كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
وماذا عن أراذل الكتاب يا كرنكي ؟
|
تارة أخرى يجبرنا السيد عبدالمحمود نور الدائم الكرنكي، رئيس تحرير أكثر الصحف فشلا في تاريخ السودان، على الرد عليه. ويبدو أن السيد الكرنكي من النوع الذي يستهوي لفت الانتباه بالصياح، لبوار تجارته الصحفية، وعدم اقبال الناس على قراءة ما يكتب. والحق، إن الانسان ليرثي على من هم على شاكلته ممن عولوا على السلطة السياسية والمادية والاعلامية، لكنها بدلا من ذلك، ولفرط فساد تنظيمه السياسي، وشدة قهره وظلمه الناس، مرة باسم الوطن، ومرات باسم الله، جعلت غالبية الناس ينصرفون عنه وعن حزبه الذي ما زال في المهد!! نقل أحد الإخوة مقالا للكرنكي، مكانه الصحف الحائطية في المدارس الثانوية، لا تلك التي في الجامعات. أما نشره في صحيفة يومية، فهو دليل على أزمة الصحافة السودانية، التي ما فتئت نظم على شاكلة نظام السيد الكرنكي تؤخرها سنوات، لأنها وببساطة تهدم القديم كله، بمدارسه الصحافية، ومؤسساته المدنية والسياسية، محاولة بذلك إقامة "مشروع حضاري" لا يكتب له النجاح غالبا، لأنه ضد منطق الأشياء. عنون السيد الكرنكي مقاله بـ"أحزاب أراذل العمر"، وكان متوقعا أن يكتب السيد المحترم عن الحزب الوحيد في السودان الذي أضطر لتغيير اسمه أربع مرات على الأقل. لكن انتماء السيد الكرنكي لهذا الحزب الذي أثبت فشله على مدى 15 عاما انفرد بها بحكم هو الأقسى والأشنع في تاريخ السودان، جعله يتغافل عن العمر الكبير لحزبه. وكأن السيد الكرنكي ينسى أو يتناسى أن الذاكرة السودانية لا تشيخ، ولا يعتريها الوهن، ولن ينسى السودانيون للكرنكي وأمثاله ممن ختموا سياساتهم على ظهور السودانيين، وجباههم، الفظائع التي أرتكبت في عهدهم. لو كان الكرنكي صادقا مع نفسه فقط، لا مع قرائه الذين لا يتجاوزون ثلاثين في أحسن الأحوال، لصاغ هذه العبارات "أحزاب زائدة دوديّة في جسم الوطن. أحزاب «الأنا» فيها أكبر من الوطن. ليس لها برنامج، وليس في برنامجها الوطن. لا تدري ولا تدري أنّها لا تدري" وفصلها تفصيلا على حزبه الذي امتص خيرات الوطن كلها، وذبح السودانيين جنوبا وغربا وشرقا وشمالا. لكن، كيف يكون الكرنكي كاتبا نزيها طالما أن راتب الحزب ما زال يجري، وسيارة الحزب على الأرجح ما زالت تنقله، والمنزل الذي شاده له الحزب غالبا ما زال يؤكد كل صباح جديد حتمية "ولاء" الكرنكي للسيد الحزب والسادة قادة الحزب ممن يتصرفون في قوت الكرنكي وفي حبره !! أحزاب "الأنا" فيها أكبر من الوطن !! هذه العبارة لم يخطها قلم الراحل الخاتم عدلان في وصف الإنقاذ وحزبها، ولم يصرح بها السيد الصادق المهدي ضد ذلك الحزب، ولم يكتبها الحاج وراق في اطار نقده للإسلاميين، ولم يهتف بها الراحل الدكتور جون قرنق، ولم تجر على لسان الحاج محمد أحمد مضوي، ولم يخاطب بها الأمير نقدالله شفاه الله الأمة السودانية. إنها جملة يكتبها أكثر الناس بعدا عن هموم الوطن والمواطنين عن "الأحزاب الوطنية" التي لولا كفاحها ما صار الكرنكي سودانيا يباهي بوطن !! وحين كانت هذه الأحزاب "الوطنية" تناضل من أجل الاستقلال، كان حزب الكرنكي الأضعف صوتا، والأقل تأثيرا، بل وكان حزبه آنذاك يتمسح على عتبات هذه الأحزاب أملا في "زيجة" مباركة، أو تحالف يرقى به في عالم السياسة !! ويمعن السيد الكرنكي في اجترار القاموس البذيء الذي علموه إياه في "الحركة الإسلامية" بحق مخالفيه في الرأي، فيكتب:
هل تَمّ ذلك بأمل أن يركب أبوهاشم، في يوم قادم، على ظهر الحركة الشعبية، ويدخل القصر الجمهوري، ليصبح «الكادوك» في الثمّانين من العمر، رئيس جمهورية الهوتو السودانيّة! هل قدّم «السبت» ليلقى «الأحد»!؟. كتب «ديستوفسكي» قصّة جميلة عنوانها «حُلمُ رجلٍ هُزأة». أمير الأحلام السّعيدة بالتأكيد لم يقرأ تلك القصّة! عندما غمرت الذكريات الحزينة الفاجعة، قلب الشاعر دِعبِل بن عليّ الخزاعي كتب باكياً مقاتل الطالبيِّين: منازلُ آياتٍ خلت من تلاوةٍ ... ومنزلُ وحيٍ مُقفرُ العرصاتِ. لكن اتفاقية السلام حرّرت أرض الرّجل الصّالح «عليّ بيتاي»، وأعادت الحرية والبسمة والتِّلاوة إلى همشكوريب. إذا شيّدت الإنقاذ طريق الأبيّض - الدّلنج، عجزت الأحزاب عن صيانة طريق الصادق - مبارك الفاضل، وطريق مبارك - الصادق الهادي، وطريق وليّ الدين - الصّادق، وطريق حاج مضوي - حاتم السّر، وطريق علي السيّد - عبدالرحمن سعيد، وطريق الخاتم عدلان - التجاني الطيب. من الفائز بكأس الدّوري في بطولة «مناقرات» الدّرجة الثّالثة؟. أحزاب المومياءات عجزت عن رصف طرقها الداخليّة.
إذا كان من رد على المثقف الضليع قاريء دستوفيسكي، فهو إن باطن الأرض أفضل من ظاهرها فعلا لأي وطني شريف يرى زمان الكرنكي، ويقرأ الكرنكي، ويعيش طويلا ليحضر الكرنكي علما من أعلام الصحافة السودانية، ويكون شاهدا على قلة حيلة السودانيين وأحزابهم العجوزة بالفعل تجاه سنوات جماعة الكرنكي العجاف !!
|
|
|
|
|
|
|
|
|