجنوب بالإضافة الى مشاركة أبنائه الفعالة في الحكومة المركزية انما هو بمثابة ممارسة حقيقية لحق تقرير المصير الداخلى الذى يحقق الوحدة الوطنية ويضمن سلامة أراضى السودان.
    اضطرت الحركة الشعبية تحت ضغط الانشقاق الذى تعرضت له في اغسطس 1991 الى إحداث تغيير في برنامجها السياسى الوحدوى الذى انعكس في مطالبتها بمنح جنوب السودان حق تقرير المصير كشرط لانهاء الحرب الأهلية. وأدت موافقة حكومة الانقاذ على المطلب الجديد في محادثات فرانكفورت في عام 1992 الى هرولة حزب الأمة والتجمع الوطنى الديمقراطى في التنافس مع الحكومة لإعلان تأييدهم لتقرير المصير دون اكتراث بأن موقفهم هذا قد وضع الوطن على شفا منحدر يقود الى انزلاقه في هاوية الانهيار والسقوط المحتوم. ونجحت العناصر الانفصالية في داخل الحركة الشعبية في دفعها نحو موقف تفاوضى متشدد استطاعت عبره انتزاع تنازلات كبرى من الوفد الحكومى في مفاوضات مشاكوس ونيفاشا حيث حققت في الاولى مطلب تقرير المصير الانفصالى وفي الثانية في سبتمبر 2003 الاحتفاظ بجيشها باستقلال تام عن القوات المسلحة السودانية الأمر الذى يضعف من فرص احتفاظ السودان بوحدة كيانه وأراضيه. ورغم ذلك فقد تمكن طرفا النزاع من تسوية القضايا الخلافية بينهما وتوقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005 التى حققت السلام وأفسحت المجال لاعادة صياغة الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن التحول الديمقراطى وسيادة حكم القانون ونقل السلطة من المركز الى الولايات.
    ويعتبر موضوع تقرير المصير من أهم التحديات التى تواجه اتفاقية السلام وتهدد بنسف مكتسباتها، كما ساهم بدوره في تحريض الحركات القبلية الجهوية المسلحه على التهديد بالمطالبة به اذا لم تستجب الحكومة المركزية لمطالبها. لذلك فقد أصبح من حق الوطن على كل الاحزاب السياسية الممثلة في حكومة الوحدة الوطنية وفى المعارضة ، بذل كل الجهد لتجنب شبح تقسيمه وتمزيق وحدة أراضيه قبل حلول موعد الاستفتاء في نهاية الفترة الانتقالية. وأضحى السبيل الأوحد لتحقيق ذلك تجاوز خلافاتهم وترسيخ وحدة الصف الوطنى والاتفاق على قدسية الوطن وجعل وحدته هدف استراتيجى تهون في سبيل تحقيقه أى مصلحة حزبية وذلك حتى يستطيعوا تسليم الأجيال القادمة كيان سودانى موحد ومتماسك كما وجدوه في عشية الاستقلال. وتتحمل الحركة الاسلامية الممثلة في حزبى المؤتمر الوطنى والمؤتمر الشعبى القسط الأكبر من مسئولية المأزق التاريخي الذى يمر به السودان مما يوجب عليهم مضاعفة الجهد لنجاح الاتفاقية وضمان صيانة وحدة السودان في نهاية الفترة الانتقالية لإزالة مارسب في الأذهان بأنهم قد تبنوا أجندة خفية أثناء فترة حكمهم الطويلة تهدف عن عمد الى تهيئة المناخ لانفصال جنوب السودان والاستفراد بحكم الشمال لفرض برنامجهم السياسى بالقوة. وهيأ انجاز السلام الفرصة للمؤتمر الوطنى لاثبات صدق وإخلاص نواياه تجاه وحدة أراضى الوطن وذلك بتمتين شراكته مع الحركة الشعبية بحسبانها صمام الأمان لاستدامة السلام واحتفاظ السودان بكيانه الموحد في نهاية الفترة الانتقالية. وأتاح السلام لزعيم الحركة الشعبية د. قرنق فرصة نادرة للظهور كرجل دولة عظيم تمجده الأجيال القادمة بأنه قد أنقذ السودان في احلك أوقاته من شبح التقسيم والانهيار. ويمكنه تحقيق هذه الغاية الشريفة بالثبات على مبادئه التى تنادي بخلق سودان موحد كبير تعيش مجموعاته العرقية في وئام لتنصهر تدريجيا في الهوية السودانوية ، واقناعه العناصر الانفصالية بالعدول عن استفتاء تقرير المصير الانفصالى أو التصويت لخيار الوحدة بحجة أن الايجابيات الناجمة عن احتفاظ السودان بوحدة اراضيه، واستثمار ثرواته الطبيعية لتحسين أوضاعه الاقتصادية، أكثر جاذبية من السلبيات والشرور التى سيفرزها تقسيمه خاصة وأن عظمة الوطن وقوته تكمن في اتحاده. وكما قال د. منصور خالد "قوى السودان الجديد هذه تنظر الى أفق سياسى قد يتجاوز حدود بلادنا، ولا سبيل لها للعبور الى تلك الآفاق الا من مركز انطلاق وطنى قوى. مركز الانطلاق هذا هو السودان الموحد المستقر، المدرك لعناصر قوته المادية والروحية، العليم بتعدد وتنوع خصائصه ، الواعى بما في هذا التنوع والتعدد من إثراء ، القادر على تنمية موارده وإدارة نفسه وتطوير قدراته. هذه هى معالم السودان الموحد الذي تتمنى ، بل تسعى قوى السودان الجديد لتأسيسه."
    ظهرت مسألة تقرير المصير في وسط مناخ اليأس والكراهية المريرة التى أفرزتها الحرب الأهلية والتى زادت حدة بعد الانقسام الذى عانت منه الحركة الشعبية في أغسطس 1991. ويحـدو الشعـب السـودانى أمل عظيم بأن ينجح الرئيس عمر البشير والنائب الأول للرئيس د. جون قرنق في الاستجابة لتحدى تقرير المصير بنجاح ويصبحان بذلك من عظماء تاريخ السودان. فهل يحققا هذا الأمل ويصبحا من رجال التاريخ historical men الذين وصف الفيلسوف نيتشة رؤيتهم الى الماضى بأنها "تدفعهم نحو المستقبل وتشجعهم على التمسك بالحياة وتضئ الأمل بأن العدالة آتية وأن السعادة وراء الجبل الذى يصعدونه. أنهم يعتقدون بأن معنى الوجود سيصبح أكثر وضوحا في مسار تطوره، ولا ينظرون الى الوراء إلا لفهم الحاضر وإثارة توقهم للمستقبل"؟00

    (عدل بواسطة فتحي الصديق on 12-07-2005, 04:50 AM)
    (عدل بواسطة فتحي الصديق on 12-07-2005, 05:27 AM)

                  

12-08-2005, 11:10 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى لا يتمزق السودان00(الدكتور أمين حامد زين العابدين) (Re: فتحي الصديق)

    **** للأهمية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de