أخي منصوري لك التحية والتجلة والتقدير. إن مازكرته من مقومات لهو الطرف الأسهل في المعادلة التنموية. ولقد ذكرت في بوست لي بعنوان: "السودان وعبقرية التخلف 1" أن الله خلق السودان جميلا كما خلق إفريقيا جميلة وهي أكثر القارات تخلفا.. كما أن التجارب التنموية الحديثة أثبتت أن التنمية والتقدم لا يرتبطان بالضرورة بغناء الطبيعة والموارد الطبيعية وكبر المساحة - ولتنظر إلى اليابان وكوريا وغيرهما من الدول - بل يرتبطان بالعنصر البشري المبدع المنتج الذي يكد ليل نهار لتعمير الأرض ومححاربة التخلف بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة! العنصر البشري الذي ينتج ثقافة تمجد العمل وتجعل منه عبادة كما فعلت الديانة الإسلامية.. العنصر البشري الذي لا يكتفي بقول: "الدنيا أكل وشراب وآخرها كوم تراب".. أخي منصوري إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان على الفطرة.. أبواه ومجتمعه وبيئته يجعلونه متخلفا أو متقدما.. وإذا أردت الدليل: فخذ أي فرد سوداني وازرعه في بيئة أجنبية غالبا ما تجده أكثر عطاء وإبداعا إذا كانت تلك البيئة تساعد على ذلك.. وأظنك لاحظت أن السودانيين في الخارج يحظون بقدر كبير من الاحترام، بينما تتجلى خيبة الأمل والذهول والتعجب بمجرد أن تحطط الطائرة على مطار الخرطوم، بل قبل ذلك عندما تبدو ملامح العاصمة من نافذة الطائرة وهي غارقة في الجالوص وشح الأشجار والحدائق والطرق الفسيحةالأنيقة، بل قبل ذلك إذا خانك الحظ لتقل الطائرة السودانية التي لم تجدها قصيدة البرعي- عليه رحمة الله - نفعا.. أدعوك لتأمل الصناعة التقليدية السودانية فستجدها تفتقر إلى الإتقان و(الفنشينج) والتجديد والإبتكار (تجليد العناكريب والبنابر لا زال يعاني العيوب نفسها!).. والنتيجة: أننا لم نقدم للعالم أي صناعة تقليدية ذات شهرة عالمية.. خذ على سبيل المثال شخصية عامة مثل الصادق المهدي: أكثر من ثلاثين عاما من التفرغ للعمل السياسي وممارسة الحكم دون إنجازات تذكر ودون أي إحساس بالذنب أو رغبة في الاعتزال أو الاعتذار أو الانتحار.. أكثر من ثلاثين عاما من الفعل الكلامي! الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.. ولا تنسى أن هذا من النماذج المعتدلة فما بالك بالنماذج السيئة التي يعج بها المليون ميل مربع..؟ نحن في حاجة ماسة إلى نقد الذات ومعرفة أن التقدم والتطور في عصرنا الحديث لا يحتاج إلى نيل ولا إلى بترول ولا يحزنون.. يحتاج إلى عقول مستنيرة مبدعة.. يحتاج إلى شركة واحدة مثل شركة نوكيا لترتقي بك إلى مصاف البشرية التي حباها الله بنعمة العقل.. تحتاج إلى شحذ الذهن كما فعل الهنود حتى هيمنوا في فترة وجيزة على جانب مهم من تكنولوجيا المعلومات التي هي أساس الثروة الحديثة.. ونسأل الله أن يهدي من خلق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة