دعوة لحوار من أجل الوطن

Quote: قد يصعب على المرء أن يستوعب الحديث عن ثقافة السلام فى زمان تدق طبول الحرب فى الجهات الأربع من عالم اليوم .. وقد يتعذر على القارئ أن يستدرك العودة على البدء .. العودة الى ماذا ؟ والبدء من أين ؟ أقول ان تخلى الانسان .. الفرد والدولة عن ثقافة السلام فى الماضى تحت ظروف الحرب الباردة عندما استيقن فى غفلة ان وجود البرودة فى صقيع الحياة كان يخفى نوايا القطط التى تمشى على سطح الصفيح الساخن .. بحثا ً عن مدخلات الحرب ان هذه الغفلة كانت مغلفة بالشعارات التى فقدت تأثيرها من فرط الاجترار .. وضلت مسيرها فى طريق إلانحدار الى القاع .. والقاع البعيد . لقد صدق الصديق العاقل والاديب الراحل الكاتب المفكر عمر حاج موسى وزير الثقافة والارشاد أنذاك وهو يكتب لى مقدمة ديوانى ( مع رياح العودة ) فى عام 1970م وفيه دعوة للسلم والحرية والاشتراكية قال لى .. ( أسالك يا زين السلم الحار ؟إ أم السلم البارد ؟إ الحرية الفردية أم الحرية الأممية ؟.. اشتراكية السلام .. أم اشتراكية الاسلام ؟ فقلت له : كل هذه الاشياء مجتمعة .. وبضدها تتباين الاضداد ؟ قال لى ( أخشى بعد سنوات ان تصبح هذه الشعارات بضاعة كاسدة .. أو جثثا ً محنطة فى متحف التاريخ لان أكثر الذين يرددون هذه الشعارات لا يعرفون ماذا يرددون، فقلت له: ليت قومي يعلمون وتمر السنوات .. ويصدق القول حين تتحول الحرب الباردة الى عاصفة ثلجية باردة تعصف بالمعسكر الاشتراكى .. وتلقى به فى غياهب الجب .. وينهض المارد الراسمالى ليشعل الحرب الالكترونية .. كلعبة الفيديو .. ويشتعل العالم من اركانه الأربعة فى هذا الوقت .. وأكثر من أى وقت مضى .. ينبغى ان ننشر ثقافة السلام وأن نؤسس لها فى موضوعية من القاعدة وليست القمة فقط لان انقلاب الهرم التقليدى.فى تركيبة المجتمع هو الذى شلّ حركته فى الانطلاق الى فضاءات رحبة ان التوقيع على اتفاقية السلام يعنى عقد شراكة .. وما لم نؤسس لهذه الشراكة على كل المستويات .. وفى كل مناشط الحياة اليومية .. سوف نغرد خارج السرب .. أو هكذا يعيش دعاة السلام .. الصوت الذى يصرخ فى واد غير ذى ذرع .. ولا حياة لمن تنادى ان العقد شريعة المتعاقدين .. والتعاقد لا يكون بين القمة فى المصير ولكن يكون بين الشعوب فى التحرير .. تحرير النفوس من ارث الضغائن المو ر و ث ة** عن القتال وتحرير الوجدان من الحقد المترسب طوال صراع الاجيال التى اكتوت بنار الحرب وسددت فاتورة التمرد .. ثم العصيان ثم القتال المتقطع ثم الحرب الأهلية الطاحنة .. ولسانه حالة يقول : هذا ما جناه ابى على وما جنيت على أحد . ان عملية غسل الدماغ التى تعرضت لها كل الأجيال بين عدو قادح وصديق مادح بين مغرض يستلذ من اشعال الفتنه ومفرط يغالى فى تأجج الصراع .. ومتوتر يعيش حالة فصام بين العقل والقلب ..الفعل والقول .. الارادة والواقع هذا الخليط النشاز آن له ان ينتظم فى الايقاع الاوركسترالى لمسيرة السلام .. ان السلام ينغى ان يكون فطيرة الخبز .. وشربة الماء .. ونفحة الهواء التى تمتلئ به البطون الجوعى .. والقلوب الظمأى .. والصدور المختنقه بدخان البارود الصادر من المجنزرات .. والطائرات النفاثة .. ومدافع المورتر وما عاد هناك عذر لمن يتزرع بالزمن أو يسترزق بالمحن .. أو يِِّسوق للفتن الكامنة فى شتات الماضى الملئ بالقنابل الموقوتة التى زرعت مع سبق الاصرار والترصد لتتفجر فى كل مرحلة يخرج فيها الوطن من عثراته المتعاقبة وما زالت أمامنا فرصة لا تلوح فى الأفق فقط .. لننظر اليها ولكنها فى الكف وبين الأصابع .. فلنعض عليها بالنواجز ولا أقول أنها الفرصة الأخيرة التى وقع عليها الشركاء من الخارج فى وثيقة العقد ولكن أقول أنها فرصة العمر .. والجبان يموت ألف مرة والشجاع يموت مرة واحدة .. ولاننا أبرمنا سلام الشجعان رغم كل ما قيل وما يقال .. فليس للسلام ثمن .. لأن السلام الحقيقى لا يعرف غالبا أو مغلوبا وانما يحدد نقاط الالتقاء وخطوط التقاطع وبرسم خريطة الطريق .. طريق الحق .. والعدالة .. وهى قيم انسانية لا يضار منها الا الاشرار فيها .. ولا خيار لمن لا يختار وفى البدء يجب ان نملّك الاتفاقية للشعب ونملّك للاعلام الحقيقة .. الأول ليدافع عنها والثانى ليبشر بها فاذا اخترنا السلام .. فلنستعد لدفع ثمن السلام .. وأول الخطوات ان ننشر ثقافة السلام .. فى مجتمع لا مجال فية للمزايده .. والمكايده .. من أجل المستقبل الذى يرونه بعيدا ً ونراه قريبا ً .. بأذن الله