|
Re: تعظيم سلام ...... محمد عثمان الحلاج ..... ( عاشق كردفان) (Re: معتز تروتسكى)
|
تطور الأداء التمثيلي في المسرح السوداني دراسات توطئة: تظل تجربة المسرح في السودان تجربة في طور التكوين والتشكيل، لانها تستمد وجودها وتغذيتها من مصادر معرفية متعددة، هي وان اتخذت من الفن المسرحي الاوروبي مفتاح التأسيس الا انها حاولت تؤطر وجودها من داخل الفعل الثقافي السوداني بكل محمولاته التاريخية والاسطورية والخرافية من مروي القديمة مرورا بالدولة السنارية والفونج وتقلي العباسية وايضا لم تغفل المساهمات الثقافية المتعددة سواء ان كانت في شرق السودان من اسهامات البجا والهدندوة واساطيرهم فكانت «تهاسوا ـ تاجوج» وكما كانت اساطير الدينكا في (مأساة يرول) واسهامات نبتة القديمة. كما في «نبتة حبيبتي» ودولة سنار كما في ريش النعام لخالد ابو الروس، ويمتد النفس المسرحي في قصص احمد الطيب زين العابدين عن غرب السودان وقصائد محمد مفتاح الفيتوري عن السلطان تاج الدين في معركة «دروتي» وكتابات عالم عباس محمد نور. ان هذه التجربة الثقافية المتنوعة والغنية في السودان بالضرورة ان تفرز اسهاما تمثيليا مختلفا بنبض الافريقية والعروبة وملامح النفس العقائدي والاسطوري الخاص بالاذدواج او الاندماج الثقافي او حتى التمازج. لذلك فان قراءة تطور الاداء التمثيلي في المسرح السوداني تستصحب معها كل هذه المجموعات لذا فان هذه الورقة تحاول ان ترصد الفعل التمثيلي من داخل الهوية الخاصة للسودان. بدايات المسرح والتمثيل: لا ندعي ان هذه القراءة غاصت في تاريخ القرن الماضي وبدايته وانتزعت منه المشاهدة الحية للاداء التمثيلي اذ ان من المعروف ان بدايات المسرح في السودان، كانت مستمدة من الفعل الخاص بالجاليات وخاصة «المصرية». ومن ثم اندفع الفعل خارج الاندية الخاصة بالجاليات الى مثقفي الوطن السودانيين وبما ان العلائق السودانية ـ المصرية كانت على درجة عالية من التفاعل الثقافي. فان تجربة المسرح اخذت تأخذ من التجربة المصرية جميع ابعاد الفعل المسرحي ـ الكتابي والادائي. فكانت التجربة السودانية في بدايتها تحسس لخطى التجربة المصرية ، وبما ان التجربة المصرية اعتمدت على الشعر في كتابات المسرح وخاصة احمد شوقي فان التجربة السودانية ايضا ـ اتخذت من الشعر نقطة انطلاق وبالتالي فان التجربة التي بدأها الشعراء اتصفت بالعمق الشعري، المسرحي اكثر من المسرح الشعري، لذلك كانت ضرورات الشعر هي المستجابة وانعكس هذا على الاداء التمثيل فكان الاداء التمثيلي يتصف بالمقدرة على الالقاء الشعري والحفظ، فالممثل لا يستطيع ان يضيف للنص او يغير في مفرده لانه محكوم باللغة الشعرية وهذا الجانب جعل من الممثل شخصية تؤدي واجبا شعريا يحمل في طياته ملامح مسرحية. لهذا فان الامساك بالشخصية ومتابعة تطورها يتخذ حفظ الشعر والتعبير عنه. لهذا فان بداية التجربة السودانية سواءً كانت عند العبادي او خالد ابو الروس، كانت لشعراء يكتبون المسرحية بمفاهيم وادوات الشعر وامتد هذا الى محمد عبدالحي في ثمانينات القرن الماضي حيث كتب «سالومي». وهاشم صديق في نبتة حبيبتي ايضا كانت روح الشعر هي المسيطرة بالرغم من وضوح الحوار المسرحي وادوات وعناصر الفعل الدرامي، وتمايز الشخصيات معبرا عن قيمة الحكمة اكثر من التعبير عن حوار وصراع درامي. فاذا رجعنا الى العرض الخاص بنبتة حبيبتي نجد شخصية «فارماس» التي جسدها المطرب الممثل شرحبيل احمد ارتكزت في ادائها على التطريب الصوتي وبث القيم اكثر من دخول الشخصية في صراع مع الكهنة على مستوى الفتي المسرحي لهذا فان الشعر كان اكثر بروزا وفعالية من الجمر الدرامي وممكنات الفعل المسرحي امتدت هذا النفس الشعري في مصر وكانت تجربة العديد من الشعراء الحديثين هناك تتخذ وجودها التاريخي والفني من الشعر، وكان صلاح عبد الصبور في مسرحية «مأساة الحلاج» ومسافر ليل والتي وجدت لها ارضا خصبة في المسرح في السودان ولقد قدمت فرقة مسرح الابيض الحديث مسرحية «مأساة الحلاج» على مسرح فرقة فنون كردفان وذلك في عام وفاة الشاعر في بداية الثمانينات. ولقد جسد شخصية البطل الحلاج الممثل ـ محمد عثمان الحسن، ولقد كان اداؤه التمثيلي ارتكز على الغوص في العمق العرفاني للشخصية مما جعله يندمج ويتفاعل مع البعد المعرفي لها اكثر من تقديمها الفني. مما جعل هذا الاندماج التأميلي يتحول من قيمة تمثيلية الى تعبير حقيقي عن رسالة التصوف والعرفان، وهذا الاداء جعل الممثل يلتصق بالشخصية الى درجة الغاء اسم الممثل واطلاق اسم الشخصية عليه. فكان محمد عثمان الحلاج. عوضا عن محمد عثمان الحسن. بقلم: عبد العزيز مختار دهب - الصحافة
|
|
|
|
|
|
|
|
|